كان لـ«إعلان النيات» بين «التيار الوطني الحرّ» و»القوات اللبنانية» في 18 كانون الثاني 2016 الدور الفاعل في تكوين التحالف بينهما، والذي شكّل حالة إستثنائية في الأوساط اللبنانية، ما فتح شهيّة الربح عبر التوافق عند كلا الطرفين، محاولين ترجمته في الإنتخابات.
 

نجَح التحالف الإنتخابي بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في ظلّ النظام الأكثري في الإنتخابات البلدية على رغم الخسارة في مكان والفوز في أماكن أخرى، الأمر الذي تطلّب من الجانبين إلتزام بنود «إعلان النيات»، والحفاظ على الحلف لما فيه من مصالح إنتخابية، لن يزعزعه إلّا قانون نسبي يفرض على الأفرقاء خيارات قد تكون همايونية، لا يفهمها حتى مَن يسير بها.

مرّ التحالف العوني ـ «القواتي»، في مسارات متعرّجة. فمن إنتخابات نقابة المهندسين، وصولاً إلى الإختلاف في وجهات النظر لجهة خطة الكهرباء وملف التعيينات، والعلاقة تهتزّ ولا تقع، رغم أنّ مصادر حزبية قريبة منهما لا تزال تؤكّد متانة الحلف، رغم إختلافهما في معالجة موضوعات كثيرة.

يفتح القانون الإنتخابي الجديد المجال أمام ازدياد التساؤلات حول مصير ورقة النيات، خصوصاً أنّ الدراسات تُبرز أنّ الحلف بين قوى أساسية في دائرة واحدة قد يرتدّ سلباً على حجم التمثيل النيابي لهذا الحلف.

لهذا سيضطرّ أحد الأفرقاء الى التحالف مع القوى الأخرى الموجودة في الدائرة، والّتي قد تُسبّب حساسيّة رفض عند الحليف الآخر، مثل التقارب «القواتي» مع «المردة» في دائرة البترون - الكورة - بشري - زغرتا على سبيل المثال، وحديث البعض عن إمكان تشكيل لائحة مشترَكة، ما سيثير حفيظة «التيار»، وقد ينعكس هذا في دوائر أخرى.

سيكشف القانون الإنتخابي الجديد عمق النيات بين الطرفين أيضاً. إذ في بعض الدوائر الإنتخابية، سيكون الحلف الثنائي أمام تحدٍّ من نوع جديد، يتمثّل في إحراج الشريك التاريخي، من هذا التحالف. كما هو حال الصوت الشيعي المرتبط بـ«حزب الله» في دائرة صيدا - جزين وبعبدا، الذي لا يُخفي خلافه الفكري والإيديولوجي مع «القوات اللبنانية»، ما سيُحرج الناخب الشيعي من إعطاء صوته للائحة «التيار»، وتجييره إلى اللائحة المنافسة.

ويحمل العشاء الذي شارك فيه رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل في حديقة مصنع رجل الأعمال ميشال ضاهر في زحلة، دلالات سياسية ورسائل باطنية إلى الدكتور سمير جعجع الذي تبنّى ترشيح زياد حواط في جبيل، ونعمة افرام في كسروان، وهما من رجال الأعمال ولديهما خصوصيّة واسعة خارج «القوات».

يبدو أنّ القانون الإنتخابي يحمل ألغاماً كثيرة زُرعت في طريق التحالف «القواتي» - «العوني»، ظهرت مع ترشيح «القوات اللبنانية» فادي سعد في البترون، حيث فتح المعركة باكراً، في ظلّ ترشّح باسيل في هذه الدائرة.

ما اعتبره كثير من القريبين من رئيس «التيار الوطني الحر» بأنه ترشيح إستفزازي قد يؤدّي إلى تفجير الألغام، بدلاً من تفكيكها، خصوصاً أنه كان يُنتظر أن تُرشّح «القوات» شخصية من تنورين نظراً الى ثقل هذه البلدة الانتخابي، في حين أنّ سعد ينتمي الى بلدة صغيرة في الوسط، ونزوله الى جانب باسيل ابن البترون سيُغضب أهالي تنورين والجرد نظراً لغياب أيّ مرشّح من تنورين، وهذا سيؤدّي الى خسارة عدد كبير من الأصوات.

شكّل الحلف الثنائي حالة استثنائية في الشارع المسيحي، لا بل على صعيد السياسة اللبنانية، ما أثار حفيظة كثيرين من الذين يعملون ليلاً نهاراً لزعزعته. لهذا، ستضع الأسابيع المقبلة، الفريقَين أمام الإختبار، مع إعلان اللوائح الإنتخابية، ما قد يفتح الباب على الإحتمالات كافة، ويضع مصير التحالف أمام زعزعة قد تكون نهايته.

أخيراً، يبقى السؤال المطروح: هل ستكون الإنتخابات النيابية الفتيل الذي سيُشعل «ورقة النيات»، ويعيد التفاهم إلى نقطة الصفر حيث اللاعودة؟ أم على العكس، ستكون من المراحل التي ستؤكّد ما بُنيت عليه «ورقة النيات»، نحو بناء حلفٍ مستقبليٍ يرسم الشراكة الحقيقية في لبنان؟