تتصاعد العمليات العسكرية في درعا جنوب سوريا. دخل حزب الله بقوة على خط هذه المعركة، وهو يريد السيطرة على المدينة، في تكرار للسيناريو الذي حصل في حلب. يهدف حزب الله من خلال ذلك إلى تحقيق إنتصار معنوي وعسكري، في ظل ما تشهده سوريا من توترات، وتصعيد عسكري أميركي على الجهة الشرقية من سوريا. لا شك في أن الحزب تلقى ضربة كبيرة في الأيام الماضية في حي المنشية، ولا شك أيضاً في أن هناك العديد من الخطوط الحمر الدولية المرفوعة بوجهه والتي تمنعه من الإقتراب باتجاه الجنوب السوري.

ينظر الحزب إلى معركة درعا على أنها خطيرة جداً، ويعتبر أن ما يحصل هناك مريب. لذلك، يتعاطى بشكل دقيق جداً مع التحركات في تلك المنطقة، خصوصاً بعد تحرك عسكري لعناصر المعارضة في تلك المنطقة، وهم عملوا على السيطرة على بعض النقاط التي تعتبر أساسية واستراتيجية. وتهدف هذه التحركات إلى منع وجود الحزب في تلك المنطقة، وفتح محور جديد ضد الحزب وحلفائه، تزامناً مع إنطلاق العمليات العسكرية في شرق سوريا. وقد أرسل حزب الله مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى تلك المنطقة.

يعتبر الحزب أن فتح الجبهة هناك سيكون لأجل إشغاله وإشغال حلفائه عسكرياً عن مناطق أخرى، خصوصاً عن الشرق السوري. وبحسب تقديراته، فإن فتح جبهة الجنوب كان لأجل الضغط السياسي لا لهدف آخر، خصوصاً بسبب الرمزية التي تمثّلها، وقربها من العاصمة دمشق، ونظراً للتوازنات الدولية والإقليمية التي تفرضها هذه المنطقة. لذلك، لا يتوقع حزب الله معركة حاسمة هناك من جانب المجموعات، بل تهدف إلى الضغط. وهذا ما حصل في الأيام الماضية، إلا أن الحزب استطاع استرجاع جزء من النقاط التي خسرها.

ما يثير ريبة حزب الله هو إسقاط فصائل المعارضة في البادية السورية طائرة حربية للنظام السوري. ويرى في ذلك رسالة أساسية بحصول الفصائل على سلاح نوعي ومضاد للطائرات. بالتالي، قد تتكرر هذه المسألة في الأيام المقبلة، وقد يأتي بالتزامن مع ظهور أسلحة نوعية جديدة بحوزة المعارضة في تلك المنطقة، وهي أسلحة أميركية متطورة حصلت عليها الفصائل في الأيام القليلة الماضية.

حتى في منطقة السخنة، هناك ما يشبه عدم اتخاذ قرار بشأن ما يمكن أن يجري. وفي مقابل عدم وضوح ما يريده الأميركيّون، تشير المعلومات إلى دراسة حزب الله خياراته وسيتخذ قراره في اللحظة المناسبة. لذلك، يؤجل حزب الله الدخول في معركة صعبة التكاليف عليه. ولدى توجيه السؤال إلى قادة حزب الله إذا ما كانوا سيستكملون المعركة، يشيرون إلى أنهم لا يملكون أي جواب، بل يتلقون الأوامر قبل إطلاق العملية بساعات قليلة. ويركز حزب الله على الوصول إلى الحدود، بأقل خسائر ممكنة. ولكن هذا الأمر صعب جداً، خصوصاً أن المعركة متوقفة منذ نحو خمسة أيام. ويرى الحزب أن صعوبة المعركة، تكمن في أن الأميركي يعتبر أن شرق سوريا محوره الأساسي. لذلك يحاذر الحزب التقدم، خشية استهداف قوافله بالطائرات الأميركية، بعد تحذيرات عديدة وجهت إلى النظام السوري وحلفائه، بوجوب الابتعاد عن معبر التنف نحو 70 كيلومتراً.

تقاسم مناطق النفوذ الميداني كما هو حالياً، يشير إلى أن تقسيم سوريا قد أنجز. حماه وإدلب لتركيا، طرطوس ودمشق وحمص وحلب للنظام وروسيا وإيران، والشرق السوري لواشنطن، فيما يبقى الخلاف على الجنوب السوري. وهو الذي قد يشهد معارك أساسية وطاحنة في الفترة المقبلة.