منذ سنة 1978 وحتى هذه اللحظة وأنا لم أترك هواية القراءة بوصفها أعظم هواية في حياتي في الكتب الدينية وفي الكتب الإنسانية التي أنتجها عباقرة في عالم المعرفة الإنسانية ؛ وأستطيع القول بأنني قرأت على مدار هذه الفترة أكثر من ألفي كتاب ؛ وكتبت مئات المقالات في الصحف والمجلات اللبنانية ؛ وحاورت وخطبت وحاضرت في مساجد وحسينيات ومراكز وجمعيات ونواد وصالونات فكرية في مشارق الأرض ومغاربها ؛ بعد كل هذه التجربة الطويلة التي بكينا فيها وضحكنا ؛ وتطرفنا فيها واعتدلنا ؛ وَجِعْنا فيها وشبعنا ؛ وانتصرنا فيها وانهزمنا ؛ وأطعنا فيها وعصينا ؛ وتكرمنا فيها وبخلنا ؛ وأحسنا فيها وأسأنا ؛ وتواضعنا فيها وتكبرنا ؛ وكذبنا فيها وصدقنا ؛ وأصبنا بها وأخطأنا ؛ وأيقنا بها وشككنا ؛ وسُجِنَّا بها وتحررنا ؛ ومرضنا بها وشُفِيْنا ؛ ومارسنا فيها الرياء والشفافية ؛ بعد كل هذه التجربة الطويلة في هذا الدنيا المؤلمة والمفجعة والمبكية والعجيبة الغريبة المريبة وجدت وأيقنت بأن الحياة لا يمكن ومستحيل أن تستقيم وتعتدل إلا إذا نجحنا وأفلحنا في تقليد الذين نجحوا وأفلحوا في بناء دولة القانون الدولة المدنية ( لا الدينية ) الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة دولة المواطنة التي وحدها حصريا تفتح الطريق للعقلاء الذين يريدون أن  يوفقهم الله تعالى ليذيقوا حلاوة العدالة والقسط والقيم الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان ؛ ولم يُنِْزل الله تعالى الكتب ولم يبعث الأنبياء إلا ليقيم الناسُ بالقسط والعدل وما أعظمها من آية وأعمقها في كتابه الحكيم 
{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }
فعين الحكمة وعين الصواب أن نقلد الذين نجحوا في بناء دولة القانون بأن نستورد آلياتهم وقواعدهم وأفكارهم في العلوم  السياسية كما نستورد منهم العلوم الطبية والهندسية والفيزيائية والتكنولوجية و و و و الخ ؛ لِنُخْرِج بها شعوب العالمين العربي والإسلامي من عتمة التخلف وظلام الإستبداد وظلمات الفوضى ووطأة القهر والديكتاتورية ؛ ونساهم في تطوير الحضارة الإنسانية التي نعيش عالة عليها وأصبحنا مصدر خطر على إنجازاتها وعلى أمن مجتمعاتها