الثورة او القيام او الخروج على الحاكم الظالم , من بديهيات التربية الاسلامية التي يتربى عليها المسلم , اذ ان المسلم دائما مستنفر ضد الباطل والانحراف , هذه التربية الاسلامية للشخصية المسلمة منشؤها قرار عام اسلامي , ولا خيار لنا امام وضوح هذا القرار الذي يحتم الثورة الشاملة , من اجل استئصال الفساد من جذوره , وتغيير نظام الحكم الظالم المنحرف بنظام جديد عادل .

ان عادة الظالمين عبر التاريخ التمسك بمقاليد السلطة تمسكا شديدا , ولو على حساب مصالح الناس , ويتحول الظالم من خلال السلطة الى انسان مستبد عجيب لا يرى حقا لأحد , فلا يعطي حقوقا للمواطنين الا بقدر ما يكونوا له عونا او عبيدا وخدما لنزواته وشهواته , ويتعامل مع الرعية على اساس انهم مطية له فقط , وهذه المظلومية التي يشعر بها المواطن هي التي تعطيه الشرعية بالدفاع عن حقوقه وانتزاعها من الظالم ولو بالقوة , والاسلام اعطى الناس هذا الحق وحرضهم على مجاهدة الباطل والظلم , واعتبر ان هذا العمل من أهم الاعمال بعد الصلاة , والشواهد على ذلك من الكتاب الكريم والسنة كثيرة جدا , منها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر , ما ورد عن الامام علي عليه السلام انه قال : " ...أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم " . وعن النبي (ص) : " مَن رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله ناكثا عهده مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله ".

واهم اسباب الثورة وجود حالة الانحراف وسيادة الظلم على العباد , من خلال تولي مقاليد السلطة حاكم جائر , يقمع الحريات ويهلك العباد ويفسد البلاد , ولا يحترم قيمة الانسان , ولا بد من اعتماد ضوابط  كي لا تنحرف الثورة الى مزالق أسوأ من الحكم الذي ثارت عليه , حيث لا بد من اعتماد الوضوح قبل اي قيام او تحرك , على مستوى الشعار , والاهداف وآلية الثورة وكيفية القيام , لان الغموض في الشعار والهدف يربك العمل الثورة , ويوقعه في أخطاء كثيرة , كما حصل مع بعض الثورات المعاصرة , اذ ان الشعار بدأ بشيء ووصل الى شيء آخر , وكذلك الاهداف والغايات بدأت بالقيام في وجه الظلم والاستبداد السياسي والاجتماعي , فوصلت الى أخطر من ذلك وهو الاستبداد الديني والمذهبي والطائفي , فلذلك لا بد من التركيز على وضوح الشعار والهدف , باعتماد الاخلاقية في السلوك الثوري , حيث ان مصداقية الثورة والثوار متوقفة على اعتمادهم وتركيزهم على الضوابط الاخلاقية والانسانية التي تحمي الثورة من الانحراف الى مزالق الظلم الذي منه هرب الثوار وقاموا من أجل تغييره .