أكّد الكاتب في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية روبرت فيسك أنّ حقيقة التدخل الأميركي في سوريا أكثر تعقيداً بكثير مما يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تبدو عليه، مسلّطاً الضوء على الدور الإيراني في الشرق الأوسط.


في مقالته، تحدّث الكاتب عن وزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس الذي اكتسب لقب "الكلب المسعور" بعد مشاركته في غزو العراق والذي حمّل إيران مسؤولية الاضطرابات في الشرق الأوسط، متسائلاً ما إذا كان يدرك أنّ واشنطن تساعد الجيش العراقي والمقاتلين الشيعة المدعومين إيرانياً في قتال "داعش" في الموصل، وأنّ التنظيم- وليس إيران- هدّد بتدمير العالم الغربي برمّته وأنّ طهران عدوّته اللدودة.

وفيما لفت فيسك إلى أنّ وسائل الإعلامة السعودية والأميركية والإسرائيلية والغربية تؤكّد أنّ إيران توشك على بسط سيطرتها على سوريا، كشف أنّ أغلبية السوريين الذين التقاهم في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في دمشق وحمص وحماة وحلب، كما عدداً كبيراً من جنود الجيش السوري، أبدوا امتنانهم للتدخل الروسي لأنّه رجح كفة الجيش السوري وشكّل ثقلاً في مواجهة نفوذ طهران في بلدهم.

في هذا السياق، أكّد فيسك أنّ جنود الجيش السوري لم يُعجبوا بآلاف المقاتلين الإيرانيين الذين أتوا لدعمهم، مشيراً إلى أنّ العلاقات ازادت توتراً بينهما عندما ادعت طهران أنّ قوّاتها ساعدت على استعادة السيطرة على حلب الشرقية، ومشدّداً على أنّ طهران لم تشارك في هذه المعارك.

توازياً، رفض الكاتب المزاعم الأميركية القائلة إنّ السوريين وحلفائهم الروس والإيرانيين لا يحاربون سوى مقاتلي المعارضة المعتدلين الذين تمولّهم الولايات المتحدة بدلاً من "القاعدة" أو "جبهة النصرة" أو "داعش"، موضحاً أنّ الجيش السوري يحارب التنظيمات المذكورة بالقرب من الحدود التركية وشمال اللاذقية وجنوب القاملشي وفي تدمر وشرق حلب.

في ما يتعلّق بلبنان، الذي يزعم "الخبراء" الأميركيون أنّه بات أرضاً تخضع لسيطرة إيران بسبب "حزب الله" وتشكيل الطائفة الشيعية النسبة الأكبر من السكان وليس أغليبتهم، استنكر فيسك عدم دعوة السعودية الرئيس العماد ميشال عون للمشاركة في القمة الإسلامية التي أقيمت بحضور ترامب، متسائلاً ما إذا كانت ديانته أو دعمه الحزب والحكومة السورية إلى حدّ ما السبب في ذلك.

وعلى الرغم من أنّ الكاتب رأى أنّ جنوب لبنان والبقاع الشمالي يخضعان لـ"حزب الله"، اعتبر أنّه لا يمثّل لبنان على الرغم من أنّ وجوده المسلّح بات مقبولاً أكثر بسبب ارتفاع عدد أبناء الطائفة الشيعية، القادرة إذا أرادت المطالبة بعدد أكبر من المقاعد النيابية، متهكّماً: "من يريد قيام جمهورية إسلامية في لبنان؟".

إلى ذلك، شكّك فيسك بسيطرة "اليونيفل" على الجزء الجنوبي للبنان المواجه للحدود الإسرائيلية، زاعماً أنّ هذه القوات لا تجري دوريات في منطقة تقع شمال هذه الحدود تعرفها قوة الأمم المتحدة المؤقتة بإسم "الجنان الإيرانية".

وعليه، استغرب الكاتب تشكيل لبنان أساساً لحجج ماتيس وزملائه المجنونة بمن فيهم ضباط سابقون في البحرية الأميركية خدموا معه في العراق، مشيراً إلى أنّ الكولونيل تيموثي ج. جيريفتي الذي شغل منصب قائد القاعدة العسكرية في بيروت التي استهدفت بتفجير في العام 1983 ما زال يحاضر حول شرور إيران.

في هذا الإطار، ذكّر فيسك بطلب الأميركيين من اللبنانيين إبرام معاهدة سلام مع حلفائهم الإسرائيليين، مؤكداً أنّ لإيران يداً في تفجير السفارة الأميركية في بيروت، نظراً إلى أنّها رأت في هذه المعاهدة نهاية للمقاومة الشيعية لإسرائيل في لبنان.

ختاماً، رأى الكاتب أنّ أوباما طرد ماتيس لأنّه كان مههوساً بإيران، خالصاً إلى أنّ الأخير عاد لقتال معاركه القديمة نظراً إلى أنّ ترامب يدعم حرباً سنية ضد الشيعة، ومحذراً من اجتماع الكلب المسعور بالرئيس المجنون.

(The Independent)