كما سارت صيغ الترشيحات للانتخابات الرئاسية، كذلك تسير صيغ الاقتراحات في شأن قانون انتخابي جديد. في الانتخابات الرئاسية، تدرجت مرحلة الترشيحات بدءاً من ترشيح قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع، وبعد انعدام حظوظه، طرح إسم الرئيس الأسبق أمين الجميل، ليبدأ البحث عن مرشّح توافقي. وبقي حزب الله على موقفه. هذا التشبّث قاد تيار المستقبل إلى التنازل من البحث عن مرشح توافقي لمصلحة النائب سليمان فرنجية، أبدى حزب الله إيجابية لكنه اشترط ذلك بقبول ميشال عون. وفي النهاية، عاد الجميع ووافق على انتخاب عون.

اليوم، المسار نفسه يطبع مسيرة قانون الانتخاب. يبدو حزب الله على يقين بأن الجميع سيعود ويوافق على النسبية. وفق الحزب، لم يكن يتوقع أن يأتي رفض النسبية من حلفائه، وفي مقدمهم التيار الوطني الحرّ، الذي نادى بها لسنوات. ويتوقّع الحزب أن تجري الأمور وفق سيناريو الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أن التدرّج يبدأ من إسقاط الستين، وتثبيت إنتاج قانون جديد للانتخابات، وإسقاط الصيغة المختلطة الأولى في البداية، ثم الثانية والثالثة. وفيما طرح القانون التأهيلي ووسط تأكيدات الأفرقاء المسيحيين، خرج النائب وليد جنبلاط معلناً دفن هذا الاقتراح. وهنا، يعتبر الحزب أن سقوط تلك الاقتراحات، سيقود إلى النسبية التي أصبح الجميع موافقاً عليها، أو أن الخيار الآخر الذي سيكون هو التمديد، لم يعد من مكان خارج عن هذين الاحتمالين.

لا تخفي مصادر متابعة أن الحزب راض إلى أقصى الحدود عن اداء القوى السياسية الرافضة ممارسات باسيل، خصوصاً أن الأخير يقدّم مصلحته الشخصية على المصالح الأخرى. وفيما ينطلق وزير الخارجية والأفرقاء الآخرين من حسابات ضيقة ومصلحية لها علاقة بالأعداد والأحجام المراد إثباتها والحصول عليها من خلال الانتخابات، فإن لدى حزب الله أسباباً أخرى، تتخطى الحدود اللبنانية، وحدود استحقاق انتخابات نيابية فقط.

وفي وقت يؤكد الحزب أن الانتخابات المقبلة ستجري وفق النسبية الكاملة، بمعزل عن البحث في تفاصيلها حتى الآن وكيفية توزيع الدوائر. يتحدث البعض عن قطبة مخفية من خلال تمسّك الحزب بالنسبية الكاملة. فصحيح أنه يريد الحفاظ على حلفاء "هوامش" من كل الطوائف، أي إلى جانب تحالفه مع التيار الوطني الحر، فإن الحزب يريد مساندته من حلفاء مسيحيين آخرين داخل مجلس النواب، كتيار المردة ومرشحين مستقلين. وإلى جانب تفاهمه مع تيار المستقبل على قواعد إدارة اللعبة السياسية، فهو أيضاً يحرص على إيصال ممثلين سنّة من خارج عباءة المستقبل، وهو على وئام معهم، كالوزير السابق عبدالرحيم مراد. وكذلك لدى الدروز. من خلال هؤلاء يستمرّ الحزب بالإمساك في زمام اللعبة بكاملها، وضعف كل فريق في بيئته وطائفته سيدفعه إلى التفاهم مع الحزب لتعزيز وضعه العام.

لكن السبب لا يقتصر على ذلك، وفق المصادر، إذ تقول شخصية سياسية بارزة إن "حزب الله يرمي إلى شيء بعيد وغير مفهوم حتى الآن من خلال طرح النسبية. ففي حال رفضها الآخرون واستعصى إيجاد قانون جديد، سيلجأ الحزب وحلفاؤه إلى طرح المؤتمر التأسيسي. وإذا ما طبّقت، سيكون قادراً على اكتساح الانتخابات. وذلك على القاعدة التي اقترحها السيد حسن نصرالله، بعيد انتخابات العام 2009، حول الأكثرية النيابية والأكثرية الشعبية.