إسرائيل غير معنية برغبة روسيا وإيران في مواجهة السياسة الأميركية في سوريا
 
كشفت الغارات الخمس التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي أمس على مخازن صواريخ وذخيرة تابعة لحزب الله قرب مطار دمشق الدولي هشاشة الكلام الروسي عن توفير شبكة دفاع جوّي تغطي كل الأراضي السورية.
 
ولاحظت مصادر سياسية أن الغارات الإسرائيلية جاءت بعد أربع وعشرين ساعة من إعلان موسكو أنّها قررت تغيير طبيعة الانتشار العسكري الروسي في الأراضي السورية.
 
ويعكس هذا التغيير الرغبة في طمأنة إيران إلى سياسة موسكو السورية، وهو يشمل نقل طائرات من مطار قاعدة حميميم القريبة من اللاذقية إلى قواعد أخرى لمواجهة احتمالات شنّ غارات أميركية على مواقع تابعة للنظام أو ضرب هذه المواقع بصواريخ “توماهوك” كما حصل في الرابع من الشهر الجاري.
 
وكانت القوات الأميركية استهدفت في الرابع من الشهر الجاري قاعدة الشعيرات الجوية قرب حمص ردّا على استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي في بلدة خان شيخون ذات الأهمّية الاستراتيجية.
 
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنّ الغارات الإسرائيلية الجديدة التي سمعت أصداء الانفجارات التي تسببت بها في دمشق، تكشف عمق علاقات التنسيق القائمة بين إسرائيل وروسيا في شأن الوضع في سوريا.
 
وقالت إن الغارات الإسرائيلية تؤكد وجود تفاهم في العمق على امتلاك إسرائيل حرية التحرّك في الأجواء السورية عندما يتعلّق الأمر بأسلحة وصواريخ يمتلكها حزب الله.
 
وتساءلت هل الكلام الروسي عن شبكة الدفاع الجوية موجّه فقط إلى الولايات المتحدة التي بات لديها ما يزيد على ألفي جندي في الأراضي السورية، خصوصا في منطقة الطبقة؟
 
واعتبرت أن ما قامت به إسرائيل كان رسالة فحواها أنّها لا تأخذ الكلام الروسي عن شبكة الدفاع الجويّة على محمل الجدّ، وأنّه إذا كان لدى موسكو همّ أن يتحول الوجود الأميركي إلى اللاعب الأوّل في سوريا، فإنّ هذا لا يعني بأي شكل أنّها غيّرت الخطوط العريضة للتفاهمات بينهما بشأن سوريا.
 
وجاء بيان الكرملين خجولا بشأن الضربة الإسرائيلية، داعيا كل الدول إلى ضبط النفس ومحذرا من تصاعد التوتر في سوريا.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين “نعتبر أنه على كل الدول ممارسة ضبط النفس لتجنب تصاعد التوتر في منطقة مضطربة أساسا وندعو إلى احترام سيادة سوريا”.
 
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قام أخيرا بزيارات عدّة لموسكو، بما في ذلك زيارة أداها عشية التدخل الروسي المباشر في سوريا في سبتمبر من العام 2015.
 
واتفق نتانياهو مع الرئيس فلاديمير بوتين على أهمّية بقاء صواريخ حزب الله والوجود العسكري الإيراني بعيدا عن خط وقف النار الإسرائيلي ـ السوري في الجولان.
 
وذكرت المصادر السياسية التي تراقب الوضع في منطقة دمشق ومحيطها وعلى طول الحدود الأردنية ـ السورية أنّ هناك رسالة إسرائيلية أخرى أرادت تل أبيب تأكيدها من خلال الغارات، أنّها تمتلك استراتيجية خاصة بها في سوريا وأنّها غير معنية بأيّ تغييرات على الأرض أو في الساحة الدولية، بما في ذلك التقارب الروسي ـ الإيراني في ما يخصّ تغطية استخدام النظام للسلاح الكيميائي من جهة ومواجهة روسيا وإسرائيل السياسة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط من جهة أخرى.
 
وأدلى يسرائيل كاتس وزير المخابرات الإسرائيلية بتصريحات لراديو الجيش تؤكد التحرك الإسرائيلي. وقال كاتس من واشنطن إنه يسعى إلى تفاهم مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بألا يسمح لإيران بتأسيس موطئ قدم عسكري دائم في سوريا.
 
وقالت مصادر من المعارضة السورية المسلحة إن إسرائيل قصفت الخميس مستودعا للأسلحة يديره حزب الله قرب مطار دمشق حيث تنقل طائرات تجارية وطائرات شحن عسكرية السلاح بانتظام من طهران.
 
وقال وائل علوان، وهو مسؤول بفيلق الرحمن أحد فصائل المعارضة التي لها وجود على مشارف دمشق إن “الواقعة التي حدثت في سوريا تتماشى تماما مع سياسة إسرائيل بالتحرك لمنع إيران من تهريب الأسلحة المتطورة لحزب الله عبر سوريا”.
 
ويقول منشقون عن الجيش السوري على دراية بالمطار إنه يلعب دورا كبيرا في نقل الأسلحة من طهران.
 
وتحلق طائرات عسكرية وطائرات شحن تجاري بانتظام من إيران لإمداد حزب الله وفصائل أخرى بالسلاح. وتتوجه مباشرة من إيران إلى سوريا عبر المجال الجوي العراقي.
 
ويتوجه المئات من المقاتلين الشيعة من العراق وإيران جوا إلى مطار دمشق. وتتراوح أعدادهم بين 10 آلاف و20 ألفا ويلعبون دورا كبيرا في حملات الجيش السوري.
 
وتنأى إسرائيل بنفسها عن الحرب في سوريا إلى حد بعيد، لكن دائما ما يشير مسؤولوها إلى خطوط حمراء سبق وأن دفع تجاوزها إلى رد عسكري بضرب عمليات نقل الأسلحة المتطورة لحزب الله.
 
وقال دبلوماسي غربي إن الضربات الجوية بعثت برسالة سياسية قوية لإيران مفادها أنها لن تستطيع بعد الآن استخدام المجال الجوي لسوريا والعراق في إعادة إمداد وكلائها في سوريا.