لا يكاد يمر يوم واحد في حياة اللبنانيين من دون تسجيل حوادث إطلاق نار تخلّف كوارث فعلية في حق أبرياء وعزّل في معظم الحالات، ظاهرة السلاح الفردي في لبنان ليست جديدة، لكنها وصلت في الآونة الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة، وبلغت من التفلّت حدوداً لا يمكن القبول بها في أي دولة تحترم نفسها،وفي أي مجتمع ضنين بأمنه وأرواح أولاده وإستقراره العام.
حادث إطلاق نار بعد خلاف على أفضليّة المرور، وآخر بسبب إنزعاج من نباح كلب، وأخبار يومية عن إصابات برصاص طائش وعشوائي في بيروت والمناطق، وتسقط طفلة يوم أمس في بعلبك حي الشراونة برصاص مجرم أزعر ومتهور إنزعج من مطالبته بتخفيف السرعة ووقف التشفيط، وأكثر من ذلك هناك جرائم عائلية وأُسرية لم يسبق أن شهد مثلها اللبنانيون حتى في أحلك أيام حروبهم العامة، وكأنّ البلد في جملته أصابه مسّ عجيب، وصار إستخدام السلاح فيه أمرًا طبيعيًا لحسم أي قضية كبيرة كانت أو صغيرة، جدّية أو تافهة.

إقرأ أيضًا: رصاصة طائشة أم شعبٌ طائش!!؟
لا شك أن القوى والأجهزة الأمنية والعسكرية تعمل ما في وسعها لضبط الأمن، ولولا جهودها لوقعت كوارث أكثر وأكبر، لكن الحاصل هو أنّ هناك تجرؤاً على هتك القوانين وإستسهال التطاول على الدولة وإستصغار شأنها وسطوتها لم يكن على هذه الدرجة من السفور سابقاً، وليس تطاولاً على الحقيقة القول أنّ كل هذه الظواهر متأتية من وجود سلاح منظّم غير شرعي. يكسر بوجوده قبل ممارساته وشعاراته، حصرية حق أجهزة الدولة الشرعية وحدها بحمل السلاح.
وذلك في كل الأحوال، لا يحجب الضرورة الحاسمة لتفعيل عمل الأجهزة والأسلاك الأمنية الشرعية، وتشديد الإجراءات، والعقوبات في حق المرتكبين وشذاذ الآفاق والمجرمين والمتطاولين على الناس وكراماتهم وأمنهم وأرواحهم.