هل سينذر القضاء ضميره وينصف فرح قصاب، أم أن العدل لن يكون أساس ملكه؟
 


توفيت فرح قصّاب من دون سابق إصرار أو تصميم. خبر فاجعٌ صدم اللبنانيين والأطباء على حدّ سواء. تكاثرت الاتهامات وتساقطت كالرذاذ على الدكتور نادر صعب، والذي من دون أي شكّ قد تسببت أخطاء مشفاه بهذا الموت الشنيع.

على أي حال سنقارب موضوع الوفاة من جانب طبي للوصول إلى خيط نمسكه في موضوع التحقيق بشأن الوفاة.

إقرأ أيضا : عمليات التجميل: جَمِلي عقلك قبل شكلك

ما هي عملية شفط الدهون أو ما يسمى بالLiposuction؟ 
تعتبر هذه العملية حسب إحصاءات نيويورك تايمز الأميركية إحدى أشهر وأكثر العمليات التي تجري في الولايات المتحدة الأميركية. وتجدر الاشارة إلى أن المؤهلين لاجراء هذه العملية هم الأشخاص الذين يأكلون بطريقة صحية ويتبعون نظام غذائي معتدل لكنهم بالرغم من ذلك لا يستطيعون تخفيض كمية الدهون مهما حاولوا، كما تكون الأخيرة مركزة في مناطق معينة من الجسد ويكون لها طابع وراثي وجيني.

تعد هذه العملية خطيرة نوعًا ما لما تحتاجه من كميات كبيرة من الدم والسوائل، حيث عند شفط الدهون يخسر الجسم سوائل كثيرة من بينها البلازما وكريات الدم الحمراء ما يسبب انخفاض في مستوى الخضاب أو الهيموغلوبين. لذلك فأن إحدى أهم المضاعفات السلبية لهذه العملية هي إنخفاض ضغط الدم بطريقة غير محسوبة نتيجة لخسران كميات كبيرة من الدم. 
في المقلب الآخر نستطيع الإفادة من هذه العملية من خلال حفظ الخلايا الجذعية التي يمكن أن تستخدم لخلاص الجسم من أمراض كثيرة في المستقبل. 

إقرأ أيضا : مسرحيات الإجرام في لبنان: اعتقلوا زعران الطرقات

وفي أميركا لم تكن سلبيات هذه العملية بالشيء الذي يُذكر، ففي دراسة ضمت  ١٥٣٣٦ مريضًا تم إخضاعهم لهذه العملية، لم تسجل أي حالة وفاة لا من قريب ولا من بعيد، وكانت السلبيات تقتصر على التهاب الدم بنسبة ٠،٤٪‏ وهي نسبة متدنية جدًا وفي ذلك إشارة إلى نجاح هذه العملية أثناء وما بعد إجرائها.

أما في لبنان وللأسف، فالأرقام تشير غير ذلك، خاصةً في المستشفيات التي تبتغي الربح التجاري بالدرجة الأولى، فإنها ليست المرة الأولى التي يدمر فيها الطب حياة مريض في عملية تجميل كمالية إختيارية.
نستطيع أن نبرر إلى حد ما وفاة مريض تحت عملية ربط معدة أو تحويل أمعاء نظرًا لمخاطر هذه العملية على الجهاز الهضمي، أما في عملية سهلة بعض الشيء وتجرى باللايزر كعملية امتصاص الدهون فإن الطب لن يشفع لمثل هذا الخطأ التقني المحض، ولن تقنعنا أي محاولة تبرير من مستشفى نادر صعب. وهكذا فقد أصبح الإتيان بالعذر نادر وصعب في الحقيقة.

إقرأ أيضا : مريض السرطان يعيش معه ولا يعرفه، قصص من الواقع

عزّت اليوم المستشفى بالراحلة فرح قصاب، وأعطت القضاء الحق الكامل في التحقيق بهذه القضية البشعة، فهل سينذر القضاء ضميره وينصف فرح قصاب، أم أن العدل لن يكون أساس ملكه؟

هادي مراد
رئيس تحرير شباب لبنان الجديد.