أزمة النازحين مع المجتمع الدولي ومع أضعف رئيس جمهورية في تاريخ لبنان

 

المستقبل :

هو كالتنسيق مع الجلاد لإعادة ضحاياه إلى تحت سوطه وسطوته.. لا لبنان في وارد الإقدام على ذلك ولا من مسؤوليته أصلاً إعادة النازحين قسراً إلى أحضان نظام بشار الأسد المسؤول الأول عن نكبتهم والمسبّب الرئيس في نزوحهم وهجرتهم هرباً من نيرانه وبراميله المتفجرة وقنابله الكيماوية. في الأساس لم يسأل هذا النظام رأي لبنان الرسمي أو الشعبي حين قرر أن يفتك بالسوريين ويضعهم بين شرّين لا ثالث لهما إما القتل أو النزوح، ويأتي اليوم من يحاول توريط اللبنانيين وزجهم في موقف يتعارض مع الموقف العربي والدولي العام تحت ستار التنسيق مع النظام السوري في سبيل إعادة النازحين، فيما المتعارف عليه والمسلّم به أنّ عملية إعادة النازحين بما هي من عملية تنسيقية ذات طابع إنساني إنما تقع ضمن مسؤوليات الأمم المتحدة وأولوياتها.. ولا يجوز استخدامها مطيّة سياسية لتعويم الأسد وإغراق لبنان.

وخير مؤشر على صحة الوجهة التي تعتمدها الحكومة اللبنانية إزاء هذا الملف هو ما قالته المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ من أن مسألة عودة النازحين تحظى بالأولوية لدى الأمين العام أنطونيو غوتيريس والموفد الخاص

ستيفان دي مستورا، في سياق يؤكد على كونها مسؤولية وأولوية أممية لا تقع على عاتق بلد كلبنان يجهد بكيانه الرسمي على النأي باللبنانيين عن لهيب النيران السورية ويحرص بكل ما أوتي من حرص وطني وأخلاقي وإنساني على عدم التورّط في أي تنسيق ثنائي مع نظام يعتبره أكثر من نصف شعبه فاقداً للشرعية وللأهلية التفاوضية بعدما استباح دماءهم وأباحها أمام شتى أنواع المرتزقة المذهبية والميليشيوية. 

وإذا كانت عملية التنسيق في سبيل إعادة النازحين قسراً مسؤولية أممية حصراً، فما على الحكومة اللبنانية من مسؤوليات إنما تقتصر، من جهة على التجاوب والتعاون مع الأمم المتحدة في هذا الملف الإنساني البحت بعيداً عن التورط في أي منزلق يقودها نحو التحيّز لأي من أفرقاء الصراع السوري، ومن جهة موازية على حث المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته تجاه المجتمع اللبناني المضيف، وهذه الحكومة بالفعل لم تترك باباً دولياً إلا وطرقته من أجل إعانة لبنان على تحمّل تداعيات هذه الأزمة الإنسانية الكبرى ومتطلباتها وتأثيراتها على بناه التحتية عبر المطالبة بدعم إطلاق ورشة تنموية شاملة تمكّن اللبنانيين من الصمود والانطلاق قدماً بشكل يُساعد الدولة اللبنانية على تمتين أواصر الاستقرار على أراضيها ويتيح للمجتمع اللبناني المضيف تأمين متطلبات الاستضافة الموقتة الكريمة للنازحين والاستمرار في تلبية احتياجاتهم الإنسانية نيابةً عن المجتمع الدولي.

المرعبي

وتعليقاً على ما أثير خلال الأيام الأخيرة من مطالبات بالتنسيق الرسمي اللبناني مع النظام السوري في ملف عودة النازحين، رأى وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي أنّ هذه المطالبات كمن «يذهب إلى الحج والناس راجعة»، وقال لـ«المستقبل»: «النظام السوري هو نظام فاقد للشرعية ونحن في لبنان نتعامل فقط مع المجتمع الدولي في ملف عودة النازحين وليس مع هذا النظام الذي كان هو السبب أساساً في تهجير شعبه»، وأردف: «ثم إذا قمنا بالتفاوض مع هذا النظام وأجبرنا النازحين على العودة إلى تحت سلطته نكون بذلك قد خرقنا كل قرارات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية الناظمة والحامية الوحيدة لحقوق اللاجئين».

ورداً على سؤال، أجاب المرعبي: «نحن بالطبع مع عودة النازحين السوريين إلى وطنهم إنما تأمين هذه العودة يقع على عاتق الأمم المتحدة دون سواها، وأي كلام مع النظام السوري بهذا الخصوص هو من مسؤولية الأمم المتحدة التي يعود إليها اتخاذ قرار القيام بذلك من عدمه، أما لبنان فليس عليه سوى واجب التعامل مع المجتمع الدولي إزاء مقتضيات هذا الملف»

 

الديار :

الاوضاع الامنية في البلاد لا تدعو الى «الهلع» ولكن لا مجال «للاسترخاء»، «معادلة» دقيقة تفرض على الاجهزة الامنية اللبنانية تحديات من نوع جديد للقيام بالعمل المطلوب وانجازه «جراحيا» لاستئصال «الاورام الخبيثة» دون تعريض «الجسم» اللبناني لاي عوارض جانبية، هذا التوصيف لمصادر امنية معنية بملف ملاحقة المجموعات الارهابية، اكدت «للديار» ان ما يحصل من «فورة» وزيادة في تحركات «الارهابيين» طبيعي في هذه المرحلة الحاسمة في المعركة المفتوحة على هذه التنظيمات في سوريا والعراق. لكن ما تملكه الاجهزة الامنية من معطيات وقدرات بات يتيح لها القدرة على «اجهاض» اي محاولة جدية من هؤلاء لهز الامن والاستقرار اللبناني، لا يوجد امن ممسوك مئة بالمئة، ولا توجد دولة في العالم قادرة على منع هجمات «الذئاب المنفردة»، لكن ما بات موجوداً من «داتا» معلومات ومتابعات امنية تقنية، وبشرية، يسمح بالقول ان «خيوط اللعبة» باتت ممسوكة الى حد كبير...
وفي هذا السياق، تشير تلك الاوساط الى اهمية اجتماع اليرزة الذي شارك فيه قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، ومدير الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا، ووصفت الاجتماع بالمثمر لجهة رفع مستوى التنسيق وتوحيد الجهود في مجال تفكيك الشبكات والخلايا الارهابية، بعد مرحلة من «الانكماش» ادت الى ثغرات كان لا بد من العمل على تلافيها، ولذلك فان الاستثمار بالامن سيكون عنوان المرحلة المقبلة، بعيدا عن التعقيدات السياسية التي تعيق في الكثير من الاحيان الخطوات العملانية التي تحتاج الى انسيابية وسرعة حركة في ظل سير الجميع في حقل الغام، قد تؤدي اي خطوة خاطئة الى «انفجار» ستصيب شظاياه الجميع دون استثناء.
وبرأي اوساط وزارية، فان رعاية قائد الجيش للاجتماع الامني التنسيقي بالغ الدلالة والاهمية في مرحلة مفصلية يمر بها لبنان والمنطقة في خضم تحولات ميدانية في سوريا والعراق تستدعي اعلى درجات اليقظة في لبنان ودول الجوار السوري من «فرط عقد» التنظيمات الارهابية التي تحولت الى مجموعات «عنقودية» صغيرة و«ذئاب» منفردة، وفي هذا السياق تملك الاجهزة الامنية « التغطية السياسية الكافية للتحرك دون اي عوائق. 
 

 

 الخطوات المرتقبة  


وعلمت «الديار» ان العملية الأمنية - العسكرية الاستباقية الناجحة التي نفذها الجيش اللبناني في جرود عرسال قبل أيام ضد المنظمات الإرهابية وتحديدا «داعش» و«جبهة النصرة»، لن تتوقف وستتوسع لتشمل مختلف التجمعات السورية على مساحة الاراضي اللبنانية، ولن تلتفت المؤسسة العسكرية «لاصوات النشاز» التي تحاول حماية الارهابيين الذي اثبتت التحقيقات الدامغة والموثقة، انهم يتخذون من مخيمات النزوح ملاذا لتنفيذ عمليات إرهابية كان مخططاً لها أن تستهدف أماكن متفرقة من لبنان من بينها العاصمة.
ووفقا للمعلومات فان نجاح العملية كان بسبب «المعلومة» الامنية التي اثمرت عن ضرب الإرهاب في عقر داره، قبل أن ينفذ مخططه ، فالإرهابيون كانوا في حالة جهوزية بأحزمتهم الناسفة للانتقال إلى أهدافهم وتنفيذ عمليات انتحارية، وتم اعتقال عدد من كبار الإرهابيين المطلوبين من ذوي السوابق الذين كانوا وراء تفجيرات وقعت في بلدات بقاعية وفي بيروت خلال السنوات القليلة الماضية، وسيتم الاعلان عنهم تباعا، وقد علمت «الديار» ان «العقل المدبر» لواحدة من تلك العمليات المفترضة لا يزال طليقا وتتواصل عمليات رصد تحركاته والاماكن المحتملة لتواجده، وهو قيد المتابعة وتوقيفه مسألة وقت لا اكثر ولا اقل.
ووفقا «للمعلومات» فان المرحلة المقبلة ستشهد تعزيزا للجهد الامني من خلال رفع مستوى التنسيق بين الاجهزة الى حدود التكامل لا «الانصهار» لان لكل جهاز هامشاً من الاستقلالية يجب المحافظة عليه، والجميع حريص على ذلك، لكن نموذج التعاون بين جهازي الامن العام واستخبارات الجيش اثبت جدواه خلال الساعات القليلة الماضية في عملية استدراج خالد السيد وتسليمه في مخيم «عين الحلوة»، وهو الامر الذي يجب العمل على الاستثمار عليه وتوسيع قاعدة تبادل المعلومات خصوصا مع فرع المعلومات، اي تعزيز العمل من «فوق» وترك التحرك «من تحت» اي على الارض، مفتوحا لكل جهاز وفق نطاق صلاحياته ومهامه.
والاجراءات الجديدة ستأخذ بعين الاعتبار منع المنظمات الإرهابية من التسلل مجددا الى مخيمات النزوح، ومنعها من استخدامها نقاط ارتكاز لعملياتها الارهابية، هذه الاجراءات لا تحتاج الى «غطاء «سياسي من احد، والمؤسسة الامنية لا يمكنها ان تنتظر حل الخلافات السياسية الداخلية حيال مسألة معالجة النزوح السوري من عدمه، وكذلك لا تستطيع تجاوز القرار السياسي في مسالة الحسم العسكري في الجرود، لكن يدها مطلقة وغير مقيدة في مطاردة فلول الارهابيين اين ما وجدوا داخل الاراضي اللبنانية. 
 

 تقارير استخباراتية


وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، فان ما تحقق من خلال نجاح الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى في تنفيذ العديد من العمليات الاستباقية ضد المجموعات الإرهابية في أكثر من مكان وضبط العديد من الخلايا، مهم للغاية لكن «الاسترخاء» والاكتفاء بما تحقق من إنجازات سيصيب الامن «بمقتل»، خصوصا ان موسم «الهجرة المعاكسة» للمقاتلين الاجانب والعرب وبينهم سوريون ولبنانيون سيببلغ الذروة خلال الاسابيع القليلة المقبلة لأن مجريات المعارك الميدانية في العراق وسوريا يشير إلى ان تلك التنظيمات ستخسر الجغرافيا قريبا، وهذا يعني انتشاراً «عشوائياً» ومنظماً لهؤلاء، ووفقا لمعلومات استخباراتية غربية فان تسرب عناصر «داعش» في غالبيته محسوب، لان الجهاز الامني للتنظيم وضع قيد التنفيذ «الخطة باء» والتي تقضي بانتشار منظم للعناصر كل في «بيئته الحاضنة» بعد فقدان «الدولة» التي يخطط لها ان تتمدد افتراضيا ودون مساحة جغرافية، وقد ورد في عدد من وثائق التنظيم الساحة اللبنانية كواحدة من تلك الملاذات التي يفترض الاستثمار فيها بعد سقوط «الخلافة». وهذا ما يفسر اليقظة والحذر من قبل الاجهزة اللبنانية، خصوصا بعد بدء فرار الكثير من هؤلاء عبر الموانىء البحرية والجوية التركية، وهو ما يسهل عمليا دخولهم بشكل شرعي الى البلاد دون الاضطرار الى التسلل عبر الحدود البرية..
 

 «المخصصات السرية»


طبعا «الكباش» السياسي الداخلي لا يواكب هذه المخاطر، وفي هذا السياق علمت «الديار» ان مسالة وقف وزارة المالية دفع المخصصات المالية «السرية» لمؤسسة قوى الامن الداخلي، وضعت على «نار حامية» لايجاد مخرج  لا «يموت» فيه «الديب ولا يفنى الغنم» بين الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وقد طرح اللواء عثمان هذا الامر بصراحة خلال الاجتماع الامني في اليرزة متسائلا عن كيفية مطالبة الاجهزة الامنية بتفعيل عملها فيما يعمل البعض على محاصرتها ماليا..ووفقا لاوساط مطلعة على هذا الملف، فان «وساطة» او تحرك في هذا الصدد يتولاه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، لايجاد «صيغة» مخرج تعيد الامور الى نصابها. 
 

 التنسيق الامني مع سوريا


 اما التنسيق الامني «غير المباشر» بين بعض الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية ونظيرتها  السورية، فهو باق على ما هو عليه من مستوى، التنسيق عبر «الواسطة» على الحدود الشرقية سيبقى على حاله، كما ستبقى القناة الرئيسية المعتمدة «مفتوحة» عبر اللواء ابراهيم الذي نجح في نسج علاقات جدية مع الجانب السوري، وهي علاقة مفيدة للغاية خصوصا في مجال تبادل المعلومات، ولبنان كان سباقا في هذا السياق، فيما دخلت مؤخرا على «الخط» عدة اجهزة استخباراتية غربية وعملت وفق «التجربة» اللبنانية في الفصل بين «العداء» السياسي والتعاون الامني، فيما تتجه اجهزة استخباراتية اخرى لفتح قنوات اتصال مستعينة «بالصديق» اللبناني عله يستطيع «تعبيد الطريق» امام عودتها الى الساحة السورية، ولكن من «البوابة» الشرعية هذه المرة.
 

 «قنبلة» النازحين


توقعت مصادر وزارية «للديار» ان يطرح وزراء حزب الله ملف النازحين السوريين في لبنان على طاولة مجلس الوزراء في الجلسة المقبلة، في ظل قرار «حزبي» تم اتخاذه في هذا السياق، بعد ان تحول هذا الملف الى «قنبلة» قابلة للانفجار في اي لحظة. وقد تم تظهير هذا الموقف بكلام نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قبل ايام. الحزب جاهز للعب دور «الوسيط» ولكن بتكليف رسمي من الحكومة اللبنانية، وليس بقرار من «تحت الطاولة» كما يريد رئيس الحكومة سعد الحريري الراغب في معالجة هذا الملف، ولكن دون دفع اي اكلاف سياسية داخلية او اقليمية. هذا الموقف سيؤكد عليه الحريري في الجلسة اذا ما فتح النقاش حول هذه المسألة، وبحسب اوساط «المستقبل» فان رئيس الحكومة لن يقبل بفتح اي قناة رسمية مع الحكومة السورية، ولن يمنحها اي «شرعية»، وبرأيها ليس هناك حل لازمة النزوح الا عبر وسيلتين، اما عودة  طوعية من خلال مبادرة من الحكومة السورية تجاه مواطنيها في لبنان، ولها ان تختار الوسيلة اما بتوجيه دعوة صريحة وعلنية لهم بالعودة، او عبر اجراءات عملانية تقوم بها السفارة السورية في لبنان، اما الوسيلة الثانية فيمكن ان تتم عبر الامم المتحدة المخولة وحدها التفاوض مباشرة حول هذا الملف، دون الحاجة لتفويض من الحكومة اللبنانية..وعلمت «الديار» في هذا السياق ان دمشق لا تزال متمسكة بموقفها الرافض لاي تواصل في هذا الشأن لا يتم عبر القنوات الرسمية، باعتبار ان القنوات الامنية المفتوحة «مواربة» بين البلدين لا تملك تفويضا لمعالجة هذه المشكلة. اما وزراء التيار الوطني الحر فليسوا بعيدين عن موقف حزب الله، ووفقا لمعلومات «الديار» فانهم سيطالبون بفتح قنوات اتصال رسمية مباشرة او غير مباشرة مع دمشق لمعالجة هذه الازمة، لكنهم لن يذهبوا بعيدا في النقاش، وليسوا في وارد التسبب «بازمة» سياسية تؤدي الى افساد «شهر العسل» مع الحريري.

 

 

الجمهورية :

ما إنْ دارت عجَلة الدولة بعد عطلة عيد الفطر حتى صارت كلّ الملفات المعقّدة بحكمِ المطروحة على الطاولة السياسية والرسمية. والكلمة الفصل حيالها لدى أهل الحلّ والربط السياسي. وفي انتظار النطق بهذه الكلمة السحرية بقرارات عملية وموضوعية وجدّية تضع تلك الملفات على بساط الترجمة والانتقال بها إلى حيّز التنفيذ الذي طال أمده، وأدخَل البلد في أتون تعقيدات وخلافات حول كيفية مقاربتها وإيجاد العلاج اللازم لها، يبقى الوضع الأمني مشدوداً في الفترة الحالية إلى سلسلة الإنجازات الكبيرة التي يحقّقها الجيش ومعه الأجهزة الأمنية ضد المجموعات الإرهابية، وإلى الإجراءات الأمنية التي تتّخذها المؤسسات العسكرية والأمنية من أجل منعِ أيّ اختراق قد تقوم به تلك المجموعات في الداخل اللبناني. وذلك بالتوازي مع تضخّمِ العبء الكبير الذي بات يشكّله النزوح على الكيان اللبناني، وإلى حدٍّ ينذِر بخطورة كبرى باتت تتطلّب قرارات وخطوات سياسية ورسمية جريئة وضرورية تستجيب للأصوات التي ترتفع على غير صعيد سياسي وروحي وشعبي لرفعِ هذا الضغط عن لبنان الذي يقترب من لحظة الانفجار على كلّ المستويات.

مع بدءِ دوران العجَلة، والذي يفترض أن تظهر علائم تفعيله في عمل الحكومة ومجلس النواب في هذه المرحلة، إنفاذاً لِما انتهى إليه اللقاء التشاوري في بعبدا قبل العيد، ما على اللبنانيين إلّا محاولة شراء الأمل في أن ينتهي مفعول تلك القاعدة المجرّبة على مدى السنوات الماضية مع أهل الحلّ والربط السياسي والقائلة "إسمَع تفرَح.. جرّب تحزن"، ربطاً بسيلِ الوعود التي يتبارى السياسيون على قطعِها في كلّ مناسبة، ويزيّنون فيها المستقبلَ بكلام زهريّ جميل تنقصه الترجمة الجدّية والضرورية التي طالَ أمدها، وخصوصاً لِما هو ملِحّ من الملفات الحيوية، من دون أيّ مبرّر أو أسباب مقنعة لهذا التأخير.

ومع أنّ المواطن اللبناني يريد أن يصدّق فعلاً تلك الوعود وصار يحلم في أن يرى طلائع تنفيذها وقد بدأت بالظهور ولو بحدّها الأدنى، فإنّ العنوان الأساس لمرحلة العمل الحكومي والنيابي المفترضة والموعودة في اتّجاه الإنتاج والتفعيل، هو الإجابة على مجموعة كبيرة من التساؤلات حول الملفات الضاغطة التي تراكمت وارتفعت كلّها إلى مستوى السخونة العالية جداً.

والرهان على الجلسة المقبلة للحكومة التي ستنعقد غداً الأربعاء في القصر الجمهوري في بعبدا، وبجدول أعمال فضفاض، على أن تقدّم ولو بعضاً يسيراً من تلك الإجابات.

النزوح بين المتاريس

في مقدّمة تلك الملفات يقع ملف النزوح وربطاً به ملف المخيّمات السورية التي ثبتَ أنّها تشكّل بيئة حاضنة للإرهابيين وملاذاً آمناً لهم، وهذا ما أظهرَته العملية العسكرية النوعية التي نفَّذها الجيش اللبناني في جرود عرسال، حيث عاد هذا الملف ليشكّلَ نقطة إشكال في مقاربته بين القوى اللبنانية، بشكل لا يخلو من مزايدة سياسية دون النظر إلى حجم الخطورة التي يُرتّبها هذا الملف.

ويَبرز هنا التناقض الكلّي في النظرة الى هذا الملف بين "حزب الله" وتيار "المستقبل" وبعض حلفائه. ومن هنا فإنّ مقاربته في مجلس الوزراء مطروحة مبدئياً من خارج جدول أعمال الجلسة بحسَب ما أكّدت مصادر وزارية لـ"الجمهورية"، لكن من دون أن يصل ذلك إلى اتّخاذ قرارات حاسمة في هذا الشأن كونه ملفّاً شائكاً وضائعاً بين المتاريس السياسية المنصوبة من حوله.

وخطورة هذا الملف، عرَضها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي أمام المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، التي استقبلها في الصرح البطريركي في بكركي أمس، وأكّدت في تصريح لها "دعم لبنان وشعبه في موضوع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الذين هم هنا بشكل مؤقّت، وأهمّية إيجاد حلّ سياسي على الصعيد السوري يكون من شأنه تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم وسط ظروف آمنة وفي الوقت الملائم".

ملفّ الكهرباء

وثاني الملفّات الساخنة، هو ملفّ الكهرباء الذي يشكّل عنواناً مشتعلاً ويعلّق العلاقات السياسية بين بعض القوى وخصوصاً بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" وبين "التيار" وحركة "أمل"، على خط التوتّر العالي، من دون أن يقدّم أحدٌ توضيحاً حول القصّة الحقيقية لهذه الأزمة المعمّرة منذ سنين طويلة، ولماذا هي مستعصية على العلاج، وهل هي في دائرة الحلّ فعلاً أم هي في دائرة الصفقات؟ ولماذا نُئيَ بخطة الكهرباء كما طرحَتها وزارة الطاقة عن إدارة المناقصات؟ ولماذا أعيدَت إليها مجدّداً في وقتٍ كان الصراخ والتهديد والوعيد والاتهامات في مستوياتها العليا حوله؟ وماذا ينتظر هذه الخطة؟

وهل ستؤول إلى مصير مجهول في الوقت الذي تؤكّد وزارة الطاقة أنّها ستقَرّ على النحو الذي حدّده الوزير سيزار أبي خليل، فيما يقول معارضو الخطة بأنّها لن تمرّ بالشكل المطروح وأعلنَت "القوات" أنّها ستشكّل رأسَ حربةِ المواجهة لها حتى النهاية.

وعلى الخط الاعتراضي نفسِه يقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي هذا السياق قال أحد وزراء كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري لـ" الجمهورية": كانت لدينا ملاحظات جوهرية على خطة الكهرباء، وقد عبّرنا عنها في جلسة مجلس الوزراء، ومنذ تلك الجلسة حتّى اليوم لم يفتح معنا أحدٌ موضوع الخطة من قريب أو بعيد، وبالتالي موقفُنا هو هو الذي سبقَ وعبّرنا عنه في مجلس الوزراء بضرورة إحالة الخطة إلى إدارة المناقصات ووضعِ تقرير في شأنها ورفعِه إلى مجلس الوزراء لاتّخاذ القرار.

أبي خليل لـ"الجمهورية"

حتى الآن ما زالت الخطة في يد دائرة المناقصات، وتقول مصادر وزارية مواكبة لهذا الملف بأنّ العمل جارٍ على قدم وساق وسيُعدّ التقرير المنتظر ويُرفع الى مجلس الوزراء في القريب العاجل.

ويُستبعد أن تكون الخطة على طاولة مجلس الوزراء غداً، نظراً لغياب وزير الطاقة المعني بهذا الملف عن الجلسة بسبب سفره إلى الولايات المتحدة الاميركية.

وأوضَح أبي خليل لـ"الجمهورية" أنّ الزيارة تأتي في إطار جولة استكمال الجولة التسويقية التي قمنا بها منذ شهرين قبل إطلاق دورة التراخيص ( المتعلقة بالثروة النفطيّة والغازيّة)، وهذا جهدٌ ضروري نَبذله في الولايات المتحدة للتأكيد على تحفيز الشركات الأميركية على المشاركة في دورة التراخيص، لأنّ هناك مصلحة في زيادة عدد الشركات، علماً أنّ عدداً كبيراً من الشركات تأهّلَ، ودورُنا الآن أن نتأكّد من أنّها ستتقدّم. فأن تتقدمَ شركاتٌ كثيرة معناه منافسة أكبر وشروط أفضل للدولة اللبنانية".

وعمّا إذا كان مطمئنّاً إلى سير خطة الكهرباء كما يشتهي، أجاب أبي خليل: "بالطبع كنتُ أفضّل أن يكون المسار أسرع، لكنّ الأزمة السياسية بسبب قانون الانتخاب أرجَأت وضع الخطة أمام مجلس الوزراء لمدّة فخسِرنا وقتاً".

وعن إعلان "القوات اللبنانية" أنّها ستمضي في معركة الكهرباء قدُماً، اكتفى أبي خليل بالقول: "الله يوفّقهم".

"السلسلة": تصعيد

وفي الموازاة، يقع ملفّ سلسلة الرتب والرواتب، التي بدأت الأرض تسخن تحتَها، وسط مؤشّرات عن حركة تصعيدية ضاغطة تسبق طرحَها على الهيئة العامة لمجلس النواب في جلسة يفترض أن تُعقَد خلال الأسبوعين المقبلين. وفي وقتٍ تبدو الحماسة السياسية خجولة حيال إقرار ملف السلسلة، يبقى هذا الملف الحساس عالقاً بين الدعوات إلى سلسلة متوازنة تُوائمُ بين حقوق الموظفين ووضعِ الخزينة وتتجنّب حجم التضخّمِ الذي يمكن أن ينتج عنها، والأهمّ إخراجها من ميدان المزايدة السياسية وعدم التعاطي معها بمنطق الابتزاز وأخذِ الطلّاب رهائنَ ومتاريس على طريق إقرارِها، على نحو ما تلوح به بعض القطاعات الداعية إليها.

من هنا، يبدو أنّ ملفّ السلسلة مُرشّح للتفاعل تصاعدياً في الأيام القليلة المقبلة، مع اقتراب موعد انعقاد الجلسة التشريعية التي يُفترَض أن تبحث مصيرها في حال لم يتمّ سحبُ المشروع من قبَل الحكومة لإعادة درسه.

وفي وقتٍ بدأت ترتفع الأصوات المدافعة عن إقرار السلسلة، مقابل اعتراضات تُبديها الهيئات الاقتصادية لجهة رفضِ فرضِ ضرائب ورسوم جديدة بذريعة تمويل السلسلة، فقد بَرزت أيضاً في الساعات الأخيرة تهديدات يطلِقها مسؤولون في هيئة التنسيق بضرورة إقرارها قبل تمّوز، وإلّا فإنّ الهيئة ستعود إلى الشارع، وسيَعمد الأساتذة إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية في دورتها الثانية لجهة المراقبة والتصحيح.

كما يهدّد الأساتذة بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة والمقرّرة في أيار 2018 إذا لم تكن السلسلة قد أقِرّت بعد. ومن المعروف أنّ السلطات تستعين بالأساتذة لتأمين سير العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع.

ومِن المتوقع أن يشهد هذا الملف المزيدَ من السخونة والجدالات، خصوصاً أنّ الإشكالات تنوَّعت، وهي تركّز حالياً على أنّ المشروع كما هو موجود في الهيئة العامة للمجلس النيابي غيرُ كافٍ، ويحتاج إلى تعديلات لإعطاء بعض الفئات المغبونة حقوقَها لتكونَ السلسلة عادلة.

وهذا يعني ارتفاع الكلفة المحددة بـ 1200 مليار ليرة. فهل إنّ المالية العامة قادرة على تحمّلِ أعباء إضافية، وهل يستطيع المواطن والمؤسسات تحمُّلَ المزيد من الضرائب للتمويل؟

إجتماع أمني

من جهةٍ ثانية، استضاف قائد الجيش العماد جوزف عون الاجتماع الدوريّ لقادة الأجهزة الأمنية، في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا.

وبحسب المعلومات الرسمية، فإنّ البحث تناوَل الإجراءات والجهود التي تقوم بها الأجهزة في مجال تفكيك الشبكات والخلايا الإرهابية، وملاحقة مطلِقي النار خلال المناسبات، ومكافحة الجرائم المنظمة والفردية على أنواعها.

وفي معلومات "الجمهورية" أنّ قائد الجيش أطلعَ المجتمعين على حصيلة العملية التي قام بها الجيش في جرود عرسال وعلى جوّ التحقيقات مع الموقوفين وأدوارهم. واطّلعَ المجتمعون من اللواء ابراهيم على نتائج التحقيقات مع الإرهابي خالد السيّد ودوره في تشكيل الشبكة الإرهابية التي تمَّ تفكيكها مؤخّراً والتي كانت تستهدف المطار وحفلات الإفطار أثناء شهر رمضان.

وفي جانب من الاجتماع جرى البحث في تعزيز التدابير الأمنية الاستثنائية للمهرجانات الصيفية في المناطق اللبنانية كافة.

 

 

اللواء :

أيهم يسبق الآخر على طاولة مجلس الوزراء في بعبدا غداً؟ ملف النزوح السوري، وسط ارتفاع صوت «الثنائي الشيعي» ومعه بعض حلفائه من 8 اذار بضرورة وضع استراتيجية وآلية لاعادة هؤلاء النازحين، بالتنسيق مع حكومة النظام في سوريا، وبالتفاهم أو الوساطة مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية..

أو ملف أوراق وثيقة بعبدا 2017 التي أقرها اجتماع الشخصيات العشر في 22 حزيران الماضي، حيث تتحدث اوساط بعبدا عن اعداد مشاريع قوانين واقتراحات لوضعها قيد التنفيذ، بعد اقرارها في مجلس الوزراء، اذ هي تحضر على الطاولة بدءاً من جلسة الغد..

اما الملف الثالث، فهو المتعلق بإضافة كلمة او تغيير صياغة في قرار مجلس الوزراء المتعلق بإحالة مشروع تلزيم بواخر الكهرباء الى ادارة المناقصات في التفتيش المركزي والذي اعترض وزراء القوات اللبنانية على ما وصفوه تحوير في الاحالة، وهو ما سيثار غداً من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني.

في الظاهر، لا يبدو ان المواضيع الثلاثة المطروحة اضافة الي بنود الـ90 المدرجة على جدول الاعمال، موضع خلاف، الا ان التدقيق في المواقف التي سبقت الجلسة ينم عن خلافات جدية في ما خص اكثر من ملف.

ملف النزوح السوري

في الملف الاول، ينطلق البحث من خلال اطلاع وزير الدفاع يعقوب الصراف المجلس على ما حصل في هذا السياق في مخيمات عرسال، اثناء عملية «قض المضاجع» التي قام بها الجيش قبل يومين في هذه المخيمات، فإن الثابت ان الحكومة ما زالت مترددة في معالجة هذا الملف بشكل يخفف من حجم الاعباء الملقاة.

وفي تقدير مصادر وزارية انه لا بد من العودة الى «خلية الازمة» التي كانت شكلتها حكومة الرئيس تمام سلام قبل سنوات، ومن ثم حكومة «استعادة الثقة»، لمقاربة هذا الملف، من ناحية سياسية، وليس فقط من ناحية إنمائية رغم الحاجة القصوى اليها، من اجل التوصل الى نوع من التوافق السياسي حوله، لا سيما وان هذا الملف كان دائماً ملفاً انقسامياً في البلد، في ضوء وجهات النظر المتباينة حوله.

ولفتت هذه المصادر الى انه بالامكان الوصول الى نوع من توافق الحد الادنى، طالما ان المطلوب هو العودة الطوعية للنازحين، وذلك من خلال تسليم الملف الى رئاسة الجمهورية، حيث بامكانها التعاطي مع السلطات السورية من دون عقد او مواقف مسبقة تحول دون اطلاق يد الحكومة في حمله طالما انها ترفض ذلك، وترى المصادر نفسها ان هذا الحل يمكن ان يكون احد الحلول المنطقية والقابلة للتطبيق، شرط ان يحصل حوله نوع من التوافق الوطني تجنباً لانفجار اوسع.

ويرى مصدر وزاري ان قيام الحكومة بالتفاوض المباشر، فهذا أمر فوق طاقة الحكومة اللبنانية، لانه يعني تعويم النظام السوري من جهة، وتعريض سياسة النأي بالنفس عن النيران السورية للاهتزاز، فضلا عن المرتكزات الاساسية لمواقف سياسية بقيت خارج اطار التوافق على التسوية السياسية القائمة حالياً.

وتعتقد المصادر بأن هناك طرقاً كثيرة يمكن للبنان الرسمي ان يسلكها لتحقيق هدفه، أسرعها التواصل مع الامم المتحدة وابلاغها بأن لبنان لم يعد قادراً على الصمود تحت وطأة النزوح.

اما وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو فأكد بدوره لـ «اللواء» انه لا يمكن ايجاد حل لملف النزوح السوري الا من خلال حوار جدي مع الحكومة السورية، مشددا على انه اصبح اكثر قناعة اليوم بذلك بعد التطورات الاخيرة الناتجة عن هذا الموضوع، مشيرا الى ان الامم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي بأكمله تعترف بالحكومة السورية، فلماذا يصر عدد من اللبنانيين على رفض تعامل الحكومة معها وعدم الاعتراف بشرعيتها؟

وكان مصدر في الثنائي الشيعي كشف بأن الجهات الرسمية اللبنانية تبلغت استعداد الدولة السورية للتعاون الى اقصى الحدود لاعادة النازحين الى القرى والبلدات السورية، كما انها مستعدة لتأمين خط آمن لخروج المسلحين من النصرة واخواتها من جرود عرسال، ولكن بشرط ان تطلب الدولة اللبنانية رسميا ممثلة بالحكومة التعاون مع الحكومة السورية لحل هذا الملف.

واكد المصدر بأن الثنائي الشيعي سيطرح هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء غدا، وسنحاول بهدوء تنظيم الخلاف حوله بين اركان الحكومة، لكن يجب ان يعلم الجميع بأننا سوف نلجأ الى كل الطرق المشروعة للضغط على الحكومة والدولة لحل هذا الملف نهائياً.

وقال عضو تكتل الاصلاح والتغيير النائب آلان عون ان فريقه السياسي مع اي خطوة تخدم عودة النازحين الى بلادهم. فإذا كانت عودة هؤلاء الى اماكن سيطرة النظام، فلا بد من الحوار مع النظام، وكذلك الحال بالنسبة للمناطق التي تسيطر عليها اطراف مناوئة للنظام.

حاصباني لـ«اللــواء»:

لا جلسة ساخنة غداً

وفي ما خصّ الملف الكهربائي، فقد جرت اتصالات أمس بين وزير الطاقة سيزار أبي خليل وأحد وزراء «القوات اللبنانية» لتوضيح الالتباس المتعلق بصياغة قرار إحالة مشروع بواخر السفن، إلى إدارة المناقصات..

ونفى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسّان حاصباني في تصريح مقتضب لـ«اللواء» أن تكون جلسة مجلس الوزراء ساخنة بفعل المواضيع المدرجة للبحث. وعما إذا كانت هناك رغبة بإثارة مواضيع أو مواقف خلافية، قال ان الوقت حالياً لا يسمح إلا للعمل.

النفايات مجدداً

وفي موضوع معالجة أزمة النفايات، ومنع تجددها، قال وزير البيئة طارق الخطيب في تصريح لـ«اللواء» أن اجتماعا انعقد في قصر بعبدا مع مجلس الإنماء والأعمار بحث في العوائق أمام عمل مكب برج حمود. وأعلن الوزير الخطيب أن المتعهد يواجه مشكلة خطوط النفط أمام المكب ولذلك فإن شركات النفط مدعوة لرفع الأنابيب كي يتم استكمال العمل، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك فإن الأشغال متواصلة. أما بشأن نفايات الشوف وعاليه والتي تقرر أن تكون من ضمن الحل المؤقت أي بنقلها إلى برج حمود والكوستابرافا فلا مشكلة حولها مع العلم أنه تم الاتفاق على نقل كميات من النفايات اليهما ولا إمكانية لاستقبال المزيد، داعيا بلديات هذين القضاءين إلى أن تتولى معالجة النفايات ببيئة سليمة أسوة ببلديات الجنوب والشمال والبقاع. وطمان الوزير الخطيب إلى أن ما من أزمة نفايات وان مطمري برج حمود والكوستابرافا يعملان. وردا على سؤال. أشار إلى أن هذا الملف مرجح أن يبحث في مجلس الوزراء في أي وقت .

الأمن

في الموضوع الأمني عُقِد في مكتب قائد الجيش العماد جوزيف عون في اليرزة اجتماع عمل لقادة الأجهزة الأمنية، ضم الى العماد عون، مدير عام الامن العام اللواء عباس إبراهيم، مدير عام قوی الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا.

ووفقاً لبيان مديرية التوجيه في قيادة الجيش، فإنه تم في الإجتماع بحث التطورات الأمنية في البلاد.

إضافة إلى تنسيق الجهود بين القوى الأمنية لاعتقال الشبكات الإرهابية، وتفكيكها، فضلاً عن مكافحة الجرائم على اختلافها، وملاحقة مطلقي النار في المناسبات، سواء أكانت متعلقة بالافراح أوالأتراح أو إعلان نتائج الامتحانات الرسمية.

السلسلة الى الشارع؟

واذا كانت جلسة مجلس الوزراء تحمل مؤشرات على ما يمكن ان ترسو عليها الاتصالات بشأن سلسلة الرتب والرواتب، فإن المؤشرات النقابية، توحي بأن هذا الملف سيكون في عهدة الشارع، حيث تعقد هيئة التنسيق النقابية مؤتمراً صحفياً اليوم، تحدد فيه ما يتعين عليها القيام به، في ضوء الاعتراضات المعلنة، وغير المعلنة على استئناف مناقشة السلسلة في جلسة تشريعية متوقعة في 15 تموز الجاري.. والتي سيتحدد موعدها رسمياً، بعد عودة الرئيس نبيه بري من زيارة خاصة الى الخارج.

ووفقاً المصادر نيابية قريبة من كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة فإن السلسلة اذا لم تقرّ خلال العقد الاستثنائي فإن بوادر تصعيد في الشارع، تصبح امراً واقعاً لا سيما بعد دخول الاتحاد العمالي على خط المطالبة بإقرار السلسلة، هذا الدخول الذي رأى فيه بيان «للموظفين المستقلين» في الادارة العامة بأنه محاولة لتمييع المطالب المحقة..

وقالت هذه المصادر: «إن لا شيء محسوماً حتى الآن سوى ان الكتلة متمسكة بعقد الجلسة وإقرار السلسلة لأنها حق للموظفين، لكن لا نعرف تماماً موقف بقية الكتل، حيث لحظ مماطلة بحجة عدم توفير كلفة السلسلة كاملة، وعدم الاتفاق على بعض البنود الضريبية.

وتوقفت المصادر عند موضوع انصاف المتقاعدين مطالبة بأخذ مطالبهم بعين الاعتبار عبر حل ما سيتم التداول به في الوقت المناسب، رافضة التكهن سلفا بما يمكن ان تؤول اليه الامور قبل الدعوة الى عقد الجلسة التشريعية.

بالمقابل، لا تبدو كتل اخرى، كالاصلاح والتغيير وكتلة القوات وربما كتلة المستقبل ايضا متحمسة كيفما اتفق لاقرار السلسلة، آخذة بعين الاعتبار ان الموقف يحتاج الى اعادة تقييم بعدما فرضت قضية المتعاقدين نفسها، من حيث تصحيح الشطور.

وكشف مصدر نيابي لـ «اللواء» رفض الكشف عن هويته ان ربط السلسلة بالموازنة هو الذي يضمن توفير الاموال اللازمة لها، من دون تحميل اصحاب الدخل المحدود اية اعباء مالية اضافية لتمويل السلسلة، التي تتغير ارقامها وفقاً للمطالب التي ترفع بين الحين والآخر، لا سيما المتقاعدين وروابط المعلمين..

 

 

الاخبار :

رفضت الأمم المتحدة منح المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري الإذن باستجواب المبعوث الأممي السابق وناظر القرار 1559، تيري رود لارسن. فقضاة المحكمة يريدون الاستماع إلى إفادة رود لارسن الذي كان أحد صنّاع القرار الأممي المذكور، وسبق أن حذّر الحريري من إمكان اغتياله

 

 

يوم أنشئت المحكمة الخاصة بلبنان عام 2007 خلافاً للدستور اللبناني، برزت العديد من التبريرات لقيامها، وكان أبرزها الادعاء أن هذه المحكمة لديها السلطة لإخضاع أيٍّ كان للاستجواب أو التحقيق أو الملاحقة، وأنه لا يحق لأحد رفض التعاون والاستجابة لطلبات القضاة فيها. وقيل إن الهدف هو تحديد الأشخاص الذين قتلوا الرئيس رفيق الحريري وآخرين والقبض عليهم ومعاقبتهم وملاحقة كل من شارك أو دعم أو علم بالهجوم الإرهابي قبل وقوعه يوم 14 شباط 2005.

وبعد انطلاق عمل المحكمة عام 2009 وصدور القرارات الاتهامية عامي 2011 و2013، اتهم حزب الله بعدم التعاون بسبب عدم تسليمه المتهمين الخمسة، ومن بينهم القائد الشهيد مصطفى بدر الدين.
لم يدّع حزب الله يوماً أن أيّاً من قادته وعناصره يتمتعون بالحصانة من أي ملاحقة قضائية، بل كانت الحجة الأساسية لعدم تسليم المتهمين الخمسة للمحكمة الدولية هي عدم استقلاليتها وارتباط بعض القضاة والعاملين فيها بأجندات سياسية وبجهات معادية للبنان وللمقاومة.


 

 


أما الأمانة العامة للأمم المتحدة والدائرة القانونية التابعة لها، اللتان لا تنفكان عن دعوة جميع اللبنانيين إلى التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان، فقد عبّرا يوم 28 حزيران الفائت، خطياً، عن عدم تعاونهما مع المحكمة الدولية لجهة رفع الحصانة عن المبعوث السابق وعراب القرار 1559 السفير تيري رود لارسن.
وكان قضاة غرفة البداية في المحكمة قد طلبوا يوم 9 آذار الفائت الاستماع إلى لارسن بشأن مضمون اجتماعاته بالرئيس السوري بشار الأسد، وبالرئيس رفيق الحريري، لدى تناولهم موضوع قرار مجلس الأمن 1559. وجاء طلب القضاة بعد أن زعم المدعي العام أن أحد دوافع اغتيال الحريري هو موقفه من ذلك القرار الذي يدعو إلى نزع سلاح المقاومة. لكن يبدو أن في جعبة تيري رود لارسن معلومات لا تريد الأمم المتحدة عرضها على المحكمة الدولية لأنها قد تثبت عدم صحة الادعاء أن الرئيس الحريري كان مؤيداً للقرار 1559. وقد يؤدي ذلك إلى نسف النظرية التي بُني عليها الاتهام. فالمتهمون الأربعة هم، بحسب القرار الاتهامي، من عناصر الحزب و«لا دوافع شخصية لديهم لاغتيال الحريري». وبالتالي يزعم فريق الادعاء أن الدوافع تتعلق بقرار حزبي باغتيال من زُعم أنه يسعى إلى نزع سلاحه.
وقد تكون هناك أسباب أخرى، أكثر خطورة، تستدعي عدم رفع الحصانة عن لارسن، أهمها تنبيهه الرئيس رفيق الحريري بخطر اغتياله قبل وقوع الهجوم الإرهابي بمدة قصيرة. ولا بد أن يطرح القضاة على لارسن سؤالاً عن مصادر معلوماته، وقد يتوسعون في البحث، ما قد يعرضه للملاحقة القضائية وتحقير المحكمة إذا قرر التهرب من الإجابة أو إذا سعى إلى تضليل القضاة.
إذا كانت الحكومة اللبنانية، التي يرأس مجلس الوزراء فيها نجل المغدور، فعلاً تريد العدالة والاقتصاص من قتلة الرئيس رفيق الحريري، فعليها أن تتحرك وتطالب الأمين العام للأمم المتحدة برفع الحصانة عن تيري رود لارسن ليتمكن قضاة المحكمة من الاستماع إلى إفادته. وإذا رُفض الطلب فقد يكون من المناسب التقدم بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي.
ففي حالة شبيهة، كان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، وهو زوج الرئيسة بينازير بوتو التي اغتيلَت عام 2007، قد رفض تقرير بعثة تقصي الحقائق الصادر عن الأمم المتحدة بشأن الجريمة، وذلك بسبب عدم استجواب المحققين للرئيس الأفغاني حميد كارزاي ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس اللذين كانا قد نبها بوتو إلى خطر اغتيالها.
فهل تتحرك الدولة اللبنانية التي تسدد نصف كلفة تشغيل المحكمة التي تبلغ نحو 60 مليون دولار سنوياً، من أجل تحقيق العدالة في قضية اغتيال الرئيس الحريري، أم أن الأمر لم يعد يهم أحداً؟