بعد طول غياب وللمرة الأولى منذ ما قبل انتخاب الرئيس ميشال عون، إستقبل رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع مجموعة من الاعلاميين، عارضاً لموقفه من التطورات
 

الجلسة التي اتخذت كالعادة طابع المكاشفة، إستهلّها جعجع بمداخلة رفضَ فيها «نغمة التيئيس» التي باتت تسيطر على وسائل الإعلام، ولا سيما منها المرئية، حيث قال: «عندما تكلّمت عن مناخ التيئيس في البلد اعتقدَ البعض أنني كنت أقصد النائب سامي الجميّل وهذا غير صحيح، كنت أقصد بعض وسائل الاعلام التي تعمّم المناخ النفسي التيئيسي، نحن بلد لا يوجد جغرافيّاً في اسكندنافيا، بل وسط منطقة ملتهبة، ولا يجوز كلما حصلت حادثة أن نُعرِّض أربع ملايين لبناني لليأس، بل ان نتكلم عن حقيقة المشكلات وأن نضيء على الجانب الايجابي أيضاً».

تكلّم جعجع عن ملف اللاجئين، فقال: «نحن مُقبلون في سوريا على تثبيت أربع مناطق آمنة، هي ادلب ودمشق والساحل، وجنوب سوريا، والرقة والشمال، وهذه المناطق ستولد نتيجة الاتفاقات الكبيرة بين اميركا وروسيا، في حين تعقد اتفاقات متوسطة بين تركيا وايران، واتفاقات صغيرة بين «حزب الله» و»جبهة النصرة».

وأضاف: «وسط كل هذه الاتفاقات لم يعد يوجد حكومة في سوريا و(الرئيس بشار) الأسد بات مجرّد صورة، فلماذا تتكلم معه الدولة في لبنان في شأن عودة اللاجئين؟ هذا قرار يعود فقط الى الحكومة اللبنانية، وهناك اربع مناطق آمنة من الآن والى رأس السنة لن تجتاح بعضها البعض، ومنها ما هو أكبر من لبنان جغرافيّاً بعشرات المرّات.

لبنان لم يعد يتحمّل هذا الكم من اللاجئين، ويفترض أن يعودوا بكل محبة الى سوريا، ونحن كـ«قوات لبنانية» سنقدّم مشروعاً متكاملاً الى الحكومة حول عودة اللاجئين، امّا الكلام عن ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية لعودتهم فهو أكبر عملية غش، لأنه لا توجد حكومة سوريّة، البعض يريد تأهيل النظام السوري الذي لم يعد له علاقة إلّا مع دولتين في هذا العالم هُما روسيا وايران، أمّا التذرّع بأنّ الحكومة السورية تريد مكافحة الارهاب فإنّ الحكومة هذه هي الارهاب في حد ذاته، وقرار عودة النازحين يجب أن يكون في يد الحكومة اللبنانية حصراً».

وعن ملف الكهرباء لم يقل جعجع كل ما عنده، بل أكّد «حصول تزوير في قرار الحكومة الذي أحيل الى هيئة المناقصات، حيث تمّ تغيير كلمة واحدة تكفي لشرح حجم ما يحصل، علماً انّ الامانة العامة لمجلس الوزراء هي التي تحيل نص قرار الحكومة».

ويعرض جعجع للوضع الحالي ويفنّد معادلة طالما ردّدها أخيراً: «ليس لأنه يوجد وادي خلاف استراتيجي مع «حزب الله»، ان نقول انّ الحزب هو سبب الفساد، ومع انّ الحزب متورّط في كثير كالكابتاغون وغيرها من الملفات، إلّا أنّ الجزء الأكبر من الفساد عندنا وليس عنده». ويضيف: «وزراء «حزب الله» في الحكومة لا يعلّقون على كثير من الملفات الّا التي تخصّ استراتيجيتهم».

ويسأل: «موضوع المنطقة الحرة في المطار ما علاقة «حزب الله» به؟ كذلك الكهرباء وغيرها من الملفات؟». ويقول: «أختلفُ مع «حزب الله» كيانيّاً، لكنني أعتب على آخرين في شأن ما يحصل في إدارات الدولة، لَومي ليس على «حزب الله»، بل على من يقولون إنهم يريدون بناء دولة، واقول إننا عندما نبني دولة حقيقية نكون كمَن يعيد مشروع «حزب الله» الى الوراء وكمَن يعزّز وجود الدولة».

لم تتضمّن المحاور الرئيسية لكلام جعجع ما يتصل بمواقف «حزب الله» الأخيرة، لكنّ الاسئلة ركّزت على هذا الشق، فعاوَد التذكير بردوده على الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله كلما أطلق موقفاً يتخطى الحدود، وأشار الى «انّ وزراء «القوات اللبنانية» سيثيرون كلام نصرالله في مجلس الوزراء، ولكن لا أتوقع كثيراً في هذا الاطار».

يرى البعض أنّ جعجع يخوض عبر وزرائه معركة إصلاح من داخل الحكومة، ويبدو كأنه صوت صارخ في برية، لكنّ براغماتية المرحلة التي أعقبت انتخاب عون، ما زالت تفرض نفسها، وهي تستولِد مخلوقاً تحالفياً هجيناً: مواجهة حول الفساد، وتحالف في الخيارات السياسية.