مرت في الايام القليلة الماضية الذكرى السنوية الحادية عشرة لحرب تموز 2006 والتي شنها العدو الصهيوني على لبنان وحزب الله بعد قيام مجاهدي الحزب بتنفيذ عملية قتل واسر لجنود صهاينة في منطقة خلة وردة قرب بلدة عيتا الشعب الجنوبية.
وقد استمرت تلك الحرب 33 يوما (من 12 تموز وحتى الرابع عشر من شهر اب 2006) ، وقد وضع القادة الصهاينة عدة اهداف لتحقيقها من جراء هذه الحرب ومنها: استعادة الجنود الاسرى والقضاء على حزب الله وفرض معادلة جديدة في جنوب لبنان بعد اخلائه من مقاتلي الحزب وسلاحهم.
فهل حقق العدو الصهيوني اهدافه من وراء هذه الحرب؟ واين اصبح موقع ودور الحزب بعد 11 سنة من انتهائها؟ وماذا عن هموم الحزب اليوم داخليا وخارجيا؟.
الحرب ونتائجها واهدافه
بداية هل حققت الحرب الصهيونية على لبنان اهدافها ؟ واين موقع الحزب اليوم بعد 11 سنة من الحرب ؟
لقد انتهت الحرب دون استعادة العدو لجنوده رغم تدمير مناطق لبنانية عديدة في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع ، وان قوة حزب الله لم تدمر بل زادت وتطورت طيلة السنوات الماضية، واما على صعيد الوضع في الجنوب فقد انتشرت قوات دولية ومن الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني وفقا للقرار 1701، ولكن ذلك لم يمنع مقاتلي الحزب من العودة الى هذه المنطقة سرا وعلنا.
ولم يتم استعادة العدو لجنوده الا من خلال عملية تبادل مع الحزب سميت ب "عملية الرضوان"، نسبة لاسم قائد حزب الله العسكري الحاج عماد مغنية والمعروف باسم الحاج رضوان ، ولقد استشهد مغنية في عملية امنية من قبل مخابرات العدو الصهيوني وبالتعاون مع المخابرات الاميركية في العام 2008 في دمشق.
واما على صعيد حزب الله فقد نجح في اعادة بناء بنيته العسكرية وتطويرها خلال الاحدى عشر سنة الماضية وتؤكد العديد من قيادات الحزب بانه تحول الى ما يشبه الجيش المنظم ولم يعد مجرد مجموعات مقاومة ، كما انتشر دور الحزب خارج لبنان من خلال دوره في سوريا والعراق مما جعله قوة اقليمية اكثر من كونه قوة مقاومة.
كما عمد حزب الله الى اعادة اعمار كل المناطق التي دمرت خلال الحرب وذلك بدعم داخلي وخارجي ونجح في حماية البيئة المؤيدة له ولم تنجح الرهانات الغربية والاسرائيلية في دفع هذه البيئة للانقضاض على الحزب بسبب تطور دوره الخارجي.
الاهتمامات المحلية
ويبقى السؤال الاساسي هل ان تطور الحزب الى قوة اقليمية يعفيه من الاهتمام بالشؤون الداخلية في لبنان؟ واي دور للحزب في هذا المجال مستقبلا؟
المسؤولون في حزب الله يؤكدون في مواقفهم العلنية وفي اللقاءات الخاصة معهم : ان الاهتمام بالشأن الداخلي يوازي الاهتمام بالاوضاع في المنطقة ولذلك عمد حزب الله الى العمل لترميم العلاقة بين حلفائه وخصوصا بين كل من الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية من جهة مع الرئيس العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة اخرى، كما يسعى الحزب لدعم حلفائه في كل المناطق اللبنانية تمهيدا لخوض الانتخابات النيابية في العام المقبل وفقا للقانون الجديد والقائم على اساس النسبية والذي قد يساعد في حصول هؤلاء الحلفاء على قوة نيابية فاعلة مستقبلا.
وفي الوقت نفسه عمد حزب الله لتقوية العلاقة مع رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وذلك في اطار حماية الاستقرار الداخلي ومن اجل معالجة الملفات الداخلية العالقة وكان لقاء بعبدا التشاوري قبل حوالي الشهر من ثمار جهود الحزب من اجل ترتيب الوضع اللبناني.
ويشير المسؤولون في الحزب الى : ان حماية الاستقرار الداخلي ودعم الجيش اللبناني والاجهزة الامنية اللبنانية في مواجهة المجموعات الارهابية من اولويات عمل الحزب وذلك لتحصين الوضع اللبناني ومنع حصول اية تداعيات خارجية على الوضع اللبناني.
وبالاجمال فان حزب الله بعد مرور 11 سنة على "حرب تموز2006" قد تحول الى قوة اقليمية لها دورها الفاعل في صراعات المنطقة، وبموازة ذلك يسعى الحزب لتدعيم دوره في الداخل اللبناني ومعالجة المشكلات والهموم الداخلية وذلك في اطار الموازنة بين الداخل والخارج ، فهل سينجح الحزب في الاستمرار بالعمل بهذه المعادلة ام ان التطورات القادمة داخليا وخارجيا قد تضع الحزب امام تحديات جديدة قد لا يستطيع السيطرة عليها؟