المنطقة تغلي على نار حامية ولبنان في دائرة الخطر

 

المستقبل :

أعلنت الولايات المتحدة أن نظام الأسد استجاب للتحذير الأميركي من مغبة إقدامه على استخدام السلاح الكيميائي في هجمات على المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة.

وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس إن النظام السوري استجاب في ما يبدو لتحذير واشنطن من شن أي هجوم جديد بالأسلحة الكيميائية، لأنه لم يُقدم على هذه الخطوة.

وأوضح ماتيس للصحافيين المسافرين معه إلى بروكسل لحضور اجتماع لوزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي، «يبدو أنهم أخذوا التحذير على محمل الجد... لم يفعلوه».

وردّاً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن النظام السوري ألغى تماماً هذا الهجوم قال «أعتقد يجدر بك أن تسأل (بشار) الأسد هذا السؤال».

وقال مسؤولون أميركيون إن البيت الأبيض أصدر هذا التحذير للقيادة السورية استناداً إلى معلومات مخابراتية عما بدا أنه استعدادات نشطة في قاعدة جوية سورية استخدمت في هجوم من هذا النوع في نيسان الماضي، تنفي دمشق قيامها بتنفيذه.

ولم يتحدث ماتيس بشكل مباشر عن معلومات المخابرات الأميركية بشأن مطار الشعيرات، لكنه قال إن تهديد الأسلحة الكيميائية أكبر في هذا الموقع منه في أي موقع واحد. وأضاف «أعتقد أن برنامج الأسد الكيميائي يتجاوز مطاراً واحداً».

وقال مسؤول أميركي على صلة بالمخابرات إن ضباط المخابرات الأميركيين وآخرين من دول الحلفاء حددوا مواقع عدة يشتبهون في أن النظام السوري يستخدمها لإخفاء أسلحة كيميائية مصنوعة حديثاً بعيداً عن أعين المفتشين

وقال مسؤول آخر مرتبط بالمخابرات إن المعلومات المخابراتية التي دفعت الإدارة الأميركية لتحذير دمشق «ليست قطعية. لم تقترب من القول إن هجوماً بأسلحة كيميائية سوف يحدث».

وقال المسؤول إن الولايات المتحدة نقلت التحذير إلى روسيا عبر «قناة عدم الاشتباك» التي يستخدمها البلدان لتفادي وقوع اشتباكات في المجال الجوي السوري، لكن لا يوجد دليل يُثبت أن التحذير منع وقوع هجوم كيميائي.

ولم يعلق جيش النظام ولا وزارة الخارجية على تحذير البيت الأبيض برغم أن قناة الإخبارية التي يديرها قالت إن المزاعم ملفقة.

ونددت روسيا بالتحذير ورفضت تأكيدات البيت الأبيض بأنه يجري التحضير لهجوم كيميائي باعتبارها «غير مقبولة»، مما زاد من التوترات بين واشنطن وموسكو بشأن الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده سترد بكرامة وبشكل متناسب إذا اتخذت الولايات المتحدة إجراءات استباقية ضد قوات الحكومة السورية.

وفي تصريح صحافي قال لافروف إنه يأمل ألا تستخدم أميركا معلومات سرية عن تخطيط سوريا لهجوم كيميائي «ذريعة لأعمال استفزازية» في سوريا.

كذلك أبلغ نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف رفض بلاده أن تتخذ الولايات المتحدة تحركات منفردة في سوريا. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عنه قوله إن التأكيدات الأميركية تعقّد محادثات السلام السورية.

وفي واشنطن قالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنقذ حياة الكثير من السوريين.

وصرحت السفيرة خلال جلسة استماع في الكونغرس أن حزم ترامب أنقذ أرواح الكثير من الأبرياء في سوريا. وقالت رداً على سؤال بشأن الهجمات الكيميائية في سوريا خلال الجلسة التي عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب «بفضل حزم الرئيس ترامب لم نشهد هجوماً كيميائياً».

وأضافت «بفضل تصور الرئيس الذي واجه الأسد وذكر إيران وروسيا، أمكن حفظ أرواح كثيرة».

وفي السياسة، تبحث الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار بسوريا في مؤتمر «آستانة 5» المنتظر انعقاده الأسبوع المقبل، ملف نشر قوات مراقبة لـ«مناطق خفض التوتر» التي أعلن التوافق عليها في مؤتمر «آستانة 4» قبل نحو شهرين.

وقال القيادي بالمعارضة السورية المفاوض في وفدي آستانة وجنيف فاتح حسون، إن اجتماع آستانة «سيركز على المباحثات المستمرة الجارية بين الضامنين التركي والروسي، وما ينتج عنهما من طروحات تشارك الفصائل العسكرية بها لكون الضامن التركي يترك مجال الموافقة والرفض والتعديل للفصائل».

وحول موقف المعارضة من طرح نشر قوات إيرانية في محيط دمشق وفق ما تسير به المفاوضات، قال إن المعارضة «لم ولن ولا تقبل بذلك».

وعن بدائل القوات الإيرانية، أفاد أن «الرفض يعني طلب قوات من دول أخرى، وهناك فرق بين ما تطلبه وبين ما يمكن تحقيقه، لذا نحن غير موافقين على أي دور لإيران في سوريا». وتساءل «ولكن هل سنستطيع تحقيق ذلك؟ (تغييب الدور الإيراني) هذا ما نتمنى مساعدتنا عليه من الجهات الداعمة للثورة السورية».

 

الديار :

 

خلف الغبار الكثيف الناجم عن الازمات الكثيرة التي تشغل اللبنانيين وتستنزف طاقاتهم وأعصابهم، تنشط واحدة من أخطر السرقات «العقارية» وأكبرها كلفة على الدولة والمواطن في آن واحد.
من الشمال الى الجنوب مرورا بالبقاع ومناطق أخرى، يجري العبث بمساحات واسعة من المشاعات والاملاك العامة، تحت شعار المسح المفترض، في جريمة موصوفة تهدد بتداعيات وطنية واجتماعية، ما لم يتم قبل فوات الاوان تدارك هذه الاستباحة للارض والحقوق، من قبل مافيا منظمة، تضم بعض المساحين وعددا من المخاتير والنافذين والموظفين الرسميين في ادارات رسمية ودوائر عقارية!
والخطورة في الامر، ان هذا العبث المتمادي يشمل مئات ملايين الامتار من الاراضي، على امتداد الجغرافيا اللبنانية خارج بيروت وجبل لبنان، بل ان الوقاحة بلغت حد وضع اليد على جبال وغابات سنديان ومنحدرات ومجاري انهر، هي املاك عامة لا يحق لأحد التصرف بها، لكنها تحولت، او تكاد، بفعل سحر ساحر الى ملك خاص لاشخاص متنفذين استطاعوا عبر الرشى والعلاقات العامة تغيير طبيعة الملكية وتطويعها..
وتلك المساحات هي في العادة متنفس بيئي وانمائي، حيث يمكن للدولة الاستفادة منها لاقامة مشاريع معينة، وبالتالي فانها تشكل «احتياطا استراتيجيا» من الاراضي، لا يجوز التفريط به او السماح بمصادرته، فكيف بقوننة هذه المصادرة.
وهذا النوع من «الاعتداءات البرية» هو اسوأ وأخطر بكثير من التعدي المزمن على الاملاك البحرية التي لم تتنازل الدولة عنها حتى الآن، برغم الامر الواقع السائد منذ عشرات السنوات على طول الشاطئ اللبناني، بل ان المطروح هو ان يجري تغريم اصحاب المخالفات والزامهم بدفع الرسوم الضرورية من دون اي تعديل في الملكية الرسمية للمساحات المقتطعة، في حين ان بعض «المتمددين» الى الاملاك البرية العامة نجحوا في الاستحصال على سندات ملكية موقعة من القضاء العقاري، بعدما تمكنوا بنفوذهم المعنوي وقدراتهم المالية من اسكات اي صوت اعتراضي، ما يعني «شرعنة» سرقاتهم وتكريسها، بدل ملاحقتهم ومحاسبتهم. 
كما ان المسح المحلي الذي نُفذ  في العديد من القرى والبلدات، لتحديد الملكيات الخاصة وترسيم الحدود العقارية، أدى الى نشوب نزاعات عائلية حادة، وحصول تداخل في الاراضي والحقوق، نتيجة استنسابية المسّاحين وافتقار عملهم الى المعايير المهنية الواضحة التي حلت مكانها فنون المقايضة والمساومة، على قاعدة: من يدفع أكثر، تكون منفعته أكبر.
وتضج مناطق كثيرة في الأطراف باخبار وحكايات حول الابتزاز المالي الذي يمارسه بعض هؤلاء على المواطنين، حتى بات شائعا بان المسح المعتمد اصبح كدجاجة تبيض ذهبا، من دون ان تنجح «ديوك» القضاء والدولة، لغاية الآن، في لجم هذه الظاهرة المتفشية.
ولا مبالغة في القول ان هناك مساحين قبضوا بشكل غير شرعي مبالغ طائلة من الاهالي، تراوحت احيانا بين 20 و35 مليون دولار في البلدة الواحدة، بحيث بات يحكى عن مجموع اجمالي من «السمسرات» و«الخوات»  الجانبية يبلغ مئات ملايين الدولارات التي تسربت الى جيوب المنتفعين، في مقابل بيع «الاوهام» وإقناع الناس بتقديم تسهيلات لهم واتمام ملفاتهم في الدوائر الرسمية.
والمفارقة ان السلطة كانت قد خصصت في الاساس مبلغ 40 مليار ليرة، بموجب قانون برنامج، للشركات التي تعهدت المسح، بعدما تقرر عام 2007 اجراء مسح شامل للاراضي، الامر الذي دفع احدى الشخصيات السياسية الى القول: من الغرائب والعجائب في لبنان ان الدولة تمول من خزينتها سرقة المال العام!
ويروى، على سبيل المثال، ان هناك مغتربا في بنت جبيل طُلب منه مبلغ 30 ألف دولار لانجاز ملفه العقاري، قبل ان تنخفض النسبة الى قرابة الالف دولار فقط، بعد تدخل أحد العارفين ببواطن اللعبة واسرارها. كما ان احدى الدعاوى المرفوعة امام النيابة العامة المالية تتعلق بملايين الدولارات التي «سُحبت» من المواطنين في منطقة معينة باسم مساعدتهم.
وعلى الرغم من ان قيادتي حركة امل وحزب الله والقوى السياسية الاخرى رفعت الغطاء السياسي عن اي متواطئ وشريك في هذه السرقة الموصوفة، ومع ان وزير المال علي حسن خليل حوّل العديد من الملفات الى القضاء المختص لاجراء المقتضى بالمخالفين، ورئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله رفع الصوت عاليا في مواجهة «مافيا المسح»، إلا ان هذه المشكلة لم تنته ولا تزال تتفاعل على اكثر من مستوى ومنطقة.
ومؤخرا، أعاد النائب فضل الله تسليط الاضواء الكاشفة على هذه الفضيحة، سواء خلال مناقشات لجنة المال والموازنة لمشروع الموازنة او عبر الاطلالات الاعلامية، بعدما استشعر حزب الله بتفاقم عوارض الازمة وتداعياتها.
وإزاء هذا الواقع، طرح مصدر نيابي بارز التساؤلات الآتية:
- لماذا يأخذ المسّاحون مالا من الناس ما دام ان هناك موازنة رسمية مخصصة لهم؟
- لماذا لا يسلمون خرائط المسح التي ينجزونها الى البلديات، وهل السبب يكمن في محاولتهم التغطية والتمويه على مخالفاتهم؟
- لماذا لا توجد مهلة زمنية محددة لانجاز المسح، الى درجة ان بعض المسوحات مضى عليها عشر سنوات، ولم تكتمل بعد؟
-لماذا لم تتضمن مناقصة تلزيم المسح سقفا زمنيا لاتمام المهمة، الامر الذي افسح في المجال امام اصحاب المصالح للتسويف والتمييع، من دون رقيب ولا حسيب، للحصول ما أمكن من مكاسب غير مشروعة؟
- ولماذا يتأخر القضاء في وضع حد لهذه المافيا العقارية المنظمة التي تستبيح حقوق الناس والدولة على حد سواء؟
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 فضل الله: انها قضية وطنية


وقال رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله لـ «الديار» ان هذه القضية وطنية بامتياز، وهي عابرة للطوائف والمذاهب والجغرافيا، وبالتالي فانها تعني جميع المناطق وتمس حقوق جميع اللبنانيين القاطنين في المناطق المعتدى عليها. ويضيف: قد تكون المشاعات باسم الدولة والبلديات على الصعيد الاداري الا ان ملكيتها الوطنية تعود الى الاجداد والآباء والابناء والاحفاد، ولا يحق لاحد ان يضع يده عليها.
ويشدد فضل الله على ان من مسؤولية اي مواطن او مختار او رئيس بلدية او نائب او وزير ان يتصدى لهذا العبث وان يبلغ القضاء عن كل اعتداء او مخالفة للقانون، وعلى القضاء بدوره ان يكون حازما وجادا في المتابعة وان يبادر ولا يكتفي بتلقي الشكاوى، ونحن ندعوه الى ان يضرب بيد من جديد وألا يتهاون مع كل متورط ايا كان انتماؤه ووضعه وموقعه وحزبه ومذهبه ولا يجوز ان يكون احد خارج المساءلة، وليبدأ القضاء من المنطقة التي يريدها.
وحول سر تحريك هذه القضية في هذا التوقيت بالذات، يوضح فضل الله ان هناك اعتبارين وراء تحريكها الآن، الاول يتعلق بمناقشة مشروع الموازنة في لجنة المال والموازنة والثاني يتصل بالمباشرة في احالة المخالفات الى القضاء العقاري اضافة الى اكتشافنا ان بعض الذين استحوذوا بقوة صرف النفوذ على مشاعات بدأوا بالحصول على سندات تملك لها.
 

 موقف القضاء


وسألت «الديار» مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود عن موقف القضاء مما يجري، فاجاب: عند تبلغنا بأي اخبار او شكوى، نتحرك على الفور ونتخذ الاجراءات اللازمة، وبالتالي فان كل قضية من هذا النوع تأخذ مجراها الطبيعي وتخضع الى التحقيق المطلوب. 
ويضيف: علي سبيل المثال، شاهدت امس الاول تقريرا على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال حول وضع اليد على جبل في احدى المناطق، فاتصلت فورا بالمدعي العام المالي وطلبت منه مباشرة التحقيقات في هذه القضية.
ويؤكد حمود ان القضاء يبادر تلقائيا الى تأدية واجباته في مواجهة اي تعد على المال العام.
وفي سياق متصل، قال المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لـ «الديار» انه يتابع ملف سرقة المشاعات والاملاك العامة والتحايل على المواطنين في مسألة المسح، لافتا الانتباه الى انه سبق له ان ادعى على العديد من المخاتير والمسّاحين، كما هدمنا بعض المخالفات وختمنا أخرى بالشمع الاحمر. ويتابع: من أحدث التدابير التي اتخذناها توقيف شخص من بلدة سحمر في البقاع الغربي لانه رفض ازالة مخالفة، وهناك قضايا اخرى ما أزال أعمل عليها.
وينفي ابراهيم وجود اي استرخاء او تقاعس في ملاحقة المخالفين، مؤكدا عدم وجود حمـايات سياسية لهم في اي مكان. 
ويوضح ابراهيم انه يتحرك فورا عندما يصله اي اخبار او يبلغه الدرك بحصول تجاوز محدد، مشددا على انه يلاحق الموضوع حتى النهاية من دون تهاون او تساهل، بمجرد ان يعرف به، ولكن هناك امور لا نعرف بها..
ويكشف ابراهيم عن انه اعطى المخالفين في بلدته الوردانية (اقليم الخروب) مهلة لازالة مخالفاتهم في المشاعات تحت طائلة ملاحقة من يمتنع عن ذلك، مضيفا: إذا كنت أتصرف بهذه الطريقة في بلدتي من دون ان اراعي حساسية الانتماء، فكيف في الاماكن الاخرى.. بالتأكيد لا مسايرة لمنتهكي حقوق الدولة والناس، وأنا أدعو اصحاب المخالفات الى ازالتها لئلا تتم ملاحقتهم ومحاسبتهم.

 

 

الجمهورية :

حرارة المناخ الصيفي المتزايدة يوماً بعد يوم، يبدو أنها ستلفح الكثير من الملفات الداخلية ولا سيما المعيشية منها او تلك المرتبطة بمالية الدولة، وترفع درجة سخونتها الى مستويات عالية قد لا تبقى محصورة ضمن حدود تلك الملفات، بل ربما تتخطّاها الى الشأن السياسي الذي يتصل مباشرة بها، ما يعني انّ نار الاشتباك مرشّحة الى الاشتعال مجدداً، وخصوصاً على حلبة سلسلة الرتب والرواتب الواقعة بين نارَي المطالبين بها والمعترضين عليها. وفي وقت بقي هاجس الفلتان الامني والفوضى واللصوصية يؤرق المواطن اللبناني، ويضع الدولة بكل مستوياتها أمام مسؤولية وضع حدّ له، كونه أصبح متنامياً بشكل خطير وعابراً لكل المناطق، أطلّ هاجس فلتان من نوع آخر تقوده «مافيات عقارية» تسطو على عقارات المواطنين و«تبلع» مشاعات الدولة.

يشكّل ملف السلسلة العنوان الأكثر سخونة الذي سيطرح على بساط البحث السياسي والنيابي والحكومي وكذلك الاقتصادي في الايام القليلة المقبلة. وفي موازاة إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج السلسلة كبند اوّل في جدول أعمال جلسة مجلس النواب المقبلة، دخلت الاطراف المستفيدة من هذا الموضوع والمتضررون منه الى حلبة الاشتباك المبكر، حيث استأنف المستفيدون تحركاتهم الضاغطة لإقرار السلسلة في مجلس النواب، وتهديداتهم بالنزول الى الشارع اذا كان مصير المناقشات النيابية هذه المرة على غرار ما جرى في السابق.

في وقت عادت الهيئات الاقتصادية الى توجيه التحذيرات من زيادة العجز في الميزانية، وتحميل المالية العامة ما لا قدرة لها على تَحمّله. وتتزامن هذه التحذيرات مع تحذيرات رديفة أطلقتها مؤسسة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني قبل ايام، في شأن دقّة الوضع المالي في لبنان، والذي يعاني ضغوطاً متنوعة.

هذا الجدل بين الطرفين، يقابله واقع آخر يتعلّق بالمواطنين وقدرتهم الشرائية. اذ يبدو انّ إقرار السلسلة سيكون مقروناً بفرض ضرائب ورسوم جديدة. وسيكون على الحكومة ان تقترح مشاريع قوانين جديدة لتمويلها على أن تحيلها الى المجلس النيابي.

كذلك تبرز إشكالية أخرى تتعلق بمستوى الرواتب في القطاع الخاص، اذ انّ الهيئات الاقتصادية المعارضة لإقرار السلسلة تقول انّ رفع الرواتب في القطاع العام، سيؤدي لاحقاً الى مطالبات برفع الرواتب في القطاع الخاص، في وقت تمرّ المؤسسات في أوضاع صعبة، وايّ زيادة في مصاريفها قد تقضي عليها وتؤدي بالتالي الى زيادة في نسب البطالة المتفشية.

ويبدو انّ بوادر هذا الامر ظهرت منذ اليوم، إذ اقترح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر ان يتمّ تصحيح الأجور في القطاع الخاص بالتزامن مع إقرار السلسلة.

في النتيجة، البلد على عتبة الدخول في دوّامة جديدة عنوانها كيفية ضمان حقوق الموظفين في القطاع العام، والحفاظ على القدرات الشرائية للمواطنين، وكيفية منع انهيار المالية العامة للدولة.

مافيا المشاعات

في هذا الوقت، تتعالى صرخات المواطنين في أكثر من منطقة لبنانية حول تنامي ما بات يسمّى بـ«الفلتان العقاري» التي تستغلّه مافيات تسيطر على مشاعات وملاك الدولة.

وعلمت «الجمهورية» انّ ثمة شكاوى عدة وردت الى مراجع سياسية وكتل نيابية من مناطق في الجنوب حيث تبلع «مافيات المسح» مساحات واسعة من هذه المناطق، وكذلك من البقاع والشمال وعكار (عدا الأقضية المسيحية الاربعة التي ينطبق عليها قانون مشاعات متصرفية جبل لبنان)، حيث أشار بعض المواطنين الى جبل بكامله «بَلعته» المافيات.

وتوضح مصادر المعلومات ما يجري، فتشير الى انّ الدولة لم تقم بمسح اراضي تلك المناطق منذ العام 1920، وهذه الاراضي كناية عن مشاعات للدولة وملكيّات للمواطنين، ومن هنا قامت مديرية الشؤون العقارية، منذ مدة بتلزيم شركات مساحة عملية مسح القرى في المناطق المذكورة لقاء 100 مليون ليرة للبلدة الكبيرة و90 مليون ليرة للبلدة الصغيرة.

تضيف المصادر: الشركات المذكورة تقاضت مئة مليون ليرة لقاء أتعابها، ولكن مع بدء عملية الفرز التي بدأتها بالتعاون مع المخاتير والاهالي، تبيّن انّ ملكيات المواطنين مثبتة بـ«حجج» قديمة، الأمر الذي استغلّه بعض تلك الشركات بالتواطؤ مع بعض المخاتير والنافذين في تلك المناطق، وبدأت تحدّد الحدود العقارية للملكيات لمَن يدفع اكثر، إذ انها وخلافاً للقانون أخذت تتقاضى مبالغ مالية من المواطنين القريبة أملاكهم من مشاعات الدولة، تتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف او اربعة آلاف دولار، الى أن وصلت المبالغ الى ملايين الدولارات.

حيث يتمّ المسح بناء على «الحجّة» القديمة فيقضم مئات الدونمات من املاك الدولة ويجري ضمّها الى المساحة المحددة قبلاً في الحجة المذكورة، ونتيجة لذلك ضاعت على الدولة آلاف الدونمات من المشاعات، توزّعت بين 200 دونم في إحدى القرى، و300 في قرية ثانية و500 في ثالثة تِبعاً لحجم الدفع.

والأسوأ من ذلك، كما تكشف المصادر، تعاطَت بعض الشركات المذكورة بطريقة ابتزازية مع بعض القرى، اذ انها أجرت عمليات المسح من دون ان تثبت «تنشئة المنازل» القائمة أصلاً على الاراضي الممسوحة، وهذا الأمر يرتّب أعباء مالية كبيرة على المواطنين لتثبيت تنشئة منازلهم، وثمّة نماذج فاقعة في الجنوب ولا سيما في بلدات الغندورية وكفردونين، ووادي الحجير حيث وضع البعض أيديهم على غابات ومساحات شاسعة من مشاعات الدولة، وكذلك في بلدة القوزح التي لم يسلم وقف الكنيسة فيها حيث تمّ السطو عليه وسجّل باسم بعض النافذين. والأمر نفسه حصل في فنيدق حيث تبلغت جهات نيابية بعملية سطو على جبل بأكمله مساحته عشرات آلاف الدونمات لصالح بعض النافذين.

وبحسب المصادر، فإنّ عنصر الخطورة الاضافي في الأمر يكمن في انّ الشركات تحجب المعلومات والخرائط التي تضعها عن البلديات، لأسباب غير معلومة، على رغم أنّ هذا المسح الذي أجرته قد أدى الى خلق مشكلات اجتماعية وإرباكات كبيرة في عدد من القرى وخلافات حادة بين الاهالي جرّاء قضم أملاكهم المعروفة تاريخياً وإلحاقها بأملاك آخرين كحق لهم، الأمر الذي رَتّب دعاوى كثيرة أمام القضاء المختص.

علماً انّ هناك بعض المتعهدين بأعمال المساحة التزموا قرى منذ مدة تصِل الى عشر سنوات ولم تنجز بعد، ومع ذلك لا أحد يسأل لماذا هذا التأخير، ومع ذلك يتمّ تمديد المهلة لهم مع دفع قيمة الاتعاب ذاتها في كل مرة.

من المسؤول؟

اذا كانت شركات المساحة المعتمدة أو بعضها هي المسؤولة عن هذا الفلتان، فإنّ مسؤولية منعه ووضع حدّ له تقع على الدولة بمؤسساتها ووزاراتها المعنية، وعلى وجه الخصوص وزارة الداخلية التي في مقدورها اتخاذ إجراءات رادعة في حق المخاتير والبلديات المتواطئة في هذا الفلتان، وتقع ايضاً على القوى السياسية النافذة في تلك المناطق التي تغمض العين أو تغطّي تلك الظاهرة.

واستفسرت «الجمهورية» وزارة المالية حول حقيقة ما يجري، فأكدت انّ اولوية الوزارة هي منع هذه الظاهرة، وهي تولي هذا الملف اولوية استثنائية. وانّ الوزير علي حسن خليل اتخذ في الآونة الاخيرة إجراءات رادعة بحق بعض المتورطين وأحال ثلاثة منهم الى التحقيق.

وعلم في هذا الاطار انّ هذا الملف وُضع مؤخراً في عهدة النيابة العامة المالية وكذلك النيابة العامة التمييزية، وجرى تواصل مباشر في هذا الشأن بين النائب حسن فضل الله وبين النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود اللذين أكّدا له إيلاء هذا الامر الاهمية الكبرى، وشدّدا على انّ في إمكان المواطنين المتضررين إقامة الدعاوى القضائية لاسترداد حقوقهم ومعاقبة المتورطين.

وقال فضل الله لـ«الجمهورية»: «نحن أمام قضية وطنية بامتياز، تتصل بأملاك الدولة وحقوق المواطنين. وسبق أن ناقشنا هذا الموضوع في لجنة المال عندما تبيّن انّ الحكومة زادت 15 مليار ليرة على قانون برنامج «التحديد والتحرير» لتلزيم شركات المساحة مَسح المناطق غير المشمولة بالمسح سابقاً».

أضاف: «تبيّن لنا انّ هناك مشكلات كبرى في هذا الملف جرّاء عدم التزام بعض المتعهدين الكثير من المعايير القانونية ودخول عوامل فساد حقيقية في هذا الملف، منها ما يتعلق بحقوق المواطنين ما سَيولّد مشكلات اجتماعية كثيرة، ومنها ما يتعلق بأملاك الدولة والتي تبيّن لنا انّ هناك من يضع اليد عليها من خلال تزوير المستندات او من خلال الرشاوى المالية لتسجيل هذه الاملاك لمنافع شخصية.

الخطورة في هذا الموضوع انّ التمَلّك بعد المسح يصبح بسندات رسمية بخلاف ما هو حال التعديات على الاملاك البحرية او على بعض المشاعات التي أنشأ عليها مواطنون منازل في السابق، لأنّ ملكية الارض هنا لا تزال للدولة».

وسئل فضل الله عمّا أوجب إثارة هذا الموضوع في الوقت الحالي وليس قبل الآن؟ فأجاب: «لقد سبق وأثرتُ هذا الموضوع في مؤتمر صحافي، اولاً لأنه مرتبط بمناقشة الموازنة العامة، وثانياً لأنّ شركات المساحة بدأت بتحويل ملفاتها الى القضاة العقاريين للبَتّ فيها ومن هنا رفعنا الصوت قبل أن يبتّ القضاة العقاريون بهذه الملفات ولمنع هذا الفلتان لا بل هذا الاعتداء الخطير».

ورداً على سؤال آخر قال: «هذا الملف هو خارج ايّ اعتبار سياسي، ونرفض ايّ تغطية لأيّ متورّط ايّاً كان، هذا أمر لا نقاش فيه، هو أمر يعني كل المناطق وبالتالي يفترض ان يتّخذ بحق المتورطين الإجراء القضائي اللازم وان يستعاد كل شبر أرض تمّ السطو عليه».

الملف السياسي

سياسياً، ظل القانون الانتخابي بنداً اساسياً في جدول البحث السياسي حول كيفية تطبيقه، والتحضيرات التي تجريها الأطراف للدخول في فضاء هذا القانون ومحاولة الحصول على أجوبة وتوضيحات حيال بعض التفاصيل التي ما زالت غامضة فيه.

ويتزامن ذلك مع تقديرات سياسية حول مباشرة وزارة الداخلية الإعداد في فترة غير بعيدة لإجراء انتخابات فرعية لملء المقعد الماروني الشاغر في كسروان والمقعدين الارثوذكسي والعلوي الشاغرين في طرابلس، وهو ما أشار اليه بري أمام وفد نقابة الصحافة قبل ايام.

وقد يكون هذا الموضوع من ضمن جدول اعمال اللقاء الاسبوعي الذي سيعقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يزور القصر الجمهوري اليوم.

«القوات»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ «خريطة الطريق المطلوب اعتمادها اليوم، أي بعد إقرار قانون الانتخاب، يجب ان تكون مثلّثة الأضلاع:

الضلع الأول، الحفاظ على الاستقرار السياسي وتحصينه من خلال تحييد لبنان وإبعاده عن سياسة المحاور في مرحلة تشهد تحولات وتغييرات من الأفضل للبنان أن ينأى بنفسه عنها، خصوصاً انّ السياسة الحالية أثبتت جدواها وأدّت إلى انتظام عمل المؤسسات وجَنّبَت لبنان التعطيل، ولا مصلحة لأحد في جَرّ لبنان إلى انقسامات ومتاهات تدفعه إلى الانزلاق نحو الفوضى.

الضلع الثاني، الإنكباب على الملفات الحياتية للخروج بإنجاز أو أكثر على غرار الإنجازات السياسية وفي طليعتها قانون الانتخاب، خصوصاً انّ تداعيات الانكماش الاقتصادي كانت آثاره سلبية على البلد وأهله.

الضلع الثالث، التهيئة للانتخابات وصولاً إلى مجلس نواب جديد يعكس للمرة الأولى منذ العام 1990 التوازنات السياسية الفعلية في البلد، ويمهّد لتأليف حكومة على أساس التوازنات النيابية تساهم في تدعيم مؤسسات الدولة، وتطلق دينامية وطنية جديدة».

ورأت المصادر «أنّ التجربة أثبتت انّ مساحة الإنجاز ممكنة في ظل التوازنات الجديدة القائمة، وبالتالي لا يجب هدر الوقت، بل الانكباب على العمل تحقيقاً لمزيد من الإنجازات بعيداً عن الثقافة التيئيسية المعلومة الأهداف».

 

 

اللواء :

شبح «الحرب الباردة» بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي، يلقي بظلاله على الأوضاع في سوريا واللاعبين على مسرح الحرب الميدانية فيها، ومنها لبنان، المنشغل بتتبع المعلومات عمّا إذا كانت واشنطن ومعها تل أبيب معنية بصيف ساخن، بدءاً من تحريك الكلام عن عزم النظام السوري اللجوء إلى الأسلحة الكيميائية ضد خصومه، أو تحريك جبهة الجولان امتداداً إلى جبهات أخرى في الجنوب أو البقاع الغربي.
وإذا كان الرئيس نبيه برّي كشف عن استعداد الأمم المتحدة للقيام بدور في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل فإن ضابطاً اسرائيلياً كبيراً في جيش الاحتلال قال لموقع «المونيتور» طالباً عدم كشف هويته: «لدينا أزمة مروعة مع «اليونيفل» الآن».
وقال: كان من المفترض ان تكون اليونيفل جهاز إنفاذ لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ولكنها أصبحت ورقة تين لهذا القرار.
واتهم الضابط الاسرائيلي اليونيفل بأنها «تبيض نشاط حزب الله على الخط الأزرق وتخدم ذريعة لحزب الله والحكومة اللبنانية لانتهاك قرار الأمم المتحدة وتصعيد التوترات على طول الحدود».
وقال: «لم نعد بحاجة إلى هذه القوة هنا لفترة اطول ومن الأفضل البقاء مع وحدتي التنسيق والاتصال فقط».
وبالتزامن مع هذه الحملة الإسرائيلية على اليونيفل تبحث لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يحث الاتحاد الأوروبي على وضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو المشروع الذي قدمه النائب الديمقراطي ثيودور ديوش، معتبراً انه لا يكفي تصنيف الجناح العسكري لحزب الله ارهابياً، بل يجب ان يشمل هذا التصنيف حزب الله ككل.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «Washington wire» أن جلسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في الكونغرس الأميركي شكلّت زخما للجهود الجارية الرامية الى حصول جولة ثانية من العقوبات تستهدف المؤسسات المالية اللبنانية وغيرها من المؤسسات المالية الاجنبية التي لها صلات مزعومة بـ»حزب الله».
واستبعدت مصادر بارزة في لجنة الكونغرس إدخال تغييرات هامة على مشروع العقوبات الجديد.
ولفتت الى انه من المرجح المتابعة في عملية التشريع في أوائل الخريف المقبل، نظراً للعطلة السنوية للكونغرس الأميركي في تموز وآب المقبلين، والتي قد تترافق مع زيارة مرتقبة لحاكم مصرف لبنان إلى واشنطن في إطار تحرك لبناني رسمي رفيع المستوى لمعالجة الوضع قبل إقرار العقوبات.
لقاء عون – الحريري
على وقع هذه المعطيات الإقليمية المقلقة، تستعيد الحركة السياسية زخمها الطبيعي تدريجياً، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، وأن بقيت «خجولة» بعض الشيء بسبب بقاء عدد من المسؤولين السياسيين في الخارج، وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي يتوقع ان يعود إلى بيروت خلال الساعات المقبلة، فيما عاد الرئيس برّي وعقد على عجل لقاء لم يكن مرتقباً، للقاء الأربعاء النيابي، والذي شكل عودة أولى معالم الحركة السياسية في البلد، خصوصاً وانه رسم عناوين المرحلة، وهي الانصراف إلى معالجة قضايا النّاس الحياتية والمعيشية، مستفيداً من حالة التوافق السياسي التي كرستها «وثيقة بعبدا» بعد التوافق على قانون الانتخاب.
ولفت الرئيس برّي، خلال اللقاء، إلى ان المجلس مقبل على ورشة عمل في إطار درس وإقرار المشاريع واقتراحات القوانين لا سيما الحيوية والملحة منها، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب، موضحاً انه بعد درس لجنة المال للموازنة سيُصار إلى ادراجها على جدول اعمال الهيئة العامة لمناقشتها واقرارها، الا انه لم يُحدّد مواعيد معينة، وإن كان النواب توقعوا ان تعقد الجلسة التشريعية في موعد اقصاه الخامس عشر من تموز المقبل.
وكشف الرئيس برّي ان الأمم المتحدة أبلغت انها مستعدة لرعاية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، تمهيداً لبدء مرحلة استكشاف واستخراج الثروة النفطية من أعماق البحار.
وفي تقدير مصادر نيابية، وبينها عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» آلان عون، ان عدم تحديد موعد لجلسة إقرار السلسلة يعود إلى مجموعة عوامل، وبينها ضرورة خلق الظروف الموضوعية لها قبل وضعها على جدول الأعمال، ومنها التفاهم على كيفية تمويلها ودرس كلفة التداعيات الاقتصادية على النسيج المجتمعي اللبناني.
وقالت مصادر رسمية لـ«اللواء» انه ما لم تتأمن الأموال اللازمة لتغطية كلفة السلسلة فإن اقرارها مستبعد في المجلس النيابي، وذكرت في هذا السياق بـ21 مصدراص للتمويل مثل زيادة 1 في المائة على T.V.A بحيث الضريبة على القيمة المضافة 11 في المائة وزيادة 2 في المائة على المعاملات المصرفية.
ومع ذلك، فإن مصادر وزارية قريبة من العهد، ما تزال تعتقد ان التوافق الراهن بين أركان السلطة، لا بدّ ان يكون عاملاً مساعداً في إقرار موازنة العام 2017 والسلسلة، من ضمن الاتفاق على تفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، وايضاً في معالجة الإشكالات القائمة حول ملف تلزيم بواخر توليد الكهرباء وذلك انطلاقاً من إقرار الرؤساء الثلاثة بعزل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية عن التباينات والخلافات السياسية وإنجاز ما تبقى من ملفات عالقة كالتعيينات والتحضير جدياً لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها، برغم التشكيك الحاصل في اجرائها بسبب ثغرات في قانون الانتخاب واللغط حول البطاقة الانتخابية الممغنطة.
وفي هذا الإطار، رجحت بعض المصادر ان يزور وزير الداخلية نهاد المشنوق قصر بعبدا اليوم، لاطلاع الرئيس عون على آخر المعطيات التي توفرت لدى الوزراء بخصوص البطاقة الممغنطة ومدى جهوزيتها قبل موعد الانتخابات النيابية في أيّار من العام 2018.
ووفقاً لما اشارت إليه «اللواء» أمس، فقد رجحت مصادر وزارية انعقاد اللقاء بين الرئيسين عون والحريري اليوم الخميس في قصر بعبدا من أجل التفاهم على بنود جدول أعمال مجلس الوزراء المقبل الذي يرجح ان يعقد بين الأربعاء أو الخميس.
ولاحظت المصادر انه من الطبيعي جداً ان يعقد الرئيسان عون والحريري مثل هذا اللقاء بعد عودة الأخير من الخارج، خاصة وانه يعود للرئيسين تقرير الملفات التي سيتم ادراجها على جدول الأعمال. ومع العلم ان هناك ملفات سيتم التوافق على تحريكها، لا سيما تلك المتصلة بالتعيينات والمراسيم التنظيمية للقوانين التي ستصدر أو التي صدرت منذ فترة ولم تنفذ، بحسب ما لفت إليها الرئيس برّي في لقاء بعبدا، وقال ان عددها يفوق الأربعين قانوناً.
وقالت المصادر الوزارية أن وثيقة بعبدا 2017 ستكون حاضرة في المباحثات لجهة التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق حوله تباعا وليس دفعة واحدة في حين أن مجلس النواب من جهته يحرك ما يقع ضمن صلب مهامه.
وتوقعت المصادر أن تساهم عودة الحريري في تحريك أعمال اللجان الوزارية التي يترأسها لمتابعة عدد من المواضيع، ومنها دراسة إمكان تحديد مواعيد لعقد جلسات لمجلس الوزراء في المناطق اللبنانية كافة في إطار تحريك عجلة الإنماء في هذه المناطق.
ملف التعيينات
وبالنسبة لملف التعيينات الإدارية، والذي سيكون مفصولاً عن التشكيلات الدبلوماسية والقضائية، أوضحت وزيرة التنمية الإدارية عناية عز الدين لـ«اللواء» ان ليس لديها أي معلومات جديدة حوله، وموعد طرحه على مجلس الوزراء، لكن مصادر معنية لفتت إلى ان هناك مراكز مفصلية ما زالت شاغرة في الفئتين الأولى والثانية لا سيما بالنسبة لتعيين رؤساء مجالس إدارة المستشفيات الحكومية، ورئيس مجلس إدارة هيئة الطيران المدني، وهو مركز أساسي وحسّاس ويعتبر من الأولويات في التعيينات.
وعما إذا كانت آلية التعيينات ستتبع في الحركة الجديدة، أوضحت المصادر ان بعض التعيينات التي أجرتها الحكومة سابقاً، لم تتبع الآلية المعتمدة، مشيرة إلى ان هذا الأمر من حق الحكومة، وهو غير مخالف باعتبار ان آلية التعيينات ليست صادرة بقانون، بل بقرار حكومي، والقرار يمكن الغاؤه بقرار آخر، ورأت ان السياسة عادة هي من يتحكم بملف التعيينات وليست الآلية بحد ذاتها.
ومع ذلك، اشارت المصادر إلى ان هناك ملفات جاهزة لعدد كبير من المراكز الشاغرة موجودة في وزارة التنمية الإدارية، وهي تحتاج فقط لأن تطرح على مجلس الوزراء للبت فيها، واتخاذ القرارات المطلوبة بشأنها بعد ان خضع أصحاب هذه الملفات لما هو متوجب منهم بشكل قانوني.
خطاب نصر الله
في غضون ذلك، بقي خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في «يوم القدس العالمي» في آخر جمعة من شهر رمضان، يتفاعل في الأوساط السياسية، ولا سيما تلويحه باستقدام مئات ألوف المقاتلين لمحاربة إسرائيل على الأرض اللبنانية، ورأت فيه مصادر في «القوات اللبنانية» بأنه «يزعزع كل المناخ الإيجابي الذي شهده لبنان منذ انتخاب الرئيس عون وتأليف الحكومة إلى اليوم».
وإذ تساءلت المصادر عن الأسباب التي تدفع حزب الله في هذه المرحلة تحديداً إلى هزّ الاستقرار على أبواب صيف واعد، اعتبرت ان فتح الحدود امام الغرباء الأجانب يُشكّل انتهاكاً للسيادة والدستور وتجاوزاً للحكومة المؤتمنة ورئيس البلاد على حماية الحدود وامتلاك القرار الاستراتيجي في الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل وغيرها، وبالتالي لا يحق لأي فريق التفرد بقرارات تنعكس نتائجها على كل الشعب اللبناني.
وفي السياق، كشفت مصادر تدور في فلك 14 آذار ان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع اثار خلال اللقاء التشاوري في بعبدا مسألة سلاح حزب الله الا ان الرئيس عون تمنى إبقاء الموضوع جانباً حفاظاً على الجو التضامني داخل الحكومة، خصوصاً وأن الاجتماع مخصص لتفعيل عملها، وهكذا كان.

 

الاخبار :

الحرب التي تشنّها السعودية ــــ مع مصر والإمارات ــــ ضد قطر، لن تنتهي قريباً. هذا، على الأقل، برنامج عمل الفريق الراغب في تطويع قطر وتحويلها الى بحرين ثانية. وحتى قبل أيام قليلة، قال أولاد زايد لضيوف عرب إنهم أعدّوا عمداً لائحة المطالب الصعبة، حتى لا يكون بالإمكان التوصّل الى حلّ قريب، وإن أبو ظبي والرياض تضمنان عدم حصول تدخل أميركي كبير خلال الفترة القريبة المقبلة.

السؤال عمّا يريده هؤلاء من قطر لا يحتاج الى جهد كبير للإجابة عنه. فهم يقولون صراحة «إن المسألة لا تتعلق بتحقيق مطلب من هنا أو مطلب من هناك. المطلوب انصياع قطري كامل، ووضع مقدرات الدوحة المالية والاعلامية والسياسية في خدمة المشروع الذي يقوده المحمدان، ونقطة على السطر». وبحسب زوار أبو ظبي، فإن قيادة قطر تعرف هذا الامر، وهي تحاول أن تحلّ المشكلة بتقديم تنازلات شكلية. لكن الرياض وأبو ظبي والقاهرة لا تقبل بتسويات كالتي حصلت.
طبعاً، في هذه العواصم من يناقش المدة الزمنية ونوعية الضغوط المطلوبة. وهم يفكرون، بجنون غير مسبوق، في أنه سيصار الى جعل قطر تنفق أموالها ثمن حليب للأطفال، وأن عملتها الوطنية ستتدهور، ومشاريعها العملاقة ستتجمّد، وأنها ستنقطع عن العالم، وسيدفع المتضامنون معها أثماناً كبيرة، وأن عواصم كثيرة في المنطقة والعالم ستضطر الى الاختيار بينها وبين كل الخليج.
لكن، على ماذا يعوّل هؤلاء؟
بحسب استنتاج بعض الزوار، فإن ابن زايد وابن سلمان يتحدثان، براحة تامة، عن الموقف الاميركي. بل أكثر من ذلك، يعتقدان بأن واشنطن ستكبح جماح أي محاولة أوروبية للتدخل، وأن الرئيس دونالد ترامب تعهّد بالسير في هذا المشروع، وأن ما ستحصل عليه الولايات المتحدة لاحقاً سيفوق ما حصلت عليه خلال زيارة ترامب الاخيرة للرياض. لكن المفاجئ أن المسؤولين الاماراتيين يتحدثون، باستخفاف، عن معارضة جهات أميركية وأوروبية للخطوة. ويتصرف هؤلاء على أن هذه الأصوات مجرد احتجاجات لن تؤثر في جوهر قرار الادارة الاميركية الموافق على تطويع قطر في أسرع وقت ممكن.


 


على أن الكلام عن العقوبات يكاد يكون خيالياً عندما يبدأ السرد: كل عربي أو أجنبي يعمل في دول الخليج سيكون عليه، قريباً، الاختيار بين عمله في السعودية والامارات وبين عمله في قطر. وكل شركة أجنبية عليها الاختيار بين عقودها مع أبو ظبي والرياض والدول التي تحت رعايتهما، وبين عقودها مع قطر. وعلى كل فرد عربي أو أجنبي الاختيار بين جواز سفر خال من أيّ أختام قطرية أو عدم دخول بلاد الخليج الاخرى. والامر نفسه يتعلق بالمجموعات المسلحة الناشطة في سوريا والعراق وليبيا، حيث تعرض أبو ظبي تغطية أي عجز ينتج من قطع هؤلاء علاقاتهم بقطر. ويصل الامر حدّ تحذير المواطنين الذين تربطهم علاقات قربى وعمل بأن عليهم التعوّد على نسيان قطر، وأن إجراءات منع التضامن مع الدوحة غير قابلة للتراجع. ووصل الامر في أبو ظبي، مثلاً، الى حدّ أن المواطنين باتوا يخشون أن تصل الى هواتفهم رسائل أو فيديوات أو نصوص تتضامن مع قطر، حتى يخال المرء أن حرباً مقدسة واقعة هناك، وأن القطريين يمثلون تهديداً وجودياً لدول الخليج الاخرى.
أما عن احتمال حصول قطر على دعم إيراني وتركي، فإن أنصار المحمدين يعتبرون ذلك خطوة تصبّ في سياق حملتهما ضد قطر، وسيتم تثبيت اتهام قطر بأنها «عميلة» لأنقرة وطهران. وبالتالي، لن يساعد ذلك قطر في الغرب، بل سيعقّد أمورها أكثر، وستشعر تركيا وإيران، مع الوقت، أن ليس في مصلحتيهما تبنّي المصلحة القطرية على حساب العلاقات مع بقية دول الخليج.
طبعاً، لا يتوقف هؤلاء أمام الوضع الداخلي في قطر، وما يسود الاجواء هناك من حالة استنفار وعصبية وطنية وبروز مظاهر التفاف شعبي حول الامير الحاكم. هذه كلها أمور تبدو، بالنسبة إلى أبو ظبي والرياض، مجرد «حركات إعلامية» ستزول كلما زاد الضغط على المواطن القطري، وكلما شعر بأن حكومته تأخذه الى الجحيم.
في قطر، لا تبدو الصورة مريحة تماماً. صحيح أن الاستنفار الدبلوماسي والاعلامي في ذروته، لكن التوتر الكامن ينتشر بقوة لدى مستويات عدة من أبناء الإمارة، سواء ممّن يخشون العيش تحت حصار حقيقي، أو ممّن يشعرون بخطورة الامر على صعيد حياتهم اليومية وأعمالهم وأسفارهم. ويسأل البعض عمّا إذا كان القطريون سيتعرضون للرذل والإقصاء في العالم إن جرى وسمهم بدعم الارهاب. لكن ذلك لا يخفي حقيقة أن القطريين عموماً ليسوا متضررين من سياسة حكومتهم خلال العقدين الأخيرين. والفئة التي يمكن أن تحتجّ على توسيع دائرة النشاط السياسي والاعلامي، سبق لها أن عبّرت عن رأيها واقترحت تعديلات، لكن من دون جدوى. وليس في قطر اليوم من يدّعي إمكانية بروز تيار سياسي أو عائلي أو اجتماعي يطالب بتسوية سريعة مع بقية دول الخليج. لكن بالتأكيد هناك أصوات، وإن كانت خجولة، لكنها مسموعة، تر