رأى الكاتب الأوكراني في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية ياروسلاف تروفيموف أنّ الفوز الذي حققه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاستفتاء على توسيع صلاحياته ليس كما أراد له أن يكون، معتبراً أنّه سعى عبره إلى الحصول على تأكيد شعبي على قيادته وجهوده لإبعاد "المنشقين" التي أفضت إلى سجن مئات الآلاف وفصلهم عن وظائفهم.


في مقالته، لفت الكاتب إلى أنّ مؤيدي التعديلات الدستورية التي ستحوّل الرئاسة التركية إلى تنفيذية أكّدوا قبل أسابيع أنّ أردوغان سيحصل على 60% من أصوات الأتراك على الأقل، مشيراً إلى أنّ نتائج وكالة "الأناضول" الأولية أظهرت تصويت نسبة 51.2% من الأتراك لصالح توسيع صلاحيات الرئيس فيما عارضت نسبة 48.8% منهم ذلك.

في هذا السياق، توقّع تروفيموف أن يهدّد الفارق الضئيل والمتنازع عليه قدرة أردوغان على الحكم من دون معارضة خلال الأشهر المقبلة، بدلاً من تعزيز سلطته، فيما قال مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز "وودرو ويلسون" هنري باركي: "قد يكتشف أردوغان أنّ الفوز الذي حققه باهظ الثمن"، مرجحاً ازياد معارضته في الداخل والخارج قوةً على المدى المتوسط.

وفي حين لفت الكاتب إلى أنّ مسؤولي الأحزاب المعارضة شكّكوا بنتائج الاستفتاء في المناطق المحسوبة على حزب "العدالة والتنمية" على وجه التحديد وفي جنوب شرقي تركيا ذات الأغلبية الكردية، لم يستبعد أن تشهد البلاد موجة جديدة من الاحتجاجات، ناقلاً عن البروفيسور في جامعة "ديوك" الأميركية تيمور كوران وصفه النتائج بالفظيعة بالنسبة إلى أردوغان وتلمحيه إلى أنّ عدداً كبيراً من أصوات القوميين والحزب الحاكم عارضت توسيع صلاحيات الرئيس.

تروفيموف الذي أشار إلى رفض اسطنبول، المدينة التي انطلق منها أردوغان سياسياً، وأنقرة وغيرهما من المدن الاقتصادية الكبرى كإزمير وأضنة وأنطاليا، توسيع صلاحيات الرئيس، نقل عن النائب المعارض السابق والمحلّل في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" استبعاده إمكانية استدامة حكم الرجل الواحد الذي يقوده أردوغان على المستوى الاقتصادي.

بدوره، رأى موقع "ستراتفور" الاستخباراتي الأميركي في تقرير أنّ نتائج الاستفتاء عكست انقسام الهيئات الناخبة العميق، واضعاً الفارق الضئيل بين مؤيدي التعديلات الدستورية ومعارضيه في خانة الأسباب التي دفعت أردوغان إلى اللجوء إلى تدابير استثنائية لتعزيز سلطته.

في هذا الإطار، شرح الموقع سبَبَي التشكيك بنتائج الاستفتاء، لافتاً إلى أنّ الأوّل يتمثّل برفض المعارضين قرار المجلس الأعلى للانتخابات احتساب البطاقات غير المختومة، أمّا الثاني فبشرعية هذه العملية، إذ أعربت الأحزاب المعارضة ومنها الحزب "الجمهوري التركي" عن تخوفها من استخدام الحكومة تأثيرها في ظل حالة الطوارئ التي فُرضت عقب الانقلاب الفاشل في 15 تموز الفائت لضمان فوزها.

في ما يتعلّق بتداعيات فوز أردوغان، توقّع "ستراتفور" زيادة إدانات الاتحاد الأوروبي مستطرداً بالقول إنّ القوى الأوروبية تدرك أنّها ما زالت بحاجة إلى تعاون تركيا لاحتواء اللاجئين ومراقبة روسيا.

ختاماً، استبعد الموقع تبدّل سياسة تركيا الخارجية عامةً، خالصاً إلى أنّها ستزيد تركيزها وتواجدها في شمال العراق وسوريا بهدف احتواء التوسع الكردي ومواجهة إيران في حرب وكالة أوسع نطاقاً.

(WSJ - Stratfor)