ملف النازحين يُقلق المسؤولين اللبنانيين

المستقبل :


أضاءت تقارير إعلامية إسرائيلية خلال الساعات الماضية على معضلة تواجه الأجهزة الأمنية في إسرائيل وتتمحور حول كيفية التعامل مع ما يزعمه عسكريون إسرائيليون عن إقامة إيران مصانع أسلحة لـ«حزب الله» في لبنان، وسط تضارب في الآراء في صفوف القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين الإسرائيليين إزاء سبل مواجهة هذا الأمر، بين أطراف داعية إلى توجيه «ضربة استباقية» لتدمير مصانع الأسلحة هذه، وبين جهات متوجسة من تبعات أي حرب جديدة مع لبنان في ظل ما سيتعرّض له الداخل الإسرائيلي من ضربات صاروخية تفوق بأضعاف ما كان قد تعرض له خلال حرب 2006. 

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإنّ اجتماعات تشاورية عُقدت على مستوى الأجهزة الأمنية والقيادات العسكرية والسياسية، وكذلك المجلس الأمني المصغّر للحكومة الإسرائيلية، تعالت خلالها الأصوات الداعية إلى عدم الانتظار، وتدمير مصنع الأسلحة الإيرانية في لبنان 

لمنع أي خطر مستقبلي منه والحؤول دون تعزيز القدرات العسكرية لـ«حزب الله». في حين لفت الانتباه في هذا المجال حرص الجيش الإسرائيلي، خلافاً لمرات سابقة، على تسريب معلومات عبر مسؤول عسكري، تؤكد وجوب عدم استبعاد أن تعمد إسرائيل إلى توجيه ضربة استباقية تنجح ليس فقط بتدمير مصانع الأسلحة، وإنما بشل قسم كبير من القدرات الهجومية لـ«حزب الله» في إطار سعي إسرائيل لحسم الحرب لمصلحتها، وفق ما تروّج تسريباتها العسكرية.

وفي الوقت عينه، نُقل عن المسؤول العسكري أن أحد الأسباب التي تجعل المسؤولين الكبار في الجيش الإسرائيلي يتحدثون علانية عن هذا الأمر، هو توقع أن تتحمل الدولة اللبنانية المسؤولية، وتوقف إنشاء المصانع، وبذلك تمنع الحرب «التي ستدمر اقتصاد لبنان وبناه التحتية والسياحية»، بحسب ادعاءاته. غير أنّ أي حديث اليوم عن تصعيد أمني، بات يثير المخاوف لدى جهات عدة، من أن يستغل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الأوضاع ويجعل من التصعيد الأمني مخرجاً له من الأزمات التي يواجهها، خصوصا لناحية التحقيقات الجارية معه في ملفات الرشاوى والفساد، واحتمالات تقديم لائحة اتهام ضده. وعقب إدعاءات وجود مصنع أسلحة إيرانية في لبنان، قد يكون توجيه الضربة والأنظار نحو لبنان، بمثابة «حبل إنقاذ» له.

وفي خضمّ هذه النقاشات والمخاوف، صدرت تقارير عسكرية إسرائيلية تتحدث عن القدرات العسكرية لـ«حزب الله» وطبيعة الحرب المقبلة المتوقعة معه. فبحسب هذه التقارير، أضحى الحزب يملك حالياً ترسانة صاروخية ستتيح له في حربه المقبلة مع إسرائيل استخدام قوة نار تفوق بأضعاف ما كان الأمر عليه خلال حرب تموز عام 2016، سيما وأنه تحوّل من «تنظيم» إلى «جيش» يتمتع بخبرة حربية غنية، بعد سنوات الحرب في سوريا، إضافة إلى أنه بات يتمتع بقدرات متطورة في المجالات العسكرية والاستخبارية، ويمتلك مستودعاً ضخماً للأسلحة يحوي ما لا يقل عن 150 ألف صاروخ. 

وبينما تعترف إسرائيل بكونها لا تملك أي منظومة دفاعية من شأنها الصمود أمام القوة الصاروخية المتوقع أن يستخدمها «حزب الله» في الحرب المقبلة، سواء القبة الحديدية أو العصا السحرية، تقول تقاريرها العسكرية إن الحزب سيكون قادراً على ضرب 1200 صاروخ باتجاه إسرائيل، يومياً، بينها صواريخ «غراد» وصواريخ دقيقة تحمل مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة، وصواريخ يصل مداها إلى نحو 300 كيلومتر، مع الإشارة إلى أنّ أكثر ما يقلق الإسرائيليين في المقابل هي المنظومات الدفاعية التي أصبحت في حوزة «حزب الله»، مثل صواريخ Sa22 التي تهدف إلى إعاقة حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الحرب المقبلة.

وأمام هذه المعطيات والتقارير، لا يغيب عن القيادة العسكرية الإسرائيلية السعي إلى طمأنة الجمهور الاسرائيلي، فتعمد إلى استعراض قدرات الجيش الإسرائيلي، وتورد تأكيدات في تقرير يتناول قدرات «حزب الله» بأنّ «قدرات الجيش الإسرائيلي تحسنت بشكل دراماتيكي، ووصل عدد الأهداف التي جمعها سلاح الاستخبارات عن الحزب، خلال السنوات الأخيرة، إلى عشرات الآلاف».

وعن طبيعة الحرب المقبلة في حال اندلاعها، تشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى أن «حرب لبنان الثالثة، ستتميز بتبادل ضربات نارية قاتلة بين الجانبين، ستستغرق عدة أيام حتى يتدخل العالم. وهذه المرة سيكون التدخل سريعاً، لأنه في اللحظة التي ستصاب فيها المساكن والأبراج في تل أبيب، سيكون الضرر الذي سيصيب «حزب الله» ولبنان ضخماً بكل المقاييس»، بحسب تحذيرات التقارير الإسرائيلية.

يبقى أنه إلى جانب ما يثار حول الموضوع، هناك سؤال جوهري يُطرح بقوة على أجندة العسكريين والسياسيين في إسرائيل: هل الضربة العسكرية للبنان، ستكون قادرة على منع استمرار نقل الأسلحة إلى «حزب الله» والقضاء على مصنع أسلحته الإيرانية؟

 

الديار :

مع تداعي معاقل «داعش» في العراق وسوريا، برز خطر حدوث «هزات ارتدادية» لهذا الانهيار، من نوع تصاعد العمليات الارهابية في الساحات التي توجد فيها خلايا نائمة او ذئاب منفردة، وهذا ما حذر منه الرئيس ميشال عون وتتحسب له المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية التي لا تزال تحقق الانجاز تلو الآخر في معركتها ضد المجموعات التكفيرية.
وبهذا المعنى، فان التزامن بين العملية النوعية التي نفذها الجيش في بعض مخيمات عرسال، وتوقيف الارهابي الخطر خالد مسعد الملقب بـ«خالد السيد» في مخيم عين الحلوة، انما اعطى اشارة واضحة الى ان المنظومة الامنية والاستخباراتية للدولة اللبنانية هي في أعلى جهوزية لمواجهة المخاطر المحدقة، من دون ان يلغي ذلك كليا احتمال حصول خرق موضعي، في لحظة ما. 
وقد حملت عملية توقيف مسعد (السيد) وتسليمه الى السلطة اللبنانية، العديد من الابعاد الهامة التي يمكن اختصارها بالآتي:
- ان الموقوف واحد من اخطر مهندسي المخطط الجهنمي الذي احبطته الاجهزة قبل فترة، وهو كان يتواصل مع قيادة «داعش» في الرقة وينسق مع الخلايا التنفيذية في الداخل اللبناني، وبالتالي فان إلقاء القبض عليه يشكل «قيمة امنية» قائمة بحد ذاتها، خصوصا انه يعرف الكثير من الخفايا، وهو على الارجح يختزن «كنز معلومات»، وفق تقدير العارفين.
- التمهيد لتوقيف المزيد من الارهابيين المتوارين في داخل المخيم، بعد نجاح تجربة التعاون اللبناني - الفلسطيني في قضية مسعد.
- توجيه رسالة الى كل من يهمه الامر في المخيم الفلسطيني الاكبر في لبنان بأن الوضع لم يعد سائبا كما في السابق، وان «عين الحلوة» ليس ملاذا آمنا للمطلوبين الذين لطالما افترضوا ان بامكانهم الاستفادة من تعدد المرجعيات والمربعات في هذا المخيم، للاحتماء من الملاحقة والهروب من العدالة. وعليه، فان ما حصل مع خالد مسعد يجب ان يكون عبرة لغيره وفق ما يؤكد مصدر قيادي في فصيل فلسطيني بارز.
- ترميم الثقة بين الدولة والفصائل الفلسطينية، بعدما تصدعت خلال المرحلة الماضية نتيجة شعور المسؤولين اللبنانيين بان تلك الفصائل ليست متعاونة بالقدر المطلوب، ولا تبدي ما يكفي من الجدية والحزم لضبط الفوضى في «عين الحلوة» وتسليم المطلوبين المعروفين بالاسم.
 

 

 الرواية الكاملة


ولكن... كيف حصل توقيف خالد مسعد المعروف بخالد السيد، وما هي تفاصيل استدراجه الى «المصيدة»، ومن ثم تسليمه الى مخابرات الجيش والامن العام؟
«الديار» تنشر الرواية التفصيلية لهذه العملية، بناء على التفاصيل والوقائع التي استقتها من مصادر واسعة الاطلاع:
بعد الاعلان خلال الاسبوع الثاني من حزيران الماضي عن توقيف عدد من اليمنيين والفلسطينيين والسوريين المنتمين الى «داعش» والذين كانوا يستعدون لتنفيذ اعتداءات ضد مرافق حيوية واهداف متفرقة في العديد من المناطق، كشف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عن ان «الرأس المدبر» لهذا المخطط هو خالد السيد  الموجود في مخيم عين الحلوة، مؤكدا الاصرار على اعتقاله.
في 12 حزيران الماضي، عُقد اجتماع في مقر الامن العام بين اللواء ابراهيم ووفد قيادي من حركة حماس برئاسة نائب رئيس مكتبها السياسي موسى او مرزوق. خلال هذا اللقاء بدا ابراهيم حازما وحاسما في مقاربة قضية خالد مسعد واضعا مطلب تسليمه الى الدولة اللبنانية في طليعة بنود البحث مع الوفد الذي سمع كلاما واضحا وقاطعا من مدير «الامن العام» مفاده ان هذه المسألة فائقة الحساسية ولن نقبل تجاوزها، وخالد السيد (خالد مسعد) خطر جدا، ويجب اعتقاله وتسليمه. 
واضاف ابراهيم متوجها الى ضيوفه من «حماس»: لقد ثبت لنا من خلال الرصد والمتابعة ان هذا الشخص كان يخطط لتنفيذ تفجيرات ضخمة في لبنان بالتعاون مع مجموعة من الارهابيين الذين اوقفناهم، ونحن لدينا تسجيلات موثقة تثبت ذلك...
وعلمت «الديار» في هذا السياق ان محاولة استهداف مطار رفيق الحريري الدولي، كانت تعتمد على مخيلة اجرامية جهنمية، إذ قضت الخطة بإشعال حرائق متعمدة في محيط المطار، بغية تشويش الرؤية ومن ثم عرقلة حركة الطائرات التي ستُجبر نتيجة الدخان المتصاعد على تغيير مسارها وارجاء هبوطها، ما يؤدي الى زيادة الازدحام في صالة الانتظار التي يُفترض، تبعا للسيناريو المرسوم، ان تكتظ بأهالي المسافرين المتأخرين في الوصول. وعندئذ يقتحم الانغماسيون المكان ويفجرون انفسهم بالمواطنين المنتظرين، لايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية. 
وإزاء هول الحقائق المثبتة وخطورتها، أكد وفد «حماس» لابراهيم انه ليس مقبولا ان يتحول «عين الحلوة» الى مأوى لارهابي كبير من هذا النوع، مشددا على ان حماية الاستقرار اللبناني هي من اولوياتنا ونحن مستعدون للتعاون حتى اقصى الحدود من اجل تسليم خالد مسعد، على قاعدة ان امن لبنان هو من امن المخيمات والعكس صحيح. 
وجرى الاتفاق على استمرار التواصل اليومي بين الجانبين لتنسيق الجهود ومتابعة التطورات، وذلك من خلال ضابط في «الامن العام» ينتدبه ابراهيم، ومسؤول في «حماس» تنتدبه قيادة الحركة، وهكذا كان.
وعلى الفور، باشرت «حماس» في تحركها الذي استمر طوال 18 يوما لتحديد مكان وجود مسعد (السيد)، وذلك ضمن ثلاثة مسارات في آن واحد: المسار الاول يمر عبر عصبة الانصار، والثاني والثالث يمران عبر جهتين فلسطينيتين أخريين.
وفي الوقت ذاته، كانت الخطوط مفتوحة بين مسؤولي «حماس» في بيروت والقيادة العليا للحركة في غزة والدوحة التي واكبت كل مراحل هذا المخاض الامني وسط قرار متخذ بوجوب انهاء ملف مسعد وعدم السماح بتكرار مأساة «نهر البارد» في «عين الحلوة».
مع مرور الايام، بدا ان مسار التعاون مع عصبة الانصار يحقق تقدما. صحيح ان «العصبة» شعرت بداية بالحرج في المساهمة في توقيف مسعد وتسليمه انطلاقا من اعتبارات دينية، لكن «حماس» اقنعتها بان مصلحة الاسلام ومخيم عين الحلوة تقضي بالتخلص من عبء هذا الرجل المتورط في مسائل لا يمكن احتمالها.
نهار الجمعة الماضي، اتصل ابراهيم بقيادة «حماس» في بيروت، وأبلغها بأن قرابة 18 يوما قد مضت على اللقاء الذي جرى في مكتبه، ولم يستجد شيىء بعد، وسأل: اين اصبحتم؟ فأتاه الرد: الجهود حثيثة ومتواصلة، والامر يحتاج الى بعض الصبر.
لاحقا، تلاحقت الاحداث وحصلت المفاجأة. مساء اليوم ذاته، اي الجمعة، تم بعد رصد دقيق تحديد مكان وجود خالد مسعد (خالد السيد) في «عين الحلوة» بالتنسيق بين «العصبة» و«حماس»، ثم جرى استدراجه قرابة منتصف الليل الى مكان آمن ومُحكم لا يستطيع الافلات منه، بعدما قيل له ان الهدف من «دعوته» هو الاستفسار منه حول بعض الامور، فيما كان قيادي مركزي من «حماس» ينتقل على عجل الى المخيم لمواكبة التطورات عن قرب.
وخلال التحقيق الاولي مع مسعد في المخيم قبل تسليمه الى الاجهزة اللبنانية اعترف بأنه ينتمي الى «داعش»، لكنه حاول ان ينكر علاقته بمخطط التفجيرات. 
وعند تسرب نبأ اعتقاله الى بعض انصاره والمقربين منه، وكان لا يزال في «عين الحلوة»، مورست ضغوط على «حماس» و«العصبة» لمنع تسليمه الى الدولة اللبنانية، بل ان هناك من اعتبر ان قتله افضل في مثل هذه الحالة، لان تسليمه قد يتحول الى سابقة تهدد مطلوبين آخرين، ولان وقوعه في قبضة الامن اللبناني سيؤدي الى كشف الكثير من المعلومات الحساسة.   
لكن «حماس» و«العصبة» لم ترضخا للضغوط وصممتا على استكمال اجراءات تسليم مسعد، انطلاقا من ان الدولة اللبنانية هي المعنية بأن تحاكمه لتبيان الحقيقة. وبناء على هذا القرار النهائي، باشر مسؤولو التنظيمين فجر السبت بإجراء اتصالات مع ضباط في مخابرات الجيش والامن العام لاتمام المهمة، إلا ان بعضهم كان لا يزال نائما في تلك الساعة المتأخرة من الليل.
وفي اعقاب محاولات متلاحقة، تسنى الاتصال بأحد مساعدي ابراهيم وجرى ابلاغه بالخبر السار، وما هي الا لحظات حتى بات ابراهيم نفسه على السمع، فيما كان محدثه الفلسطيني على الخط الآخر يستخدم «الشيفرة» في نقل البشرى اليه، من باب التحسب الامني: «حضرة اللواء ابراهيم، «العصفور» وقع...»
انفرجت اسارير ابراهيم، وتنفس الصعداء، وهو الذي سبق له ان أخذ على عاتقه سوق مسعد الى العدالة اللبنانية، حين كان الكثيرون يعتقدون ان توقيفه في هذه الظروف هو امر صعب.
عند السادسة صباح السبت الماضي وصل وفد مشترك من المخابرات والامن العام ضم عميدين، الى حاجز الحسبة على مدخل «عين الحلوة»، حيث تسلم مسعد، علما ان مجمل العملية من لحظة الاستدراج الى لحظة التسليم بقيت طي الكتمان الى حد كبير، حتى لا يجري افشالها، بحيث ان تفاصيلها حُجبت عن اغلبية الفصائل وكذلك عن جزء من قيادة «حماس».
مع انجاز العملية بنجاح، اتصل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» اسماعيل هنية بقيادة الحركة في بيروت مهنئا بما تحقق، كما اتصل ابو مرزوق باللواء ابراهيم.
وقالت اوساط فلسطينية بارزة لـ «الديار» إنه من غير المسموح لـ«داعش» وغيره استخدام مخيم عين الحلوة كمنطلق للعمليات التخريبية ضد الداخل اللبناني، مشددة على ان بوصلة المخيمات هي فلسطين وعدونا هو اسرائيل، ولن ننجر الى المستنقعات الطائفية والمذهبية.
وتشير الاوساط الى ان سيناريو «نهر البارد» لن يتكرر، لافتة الانتباه الى ان ما حصل أنقذ «عين الحلوة» من خطر كبير كما انقذ لبنان من تهديد داهم، ومعتبرة ان خالد مسعد اخطر بكثير من عماد ياسين الذي اعتقل في عملية امنية لبنانية مباغتة في قلب المخيم قبل فترة.
وترى الاوساط ذاتها ان تسليم مسعد يخدم الاستقرار الداخلي، مشددة على ان لبنان القوي والمعافى يشكل مصلحة للقضية الفلسطينية. 
وتدعو الاوساط السلطة اللبنانية الى ملاقاة التجاوب الفلسطيني في تسليم مسعد من خلال التخفيف من المعاناة الاجتماعية للاجئين في المخيمات واحترام حقوقهم الانسانية، آملة في ان يشمل قانون العفو المرتقب عددا من الفلسطينيين.

 

 

الجمهورية :

إنتهت إجازة عيد الفطر المعطوفة على عطلة الأسبوع فعلياً، ومع بداية الصيف الحار الذي واجهه اللبنانيون بالنزول الى البحر بكثاقة، ينطلق العمل من اليوم عملياً في ملفات متعدّدة سيتصدّرها ملف أمن مخيّمات النزوح السوري وملف إعادة النازحين إلى ديارهم، باتّصالات تتولّاها الأمم المتحدة، فيما البعض يدعو إلى تنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية.

فيما بدأت أزمة النزوح تتخذ طابعاً خطيراً ، ظهر جلياً أن السلطات اللبنانية ما تزال عاجزة عن معالجتها وتبدو كأنها في غيبوبة، فيما يؤكّد المعنيون بهذا الملفّ أنّ ترك هذه المشكلة على غاربها سيفاقمها، وربما يتسبب بتفجرّها بما يكرر سيناريو اللاجئين الفلسطينيين.

ولوحظ مع بروز التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة ان السلطة لم تتحرّك جدّياً حتى الساعة، إذ إنّ السياسيين اللبنانيين ما زالوا مختلفين على شكل وأساليب تأمين عودة النازحين الى بلادهم، مع إنّ هذا الأمر يستدعي دقّ الناقوس وتشكيل خلية أزمة جديّة تبحث في حلول لهذه الأزمة الوجودية.

فقد فتِح ملفّ مخيّمات النازحين السوريين على مصراعيه مجدداً، خصوصاً أنّ بعضها يأوي إرهابيين، وذلك في ضوء المعركة التي خاضَها الجيش اللبناني في مخيمات عرسال أخيراً ضد الارهاب، وبعد تَهاوي الخلايا الارهابية النائمة تباعاً.

وتعالت بعض الأصوات الداعية إلى وجوب إعادة النازحين إلى بلادهم بعدما ازداد عبئهم على لبنان، إنْ من الناحية الديموغرافية أو من الناحية الأمنية أو الاقتصادية أو الوطنية، ما يُحتّم عَقد اجتماع استثنائي، إمّا للحكومة يُخصَّص لهذا الموضوع، وإمّا أن يُدعى قادة الأحزاب العشرة الذين اجتمعوا في القصر الجمهوري في بعبدا في 22 حزيران الماضي إلى اجتماع آخر، لأنّ موضوع النازحين يتطلّب قراراً سياسياً غيرَ موجود داخل مجلس الوزراء.

ودعت بكركي الى العمل الجدّي لإعادة جميع النازحين الى بلادهم. وطالبَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حكّامَ الدول «بالعمل الجدِّي على عودة جميع المهجَّرين والنازحين واللاجئين والمخطوفين إلى أوطانهم وبيوتهم وممتلكاتهم، ومساعدتهم على إعادة إعمارها، حفاظًا على حقوقهم كمواطنين وعلى ثقافاتهم وحضاراتهم».

وبدوره رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، قال: «إنّ الإرهاب يتغطى بالنزوح، ولذا يجب مواجهة النزوح بجرأة وبقرار حازم تتّخذه الدولة اللبنانية». وشدّد على أنّ «العودة الى سوريا يجب ان تتمّ قبل الحلّ السياسي، والعودة ممكنة الآن إلى كثير من المناطق الآمنة في سوريا».

ودعا «حزب الله» الحكومة الى ان تضَع على جدول أعمالها التنسيقَ مع الحكومة السورية «لتسهيل عودة النازحين طوعاً إلى المناطق الآمنة في داخل سوريا». وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «آنَ لنا أن نمتلك الشجاعة لنبدأ بالحلّ، فالحلّ الأمني لا يكفي وحده، ويتطلّب حلّاً سياسياً واجتماعيا، وقد تبيَّنَ بحسب الإحصاءات أنّ فيها (سوريا) أمناً ساعد على عودة 500 ألف من النازحين».

وقالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»: «حتى إنّ موضوع النازحين السوريين، أصبح كلامَ حق يُراد به باطل. ففي الوقت الذي ينظر اللبنانيون إليه من منظار حلّه وإعادة النازحين الى سوريا، في إطار جهد لبناني وعربي ودولي حيث تتأمّن لهم مناطق آمنة للسكن بشروط اجتماعية وإنسانية لائقة، ينقل البعض في لبنان هذا الموضوع الإنساني والوطني الى مجال آخر، يَطرح فيه تعويمَ العلاقات بين الدولة اللبنانية والنظام السوري.

وإذا كان هناك شِبه إجماع لبناني حيال التعاطي مع الدولة السورية لإعادة النازحين الى بلادهم، فلم يَصدر بعد أيّ موقف سوري رسمي ينمّ عن نيّة الدولة السورية استعادةَ النازحين، أقلّه في هذه المرحلة، حتى إنّ الأطراف اللبنانية التي تطرح هذا الموضوع لم تُبلغ إلى الحكومة اللبنانية أيَّ عرض سوري في هذا الصَدد.

لذلك وفيما لا يعارض اللبنانيون الحوارَ مع النظام السوري لهدف محدّد هو إعادة النازحين السوريين، فهم يتخوّفون من أن يؤدّي الحوار اللبناني ـ السوري الجديد الى مفاوضات حول العلاقة بين البلدين من دون ان يُسفر عن إعادة النازحين».

لذلك، تَطرح مصادر رسمية حكومية ضرورةَ أن تبادر الأمم المتحدة الى جَسّ نبضِ النظام السوري حول مدى استعداده لفتح الحدود السورية امام عودة نازحيه وحصر هذا الانفتاح اللبناني عليه بموضوع النازحين، طالما إنّ دور الجامعة العربية معطّل في سوريا».

وتضيف المصادر «أنّ اتّصالات الحكومة مع الأمم المتحدة في شأن النازحين كشَفت عن تردّد المنظمة الدولية في التعاطي معهم لعدم ثقتِها بالحلّ الموقّت القائم على المناطق الآمنة».

درباس

وقال الوزير السابق رشيد درباس لـ«الجمهورية»: «المناطق الآمنة الآن أصبَحت «قيد الطبخ» بمشاركة الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والاردن وتركيا، والمفروض ان نكون نحن شركاء في هذا الأمر، خصوصاً أنّ لبنان هو الدولة الأولى التي دعت إلى إنشاء هذه المناطق الآمنة».

وأضاف: «بدأنا سابقاً بوضع برنامج لإحصاء السوريين في أماكن وجودهم في 2500 مخيّم عشوائي، وتوقّف هذا المشروع نتيجة خديعةٍ أوقعت بها بعض الجهات الدولة اللبنانية لكي لا يكون للبنان قاعدةُ بيانات رسمية ومستقلة، ونَعتقد أنّ هذا المشروع يجب أن يسير مجدداً لكي نستطيع أقلُّه معرفة أين يوجد النازح السوري».

واعتبَر درباس «أنّ مسألة عودة النازحين هي موضع إجماع لدى الشعب اللبناني، فلنبَلوِر هذا الأمر بصيغ ملموسة ولنضَع كلَّ إمكانات الدولة لدى الحكومة لكي تعالجَه حتى لا يكون موضعَ تجاذُب أو مزايدات سياسية».

التزام بالمساعدات

وفيما تتلاحق المواقف الترحيبية بعملية جرود عرسال، علمت «الجمهورية» أنّ قائد الجيش العماد جوزف عون تلقّى اتصالات من مراجع عسكرية ودولية هنّأته على العمليات الأمنية الاخيرة، خصوصاً في عرسال، وأكّدت التزامها بتقديم مزيد من المعدّات العسكرية للجيش اللبناني في المرحلة المقبلة، تعويضاً عن الذخائر التي استهلكها في المعارك.

تفجيرات القاع الانتحارية

وفي هذه الأجواء، أحيَت بلدةُ القاع، الذكرى السنوية الأولى لشهداء العمليات الانتحارية التي استَهدفت البلدة، إضافةً إلى شهداء الأحداث اللبنانية. وترَأس القدّاس راعي ابرشية بعلبك ـ الهرمل للروم الملكيين الكاثوليك المطران الياس رحال الذي قال إنّ «القاع هي الصخرة التي لا تتزَعزع، صامدةً في مواجهة الشرّ والإرهاب، شهداؤنا حملوا صليبَهم وتركوا السلام والمحبّة لنا في منطقة بعلبك - الهرمل».

من جهته، أكّد رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ«الجمهورية» أنّ «القاع قوية، وصارت أقوى بحماية الجيش الوطني وصمود أهلِها»، مشدّداً على أنّ «القدّاس اتّخَذ طابعاً خاصاً لنقولَ للعالم إنّنا في هذه الأرض باقون، والذي سَقط له هذا العدد من الشهداء لا يترك أرضَه، ولا يخاف لا من 8 انتحاريين ولا من 100 غيرهم». 

مجلس وزراء منتِج

وسيتقدّم ملف أحداث عرسال الأخيرة والوضع الأمني والعسكري على الحدود وفي الداخل على نقاط البحث في جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء في بعبدا بعد غدٍ برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وإيذاناً بانطلاق ورشة العمل عقب الانتهاء من قانون الانتخاب، وإنفاذاً لـ»وثيقة بعبدا»، يبدو أنّ الجلسة ستتناول بنوداً حياتية وإنمائية وماليّة وشؤونَ الطاقة المتجددة التي أدرِجت على جدول الأعمال الذي جَمع 92 بنداً.

ومن أبرزِ البنود ما يتّصل بمشروع إنتاج الطاقة البديلة عبر الرياح، وهو بند مؤجّل من جلسة 21 حزيران الماضي، ومشروع آخر لتعديل أنظمة وقواعد الأنشطة البترولية وتعديل الرسوم المقرّرة سابقاً.

وعلى جدول الاعمال ايضاً مراسيم ومشاريع مراسيم خاصة بالترخيص، مقترَحة من وزارة التربية والتعليم العالي لجامعات حديثة أبرزُها «جامعة القديس جاورجيوس في الأشرفية» كما بالنسبة الى إحداث كلّيات وفروع جديدة متخصّصة في بعض الجامعات والكلّيات الخاصة.

ومشروع تعديل سِنّ التقاعد للسفراء من 64 الى 68 عاماً كما تقترح وزارة الخارجية، وهما بندان سيثيران نقاشاً حامياً وردّات فِعل رافضة لاحتمال أن تتسبّب قضية الجامعات الجديدة بنقاش معمَّق نظراً إلى كثافة الجامعات في لبنان والخوف من توسّعِ البحث في تمديد سنّ التقاعد في قطاعات أخرى نتيجة رفضِ مطالب تقدّمت بها هذه القطاعات.

ملفّ الكهرباء

أمّا في ملفّ الكهرباء، فأعلنَت «القوات اللبنانية» أنّها ماضية قدُماً في معركتها في هذا الملف، وقالت مصادرها لـ»الجمهورية»: «إنّها معركة ليست موجّهة ضد أيّ طرف، إنّما الهدف منها الوصول الى تأمين الكهرباء 24 ساعة على 24 بأقلّ كلفة وبأسرع وقت ومن خلال الآليات القانونية التي تضفي الصدقية على هذا الملف، وبالتالي كلّ الأمل في أن تتولّى إدارة المناقصات إعادةَ النظر في هذا الملف برُمَّته بغية توسيعِ الخيارات، إلّا أنّ المرجعية النهائية في هذا الموضوع تبقى مجلس الوزراء الذي بالتأكيد سيعيد النظر في كلّ هذه المعلومات».

إلّا أنّ مصادر وزارية توقّعَت عبر» الجمهورية» أن «يصبح الاشتباك حول ملف البواخر محدوداً بعد تقرير إدارة المناقصات، والذي يتّجه الى التوافق مع خطة الحكومة، وبالتالي فإنّ المتوقع هو أن تسير هذه الخطة وفق ما هو منصوص عليها، وأن لا يتمّ تعديلُ نصّ عروض استئجار البواخر».

وكشَفت المصادر «أنّ عروض استئجار البواخر ستَسير كما هي، على أن يُفتح لها اعتماد من مجلس النواب، وليس ضمن الموازنة أو ضمن احتياطي الموازنة».

 

 

اللواء :

عززت التطورات الميدانية بدءاً من عرسال الى البادية السورية، فالموصل العراقية، ومحافظة حلت بالكامل، الاتجاهات لدى وزراء بارزين في الحكومة لرفع الصوت على الطاولة، من اجل فتح باب التفاوض والاتصالات بين الحكومتين اللبنانية والسورية بهدف التنسيق لإعادة مَنْ يرغب من النازحين، الى المناطق الآمنة داخل الاراضي السورية..
ولم تحجب التفجيرات الانتحارية التي ضربت العاصمة السورية دمشق من نية وزراء 8 آذار الطلب من زاوية مناقشة الوضع الامني، بعد العملية الاستباقية في عرسال فجر الخميس الماضي، والتي احبطت مخططات إرهابية، كانت تستهدف الجيش والآمنين بقاعاً وفي مناطق اخرى في العاصمة أو سواها، التنسيق مع حكومة دمشق، او على الاقل مع وزير المصالحة السورية علي حيدر، لدرس السبل الآيلة الى البدء بإعادة النازحين، حيث من غير ممكن البقاء على وضعهم الحالي، بعدما تبيّن ان «خلايا ارهابية» مسلحة ونائمة تلجأ الى المخيمات التي بلغ عددها ما يفوق العشرين مخيماً في عرسال وحدها، فضلاً عن الحرائق التي بدأت تضرب مخيمات هؤلاء على خلفية موجات الحر غير المسبوق والتي بلغت الاربعين في البقاع امس.
ومن زاوية امنية، وبعد الضربة القوية التي وجهتها الأجهزة إلى رأس «الارهاب» الذي كان متواريا في مخيم عين الحلوة خالد السيد بتنسيق بين مخابرات الجيش والامن العام وتعاون الفصائل الفلسطينية واللجنة الامنية في المخيم، وضع ملف النازحين وحتى اللاجئين على الطاولة من زاوية الحرب الاستباقية، ومنعا لاحداث اضطرابات او قلاقل امنية في لبنان.
وجاهر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بموقف الحزب من ان الوقت حان للتنسيق مع الحكومة السورية لتسهيل عودة النازحين طوعا الى المناطق الآمنة داخل سوريا، مشيرا الى ان في هذا البلد أمناً ساعد على عودة نصف مليون نازح سوري (500 ألف).
واعتبر ان العودة لا يمكن ان تتم الا بالتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية.
في المقابل، وفي حين أن دعوة وزراء 8 آذار للتفاوض مع حكومة النظام في سوريا ستواجه برفض من رئيس الحكومة ووزراء تياري «المستقبل» والقوات اللبنانية وربما ايضا وزير التربية مروان حمادة، فإن ما كشفه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من ان وزراء حزبه سيثيرون في مجلس الوزراء «الاتهامات التي وجهها حزب الله للمملكة العربية السعودية ودول الخليج والفاتورة الباهظة التي قد تضطر الدولة اللبنانية لتحملها» يكشف ان جلسة الحكومة ستكون «سياسية بالدرجة الاولى على الرغم من ادراج ما لا يقل عن 90 بنداً على جدول اعمالها، بينها بعض التعيينات الادارية والتي كان الرئيس سعد الحريري بحثها مع وزير الخارجية جبران باسيل على هامش اجتماع عقد بينهما في باريس..
وكان الرئيس الحريري ردّ على البعض، الذي يهدد، هذه الايام، بأن يستورد حرساً ثورياً وميليشيات (في اشارة) إلى خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقال ان كلامه لا يعبر عن موقف الدولة، والحكومة اللبنانية، والشعب اللبناني قادر على حماية أرضه بنفسه من اي عدوان اسرائيلي..
جلسة ساخنة
لذا، تتوقع المصادر الوزارية ان تكون جلسة مجلس الوزراء ساخنة بفعل حرارة الملفات الساخنة، والتي يبدو انها ستكون مطروحة على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية الاربعاء المقبل، والذي وزع امس الاول على الوزراء، ويتضمن 92 بنداً، او من خارجه.
مبدئياً، الجلسة ستعقد قبل ظهر الاربعاء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون.
والبند المطروح على جدول الاعمال والمتعلق بمشروع الطاقة البديلة لتوليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، يفترض ان يستولد نقاشاً جديداً قديماً حول بواخر الكهرباء، من زاوية ما وصفه وزير في القوات اللبنانية لـ «اللواء» بالتلاعب الذي حصل بقرار مجلس الوزراء، بخصوص احالة ملف استئجار البواخر الى هيئة ادارة المناقصات.
وفي معلومات المصدر الوزاري، ان هذا الموضوع سيكون موضع استفسار من وزراء القوات الثلاثة، عن اسباب حصول تعديل في نص قرار مجلس الوزراء، باحالة ملف الكهرباء الى ادارة المناقصات في هيئة التفتيش المركزي، حيث كان الاتفاق في الجلسة الاخيرة باحالة ملف استدراج العروض المالية باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة، الى ادارة المناقصات، بينما اقتصر القرار الذي احيل بموجبه هذا الملف الى الادارة المعنية، على اعطاء رأيه فقط بالعروض المالية، في حين ان المطلوب كان ان تضع الهيئة يدها على كامل الملف وليس فقط على العروض المالية.
والى جانب هذا الموضوع الساخن للكهرباء، خاصة وانه يأتي في وقت تأكد فيه ان التقنين سيستمر طوال فصل الصيف الذي يبدو انه سيكون حاراً ايضاً، يبرز عرض وزارة التربية لانشاء فروع علمية لجامعات خاصة مستوفاة للشروط الاكاديمية والبيئية والقانونية، وهو موضوع كان توقف من ايام حكومة الرئيس تمام سلام، بسبب اشكالات واعتبارات عدة، منها طائفي ومنها سياسي، لكن وزير التربية مروان حمادة قرر عرضه على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، رغم معرفته لما يمكن ان يتعرض له من تجاذبات او من مزايدات.
مخيمات النازحين
وخارج هذين الموضوعين، يرتقب او ربما بات مؤكدا، ان يشهد الوضع الامني، لناحية موضوع مخيمات النازحين السوريين نقاشا خلال الجلسة، لن يخلو بطبيعة الحال من تجاذب في وجهات النظر، خاصة وان الموضوع سيطرح بعد العملية العسكرية الاستباقية التي نفذها الجيش في مخيمات جرود عرسال قبل يومين، والتي اثارت ردود فعل مختلفة خلطت ما بين الارهابيين والنازحين السوريين، عبر عنها بوضوح رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط حين سحب تعليقه على «تويتر» طوعاً، من دعوته الى وجوب التمييز بين الارهاب واللاجئ السوري، وقوله ان «التعذيب لا يولد الا التطرف»، وذلك «كي لا يفسر كلامه على غير ما يحتمل»، على حد تعبير جنبلاط الذي كان حيا الجيش اللبناني على العملية الامنية النوعية التي نفذها في جرود عرسال، والتي قال انها «اجهضت مخططاً ارهابياً كبيراً كان يستهدف استقرار لبنان وامنه».
على ان اللافت او البارز في ردود الفعل، هي الدعوة التي صدرت عن لسان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لاعادة النازحين الى المناطق التي تشهد استقرارا امنيا في سوريا، من خلال التفاوض مع الحكومة السورية، معتبرا ان الحل الامني لا يكفي وحده ويتطلب حلا آخر اجتماعياً وسياسياً.
وتزامنت هذه الدعوة مع موقف آخر، اعلنه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل خلال جولة له في قرى جزين، اعتبر فيه ان الارهاب يتغطى بالنزوح ويستعملونه غطاء ليمارسوا افعالهم الارهابة، لذلك علينا مواجهة النزوح بجرأة وقرار حازم من الدولة اللبنانية، علماً ان موضوع التنسيق مع الحكومة السورية لتسهيل عودة النازحين، سبق ان طرح في «لقاء العشرة» في بعبدا، وقبل ذلك في جلسة سابقة لمجلس الوزراء، واصطدم بمعارضة من الرئيس الحريري، ومن وزراء آخرين، عبر عنهم وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ «اللواء» رافضاً التفاوض مع السلطات السورية بحجة قمع النظام لهم، مؤكدا ان العودة يجب ان ترعاها الامم المتحدة وباشرافها، فيما لا تستبعد مصادر اخرى ان يكون ما يجري مجرد استغلال للتحريض على النازحين بطريقة مقصودة ومدروسة ومبرمجة من منطلقات انتخابية وطائفية.
جدول الاعمال
ومهما كان من امر، فإن جدول الاعمال «دسم» لجهة الموضوعات التي يتضمنها، علماً ان موضوع انتاج الكهرباء من طاقة الرياح، سبق ان بحث في جلسة 21 حزيران الماضي، وارجئ بسبب الحاجة الى بحث المشروع بين الوزيرين المعنيين، اي وزير الطاقة ووزير المال.
ويتضمن الجدول ايضاً:
مشروع قانون مقدم من وزارة الخارجية ويرمي إلى إحالة سفراء في ملاك الوزارة إلى التقاعد أو صرفهم من الخدمة عند بلوغهم سن الـ68.
وافيد أن هذا البند بحمل في طياته تعديل سن التقاعد بالنسبة للسفراء ورفعه من الـ64 إلى الـ68. وهذا البند قد يفتح باب النقاش بشأن عدم شمل هذا التدبير موظفي إدارات أخرى علما أن القضاة هم الموظفون الوحيدون المستثنون من شرط السن.
كذلك يضم الجدول: اقتراح قانون يرمي إلى إعطاء متعاقدين في التعليم الرسمي 4 درجات ونصف أسوة بزملائهم في الملاك.
مشروع مرسوم يرمي إلى تعيين العميد الركن رولان أبوجودة مديراً عاما للأمن العام بالوكالة لمدة عام في ظل غياب المدير الأصيل وهو إجراء روتيني.
مشروع مرسوم يرمي الى تسوية أوضاع جامعات من خلال الطلب بترخيص لكليات اختصاص او انشاء فروع لها وعدد البنود بشأنه يبلغ 25 على أن مشروع المرسوم الرامي إلى طلب ترخيص من مطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت باستحداث جامعة تحمل اسم جامعة القديس جاورجيوس في بيروت قد يشكل محور ملاحظات وزارية.
مشروع قانون يرمي إلى تعديل الفصول 3 و4 و5 و6 في قانون المطبوعات المتعلق بنظام نقابة المحررين لجهة الانتساب وغير ذلك.
ومشروع مرسوم لتعديل دفتر الشروط دورة التراخيص في المياه البحرية (الاستكشاف والإنتاج).
مشروع مرسوم يرمي الى تعديل بعض الأنظمة والقواعد المتعلقة بالأنشطة البترولية في المياه البحرية. تلزيم مشروع إنشاء مراب تحت ساحة الشهداء في وسط بيروت وهو بند كان قد أثار أشكالا حوله فضلا عن طلب وزارة الاتصالات إصدار طوابع بريدية تذكارية بمناسبة انتخاب رئيس الجمهورية وبنود مالية من مصالحات ونقل اعتمادات وأجور.
السلسلة
في هذا الوقت. لا يبدو ان طريق سلسلة الرتب والرواتب الى الجلسة التشريعية معبّد لا بالورود ولا بالأموال، وأن المطلوب لتمريره حركة سياسية جدية، على غرار تلك الحرج التي واكبت إنتاج قانون الانتخاب، على حدّ ما طالب به رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي كشف عن وجود عديد من الالغام تحتاج إلى تفكيك، منها أن يتصل بحل مسألة التمويل بشكل يرى فيه الجميع انه مناسب، بالإضافة إلى السوق الذي وضع من الحكومة والتزمت به الكتل وهو 1200 مليار ليرة لا يكفي، بحسب كنعان، المتقاعدين الذين يجب انصافهم، مشيراً إلى ان هناك حاجة إلى تفهم جدي حتى لا تكون الجلسة التشريعية كسابقاتها دون نتيجة،
وإذ توقع كنعان إنهاء درس الموازنة في لجنة المال منتصف تموز الحالي، كرّر مطالبة الحكومة بضرورة مقاربة ملف قطع الحساب المالي دستورياً وقانونياً لإقرار الموازنة.
وفي كل الأحوال، لا يبدو أيضاً ان موعد عقد الجلسة التشريعية، سيحسم هذا الأسبوع، مع سفر الرئيس نبيه برّي لتمضية إجازة خارج البلاد، والأرجح في إيطاليا، من دون أن يعني ذلك ان الجلسة أرجئت إلى ما بعد 15 تموز، وهو الموعد المبدئى الذي كان حدده الرئيس برّي قبل أيام، إلا انه يحتاج إلى اجتماع لهيئة مكتب المجلس لتكريس الموعد رسميا مع جدول الأعمال.
القبض على مدبّر تفجيرات داعش «الرمضانية»
أمنياً، كتب الزميل هيثم زعيتر التالي:
«ما وعدتُ به تحقّق».. هكذا علّق المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على توقيف الفلسطيني خالد محمد مسعد المعروف بـ»السيد» (مواليد 1988، عين الحلوة، والدته سميرة)، من داخل مخيّم عين الحلوة، وهو الرأس المدبِّر في «شبكة الربيع» بتفجيرات «شهر رمضان» الإرهابية.
وشدّد اللواء إبراهيم على أنّ «الإرهابي السيد هو الرأس المدبِّر واللوجيستي في الوقت عينه لعملية رمضان الإرهابية، وهي أوّل عملية يخرج فيها حزام ناسف من عين الحلوة، فهو يملك أكثر من حزام ناسف، وقد قامت الفصائل الفلسطينية بإلقاء القبض عليه بطريقة لا يمكننا الكشف عنها، وسلّمته إلى القوى الأمنية عند مدخل عين الحلوة»، مشيراً إلى أنّ «حادث تسليم الإرهابي السيد ليس تفاوضاً مع الفلسطينيين».
وإذ جزم اللواء ابراهيم بـ»أنّنا والفلسطينيون كنّا طرفاً واحداً في موضوع تسليم خالد السيد، الذي كان يخطّط لعمليات إرهابية من طرابلس وصولا إلى الجنوب»، لفت إلى أنّ «القوى الارهابية لا تنتظر فرصة لتفجير المخيّم، فخلال الثلاثة أشهر الماضية، قامت هذه القوى يومياً بعمليات لتفجيره من دون انتظار حادث كبير».
وتنفرد «اللـواء» بنشر أوّل صورة للموقوف السيد، وأخرى عن بطاقة هوية اللاجئين الفلسطينيين الخاصة به.
مخطّط الشبكة
مخطّط الشبكة كان يهدف إلى تنفيذ عمليات انتحارية في الضاحية الجنوبية من بيروت وصيدا والنبطية والجنوب وصولاً إلى الشمال، عبر تفجير مطاعم ومرافق عامة وشخصيات، وأنّ المنفّذين الإرهابيين والانغماسيين من الجنسية اليمنية، ومهمة السيد، كانت لوجستية بتزويدهم بالأحزمة الناسفة لتنفيذ تفجيرات رمضان الإرهابية، حيث اُفشِلّ المخطّط قبل وقوع الكارثة.
وقد تمكّن أحد ضبّاط الأمن العام من التواصل مع أفراد من المجموعة الإرهابية، مدعياً بأنّه ينوي الجهاد معهم، دون أنْ يعرفوا انتماءه، قبل أنْ يتم استدراجهم، وإلقاء القبض على 7 من أفراد «خلية الربيع»، اعترفوا بالمخطّط.

 

الاخبار :

لم يكد يمر شهر على تفكيك الخليتين المرتبطتين بتنظيم «داعش» الذي كان يعدّ لعمليات انتحارية وانغماسية تستهدف مطار بيروت الدولي ومطعماً في الضاحية الجنوبية وأهدافاً مدنية وعسكرية في بيروت وصيدا والنبطية وطرابلس، حتى أُمسِك فجر أول من أمس بالفلسطيني خالد مسعد (٢٩ عاماً)، المشهور بـ«خالد السيد»، المتهم بأنه العقل المدبر والمنسّق الرئيسي بين الخليتين الإرهابيتين. عملية التوقيف كانت مختلفة في الشكل هذه المرة.

ولو أنها أعادت إلى الأذهان عملية تسليم المطلوب بديع حمادة في عام 2002 الذي أدين بقتل ثلاثة جنود لبنانيين، والذي كان ينتمي إلى تنظيم القاعدة. أُعدِم حمادة حينذاك، لتسوء العلاقة بين عصبة الأنصار التي سلّمته، وبين تنظيم القاعدة، قبل أن يجمعهما القتال في العراق ضد الاحتلال الأميركي. أكثر من 7 سنوات مرت، لتعود العصبة وتُعلن أنها ترفض أي مساس بالأمن اللبناني، وأن أولوية الفصائل الفلسطينية يجب أن تكون فلسطين. حينذاك، لعبت حركة حماس وحزب الله واللواء عباس ابراهيم (كان لا يزال مديراً لاستخبارات الجيش في الجنوب)، دوراً مركزياً في حض العصبة على إعلان هذا التحول من فصيل متهم بإيواء «الإرهاب»، إلى ضمانة لأمن المخيم وعلاقته بالجوار. ورغم ذلك، فإن أي متهم بارز بالإرهاب لم يُسلّم إلى الدولة اللبنانية، منذ بديع حمادة، حتى خالد السيد.


 

 


ورغم موجة الإرهاب التي ضربت لبنان بعد اندلاع الحرب السورية، وسعي تنظيمَي «النصرة» و«داعش» لتوريط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالإرهاب، بقي «عين الحلوة» عصيّاً على محاولات توريطه. لكن حالة خالد السيد شكّلت حدثاً نافراً وتطوراً خطيراً، فيما لو ثبتت الشبهات بحقه. فللمرة الأولى، يجري الإعداد، من عين الحلوة، لعمليات إرهابية تستهدف إيقاع خسائر هائلة بالأمن اللبناني، وبأرواح المدنيين. قبل خالد السيد، كان ثمة ما يشبه «ميثاق الشرف»: «من يدخل المخيم فهو آمن، مهما كان تاريخه، لكن شرط أن يكفّ عن تهديد الأمن اللبناني».

 
  |   عدد القراء: 1357
 

مقالات ذات صلة

 
 
ارسل تعليقك على هذا المقال
 
الإسم الكامل *
 
 
البريد الإلكتروني*
 
 
التعليق*
 
 
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع