خلال الساعات المقبلة أو اليومين المقبلين، سيتم إنجاز ملف خروج مسلحي جبهة النصرة من جرود عرسال إلى إدلب في شمال سوريا. الإتفاق يسير على قدم وساق، كما يؤكد اللواء عباس إبراهيم، فيما تولت لجنة من مسؤولين مخيمات اللاجئين السوريين داخل بلدة عرسال، العمل على تسجيل أسماء الراغبين بالخروج من تلك المنطقة إلى إدلب أو إلى القلمون الشرقي. وتؤكد معلومات لـ"المدن" أن هذه الأعداد تخطّت الثلاثة آلاف شخص بين مسلّح ومدني، فيما تتوقع مصادر أخرى أن يبلغ عدد اللاجئين الذين سيخرجون من لبنان إلى سوريا وعلى مراحل، نحو عشرين ألف لاجئ، لاسيما بعد تفكيك مخيمي الملاهي ووادي حميد.

حتى الآن، الإتفاق واضح لجهة آلية خروج مسلحي النصرة، وطريق عودة أسرى الحزب الخمسة من سوريا إلى لبنان. وتشير مصادر متابعة إلى أن مسلّحي النصرة الذين يفضلون الانتقال ليلاً، قد يغادرون ليل الأحد الاثنين، إلا إذا حصلت تطورات تعجّل في هذا الخروج أو تؤخره. على أن تسلك القافلة الطريق الجردية، من جرود عرسال، إلى معبر جوسيه، ومنها إلى القصير وعمق حمص باتجاه قلعة المضيق. وتلفت المصادر إلى أن الصليب الاحمر والجيش اللبناني سيعملان على مرافقة القافلة في الأراضي اللبنانية. أما في الداخل السوري فترجّح المصادر أن يتولى حزب الله مسؤولية خط سير هذه القافلة.

في المقابل، سيتم تسليم أسرى حزب الله تباعاً، عند كا محطة تصل إليها القافلة. وتؤكد مصادر قريبة من الحزب أن أسراه سيعودون براً من سوريا إلى لبنان، نافية أي علاقة لتركيا بهذا الأمر. بالتالي، تنفي المصادر إمكانية انتقال الأسرى من تركيا إلى مطار بيروت.

ولا يختلف هذا الاتفاق كثيراً عن الاتفاق الذي عقد بين الطرفين قبل فترة، وتركز حول مدينتي الزبادني ومضايا مقابل كفريا والفوعة. وهذا الاتفاق أيضاً سيسري على سرايا أهل الشام التي ينتقل عناصرها إلى مدينة الرحيبة في القلمون الشرقي، مع من يرغب من المدنيين داخل المخيمات بالذهاب إلى هناك.

وتزامناً مع معركة جرود عرسال والمفاوضات بشأنها، برز حراك ديبلوماسي غربي في بيروت، سجّل اعتراضات وتحفظات على ما يقوم به الحزب بمعزل عن خيارات الدولة اللبنانية، ولجهة تخطي إرادتها وقراراتها. وتشير معلومات لـ"المدن" إلى أن التحفظات الديبلوماسية تركّزت بشكل خاص على مسألة إعادة مدنيين إلى سوريا، من دون أن توفر لهم ظروف آمنة، ومن دون ضمانات تكفل حياتهم. وتلفت مصادر ديبلوماسية لـ"المدن" إلى أن هذه العملية تعتبر خرقاً للقانون الدولي وللإتفاقيات الدولية. وهذا ما قد يرتد عواقب سلبية على الدولة اللبنانية.

وهذا ما تجّلى في البيان الذي صدر عن السفارتين الأميركية والبريطانية، اللتين شددتا على أن الجيش اللبناني هو القوة العسكرية الشرعية الوحيدة المعترف بها والمخولة القيام بعمليات ضد الإرهاب، معتبرين أن الجيش قادر على حماية لبنان ولا يحتاج إلى أي طرف موازٍ. وتكشف المصادر عن ضغط دولي يتم العمل على تعزيزه في الفترة المقبلة، لإعادة التركيز على دور الجيش وحصرية الشرعية فيه، إنطلاقاً من الإلتزام اللبناني بالقرارات الدولية لاسيما القرارين 1701 و1559. وهذا ما اكده رئيس الجمهورية ميشال عون للممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة، سيكريد كاغ، بأن لبنان يلتزم بمقررات 1701.

ولا ينفصل هذا الجو الدولي، عما سمعه الرئيس سعد الحريري من المسؤولين الأميركيين في واشنطن، إذ أكدوا وجوب تحجيم نفوذ حزب الله وتعزيز دور الدولة اللبنانية. وقد تلقى الحريري نصائح بضرورة تفعيل العمل بإنتاج إستراتيجية دفاعية تحصر السلاح بامرة الدولة. وهذا يترافق مع جو أميركي ضاغط على الحزب، وعلى الحريري ربما، لاسيما أنه أبلغ بأن العقوبات على حزب الله ستكون قاسية، وستصدر خلال شهرين كأقصى حدّ.