أيّهما أولى بالنّزع والإقتلاع؟ سلاح الحزب أم جبران باسيل ومعه وزير الطاقة، أم الرئيس الحريري الذي يخبط خبط عشواء ؟
 

أولاً: الفساد المستشري 

مع إحتدام معركة الفساد، وضخامة الصفقات المشبوهة، وإفلاس بعض السياسيين أدبياً ومعنوياً، قبل الإفلاس المادي، وبلوغ بعض الوزراء حدّاً من الصفاقة والبلاهة والشّره المالي، نتساءل اليوم مع المتسائلين : من الذي يفتك ببنية الدولة اللبنانية؟ سلاح حزب الله أم رجالُها الفاسدون؟ هؤلاء الذين يستميتون في الدفاع عن صفقاتٍ مشبوهة تقشعرُّ لها الأبدان، وكأنّ البلد لم يعرف يوماً أهم المؤسسات الشهابية، بدءاً من إدارة المناقصات حتى ديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي والتفتيش المالي والتفتيش القضائي والنيابة العامة المالية، كل هذا بات خبراً بعد عين، منذ أن أطبقت ترويكا الهراوي-الحريري- برّي أواخر القرن الماضي على الإدارة والمؤسسات العامة والأجهزة الأمنية والعسكرية، وإذ تمّت عمليات تلزيم المقاومة في الجنوب لحزبٍ مُسلّح، إنصرف الباقون ،أي رؤساء الميليشيات ،الذين تحولوا بين ليلةٍ وضحاها إلى زعماء "وطنيّين" ،ومُقدّرات البلد بين أيديهم،للنهب والسرقة، وبما أنّ قدرات البلد محدودة، أمعنوا في الإستدانة حتى بلغت أرقاماً فلكية بالنسبة للبنان الصغير، وجرى بعد ذلك تحميل الطبقة المتوسطة (قبل القضاء عليها) مع الطبقات الفقيرة عبء هذه الديون المتفاقمة.

إقرأ أيضا : ما هي أبرز المفاوضات السعودية الروسية؟

ثانياً: سلاح حزب الله ومصير الدولة

لطالما ركّز المخلصون والوطنيّون على ضرورة صيانة سيادة الدولة ومصيرها وسلامة نظامها وكيانها، وإعتبار سلاح حزب الله هو العلّة ، ولعلّها الوحيدة، وتعالت مناشدات الحزب للإقلاع عن خياره الحربي المرتبط بالسياسة الإيرانية الإقليمية، وكان عددٌ (لا يُستهان بهم) من معارضي الثنائية الشيعية قد ألحّوا في أكثر من مناسبة، على ضرورة إنجاز إستراتيجية دفاعية للدولة، ويكون حزب الله وسلاحه مُنتظماً داخلها، لتأمين سلامة لبنان، وعودة قرارات الحرب والسلم للدولة مُجتمعة بأركانها ، فلا تنفرد بها فئة أو حزب منفرد، إلاّ أنّنا بعد صفقات معركة الرئاسة، ومعارك تأليف الحكومة وتركيبتها العجائبية، والعجز عن إنجاز قانون إنتخابي، وتصاعد روائح صفقات الكهرباء والإنترنت، والإستعداد لتمديد ولاية مجلس النواب، يحقّ لنا أن نتساءل اليوم: أيّهما أولى بالنّزع والإقتلاع؟ سلاح الحزب أم جبران باسيل ومعه وزير الطاقة، أم الرئيس الحريري الذي يخبط خبط عشواء، بإعتراف كبار مسؤولي تياره المستقبلي، فهو ليس بريئاً أو بعيداً عن صفقات الكهرباء والمواصلات، عن يمينه الوزير المشنوق، وعن يساره الوزير الجراح، أم وزير بلاط الرئيس بري السيد علي حسن خليل، أم وزير العدل الذي ثارت حميته ضد كل من تُسوّل له نفسه الإشارة إلى موبقات الفساد ومخاطره. 

إقرأ أيضا : جاسوس في مكتب مستشار لروحاني!
نعم سؤال مُحيّر، لكنّه مُحق وواجب، فلطالما كان مطلب نزع السلاح غير الشرعي يتقدّم على كل مطلب، وهذا واجب وطني وهمٌّ دائم، أمّا إذا إستمرّت هذه الطبقة السياسية سادرة في غيّها وطغيانها وفسادها، عندها لن يبق وطن ولا مواطنون، بل جماعات مسلّحة تنهشها الفوضى والتعديات والفلتان، وتجارب الحرب الأهلية القذرة ما زالت ماثلة للأذهان، لذا بات إقتلاع الفاسدين وسارقي أموال الشعب هو الأولى والأهم بعد تراجع مخاطر سلاح حزب الله (وغير حزب الله إن وُجد) إلى المرتبة الأدنى.
كُنّا نعتقد أنّ الإستبداد وحده هو الذي قوّض أنظمة راسخة في بلادنا العربية، لنكتشف أنّ الفساد كان أدهى وأمرّ، فلو أنّ هؤلاء المستبدين كانوا حُكّاماً فاضلين لما تزعزع سلطانهم ودالت دولُهم.