اتهمت أنقرة، الاثنين، السياسيين الألمان بالرضوخ للتيار الشعبوي، بعدما أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تأييدها وقف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وتشهد العلاقات بين الجانبين توترا منذ الانقلاب الفاشل قبل سنة، الذي شنت إثره أنقرة حملة تطهير اعتقل خلالها أكثر من خمسين ألف شخص، فيما فصل عشرات الآلاف من وظائفهم.

وقال وزير الشؤون الأوروبية، عمر تشليك، إن مناقشة «إنهاء المفاوضات مع تركيا هو هجوم على القيم المؤسِسة للاتحاد الأوروبي».

وخلال مناظرة تلفزيونية مع خصمها الاشتراكي مارتن شولتز، قالت ميركل، الأحد: «من الواضح أنه يجب ألا تصبح تركيا عضوا في الاتحاد الأوروبي». وأضافت أنها تريد «مناقشة هذا الأمر» مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، «لنرى إذا كان بالإمكان التوصل إلى موقف مشترك إزاء هذه النقطة، وإذا كان بإمكاننا وقف مفاوضات الانضمام».

وبدا أن موقفها التصعيدي إزاء تركيا سحب البساط من تحت أقدام شولتز، الذي دعا قبل ذلك بدقائق إلى إنهاء مفاوضات الانضمام.

ورد تشليك بالتهجم على السياسيين الألمان، الذين قال إنهم يستخدمون «خطابا متهورا»، و«يسعون إلى الإملاء على المؤسسات الأوروبية… إنهم يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي هو الولايات المتحدة الألمانية».

وقال إن مواقف بعض السياسيين الألمان هدفها «بناء جدار برلين بحجارة الشعبوية»، موجها انتقادات لاذعة إلى شولتز، ومتهما ميركل مباشرة بأنها تتخذ «موقفا معاديا لتركيا»؛ للاستفادة انتخابيا.

الشعبوية تغذي العنصرية

 وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، إن أوروبا «تعود إلى قيم ما قبل حقبة الحرب العالمية الثانية… الهمجية والفاشية والعنف والكراهية».

وفي وقت سابق، انتقد المتحدث باسم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، «انعدام الرؤية» والرضوخ للشعبوية لدى المسؤولين الألمان.

وكتب إبراهيم كالِن، في سلسلة تعليقات حادة على «تويتر»، أن «مهاجمة تركيا وأردوغان وتجاهل المشاكل الأساسية والعاجلة في ألمانيا وأوروبا، يعكسان انعدام الرؤية في أوروبا».

ووسط تكثف التصريحات العدائية بين البلدين الحليفين في الحلف الأطلسي، اتهم كالن السياسيين الألمان «بالاستسلام للشعبوية والتهميش/العدائية، التي لا تؤدي إلا إلى تغذية التمييز والعنصرية».

وأحدث تصعيد التراشق الكلامي انقساما في الجالية التركية في ألمانيا، التي تعد ثلاثة ملايين شخص استقروا فيها في إطار برنامج «العامل الضيف» في ستينات وسبعينات القرن الماضي.

وعدا عن حملة القمع ضد كل من يتهم بأن له صلة بمحاولة الانقلاب، تندد ألمانيا باحتجاز 12 من رعاياها لدوافع سياسية، يحمل بعضهم الجنسية المزدوجة.

وبين الموقوفين مراسل «داي فلت»، الصحفي دنيز يوجِل، الموقوف منذ أواخر فبراير/ شباط، والذي اتهمه أردوغان بأنه انفصالي كردي و«عميل ألماني».

وبينهم كذلك ألمانيان اعتقلا الأسبوع الماضي، وأفرج عن أحدهما، وفق محاميه.

وفي حال تأكد ذلك، يتراجع عدد الموقوفين الألمان في تركيا إلى 11 شخصا.

وقالت وزيرة الخارجية الأوروبية، فديريكا موغيريني، خلال منتدى في سلوفينيا، إن تركيا تبقى شريكا في المنطقة، ولا تزال دولة مرشحة للانضمام.

وأضافت: «سنواصل إذن التباحث، وسيتوقف الأمر على المباحثات الداخلية التي سنجريها، وقبل كل شيء على المباحثات التي سنجريها معهم؛ لتحديد مستقبل علاقاتنا».

هل تدافع ألمانيا عن الإرهابيين؟

اتهم أردوغان، في الماضي، ألمانيا بإيواء مدبري الانقلاب ومقاتلين أكراد، وطلب تسليمهم.

وبدا كأن كالن يلمح إلى دعم ألمانيا للإرهاب؛ من خلال الإفساح لتنظيمات مثل حزب العمال الكردستاني وحركة الداعية فتح الله جولن، المتهم بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل، رغم نفيه المتكرر وتأكيد تركيز حركته على فعل الخير والتعليم.

وقال كالن: «هل تحتضن ألمانيا علنا منظمات مثل حزب العمال الكردستاني و’فيتو’ دون أن تعلم أنها تدافع عن الإرهابيين وعن الانقلابيين وليس عن الديمقراطية؟». وتستخدم أنقرة «فيتو» اختصارا لما تسميه «منظمة فتح الله الإرهابية».

وذكرت تقارير صحفية ألمانية، في وقت سابق هذه السنة، أن العديد من العسكريين الأتراك لجأوا مع عائلاتهم إلى ألمانيا، حيث حصلوا على اللجوء السياسي.

والشهر الماضي، أثار أردوغان استهجانا في ألمانيا؛ بدعوته أبناء الجالية التركية إلى الامتناع عن التصويت لصالح أي من المعسكرين، سواء محافظي أنجيلا ميركل، أو الاشتراكيين الديمقراطيين.

ولكن كالن قال إنه «لا يهم أي حزب يفوز في الانتخابات الألمانية؛ لأن العقلية الفائزة باتت جلية الآن».

 

أنقرة- أ ف ب