إدراج قانون الانتخاب بنداً رئيسياً على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، إشارة بحد ذاتها إلى أن التوافق الانتخابي قد حقق تقدّماً، ولم يعد بالإمكان التراجع إلى الوراء. وبمجرد أن عادت في الأيام القليلة الماضية الاجتماعات الرباعية إلى وزارة الخارجية، بين الوزراء جبران باسيل، وعلي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، ومدير مكتب رئيس، نادر الحريري، يعني أن باسيل عاد وحقق ما يريده، من خلال سحب بساط التفاوض من تحت قدمي النائب جورج عدوان، وعاد بنفسه إلى واجهة المفاوضات. وبمجرد إستعادة باسيل زمام المبادرة أصبح البعض يعتبر أن هناك إمكانية كبرى لإقرار القانون، خصوصاً أن باسيل وضع لمساته الأخيرة عليه، وأخرجه من عنده، إذ أعلن تحقيق إنجاز يتعلق بالمغتربين، من خلال الإتفاق على تخصيص مقاعد للمغتربين، ليس في هذه الدورة، بل في التي تليها.

تكاد هذه المرّة الأولى التي يصل فيها النقاش إلى المسألة التقنية بشكل جدي، بعد طي صفحة نقل المقاعد من مناطق إلى أخرى، والإكتفاء بنقل المقعد الإنجليلي من دائرة بيروت الثالثة إلى الأولى، وطي كل المسائل التي رفضها البعض واعتُبرت مشاريع تقسيم وفرز طائفي انتخابياً.

وآخر ما اتفق عليه، أن تكون عتبة النجاح للائحة هي الحصول على 10% من الأصوات، أي إذا بلغ عدد المقترعين في الدائرة 100 ألف صوت، يتم الاحتساب على أساس عدد المقترعين، مقسوماً على عدد المقاعد. بالتالي، فإن حصول اللائحة على 10 آلاف صوت، تصبح مؤهلة للفوز، بمقعد، وإذا ما حصلت على 20 ألف صوت تكون مؤهلة للفوز بمقعدين. فيما بعد التفاصيل العالقة، تتركز حول طريقة الاحتساب، والتي ستكون على مرحلتين، الأولى احتساب عدد المقاعد التي حصلت عليها اللائحة، والثانية هي آلية اختيار المرشحين الفائزين ضمن اللائحة.

في التفاصيل، هناك اختلافات بشأن كيفية احتساب النجاح، وإذا ما سيعتمد على الأساس الأفقي أو العمودي. الأفقي يعني أن يتم إختيار المرشحين الحاصلين على أكثر الأصوات من اللوائح، بمعنى الحاصل على عدد الأصوات الأكبر من اللائحة الأولى، والحاصل على العدد الأكبر في اللائحة الثانية، يليهما، الثاني من كل لائحة. أما في حالة الاحتساب العمودي، ففي دائرة مؤلفة من خمسة مقاعد، إذا حصلت اللائحة على ثلاثة مقاعد، والثانية على مقعدين، يفوز المرشحون الأوائل في اللائحة الأولى، أي يتم اختيار الفائزين الثلاثة في تلك اللائحة، ويتم إستكمال عدد المقاعد بإثنين من الفائزين من اللائحة الثانية.

لكن، دون ذلك عقبات كبرى وخلافات، نظراً لآلية الاحتساب الطائفية للمقاعد. فإذا كان هناك تنافس في دائرة بعبدا، مثلاً، بين لائحة لقوى 8 آذار، وأخرى لقوى 14 آذار. وفي هذه الدائرة، هناك مرشحون موارنة، دروز وشيعة، فإذا ما فاز المرشحون الثلاثة الأوائل في تلك الدائرة من اللائحة الأولى، وكانوا جميعاً من المسيحيين، فحينها سيتم إكمال مقاعد تلك الدائرة من اللائحة الثانية، وبالتالي فإن الفوز بالمقاعد الأخرى، أي المقاعد الشيعية مثلاً، سيكون لمصلحة اللائحة الثانية المخاصمة لحزب الله، بمعنى أنه حتى لو كان مرشح حزب الله في اللائحة الأولى فائزاً، لكنه سيتم استبعاده لمصلحة مرشح آخر قد يكون حصل على أصوات أقل من التي حصل عليها مرشح الحزب. وفيما هناك اعتراضات عديدة على هذه المسألة، ثمة من يخرج ليقول ما يسري على الحزب في هذه الدائرة، يسري على غيره في دوائر أخرى.

في هذا الشق التفصيلي تحديداً، يدور النقاش، والذي سيحاول الأفرقاء إيجاد حلّ له من خلال إبتكار معين للصوت التفضيلي وآلية احتسابه. وهذا ما سيحاول الجميع حلّه خلال الأيام المقبلة، خصوصاً أن الوقت أصبح داهماً. ولأجل إقرار القانون الجديد، يجب أن يقر في جلسة الأربعاء في مجلس الوزراء. ثم تتم إحالته إلى مجلس النواب لإقراره يوم الجمعة المقبل، قبل يوم واحد من انتهاء ولاية المجلس. وهنا، ترجّح المصادر أن مجلس الوزراء سيقر قانون الانتخاب على أساس 15 دائرة، كمادة وحيدة، وكذلك سيفعل مجلس النواب، فيما تترك التفاصيل إلى وقت لاحق، بحيث يجري الإتفاق عليها في فترة التمديد الجديد للمجلس النيابي.