فيما بدا أن الرسالة الاعتراضية الكويتية التي سلّمها السفير الكويتي في بيروت عبدالعال القناعي إلى وزير الخارجية جبران باسيل قبل أيام، قد وضعت في الادراج، ولم يجر التعاطي معها بشكل رسمي وجدّي، عادت الرسالة التحذيرية لتأخذ مفاعيلها، بعد عودة الوفد الحكومي من واشنطن، وإنجاز صفقة جرود عرسال بين حزب الله وجبهة النصرة. وتؤكد مصادر متابعة لـ"المدن" أن الرئيس سعد الحريري حاول خلال وجوده خارج لبنان اجراء اتصالات لأجل تهدئة الجو الكويتي والتأكيد له أن لبنان سيفعل كل ما يستطيع للحفاظ على العلاقات الأخوية المتينة، وهو يرفض تدخل أي طرف منه في شؤون الدول الأخرى، ووعد الحريري ببحث الرسالة الكويتية في أول جلسة للحكومة بعد عودته من السفر، على أن يتم اتخاذ موقف حكومي واضح من هذه المسألة.

لكن، يبدو أن كلام الحريري لم يكن كافياً، خصوصاً أن الجانب الكويتي كان يأمل الحصول على موقف من وزير الخارجية، الذي تعتبر مصادر ديبلوماسية أنه اكتفى بالاستنكار الكلامي لهذا الموضوع خلال لقائه السفير، ولم يقم بأي اجراءات من شأنها تصحيح موقف لبنان. وهذا ما دفع الكويتيين إلى إعادة تحريك الملف، وليس بشكل علني هذه المرّة.

وتكشف مصادر متابعة لـ"المدن" أن يوم الثلاثاء، أعادت الكويت تحريك اتصالاتها، في اتجاه الخارجية، مبدية أسفها وتحفظها على طريقة التعاطي الرسمي اللبناني مع رسالتها الاحتجاجية. ولم تخل هذه الاتصالات من تلويح بلجوء الكويت إلى اجراءات تصعيدية وعملانية كتعبير احتجاجي عن الإساءة اللبنانية في التعاطي. وهذا الامر دفع بوزارة الخارجية إلى طلب الاستمهال وتأكيد متابعة الموضوع وأنها لم تهمله. وفي ردّ على هذا الاعتراض الكويتي، حاول الوزير باسيل رمي الكرة مجدداً في ملعب الكويت، حين طلب تفاصيل أكثر ومعلومات موسعة وأكثر دقّة لمعالجة الموضوع. وتؤكد مصادر الوزارة أنها تتابع الموضوع مع وزارة الخارجية والسفارة الكويتين لتزويدها بتفاصيل كافية عن القضية، لكي تتمكن من اجراء المقتضى.

وأمام هذه المسألة، تنقسم آراء الأفرقاء السياسيين في شأن إمكانية الاجراءات التي قد تتخذها الكويت في حال عدم التجاوب مع مطالبها، ففيما يقلل البعض كالتيار الوطني الحر وحزب الله من اهمية أي اجراءات أو خطوات يمكن الإقدام عليها، فإن تيار المستقبل كان أول من سارع إلى اتخاذ موقف علني رافض ومرتفع السقف لما يقوم به حزب الله في الخارج. ولا تخفي بعض المصادر تخوّفها من إمكانية لجوء الكويت إلى اتخاذ اجراءات تمنع مواطنيها من المجيء إلى لبنان في حال لم يتم التجاوب مع مطالبها، أو أن تصل الأمور إلى التخفيض الديبلوماسي، أو حتى المقاطعة. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن أعداد الكويتين الذين يزورون لبنان مرتفعة جداً، وهم الوحيدون من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الذين يستمرون في زيارة لبنان، وحافظا على استثماراتهم وأملاكهم في كل الأزمات التي عصفت بالبلد. بالتالي، فإن اتخاذ أي اجراء سيعني كثيراً من الإشارات السلبية، التي قد لا تقتصر على الكويت، بل قد تلجأ إليها دول مجلس التعاون.

فيما هناك من يخفف من وطأة التخوف، معتبراً أن الكويت لاتزال حريصة على العلاقة مع لبنان. ويستبعد هؤلاء إمكانية اتخاذ الكويت أي اجراءات في حق لبنان واللبنانيين المقيمين على أراضيها، خصوصاً أن الحكومة ستعمل على ايجاد تسوية ومخرج لهذه الأزمة. وهناك تفهّم كويتي للوضع اللبناني وتفاصيله وموازين القوى فيه. وهذا الكلام لا ينفصل عن المعلومات التي تفيد بأن الكويت رفضت تعيين سفير لبناني لديها، لأنه ينتمي إلى الطائفة الشيعية. وهذا الرفض يأتي بعد صدور القرار في قضية العبدلي.