مناقصات على المحاصصة والفساد تلغي عقود البواخر

 

المستقبل :

بخطى ثابتة على الأرض وواثقة بالقدرة على تحريرها من الوجود الإرهابي، تتقدم عمليات «القضم» التي تنفذها وحدات الجيش اللبناني على جبهة الجرود محرزةً نجاحات ملحوظة في استرجاع التلال الاستراتيجية من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي ليصبح مقاتلوه أكثر فأكثر مكشوفين عسكرياً تحت وطأة سيطرة الجيش ميدانياً على هذه التلال ونارياً على طول السلسلة الشرقية الحدودية مع سوريا. فبعد الاشتباكات الضارية التي خاضها فوج التدخل الأول بمساندة فوج المجوقل مع إرهابيي «داعش» خلال الساعات الأخيرة موقعاً في صفوفهم 9 قتلى في أقل تقدير بينهم قياديون في التنظيم مقابل إصابة 5 عسكريين وضابط بجروح طفيفة، أكدت مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل» أنّ سيطرة الجيش على تلال استراتيجية في المنطقة الجردية «وضعت عملياً الإرهابيين تحت مرمى نيرانه تحضيراً لساعة الصفر التي اقترب أوانها وباتت وشيكة جداً إيذاناً بإطلاق عمليات عسكرية واسعة لتحرير الجرود اللبنانية».

وكانت قيادة الجيش قد أعلنت في بيانات متلاحقة أنه وفي إطار مواصلة تضييق الخناق على تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك

والقاع أنهت وحداته أمس تمركزها في مرتفعات «حقاب خزعل» و«المنصرم» و«ضهر الخنزير»، كما استكملت عمليات التفتيش عن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والأجسام المشبوهة التي خلّفها الإرهابيون وراءهم، بعدما ضبطت القوى العسكرية كميات منها إثر فرارهم من أرض المعركة. 

تزامناً، برز أمس الدعم الرئاسي المطلق للجيش الوطني في معركته ضد الإرهاب، فنوّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالإنجازات العسكرية الكثيرة في استرجاع الأراضي والتلال المحتلة، قائلاً أمام مجلس الوزراء: «من هو على الأرض يعرف طبيعة المعركة وطرق خوضها والمطلوب دعم الجيش في هذه المعركة والتخفيف من النصائح الإعلامية والتحليلات التي لا فائدة منها». كما خصّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري خلال الجلسة الجيش اللبناني بالتحية على «الإنجازات الكبيرة التي يقوم بها للبنان ولجميع اللبنانيين»، آملاً أن «ينهي وضع الإرهابيين في الجرود ويعيد الهدوء كاملاً إلى المنطقة».

ولاحقاً، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام أنّ رئيس مجلس الوزراء طلب من وزيري العدل سليم جريصاتي والإعلام ملحم الرياشي متابعة ورصد الشائعات المربكة للجيش ولمهمته واتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين، وذلك بناء على مقررات جلسة المجلس الأعلى للدفاع، وطلب في الوقت عينه من قيادة الجيش حصر التغطية الإعلامية لميدان المعارك بها فقط. 

وفي هذا الإطار، لفتت الجولة الميدانية التي نظمتها قيادة الجيش للإعلاميين أمس على جرود رأس بعلبك وعلى التلال والمواقع المحررة من إرهابيي «داعش»، بحيث انطلقت الجولة من مركز سلاح المدفعية على وقع إطلاق الوحدات العسكرية على مرأى الإعلاميين عشرات القذائف على مواقع الإرهابيين، ثم استقل الإعلاميون دراجات نارية من طراز ATV تم استقدامها خصيصاً لتسلق الجرود في رحلة استغرقت حوالى الساعتين بطول عشرة كيلومترات مروراً بمنطقة الملاهي، وصولاً إلى حيث كان مقاتلو «داعش» يتمركزون على أطراف تلك المنطقة. 

الكهرباء

في الغضون، عاد ملف الكهرباء ليتصدر المداولات أمس على طاولة مجلس الوزراء مع عودته إلى إدارة المناقصات بعدما تقرر في خلاصة النقاش إلغاء استدراج العروض باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة بسبب وجود عارض واحد، واعتماد دفتر شروط جديد لاستقدام معامل التوليد الكهربائي بقدرة 400 ميغاوات لثلاثة أشهر و400 ميغاوات أخرى لستة أشهر، وفق آلية ومهل وشروط حددها مجلس الوزراء أبرزها أن يتضمن الدفتر الجديد كفالة تأمين مؤقت بقيمة 50 مليون دولار أميركي لـ400 ميغاوات وتأمين نهائي وغرامات التأخير عن مهلة التسليم المحددة بــ 90 يوماً للقسم الأول و180 يوماً من تاريخ فض العروض. في حين شدد المجلس على وجوب الالتزام بمهلة 10 أيام لفض العروض ورفع نتيجة استدراج العروض ليتم عرضها عليه بحلول الخامس عشر من أيلول المقبل، فضلاً عن تشكيل لجنة تقنية من قبل وزير الطاقة لدرس وتقويم العروض الإدارية والمالية مع إدارة المناقصات.

 

الديار :

مهما بلغت الخلافات بين الوزراء حول الزيارات الى سوريا والاموال الى اوجيرو، ومناقصات الكهرباء والمعامل الجديدة بالاضافة الى مئات الملفات الخلافية، فان ذلك لن يؤثر على الحكومة واستمرارها حتى موعد الانتخابات النيابية. فالستاتيكو الحالي سيبقى قائماً، والتسوية التي انتجت الرئيس عون لرئاسة الجمهورية وسعد الحريري لرئاسة الحكومة قوية ومتينة، ولن تلفحها اي رياح ساخنة او باردة. وطالما التوافق صامد بين الرؤساء عون وبري والحريري وحزب الله على الحكومة، ستبقى الخلافات تحت السقف، رغم ان مشهدين متناقضين طبعا صورة البلد أمس، مشهد وحدوي وطني في جرود القاع ورأس بعلبك والفاكهة بقيادة الجيش اللبناني وبالتفاف شعبي ومشهد خلافي «احباطي» مأسوي للشعب اللبناني عبرت عنه خلافات الحكومة حول «صرف الاموال» والمشاريع والنفقات، فيما المطلوب هذه الايام وحدة حقيقية وراء الجيش اللبناني تعطيه دفعاً كبيراً على مشارف معركته ضد الارهاب في جرود القاع ورأس بعلبك والفاكهة والمتوقعة في كل لحظة.
واشارت مصادر متابعة لملف العملية العسكرية الى انه بمجرد اعلان قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون بدء العملية العسكرية لتحرير جرود رأس بعلبك والفاكهة والقاع عبر بيان رسمي من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، سيصدر بعد لحظات عن غرفة عمليات الجيش السوري وحزب الله بدء العملية العسكرية لتحرير جرود القلمون الغربي ومعبر الزمراني وجرود الجراجير، وتحديداً موقعي الحشيشات وابو حديج من ارهابيي «داعش» من الجهة السورية. وبالتالي فان قرار بدء العملية العسكرية وتحديد ساعة الصفر بيد الجيش اللبناني وحزب الله والجيش العربي السوري يلتزمان توقيت قيادة الجيش في ما يتعلق بتنظيف الجرود من «داعش».
وطوال الايام الماضية واصل الجيشان اللبناني والسوري وحزب الله دك مواقع الارهابيين واستنزافهم وشل قدراتهم، ومنع تحركاتهم، وقطع خطوط التواصل والامداد عبر قصف الجيش اللبناني لمواقع الارهابيين، كما حصل امس من خلال السيطرة على مرتفعات خصاب خزعل والمنصرم وضهر الخنزير، فيما شن الطيران السوري عشرات الغارات على جرود القلمون الغربي، وتحديداً مرتفعات الحشيشان وابو حديج ومعبر الزمراني، ودمر غرفة الاشارة المركزية في القلمون الغربي. اما مدفعية حزب الله فدكت مواقع الارهابيين بمختلف انواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة.
عمليات استنزاف «داعش» متواصلة بانتظار ساعة «الصفر» التي باتت قريبة جداً جداً، وفي اي لحظة، وسط معنويات عسكرية مرتفعة سمحت للجيش بالسيطرة على مواقع «داعش» في ضهر الخنزير وحطاب خزعل والمنصرم ومقتل 6 عناصر من «داعش» بينهم قيادي بارز وسقط 5 جرحى من الجيش بينهم الضابط علي حوا، ودمر الجيش مربض هاون. وقد اعتمد الجيش اللبناني تكتيكات، ووسائل نقل، وعمليات تمويه، سمحت له بالسيطرة السريعة على اهم موقع استراتيجي لـ«داعش»: «ضهر الخنزير» وهو ممر الزامي للعناصر الارهابية ويربط مواقعها بعضها ببعض، والسيطرة عليه سمحت للجيش بكشف كل مواقع مسلحي «داعش» وتحركاتهم، وهذا الانجاز يسمح بالتمهيد لاعلان ساعة الصفر.
في المقابل، كشفت مصادر عسكرية ان زيارة قائد الجيش الى واشنطن ارجئت لاشعار اخر، وان الجيش بات جاهزاً من كل الجوانب، وزيارة «القائد» الى مقر القيادة لعمليات الجرود وضعت اللمسات الاخيرة، واشرف بنفسه على اكتمال كل ما تحتاج اليه المعركة، واعطت زيارته مزيداً من الدفع والمعنويات للضباط والجنود.

 الزيارة الى سوريا 

وفيما كان الجيش اللبناني يخوض معركته ضد الارهابيين، كان مجلس الوزراء وفي التوقيت نفسه يشهد خلافات اعتادها اللبنانيون واصبحت من «يومياتهم». ورغم تجاهل مجلس الوزراء لزيارة الوزراء حسين الحاج حسن وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس الى سوريا، وتأكيد الرئيس الحريري ان الزيارات غير رسمية، فإن الوقائع على الارض خالفت كلام الحريري بعد عقد الوزيرين حسين الحاج حسن وغازي زغيتر اجتماعاً مع رئيس الحكومة السورية عماد خميس تطرق الى مختلف الملفات وما تعانيه الصناعة اللبنانية والسورية والقطاع الزراعي. وبحث الحاج حسن وزعيتر تصدير المزروعات والصناعات اللبنانية عبر الاراضي السورية، بعد سيطرة الحكومة السورية على معبر النصيب على الحدود الاردنية ورفع العلم السوري عليه، وكيفية مرور الشاحنات اللبنانية. وسيكون لهذا الاجراء تطور ايجابي على صعيد تصدير المزروعات اللبنانية، التفاح والموز، بأسعار تنافسية الى دول الخليج العربي، والذي سيبدأ قريبا. كما ابدى رئيس الحكومة السورية للوزيرين الحاج حسين وزعيتر استعداد سوريا تزويد لبنان بـ500 ميغاوات اضافية من التيار الكهربائي بأقل كلفة من البواخر، علماً ان سوريا ما زالت تزود لبنان بـ400 ميغاوات للبقاع، وان وزير المال علي حسن خليل صرف الاعتمادات الاسبوع الماضي وبمواقفة الرئيسين عون والحريري والوزراء المختصين.
كما تم البحث في تعديل الاتفاقات بين الدولتين، علما ان الوزيرين اصطحبا معهما الى سوريا رجال اعمال وشركات زراعية وصناعية ستشارك في معرض دمشق الدولي الى جانب 40 دولة، بينهم الجمهورية العربية المصرية. كما سيشارك فنانون لبنانيون باحتفالات معرض دمشق الدولي الذي افتتح عصر أمس. كما قام الوفد اللبناني بجولة في الاسواق السورية، وقد استقبل بحفاوة شعبية. ونقل التلفزيون السوري وقائع جولات الوفد اللبناني على الهواء مباشرة. واكد الحاج حسن انه بصفته الرسمية يهنئ القيادة والجيش والشعب السوري كما نهنئ انفسنا والدولة اللبنانية والجيش والمقاومة على انتصار سوريا على الارهاب التكفيري.
وعلم ان الوفد اللبناني سيمهد لتوقيع اتفاقيات مشتركة في القريب العاجل. واعتبرت مصادر مقربة من دمشق ان «ضجة البعض حول الزيارة بلا طعمة» واتفاق الطائف اعطى الوزير حق التصرف بوزارته.
وقد حصل سجال حاد بين الوزير يوسف فنيانوس والنائب عقاب صقر حول الزيارات الى دمشق، وكلام الوزير يوسف فنيانوس، بعد ان سأله وزير الاعلام ملحم رياشي «ماذا ستحضر معك من دمشق؟ فرد فنيانوس قائلا: «صور  الرئيس بشار الاسد، فسأله الرياشي «ولمن ستعطيهما» فكان جواب فنيانوس للرئيس سعد الحريري.
وقد رد صقر على كلام فنيانوس بالقول: «لا داعي لهذه الهدية الملوثة فسلال المهملات ممتلئة». اضاف: «الفت نظر الوزير فنيانوس الى عدم قبول اي هدية اخرى من الاسد خصوصا اذا استلمها من بثينة شعبان او علي مملوك».
ورد فنيانوس على صقر «سلة المهملات لأمثالك».

 مجلس الوزراء 

وبالتزامن مع الخلافات حول الزيارات الى سوريا، كان مجلس الوزراء يشهد خلافا بشأن طلب سلفة لوزارة الاتصالات واعتبار وزراء التيار الوطني ان الامر مخالفة للدستور. فماذا جرى في مجلس الوزراء الذي شهد اول مواجهة بين وزراء التيار والمستقبل بشأن سلفة الخزينة «لاوجيرو»؟ المعلومات تؤكد ان «القضية ليست رمانة بل قلوب مليانة». وتؤكد ان الخلاف بدأ  في جلسة لجنة المال والموازنة النيابية لدرس موازنة وزارة الاتصالات، وطرح الوزير الجراح خطة للوزارة كلفتها 750 مليار ليرة لبنانية. وحصل نقاش حاد على بنودها، واضطر الوزير الجراح الى تخفيضها. لكن النقاشات لم تنته بشأنها، مما دفع مستشار الوزير الجراح نبيل يموت الى القول للصحافيين «اذا لم يمر قانون برنامج وزارة الاتصالات كما ورد، فان الموازنة لن تمر ايضا». علما ان يموت من المقربين جداً للرئيس الحريري.
هذا الكلام التهديدي وصل الى المسؤولين والى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وترك استياء، وقبل ايام رفع الوزير الجراح كتابا الى مجلس الوزراء طالب فيه بسلفة خزينة مقدارها 225 مليار ليرة لبنانية لتحسين خطوط الهاتف الثابتة وتطبيق مشروع الفايبر اوبتيك FTTC. علماً ان لجنة المال والموازنة لم تنته من النقاش في موزانة وزارة الاتصالات، وبالتالي فان طلب السلفة مخالف للقانون والدستور، لان الحصول على اي سلفة لا يمكن ان يتم الا بقانون صادر عن مجلس النواب. وبالتالي مشروع السلفة مخالف للمادة 88 من الدستور الذي ينص على استحالة عقد اي اتفاق مالي الا بموجب قانون.
ورغم هذه المخالفة، رفع الوزير الجراح كتاب السلفة الى مجلس الوزراء وحصل نقاش حاد، وتحديداً بين الجراح مدعوما من الوزير المستقبلي معين المرعبي ووزراء التيار الوطني الحر الذين اتهموا الجراح بمحاولة فرض طريقة الصرف الذي اعتمدت في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. واكد رئيس الجمهورية ان «الصرف» لا يتم الا بعد اقرار الموازنة، فعندما تقر الموازنة في مجلس النواب يصبح قرار الصرف نافذاً. وغير ذلك مخالف للقانون والدستور. واصر الجراح على موقفه بمواجهة وزراء التيار الوطني مستنداً الى المادة 32 من قانون الوزارة، فيما أكد وزراء التيار ان النقاش في القانون لم ينته بعد في لجنة الموازنة والمال ولم يصبح نافذاً، واصر الجراح على موقفه وانسحب من الجلسة وتضامن معه معين المرعبي، ولحق بهما من اجل التفاوض الوزراء المشنوق، فنيانوس وعلي خليل واوغاسبيان، وانضم اليهم مدير القصر الجمهوري الذي طلب منهم العودة الى داخل قاعة مجلس الوزراء بطلب من رئيس الجمهورية. وهكذا حصل، وتم ربط اقرار السلفة بانجاز الموازنة، كما اراد الرئيس ميشال عون الحريص على الدستور وتطبيق القانون. وهذا لا يعني موقفا من الوزير الجراح وغيره بل التزام بالقانون، وعلم ان الرئيس الحريري وقف على «الحياد».
لكن السؤال هل يتجرأ الجراح والمرعبي على مغادرة الجلسة ولو لوقت قصير بدون علم الرئيس الحريري الذي ربما ارادها رسالة لا اكثر في ظل حرصه على العلاقة مع الرئيس عون.
واللافت ان مجلس الوزراء الغى مناقصة الكهرباء القديمة، وتم الاتفاق على وضع دفتر شروط جديد من خلال ادارة المناقصات. لكن النائب وليد جنبلاط كتب عبر تويتر «ان بناء معمل انتاج كهرباء حتى لو استغرق بعض الوقت اوفر على الخزينة من استئجار سفن وما يشوبها من سمسرة».
وتابع «آن الأوان لمناقصة شفافة لمصنع جديد مع «نفضة» ادارية لكهرباء لبنان التي كانت في الماضي مثال الانتاجية والادارة الفاعلة».

 

الجمهورية :

فيما كان الجيش اللبناني يمهّد بالنار لمعركة إنهاء «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، تجاوزَت الحكومة أمس أربعة ألغام كان يمكن أن تطيح بها، ولكنّها لم تَسلم من شرّها بعد، لأنّ هذه الألغام ـ الملفّات أرجئت إلى آجال قريبة، وسيبقى خطرها قائماً ما لم يتمّ الاتفاق على معالجتها في قابل الأيام والأسابيع المنظورة. اللغم الأوّل الذي لم يؤتَ على ذكره في جلسة مجلس الوزراء إلّا لِماماً كان زيارة وزيرَي الزراعة والصناعة غازي زعيتر وحسين الحاج حسن لدمشق واللذين التحقَ بهما وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس الذي أبلغ إلى المجلس بسفره ولكن لم يصدر عن الجلسة أيّ موقف في شأن هذه «الزيارة الوزارية الثلاثية»، وإن كان البعض قد اعتبرَها «زيارات شخصية». أمّا اللغم الثاني فهو سِلفة الـ 225 مليار ليرة لشركة «أوجيرو» التي لم يقرّها المجلس وأرجَأ البتّ بها لثلاثة أسابيع عبر تأمين مخرج لها بإدراجها في مشروع الموازنة العامّة الذي سيبدأ مجلس النواب درسَه وإقرارَه في جلسة قريبة، وقد تسَبَّب هذا الملف بزَعل وزير الاتّصالات جمال الجرّاح الذي خرج من الجلسة لبعض الوقت ليعود إليها بعد تدخّلِ بعض زملائه. أمّا اللغم الثالث فهو إلغاء مناقصة بواخر توليد الطاقة الكهربائية لوجود عارض وحيد، والقرار بإعداد دفتر شروط جديد لمناقصة جديدة على أن تُرفع نتيجة استدراج العروض في جلسة للحكومة في 15 أيلول المقبل. واللغم الرابع تَمثّلَ بالانتخابات الفرعية في قضاءَي كسروان وطرابلس، والتي ينقسم الرأي حولها بين مؤيّد ومعارض، إذ لم يؤتَ على ذكرها خلال الجلسة، على رغم عامل المهَل الذي بدأ يضغط للبتّ بمصيرها إجراءً أو إلغاءً، ولكن أعلن أن هذا الملف سيَعرضه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في الجلسة المقبلة.

إلتأمَ مجلس الوزراء في قصر بعبدا في وقت كان وزير الصناعة حسين الحاج حسن يجتمع في دمشق مع رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس، مؤكداً مجدداً الصفة الوزارية والرسمية لزيارته العاصمة السورية.

وكذلك كان وزير الزراعة غازي زعيتر يلتقي نظيره السوري أحمد القادري، قبل ان يلتحق بهما وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس إثر جلسة مجلس الوزراء للانضمام لحضور معرض دمشق الدولي. قائلاً قبيل مغادرته: «حان وقت سوريا»، ومشيراً الى انّ زيارات «المردة» لسوريا لم تنقطع خلال السنوات الستّ».

وبعدما بدا جليّاً أنّ هذه الزيارة قسمت الحكومة حولها وأحرجت رئيسها سعد الحريري، بات السؤال: هل ستنتهي هذه الحكومة مصلوبةً على خشبة ولا قيامة لها ولا رجاء، أمام هذا الإحراج وهذه التناقضات وأمام من يشدّها تارةً الى اليمين وطوراً إلى اليسار؟

هجوم «مستقبلي»

من جهتها، توقّفت كتلة «المستقبل» أمام تفرّدِ بعض الوزراء بزيارة مسؤولين في النظام السوري بصفة شخصية. وأوضَحت «أنّ مِثل هذه الزيارات وإنْ تكرّرت تُعتبر زيارات شخصية ولا تتمّ بصفة رسمية، لأنّ لبنان ليس باستطاعته التطبيع مع نظامٍ ارتكبَ المجازر بحقّ شعبه وارتكبَ المؤامرات الإرهابية بحقّ لبنان.

ومِن ذلك ما قام به حين زوَّد المجرم الإرهابي ميشال سماحة بمتفجّرات وكلّفَه تنفيذ جرائم إرهابية كان يمكن أن تُعكّر السِلم الأهلي لو لم يتمّ الكشف عنها، وقد صَدرت بحقّ المجرم ميشال سماحة أحكام مبرمة من المحاكم اللبنانية. كما سبقَ لهذا النظام أن دفعَ في اتّجاه ارتكاب جرائم أخرى في لبنان ومنها الإفراج عن الإرهابي شاكر العبسي وتكليفه بتنفيذ مخطط إرهابي في منطقة الشمال في مخيّم نهر البارد عام 2007».

ولفتَت إلى «أنّ الحكومة اللبنانية لم توافق على زيارات رسمية للوزراء إلى النظام السوري، وبالتالي فإنّ الزيارات التي تمَّت أو ستتمّ هي على المسؤولية الشخصية لأولئك الوزراء، ولا يمكن أن تكون لها صفة رسمية مُلْزِمة للبنان، وهي بالفعل تستفزّ أكثرية اللبنانيين وتُشكّل تلاعباً وتهديداً لانتظام عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية».

وشنّ تلفزيون «المستقبل» في مقدّمة نشرته المسائية هجوماً عنيفاً على الزيارة وعلى النظام السوري، فقال: «هي زيارة شخصية لنظام متّهمٍ بدماءِ السوريين واللبنانيين، الذين قضى بعضُهم من القادةِ والمواطنين اللبنانيين، بأطنان متفجّراتِ النظام السوري، ومئاتُ الآلاف من الناشطين والمواطنين السوريين الذين قتلتهُم براميلُ هذا النظام، وفوقـهم متفجّراتُ سماحة المملوك في السيارةِ التي اتّسعت للكثير من النوايا السيئة».

وأضاف: «هي زيارة غيرُ رسمية، لم تُوافق عليها الحكومة اللبنانية، ورَفضَها رئيسُ مجلس الوزراء سعد الحريري، لكنْ قامَ بها وزراءُ حزبيون، تابعون لنظام الأسد إلى قصر المُهاجرين، ضاربين عرضَ الحائط دموعَ الأمهاتِ الثكالى في سوريا، وجروحَ الأحزابِ اللبنانية التي اتّهمت النظامَ السوري باغتيال قادتِها في لبنان، ليس أوَّلهم المفتي الشهيد حسن خالد، وقد لا يكونُ آخرَهم اللواء الشهيد وسام الحسن والوزير الشهيد محمد شطح».

وخَتم: «هي زيارة شخصية غيرُ رسمية، يَستفيد منها بشّار الأسد وتَضُرُّ بمصلحة لبنان واللبنانيين، هي زيارةٌ لنظام يعيشُ عزلة عربية ودولية؛ باختصار هي زيارة لا تُسمِنُ ولا تغني من جوع».

زيارة سوريا

وفي الوقت الذي اعتبَر البعض أنّ «المواقف الجريئة» التي عبّر عنها فنيانوس حول زيارته دمشق بأنّها تعبير عن الموقف السياسي لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أكثر منها مواقف شخصية لوزير الأشغال. لوحِظ أنّ وزير الاقتصاد رائد خوري تراجَع عن تلبية دعوة نظيره السوري لزيارة دمشق، معبّراً بنحوٍ غير مباشر عن موقف لـ«التيار الوطني الحر» عموماً، ولرئيس الجمهورية العماد ميشال عون خصوصاً، حيث إنه بما يمثّل لم يَستسغ أن تكون زيارته لدمشق على طريقة الوزراء زعيتر والحاج حسن وفنيانوس بما يمثّلون، إذ إنه كان يريد ان يعرض الامر في مجلس الوزراء ليتّخذ القرار المناسب في شأنه، لكنّه لم يطرح، ما اضطرّ خوري الى عدم السفر الى العاصمة السورية.

وربط البعض موقفَ خوري هذا بطبيعة العلاقة التي تربط رئيس الجمهورية برئيس الحكومة سعد الحريري فضلاً عن الناحيتين القانونية والدستورية لجهة عدم عرض هذا الموضوع في مجلس الوزراء.

سعَيد

وفي المواقف، لم يرَ رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق الدكتور فارس سعيد ايّ مصلحة لبنانية في إعطاء شرعية للنظام السوري، وقال لـ«الجمهورية»: «لا أعتقد أنّ زيارة الوزراء اللبنانيين ستقدّم او ستؤخّر في شرعية نظام الأسد، لأنه نظام قاتل وفاسد وفقَد شرعيته منذ اللحظة الاولى التي خرج فيها الشعب السوري للمطالبة بحرّيته وديموقراطيته».

وهل إنّ الوضع القائم والتناقض الحاصل سيعيدان الروح الى 14 آذار؟ أجاب سعيد: «14 آذار ليست حالة انتخابية، بل هي وحدة اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين. وكلّ مَن يضع اولوياته الطائفية على حساب اولوياته الوطنية يطيح بالسيادة والاستقلال لأنّ لا سيادة ولا استقلال إلّا على قاعدة الوحدة الداخلية».

إلغاء استدراج عروض الكهرباء

من جهةٍ ثانية أظهر ملف الكهرباء الخلافَ بين اعضاء الحكومة وخصوصاً بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، إذ قرّر مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل، إلغاءَ استدراج العروض باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة بسبب وجود عارض واحد، واعتماد دفتر شروط جديد لاستقدام معامل التوليد الكهربائي بقدرة 400 ميغاوات لثلاثة اشهر و400 ميغاوات اخرى لستة اشهر، وفق آلية ومهَل حدّدها المجلس.

وبعد نقاش حادّ ومستفيض بين وزراء «القوات»، الوزير مروان حمادة والحريري من جهة، ووزراء «التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، اتّفِق على تعديل دفتر الشروط بعدما أعطى الوزراء ملاحظاتهم في التعديلات المقترحة، وسيرسَل دفتر الشروط بعد اسبوع الى مجلس الوزراء للبحث فيه والموافقة عليه إذا تمَّ الأخذُ بالملاحظات. كذلك تمّ الاتفاق على إحالة دفتر الشروط الى ادارة المناقصات لكي تُجرى المناقصة وفق الأصول المرعيّة الإجراء.

أبي خليل

وأوضَح أبي خليل لـ«الجمهورية» أنّ الحريري طرح على مجلس الوزراء أنه سيتمّ الاكتفاء بباخرة واحدة بدلاً من باخرتين بقدرة 400 ميغاوات. وأكّد أبي خليل عدم موافقته «لأنّ خطة الكهرباء واحدة، ولا يمكن الانتقاص من عناصرها، إمّا نريد كهرباء أو لا».

وعمّا جرى في جلسة مجلس الوزراء لجهة إلغاء المناقصة السابقة واتّخاذ قرار بإجراء مناقصة جديدة وفق دفتر شروط يضعه الوزير ويعرضه على مجلس الوزراء، اعتبَر ابي خليل انّه أمر طبيعي، وقال: «هناك دائماً مناقصات تتمّ إعادتها مرّةً ومرّتين وثلاث، عندما لا يتقدّم اليها سوى عارض واحد».

وأوضَح «أنّ دفتر الشروط الجديد سيكون أقسى من السابق لجهة إضافة شرط وجود كفالة مصرفية بقيمة 50 مليون دولار لضمان عدم تقدّمِ مشاركين لا يتمتّعون بالأهلية».

وأكّد أبي خليل «أن لا منتصر ولا مهزوم في ما جرى في مجلس الوزراء، داعياً مَن يريد تسجيلَ انتصارات إلى تحقيق إنجازات في وزارته».

التعديلات

وعلم أبرز التعديلات المقترحة على دفتر الشروط، وهي:

1ـ إفساح المجال لحلول وتكنولوجيا أخرى غير البواخر، أي حلول على البرّ مثلاً.

2ـ إستعمال غير «الفيول أويل»، مِثل الغاز، وهذا مطلب اساسي بغية تحسين شروط المنافسة.

3ـ تعديل في فترة التنفيذ بحيث لم تعُد محصورة بثلاثة اشهر لكلّ الطاقة المطلوبة.

4ـ وضعُ 50 مليون دولار وديعة من قبَل الشركات التي لا تستطيع التنفيذ ضمن المهلة الموجودة في دفتر الشروط.

وبالإضافة إلى الملاحظات التقنية في دفتر الشروط التي أدلى بها وزير «القوات» غسان حاصباني، أصرّ الأخير على أجوبة حول الخطة الكاملة خصوصاً في ما يتعلّق بتقصير مهلة الاستشاريين الذي يجرون الدراسات حول المعامل الدائمة بحيث لا تتخطى هذه المهلة الأشهر القليلة. وطالبَ بتسريع الحلول حول النزاع في دير عمار.

كذلك أصرَّ وزراء «القوات» على تأمين الكهرباء بأرخص الأسعار وفي أسرع وقت ضمن إطار القوانين المرعيّة الإجراء.

العلّية

وبَرز توجّه واضح للاقتصاص من رئيس دائرة المناقصات جان العلية، مقابل توجّهٍ آخر مدافِع بشراسة عنه كنموذج يجب تعميمُه في كلّ المؤسسات بغية إرساءِ ثقافةٍ جديدة تعيد للمواطن ثقتَه بدولته ومؤسّساته. وبدا واضحاً أنّ الوزير جبران باسيل يُراهن من الآن على فشلِ الخيارات البديلة للعودة إلى الطرح الذي تمّ نسفُه وبالتالي إثبات أنّه كان على حقّ.

جنبلاط

وفيما أعلنَ رئيس الحكومة السورية استعدادَ بلاده لتزويد لبنان 500 ميغاوات إضافية من الكهرباء بأقلّ مِن كلفةِ البواخر، أكّد النائب وليد جنبلاط عبر «تويتر» أنّ «بناء معمل إنتاج كهرباء حتى ولو استغرقَ بعض الوقت أوفرُ على الخزينة من استئجار سفن وما يَشوبها من سمسرة»، وقال: «إنّ الأوان قد حان لمناقصة شفافة لمصنع جديد مع نفضة إدارية لكهرباء لبنان التي كانت في الماضي مثالَ الإنتاجية والإدارة الفعّالة. لا للحلول المجتزَأة والمكلفة على حساب الخزينة والمواطن، إذ أصبح فيها قطاع الكهرباء ملكَ هواةٍ وتجّار بدل الكفاية والاختصاص».

«الكتائب»

وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» إنّ «ما خرَجت به الحكومة في ملف بواخر الكهرباء يُعتبر إدانةً سياسية واضحة لنفسها. صحيح انّ المطلوب تقنياً تصحيح المسار الذي كان معتمداً في صفقة بواخر الكهرباء، لكن المطلوب سياسياً هو مساءلة المسؤولين عمّا اعترى الصفقة من خروج على القانون ومن علامات استفهام ماليّة ومحاسبة كلّ الذين وضعوا أو وافقوا أو غطّوا بشكلٍ أو بآخر ما كان يُخطّط له على حساب المواطن والخزينة.

والحزب الذي سبق ان طالبَ بلجنة تحقيق برلمانية في موضوع ملف بواخر الكهرباء يرى انّ ما جرى لا يَعدو كونه مخرجاً سياسياً للمتورطين، وبالتالي فإنّ المطلوب هو تحقيق فعلي ينتهي بتحميل المسؤوليات القانونية والسياسية للضالعين في الصفقة وصولاً الى استقالة من يثبت توَرّطه أو تَواطؤه أو تقصيرُه».

وخَتم المصدر: «مرّةً أخرى تدين الحكومة نفسَها وتؤكّد انّ معارضة الكتائب هي معارضة ديموقراطية علمية تستند الى الوقائع والأدلّة المثبتة وتَهدف الى تصحيح الاعوجاج، والأهمّ انّها تؤكّد صدقية الكتائب مع نفسِها ومع الرأي العام، والتزامَها الدفاع عن قضايا الناس الحياتية والمعيشية، وعن منطق الدولة والمؤسسات في مواجهة تحالف اهل السلطة المتواطئين في صفقات التلزيمات والتعيينات وتقاسم المغانم».

المعركة

وعلى الصعيد العسكري وفي سياق ضربِ تحصينات «داعش» في القاع ورأس بعلبك، تقدّمت وحدات من الجيش في اتّجاه مرتفعات حقاب خزعل وسيطرَت عليها، واشتبَكت مع الإرهابيين وقتَلت 6 مسلّحين بينهم أحد القياديّين، وتمّ تدمير مربض هاون لهم، فيما أصيبَ 5 عسكريين بينهم ضابط بجروح طفيفة.

وضبَط الجيش كمّية من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية التي خلّفها الإرهابيون وراءهم. كذلك، أنهى الجيش تمركزَه في مرتفعات المنصرم وضهر الخنزير، واستكملَ التفتيش عن الأسلحة والذخائر والمتفجّرات والأجسام المشبوهة التي خلّفها الإرهابيون وراءَهم.

وقال مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» إنّ «وتيرة القصف تشتدّ حسب متطلبات المعركة، والجيش يستخدم سلاح المدفعية الثقيلة والطيران، ويحقّق إصابات مباشرة، ويَظهر ذلك من خلال الخسائر التي يتكبّدها «داعش».

وأكّد أنّ «الوحدات العسكرية المنتشرة بشكل كثيف باتت على أهبة الاستعداد لعملية واسعة النطاق لتنظيف جرود القاع ورأس بعلبك من الإرهابيين، وإنّ التركيز الآن، من خلال القصف الكثيف، هو على تدمير التحصينات وحصر «داعش» في بقعة جغرافية ضيّقة تمهيداً للقضاء عليها».

الإرهاب يضرب إسبانيا

وفي هذه الأثناء ضرب الإرهاب إسبانيا، حيث قُتِلَ 13 شخصاً في إعتداء تبنّاه تنظيم «داعش» إستهدف جادّة لاس رامبلاس التي تعدّ مَقصداً لعدد كبير من السياح في برشلونة أمس، بعد أن صدم سائق شاحنة صغيرة حشداً موقعاً أيضاً نحو 50 جريحاً.

وتم التعرّف على هوية المشتبه به الذي اعتقل إثر الإعتداء، وتبيّن أنه مغربي، ويدعى ادريس اوكابير. كما أعلن رئيس إقليم كاتالونيا كارل بيغديمونت إعتقال مشتبه به ثان من دون معلومات إضافية.

وندد القصر الملكي الإسباني ورئيس الوزراء ماريانو راخوي بالإعتداء. وتعدّ جادة لا رامبلا أحد أكثر شوارع المدينة ازدحاماً، إذ تمتلئ دوماً بالسياح وفناني الشوارع حتى منتصف الليل.

وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة والمتضامنة مع مدريد. حيث كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على «تويتر» «تدين الولايات المتحدة هجوم برشلونة الإرهابي في إسبانيا، وستقوم بكل ما هو ضروري للمساعدة.

كونوا أقوياء، نحن نحبكم». من جهته، أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون «تضامن فرنسا مع ضحايا الهجوم المأسوي في برشلونة»، وتابع على موقع تويتر «نبقى متّحدين ومصمّمين».

 

 

اللواء :

تجاوز مجلس الوزراء مسألة زيارة الوزيرين حسين الحاج حسن وغازي زعيتر الى دمشق، بعد ان انضم إليهما لاحقا الوزير يوسف فنيانوس، على اعتبار ان المسألة «باتت خارج التداول»، على حدّ تعبير وزير «حزب الله» محمّد فنيش، رغم انه كان يُدرك ان الأجواء السياسية خارج القاعة لا سيما بهذه «الحيادية» التي تعاملت بها الحكومة إلى حدّ البرودة، وكأن الزيارة لا تعنيها بشيء طالما لم تتمّ بعلم مجلس الوزراء، في حين رأت فيها كتلة «المستقبل» النيابية «استفزازاً لأكثرية اللبنانيين»، وتهديداً لانتظام عمل المؤسسات الدستورية اللبنانية.
وإذا كانت الحكومة نجحت من قطوع الزيارة التي غالى البعض في رصد ارتداداتها إلى حدّ وصفها بمشروع «قنبلة موقوتة»، فإنها «غرقت» في جدول أعمالها، ولا سيما مناقصة بواخر الكهرباء، وطلب وزارة الاتصالات سلفة خزينة بقيمة 150 مليون دولار لتحديث الهاتف الثابت، رغم ان معركة تحرير جرود القاع وبعلبك من مجموعات «داعش» الارهابي باتت على الأبواب، ويحتاج الجيش إلى مناخ سياسي هادئ يعضده في معركته ضد الإرهاب.
ولعل، لهذه الناحية بالذات، أراد الرئيس ميشال عون توجيه التفاتة للجيش في مستهل جلسة مجلس الوزراء، منوهاً بالانجازات التي حققها الجيش في مواجهته مع مسلحي تنظيم «داعش» الارهابي، بهدف استرجاع الاراضي والتلال التي يحتلها هذا التنظيم عند السلسلة الشرقية لجبال لبنان، لافتا إلى ان تعزيز مواقع الجيش يتم وفق المعطيات المتوافرة لدى القيادة العسكرية، «فمن هو على الأرض يعرف طبيعة المعركة وطرق خوضها»، مؤكدا على ان «المطلوب دعم الجيش في هذه المعركة؛، في إشارة إلى الشائعات التي تبثها بعض المواقع، وتربك مهمة الجيش، وهو ما دفع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى الطلب من وزيري العدل سليم جريصاتي والإعلام ملحم رياشي إلى رصد هذه الشائعات وملاحقة المخالفين، وذلك بناء لمقررات جلسة المجلس الأعلى للدفاع التي انعقدت في بعبدا في 8 آب الحالي، بعد ان حيّا في استهلاليته ايضا «الانجازات الكبيرة للجيش»، متمنياً ان ينهي قريباً وضع الارهابيين في الجرود.
جولة إعلامية
يُشار إلى ان قيادة الجيش أعلنت في بيان ان وحداتها تقدمت في اتجاه مرتفعات عقاب خزعل وسيطرت عليها، واشتبكت مع الارهابيين، ونتج عن ذلك مقتل 6 مسلحين بينهم أحد القياديين وتدمير مربض هاون لهم»، وأشارت القيادة إلى إصابة 5 عسكريين بينهم ضابط بجروح طفيفة.
ونظمت قيادة الجيش جولة ميدانية للاعلاميين على جرود رأس بعلبك وعلى التلال والمواقع التي استولى عليها أمس وأول أمس، بعد ان كان يسيطر عليها تنظيم داعش الارهابي، وبحسب الشرح الذي قدمه الضباط فقد قام فوج التدخل الاول بعملية عسكرية واسعة بمساندة فوج المجوقل اعتبارا من صباح أمس على تلال وضهور الخنزير، ضهور خزعل، ضليل المنصرم ومحيط هذه التلال حيث كانت تتمركز عناصر «داعش» الارهابية بعدما اتخذتها قاعدة انطلاق لتنفيذ عملياتها الارهابية داخل الاراضي اللبنانية وفي اعتداءاتها على الجيش اللبناني خلال تحركاته في جرود السلسلة الشرقية وأن سيطرة الجيش على هذه التلال تمكنه من السيطرة النارية على الحدود اللبنانية السورية ، التي تمتد من وادي الزمراني – والشاحوط – مرطبية – وادي ميرا في الاراضي السورية وجرود رأس بعلبك والقاع في الاراضي اللبنانية واصبحت كل هذه التلال والمراكز الموجودة فيها بحكم الساقطة عسكريا .
وأوضح هؤلاء الضباط انه حصلت معارك شرسة خلال هجوم الجيش اللبناني على هذه التلال، حيث اصطدم بمجموعات تابعة لداعش وتمكن الجيش بغطاء مدفعي وصاروخي من الدخول الى هذه التلال وكانت الحصيلة اثني عشر قتيلا لداعش بينهم قيادي أمني بارز .وتمكن الجيش من سحب عدد من جثث وجرحى الارهابيين، فيما سقط ستة جرحى من العسكريين.
وكانت الجولة بدأت من مركز سلاح المدفعية حيث اطلق الجيش على مرأى الاعلاميين عشرات القذائف على مواقع الارهابيين.
وبتوجيهات قيادة الجيش وضباط رفيعي المستوى، استقل الاعلاميون دراجات ATV تم استقدامها خصيصا لتسلق الجرود واستغرقت الرحلة حوالى الساعتين بطول عشرة كيلومتر مرورا بمنطقة الملاهي، وصولا الى خيم النازحين، حيث كانت تتمركز «داعش» على اطراف الملاهي، بالاضافة الى منازل استحدثت من الحجر والطين وكان لافتا الاسواق والمستشفيات المدانية ولافتات لمحال تصليح اطارات الدراجات، واستحداث اراض زراعية لزراعة العنب والبندورة، والبطاطا والخضار والفواكه، واستخدموا ابنية اهالي عرسال في الكسارات وكتب عليها اشارات لداعش وهي مرمزة بالاحرف والارقام كدلالة عسكرية.
وعلى هذه التلال تنتشر وبكثافة آليات للجيش اللبناني وهي على جهوزية عالية، فيما تتحضر الوحدات المتقدمة لمعركة مقبلة، في وقت تعمل عشرات الجرافات على شق الطرق واقامة السواتر الترابية لاستقدام المدفعية.
مجلس الوزراء
اما بالنسبة لمجلس الوزراء، فقد علمت «اللواء» ان وزير الاتصالات جمال الجراح غادر الجلسة منزعجاً بعدما رفض المجلس طلب السلفة بقيمة 150 مليون دولار لتأهيل شبكة الهاتف الثابت وهو البند الخامس من جدول الاعمال، معتبراً ان الاعلام عرف قبله مسبقاً برفض طلبه ونشر هذه المعلومات قبل الجلسة، وتبين ان رئيس الجمهورية ووزير المال وايدهما عدد من الوزراء ابلغوا الجراح ان طلب السلفة مدرج في مشروع الموزانة الذي تبحثه لجنة المال النيابية، ولا يجوز استباق اقراره بسلفة خزينة.
وازاء إصرار الوزير الجراح بسبب الحاجة الملحة للسلفة لسرعةانجازالاشغال، تدخل الرئيس الحريري طالبا التريث ايضا لحين إقرار الموازنة خلال اسبوع، واذا لم تقر يمكن طرح موضوع السلفة مجددا.
وبعد مغادرته الجلسة وتضامن معه الوزير معين المرعبي، تبعهما الوزراء نهادالمشنوق ويوسف فنيانوس وعلي حسن خليل وجان اوغاسبيان واقنعوهما بالعودة.
ولدى طرح ملف بواخر الكهرباء وتكليف وزير الطاقة وهيئةادارة المناقصات اعداد دفتر جديد خلال مهلة شهر تقريبا وبقدرة 800 ميغاوات، كان الوزير مروان حمادة الوحيد الذي اعترض على القرار معتبرا ان القدرة المطلوبة كبيرة وتوحي بأن المشكلة ستطول وكان يمكن الاكتفاء ب 400 ميغا كحل مؤقت وسريع لحين انجاز المعامل الجديدة لتوليد الطاقة، اما وزيرا «حركة امل» فقد تحفظا على قصر المهل المعطاة لإعداد دفتر الشروط (شهر واحد).
وكشفت تغريدة رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط عبر «تويتر» عن تأييده لوجهة نظر الوزير حمادة، حيث اعتبر ان «بناء معمل إنتاج كهرباء حتى ولو استغرق بعض الوقت اوفر على الخزينة من استئجار سفن وما يشوبها من سمسرة».
وقال: كفى حلولاً مجتزأة ومكلفة على حساب الخزينة والمواطن، أصبح منها قطاع الكهرباء ملك هواة وتجار بدل الكفاءة والاختصاص، وللتذكير «فقد منع رفيق الحريري من تحديث الكهرباء آنذاك نتيجة سلطة الوصاية وسماسرتها البارودية والحبيقية».
وأفادت مصادر وزارية ان نقاشا حاداً جرى خلال مناقشة مجلس الوزراء بند الكهرباء وأن أصوات الوزراء سمعت إلى خارج القاعة، ما دفع رئيس الجمهورية إلى طلب اعتماد النقاش الهادئ والاستماع إلى بعضنا البعض، مؤكدا ان قضايا كهذه لا تناقش بهذه الطريقة، وطلب من كل وزير ان يُبدي رأيه بهدوء، وهذا ما حصل، على ان الرئيس الحريري وفق ما اشارت إليه «اللواء» ا مس هو من اقترح الصيغة التي تمّ التوافق عليها في ملف الكهرباء مع العلم انها تعرّضت للتعديل لأكثر من مرّة، وكانت أسئلة حول ماذا لو تمّ الوصول إلى التاريخ المحدد ولم يحصل شيء، وجاء الجواب: فلنعد إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.
وعلم ان نقاشاً دار حول دور مؤسسة كهرباء لبنان في التلزيم واستغرق هذا النقاش أكثر من ساعتين من زمن الجلسة الطويل الذي استغرق زهاء أربع ساعات، للمرة الاولى، وتخلله اقتراحات تقدّم بها الوزرا ء حول المهل، وبالنهاية، تقرر بناء على اقتراح وزير الطاقة سيزار أبي خليل إلغاء استدراج العروض باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة بسبب وجود عارض واحد، واعتماد دفتر شروط جديد لاستقدام معامل التوليد الكهربائي بقدرة 400 ميغاوات لثلاثة أشهر و400 ميغاوات أخرى لستة أشهر، وفق آلية ومهل حددت في القرار الذي كلف إدارة المناقصات إطلاق استدراج العروض، وأعطيت للشركات التي ترغب بالمشاركة مهلة أسبوعين لتقديم عروضها، والالتزام بمهلة 10 أيام لفض العروض ورفع النتيجة لمجلس الوزراء بتاريخ 15/9/2017، وتشكيل لجنة فنية من قبل وزير الطاقة لدرس وتقييم العروض الإدارية والمالية مع إدارة المناقصات.
اما بالنسبة لمسألة الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، فقد أوضح الوزير رياشي انه تمّ تأجيل الموضوع إلى الجلسة المقبلة، سيتحدث خلالها وزير الداخلية نهادالمشنوق.
الوزراء الثلاثة
وشارك الوزراء الثلاثة الحاج حسن وزعيتر وفنيانوس ليلاً في افتتاح أعمال معرض دمشق الدولي، بعدما أجرى وزير الصناعة الحاج حسن محادثات في العاصمة السورية، حيث التقى رئيس الحكومة السورية عماد خميس في حضور وزير الصناعة أحمد الحمو والأمين العام للمجلس الاعلى السوري – اللبناني نصري الخوري ومدير العلاقات في المجلس أحمد الحاج حسن والوفد الاقتصادي والصناعي الذي يضم وفدا من جمعية الصناعيين اللبنانيين برئاسة الأمين العام خليل شري.
وثمن خميس «وقوف الأصدقاء والحلفاء ولا سيما المقاومة إلى جانب سوريا في أحلك الظروف؛، واصفا الانتصار الذي حققته سوريا على الإرهاب بأنه «انتصار الحق على الباطل».
ورد الحاج حسن بالشكر على توجيه الدعوة لحضور معرض دمشق الدولي الذي اعتبره ؛دليلا على تعافي سوريا سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا»، مشددا على أهمية المشاركة اللبنانية في المعرض «لكونها تجدد تأكيد الموقف اللبناني الطبيعي المساند لسوريا».
وقال: «نحن هنا بصفتنا الرسمية والوزارية نهنئ القيادة والجيش والشعب السوري كما نهنئ انفسنا والدولة اللبنانية والجيش والمقاومة على انتصار سوريا على الإرهاب التكفيري».

 

الاخبار :

للمرة الأولى منذ تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري، يظهر تيار المستقبل والتيار الوطني الحر أنهما ليسا على تناغم كامل. فقد شهدت جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في قصر بعبدا أمس 4 «مشادات» بين وزراء التيارين. الأولى بين الوزيرين جبران باسيل ومحمد كبارة حول ملف المنطقة الاقتصادية في طرابلس.

والثانية بين باسيل والوزير جمال الجراح بشأن ملف الاتصالات. والثالثة بين الوزيرين سيزار أبي خليل ومعين المرعبي على ملف الكهرباء. والأخيرة بين أبي خليل والوزير نهاد المشنوق، لكن بهدو