تعليق المجلس لإمتصاص غضب الشارع وليس إلغاءا للتمديد

 

المستقبل :

لأنه «الكتاب» الضامن لكينونة الوطن وانصهار بنيه، ما خاب لاجئ إليه بحثاً بين فصوله عن حلول تقي اللبنانيين شرّ الخلاف والانقسام.. وهكذا كان بالأمس، من رحم الدستور وتحت كنفه جاء اجتراح الحل لأزمة جلسة التمديد التي كانت مقررة اليوم بالتكافل والتضافر بين الرئاسات الثلاث وكل سعاة التوافق على الخارطة السياسية. فبعد نهار حافل بالاتصالات والمشاورات والجولات المكوكية على خط بعبدا – عين التينة – السراي الحكومي، بادر على مدار ساعاته رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى التفرغ لتبريد الأزمة وسحب فتيل تمددها إلى الشارع، نجحت المساعي الوطنية في إطفاء شرارة التأزم وإخماد قرع الطبول التعبوية مع التوصل ليلاً إلى صيغة دستورية تسووية أتاحت تعليق جلسة التمديد للمجلس النيابي حتى منتصف الشهر المقبل إفساحاً في المجال أمام إبرام تفاهم وطني توافقي يجعل منه تمديداً تقنياً مقروناً بمشروع قانون انتخابي جديد. 

وفي وقائع هذا الحل الدستوري، أنّه وللمرة الأولى منذ العام 1926 التي يستعمل فيها رئيس للجمهورية اللبنانية حقه الدستوري في تأجيل انعقاد جلسات مجلس

النواب خلال عقد عادي، أقدم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على استخدام هذا الحق استناداً إلى المادة 59 من الدستور معلناً قراره تعليق جلسات المجلس لمدة شهر ابتداءً من اليوم «إفساحاً في المجال لمزيد من التواصل بين جميع الأفرقاء ومنعاً لاستباحة إرادة اللبنانيين لجهة حقّهم في الاقتراع واختيار ممثليهم، ووضعاً للجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية». وعلى الأثر، تلقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الكرة الدستورية معتبراً قرار عون «خطوة في سبيل تأمين مزيد من الوقت للاستفادة منه بالتوصل إلى تفاهم على قانون جديد، طالما نادى الرئيس أن يكون هذا القانون تحت سقف النسبية»، معلناً انسجاماً مع الموقف الرئاسي إرجاء الجلسة العامة التي كان مقرراً انعقادها ظهر اليوم إلى 15 أيار المقبل على أمل من رئيس المجلس بأن يتم التوصل قبل هذا التاريخ إلى «صيغة قانون موحدة تسمح بتمديد تقني ينأى بنا عن الفراغ القاتل والذي يودي بلبنان للانتحار المؤكد». ولاحقاً تلقى بري اتصالاً هاتفياً من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي هنأه فيه على موقفه.

وكان رئيس الحكومة قد ألغى أمس مواعيده وتفرّغ لإجراء اتصالات متلاحقة مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ومختلف القوى السياسية لإيجاد مخرج لمسألة الاتفاق على مشروع قانون الانتخاب وتفادي أي تداعيات سلبية على البلد. بحيث شكلت السراي الحكومي طيلة النهار «خلية نحل» لحلّ الأزمة ومنع استفحالها مؤسساتياً وميدانياً، فاستقبل الحريري وفوداً من معراب والرابية وكليمنصو قبل أن ينتقل ليلاً إلى بعبدا حيث استعرض مع رئيس الجمهورية آخر حصيلة الاتصالات الجارية من أجل التوصل إلى قانون انتخابي جديد، ليخرج قبيل الساعة الثامنة موعد إطلالة عون المتلفزة من القصر الجمهوري مطمئناً اللبنانيين إلى «العمل لمنع التمديد» باعتباره والفراغ يمثلان «السواد الحالك»، وسط ثقته بقدرة مختلف المكونات الوطنية على «الوصول إلى تفاهمات تنتهي بوضع قانون انتخابي جديد».

«اتفاق أولي»

وليلاً، لاحت في الأفق تباشير التفاهمات التي تحدث عنها رئيس الحكومة، من خلال إعلان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عن توصل الأفرقاء إلى «اتفاق أولي» حول القانون الانتخابي العتيد، كاشفاً أنه يرتكز في جوهره على تأهيل المرشحين وفق النظام الأكثري وانتخاب النواب وفق النظام النسبي، مع إشارته إلى أنّ المشروع دخل مرحلة البحث في بعض التعديلات المقترحة. 

وعلمت «المستقبل» في هذا المجال أنّ التركيز ينصب على كيفية احتساب الشرط التأهيلي للمرشحين وسط اشتراط «التيار الوطني الحر» حصره بالفائزين الأول والثاني في مقابل آراء متفاوتة حول هذا الموضوع بين تفضيل أفرقاء تأهّل الفائزين الثلاثة الأول إلى مرحلة الاقتراع النسبي، وتوجس آخرين من نظام التأهيل الطائفي، ومطالبة بعض حلفاء التيار العوني بإدخال بعض التعديلات على هذا النظام.

 

الديار :

تأجلت المواجهة شهراً بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ اتفاق الطائف وحتى الان.
وقد استعمل رئيس الجمهورية حقه الدستوري للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية، وفق المادة 59 بتجميد عمل مجلس النواب لمدة شهر، وبذلك منع انعقاد جلسة التمديد التي كان دعا اليها الرئيس نبيه بري في 13 نيسان، أي امس. فهل تم الوصول الى الحل، ام ان الوضع ما زال في اطار المواجهة؟
هل «الديار» تشاؤمية في نظرتها الى الأمور، ام ان نظرة «الديار» هي عقلانية، وتعرف الحالة النفسية للطبقة السياسية التي حكمت منذ الطائف وحتى الان، والتي لا تريد قانوناً انتخابياً جديداً، بل تريد الإبقاء على قانون 1960.
ولذلك فان «الديار» تقول ان المواجهة تأجّلت شهراً، ولم نصل الى حل. وتعليق الرئيس نبيه بري إيجابيا على موقف رئيس الجمهورية، لا يعني موافقته عليه، بل هو ينتظر المواجهة في 15 أيار، وهو قد وضع حساباته بدقة. ففي جلسة 15 أيار، وفق تخطيط الرئيس نبيه بري والأحزاب المتحالفة معه، ودقة الرئيس بري في الأمور، يتم التمديد للمجلس في 15 أيار، ويرسل الى رئيس الجمهورية والمهلة 15 يوما تنتهي في 30 أيار. فاذا قام رئيس الجمهورية بردّ القانون، يعقد الرئيس نبيه بري جلسة في 31 أيار، ويؤكد بأكثرية 65 نائبا التمديد لمدة سنة لمجلس النواب. وعندئذ يصبح التمديد نافذا، ولا يعود امام رئيس الجمهورية الا الطعن في التمديد امام المجلس الدستوري.
هذا من حيث السيناريو العادي للامور. وهنالك سيناريو آخر قد اصبح وارداً لان لبنان امس دخل مرحلة توتر طائفي، ذكّر بـ 13 نيسان عام 1975. فتحرك الشارع المسيحي بقوة، ضد التمديد للمجلس النيابي، ودعا الى الإضرابات والتظاهر لمنع انعقاد الجلسة وتأمين التمديد للمجلس النيابي.
وفي المقابل، بات جمهور حركة امل الشيعي مستنفرا مع الحزب القومي وحزب البعث. وفي 15 أيار، اذا تظاهر الشارع المسيحي، الذي يضم حزب القوات وحزب التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، والحراك المدني، فانه قد يواجَه بشارع شيعي من حركة أمل، والجمهور المؤيد للحزب السوري القومي الاجتماعي وبعثيين تابعين لحزب البعث العربي الاشتراكي ويحصل صدام في الشارع، والأمور مفتوحة على فتنة طائفية. 
وهذه الفتنة لا تقبلها المقاومة لحزب الله، لكن حزب الله لا يريد الفراغ، واصبح امام امر واقع، فهو عرض قانون للنسبية، تم رفضه، في اجتماعات حصلت مع التيار الوطني الحر، وتأجلت المواجهة شهراً بطلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وكان العماد ميشال عون دائما يؤكد في الاجتماعات ان الفراغ لن يحصل، وان هنالك مجالاً للتوصل الى اتفاق، لكن الطبقة السياسية التي لم تنجز قانوناً انتخابياً طوال 27 سنة، لن تنجز هذه المرة اتفاقا لقانون انتخابي جديد بديل عن قانون 1960، وهذا السيناريو الثاني. اما من الان وحتى شهر فقد يتصاعد التوتر الطائفي الى اقصى حدوده، اما ان يتم الاتفاق على قانون انتخابي نتمناه بين الأطراف  كافة يعتمد جزءاً من النسبية وغيرها، واما انعقاد المجلس النيابي وإقرار التمديد في جلستين، في 15 أيار و 31 أيار. والقرار في النتيجة عندئذ يعود الى المجلس الدستوري، لان الرئيس العماد ميشال عون سوف يطعن في دستورية التمديد امام المجلس الدستوري.
يوم امس، شهد تحركاً سياسياً واسعاً، وكان للرئيس سعد الحريري دور  كبير  في الاتصالات، وألغى مواعيده وتفرغ للتواصل مع الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري. كذلك قام النائب إبراهيم كنعان على رأس وفد من التيار الوطني الحر، بزيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي حيث لمس تأييد البطريرك بشارة الراعي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وان البطريرك الماروني بشارة الراعي يرفض التمديد للمجلس النيابي للمرة الثالثة. كما زار النائب إبراهيم كنعان على رأس وفد من التيار الوطني الحر الرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، ثم انتقل الى حارة حريك، حيث اجتمع مع الوفد الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله، وشرح النائب ابراهيم كنعان وجهة نظر التيار الوطني الحر.
لكن في هذه الاثناء، وبعد الإعلان عن ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيخاطب اللبنانيين مباشرة، ارتاح الوزير وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري وبقية الأطراف الى إعطاء فرصة شهر للبلاد للتوصل الى حل، ومنع اصطدام 13 نيسان، في شأن التمديد للمجلس النيابي.
وأصبحت المحادثات في يوم واحد غير مجدية، في وقت بدأ كل طرف يعدّ العدّة لتقديم اقتراحاته خلال فترة الشهر، من اجل التوصل الى حل في شأن قانون الانتخابات. 
واثر كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقراره بتعليق عمل المجلس النيابي لمدة شهر وفق المادة 59 من الدستور اللبناني، أعلنت الأحزاب المسيحية الغاء الاضراب والتظاهر والتحركات الشعبية، ودعت الى اعتبار يوم 13 نيسان يوم عمل عادياً، واعتبر كل طرف نفسه منتصرا، وانه حصل على فرصة شهر لإيجاد حل، ربما يكون ممكناً، وربما لا يكون ممكناً.
لكن المشهد الطائفي كان يوم امس ظاهرا للعيان في شكل واضح، وعاد لبنان سنوات كثيرة الى الوراء، لكن بقيَ الصراع ضمن اطار مضبوط وقواعد الاشتباك محددة وغير مسموح لأي فريق الخروج عنها. 
هذا وبقيَ الصراع لبنانياً، بشكل كامل للمرة الأولى في تاريخ لبنان، ولم تتدخل دول لا أوروبية ولا الولايات المتحدة، ولا روسيا ولا سوريا ولا أي طرف مع الأطراف اللبنانية لأيجاد تسوية فيما بينهم. ولم يعلق الاتحاد الأوروبي في شأن ديموقراطية لبنان بأي تعليق. وكأن المساحة اللبنانية متروك امرها الى اطراف لبنانية، لتنزع شوكها بيدها.
وذكّرت احداث الامس بالمواجهة التي حصلت بين الرئيس الراحل فؤاد شهاب ورئيس مجلس النواب الراحل كامل الاسعد سنة 1964 وخيار الرئيس فؤاد شهاب بعدم التجديد والذهاب الى انتخاب الرئيس شارل حلو، فاذا بالمشهد يتكرر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، مدعوما من حزب الله والرئيس الحريري والوزير جنبلاط والوزير فرنجية والوزير بطرس حرب وفتوش وغيرهم.
فيما كان العماد ميشال عون يختار الطريق التي جذبت كثيرين من الشباب اللبناني، وبخاصة انها خلقت عصبية مسيحية ستكون قوة كبيرة للعهد وللعماد ميشال عون في حكمه كرئيس للجمهورية. وعادت شعبية الرئيس العماد ميشال عون الى ذروتها مدعومة من القوات اللبنانية، وعمليا، من حزب الكتائب اللبناني الذي دعا أيضا للتظاهر منعا للتمديد، وايدت الكنيسة المارونية موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ومن الان وصاعداً اصبح الرئيس العماد عون في الوسط بين حزب الله والقوات اللبنانية، والرئيس العماد ميشال عون، وان بقي على قناعاته، لكنه لم يعد الحليف المطلق لحزب الله، بل الحليف الفعلي مع حزب القوات اللبنانية، وفي الوقت عينه، يواصل التزامه بورقة التفاهم مع حزب الله، انما ظهر خلاف سياسي كبير بين حزب الله والعماد ميشال عون، واعتبر حزب الله، رغم زيارة الحاج وفيق صفا الى الوزير جبران باسيل في الخارجية يوم امس، ان موقف النائب باسيل استفزازي في المفاوضات بشأن قانون الانتخابات.
ويمكن القول ان العلاقة توترت بعض الشيء بين حزب الله والعماد ميشال عون. 
في وقت يعمل حزب الله على دعم قوي للنائب سليمان فرنجية، لكي يضع توازنا مقابل تحالف العماد ميشال عون مع الدكتور سمير جعجع، فان الاحداث التي حصلت امس أظهرت زيادة قوة التحالف لدى الثنائي المسيحي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مقابل دعم حزب الله للنائب سليمان فرنجية وللرئيس نبيه بري.
انما تحت الطاولة هنالك اتفاق بين الوزير جنبلاط والرئيس بري والرئيس سعد الحريري الذي يريد الحفاظ على علاقاته مع العماد ميشال عون. لكن الاتفاق السري بين الثلاثي جنبلاط - بري - الحريري هو الإبقاء على قانون 1960 وتفشيل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الوصول الى قانون جديد، يريد عبره رئيس الجمهورية الحصول على انتخاب 55 نائبا مسيحيا بأصوات الثنائي المسيحي وتحالفاته من اصل 64 نائبا مسيحيا. 
 

 المواقف  


وفي المواقف، اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون عن «تأجيل انعقاد جلسة مجلس النواب لمدة شهر واحد استنادا الى نص المادة 59 من الدستور، متوجها الى اللبنانيين واللبنانيات بالقول «اديت عند انتخابي رئيسا يمين الاخلاص للدستور والقوانين والحفاظ على استقرارا لبنان ووحدته»، معتبرا ان «وثيقة الوفاق اصبحت جزءاً لا يتجزأ من الدستور وتنص على ارجاء الانتخابات وفق قانون يضمن العيش المشترك وصحة التمثيل لجميع فئات الشعب».
 

 بري وتأجيل الجلسة


وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري: أما وقد استعمل رئيس الجمهورية نص المادة 59 من الدستور التي تعطيه الحق في تأجيل انعقاد المجلس الى امد لا يتجاوز شهرا واحداً، فاني مرة اخرى اعتبر هذه الخطوة من فخامة الرئيس التي تستعمل لاول مرة في تاريخ لبنان هي في سبيل تأمين مزيد من الوقت للاستفادة منه بالتوصل الى تفاهم على قانون جديد طالما نادى الرئيس ان يكون هذا القانون تحت سقف النسبية.
بدوري وانسجاما مع موقفه ارجئ جلسة الغد الى الخامس عشر من ايار المقبل، آملا التوصل الى صيغة قانون موحدة تسمح بتمديد تقني ينأى بنا عن الفراغ القاتل والذي يودي بلبنان الى الانتحار المؤكد.
وتلقى بري اتصالاً من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي هنأه على موقفه.
واشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير الى ان المخرج جاء في اطار دستوري لتفادي الانقسامات الحادة بالبلاد، بالاضافة، الى ابقاء الامور في سياقها الدستوري وعدم اللجوء الى الشارع، لان الشارع يقابله شارع آخر، كما ان هذه الخطوة الدستورية تساهم في ابقاء الوضع الامني مستقراً في ظروف بالغة الدقة، والاساس انها تعطي فرصة ايضاً واضافية للتوصل الى صيغة لقانون انتخابي جديد وتمرير الاستحقاق بهدوء، وبعيداً عن التشنجات. وهي فرصة  اذا كانت النيات سليمة. والمهم ان جلسة 15 ايار تأخذ بعين الاعتبار عدم الذهاب الى الفراغ، وهذا الامر محسوم ولا نقاش فيه.
 

 بارود: مرة واحدة في العقد العادي


الوزير السابق زياد بارود ثمن خطوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتأجيل انعقاد جلسة التمديد لمدة شهر، مستخدماً صلاحياته الدستورية حسب المادة 59. وهذا التأجيل يعطي فرصة لكل القوى السياسية للوصول الى قانون انتخابي جديد لتفادي اي اشكال في البلاد، مشيراً الى ان الدستور اعطى رئيس الجمهورية حق استخدام هذه الصلاحية لمرة واحدة في العقد العادي. والعقد العادي ينتهي في 31 ايار وبالتالي فان الرئيس نبيه بري في دعوته لجلسة 15 ايار رسميا وضع في حساباته رد الرئيس لمشروع قانون التمديد اذا اقر مجدداً في جلسة 15 ايار في حال لم يتم التوافق خلال مهلة الشهر، وربما وضع الرئيس بري في حساباته رد الرئيس للقانون مجدداً ومهلة الـ15 يوماً.
وعقد جلسة جديدة للمجلس في 31 ايار خلال الدورة العادية لاقرار التمديد وتمنى بارود ان لا تصل الى الخيار ويتم الاتفاق خلال مهلة الشهر على قانون جديد، خصوصاً ان جميع القوى يرفضون الفراغ. كما ان خطوة الرئيس عون جنبت البلاد المزيد من الانقسامات والاحتكاكات في الشارع.
واشار الى ان الصلاحية الدستورية التي استخدمها الرئيس ميشال عون هي الاولى في تاريخ لبنان. وهذه الصلاحية لا تحتاج الى توقيع رئيس الحكومة وهي من حق رئيس الجمهورية وحده بالاستناد الى المادة 59 من الدستور.
 

 القوات اللبنانية


كما اعلنت القوات اللبنانية في بيان صادر عن الدائرة الإعلامية في القوات اللبنانية:
إن القوات اللبنانية إذ تهنئ اللبنانيين بالإنجاز الدستوري الذي تحقق من خلال استخدام فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صلاحياته الدستورية، فلجأ إلى المادة 59 من الدستور التي بموجبها تم تأجيل انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر، وأوقف بنتيجة ذلك التمديد للمجلس النيابي الذي كان يمكن أن يأخذ البلد إلى مواجهة لا تتمناها القوات اللبنانية.
واضاف البيان: مبروك للديموقراطية ومبروك للبنان وبناءً عليه تدعو القوات اللبنانية محازبيها ومناصريها واللبنانيين عموماً إلى وقف كل مظاهر التظاهر والاعتصامات غداً (اليوم). أما وبعد زوال خطر التمديد أقلّه على مدة شهر سننصرف بكل جهد في محاولة جديدة للوصول إلى قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل ويقترب من تحقيق المناصفة.

 

 

الجمهورية :

إحتوى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأزمة التي كانت ستنفجر في الشارع اليوم باستخدامه صلاحيتَه المنصوص عنها في المادة 59 من الدستور، في أن قرَّر تأجيل انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر، ورحّبَ رئيس مجلس النواب نبيه بري بممارسة الرئيس هذه الصلاحية الدستورية، وقرّر تأجيل «جلسة التمديد» شهراً، ليتبيّنَ لـ«الجمهورية» ليلاً أنّ ما حصَل كان ضمن سلّة تفاهمات أنتجَتها اتّصالات حثيثة جرت طوال يوم أمس بين عون وبرّي ورئيس الحكومة سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وتمّ خلال هذه الاتصالات التفاهم على قانون انتخاب ستتولّى لجنة مختصة صوغَه قريباً، وربّما خلال أيام، في ظلّ أرجحيةٍ لاعتماد القانون التأهيلي، بحيث يكون التأهيل في القضاء على أساس النظام الأكثري والانتخاب على أساس الدائرة الموسّعة وفق النظام النسبي.

وكان عون قد توجَّه مساء أمس برسالة متلفَزة إلى اللبنانيين، قائلاً: «إنّني تعهّدتُ في خطاب القسَم على تصحيح التمثيل على الأسس الميثاقية، وتعهّدَت الحكومة في البيان الوزاري بإقرار قانون انتخاب يراعي صحّة التمثيل، وسبقَ وحذّرت من تداعيات التمديد»، مشدّداً على أنّ «التمديد حتماً لن يكون له سبيل في عهد إنهاض الدولة».

وفي أوّل تفسير لها كشفَت دوائر القصر الجمهوري في بعبدا لـ«الجمهورية» أنّ رئيس الجمهورية الذي استخدم صلاحياته بتجميد عمل مجلس النواب لمدة شهر وفقاً لمضمون المادة 59 أعاد الكرّة مرةً أخرى منذ العام 1926 حيث استخدم رئيس الجمهورية آنذاك هذه الصلاحية.

وإنّ أيّ رئيس للجمهورية لم يستخدم مثلَ هذه الصلاحية قبل «إتفاق الطائف» وبعده، واكتفى بعضهم بتوجيه رسائل الى مجلس النواب اكثر من مرة ووضِعت رسالته في درجِ رئيس المجلس بعد تلاوتِها في أوّل جلسة علنية يَعقدها المجلس.

ولفتَت المصادر إلى «أنّ هذه الخطوة التي شكّلت ممارسة كاملة لصلاحية الرئيس جاءت في سياق تطويق الأزمة التي استجدّت في الساعات الماضية نتيجة تجاهلِ دور وصلاحيات رئيس الجمهورية الذي لا يمكن تجاهله بعد اليوم. فإصراره صراحةً على ربطِ التمديد التقني بقانون جديد للانتخاب هو التوجّه الذي انتهت اليه الأزمة، وأن لا جلسة للتمديد ممكنة قبل الخطوة المتصلة بالقانون الجديد للانتخاب».

وإلى هذه الأجواء علمت «الجمهورية» أنّ زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لعون مساءً انتهت الى تفاهمٍ بينهما على أن يلجأ الحريري الى تكثيف اعمال اللجنة الوزارية المكلفة وضعَ القانون الجديد بحيث يمكن التوصّل اليه خلال عطلة عيد الفصح ليُدعى مجلس الوزراء الى جلسة محتملة الأربعاء المقبل للبتّ به وإحالته الى مجلس النواب.

عناوين القانون الجديد ولِدت

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ العناوين الأساسية للقانون الجديد نوقِشت امس بين عون والحريري بعدما قاربَت الاتصالات التي جرت بين «عين التينة» و«بيت الوسط» والضاحية الجنوبية عناوينَه الأساسية التي اقتربَت التفاهمات منها في الساعات الماضية.

وعلِم أنّ مرجعاً دستورياً وضَع تصوّراً في تصرّفِ رئيس الجمهورية مفادُه أنّ الحكومة ولو أنجزَت القانون الجديد فإنّ مجلس النواب لن يجتمع قبل الموعد الذي حدّده بري في 15 أيار المقبل وإنّ القانون الجديد الذي ستتناوله هذه الجلسة سيدمج بين القانون الجديد والتمديد التقني للمجلس.

إتّصالات مكّوكية

إلى ذلك كشفَت مصادر عملت على خط المفاوضات في الساعات الأخيرة لـ«الجمهورية» أنّ بشائر التفاهم بدأت تتظهّر صباحاً عندما تولّى أكثر من طرف اتّصالات مكوكية بين الرؤساء الثلاثة مفادُها العمل بكلّ ما هو متاح لتجنيب البلد «خميساً صعباً» فتجاوَب كلّ مِن عون وبري وبدأ العمل على إيجاد مخرج دستوري كحلّ يرضي الجميع. فاستعانَ عون بمستشاريه الدستوريّين الذين كانوا أبلغوه منذ اشتداد الأزمة أنّه يمكنه استعمال صلاحية المادة 59 لمرّة واحدة فقط لتعليق عمل المجلس النيابي، ونصَحه البعض ان لا تكون هذه الخطوة استفزازية، فتمّ تنسيقها مع بري الذي اجابَ بأنه يحقّ لرئيس الجمهورية استخدام كلّ صلاحياته في الدستور، ومَن ينادي بالدستور والديموقراطية لا يعترض على ايّ إجراء دستوري. ومَن ينادي بحفظ الصلاحيات والدستور لا يمكنه الاعتراض على خطوة كهذه».

وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية» إنّ «ردّ بري، وهو أبو الدستور والتعاون سهّلَ الأمور وتمّ الاتفاق على أن تنصبّ كلّ الاطراف على صوغ قانون انتخاب خلال هذا الشهر الذي تُعلّق فيه جلسات مجلس النواب».

وعلمت «الجمهورية» أنّه «خلافاً للأجواء فإن إعداد قانون الانتخاب قطعَ شوطاً كبيراً وبدأ يقترب من اتفاق عليه لن يكون بعيداً، وأنّ جميع الاطراف تعهّدوا إنجاز هذا القانون قبل جلسة الاثنين 15 أيار التي سيتمّ إقرارُه فيها وتعديل المهَل، علماً أنّ عون ابلغَ الى العاملين على هذا الامر رفضَه ان يكون التمديد سنةً وإنّما يكون تقنياً لمدة أدناها 3 أشهر وأقصاها 6 أشهر».

وتوقّف المراقبون عند خطوة عون فقالوا لـ«الجمهورية»:

ـ أوّلاً، هي خطوة متوقّعة وليست مفاجئة، خصوصاً انّها تندرج ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عنها في الدستور، وبالتالي من الطبيعي، لا بل من البديهي انّها لن تستجلب ايّ ردود سلبية عليها لأنّ هذه الردود امام هذه الواقعة ستكون بلا معنى.

ـ ثانياً، اهمّية هذه الخطوة انّها سحبت فتيلَ التفجير الشارعي وإن كانت قد أرجأته شهراً في حال لم يُتّفَق خلال هذه الفترة على قانون الانتخاب.

ـ ثالثا، وضَعت هذه الخطوة القوى السياسية بلا استثناء امام مسؤولية إعداد قانون جديد للانتخاب بدءاً من رئيس الجمهورية كونه رئيسَ السلطة التنفيذية عندما يترأسها، ورئيس الحكومة والحكومة الى مجلس النواب ورئيسه وإلى سائر الاحزاب السياسية بأنّها صارت ملزَمة خلال هذا الشهر، إمّا الذهاب بعده إلى انفجار وإمّا الوصول الى قانون انتخابي جديد.

ـ رابعاً، هي خطوة تفرض الذهاب سريعاً الى وضع كلّ الافكار والطروحات الانتخابية على الطاولة، ليس طاولة لجنة وزارية، بل على طاولة مجلس الوزراء كونه يمثّل جميع الافرقاء، او على طاولة حوارية جدّية يدعو اليها رئيس الجمهورية لعقدِ جلسات مفتوحة توصّلاً الى القانون الجديد.

ـ خامساً، إنّها خطوة تؤكد انّ المرحلة ليست من السهولة التي يعتقدها البعض، بل إنّ ما تبيّن خلال الساعات الـ 24 الماضية دلَّ الى انّ لبنان في وضعٍ مهتزّ لا يحتمل ايّ خضّات سياسية أو غير سياسية. وكان عون قد تابَع الاتصالات السياسية الجارية على مختلف المستويات والمتعلقة بالدعوة التي وُجّهت الى مجلس النواب للانعقاد اليوم وعلى جدول اعماله اقتراح قانون للتمديد للمجلس سنَة إضافية.

وتركّزت الاتصالات على السبل الآيلة الى معالجة هذه المسألة في ضوء ردود الفعل السياسية والشعبية الرافضة التمديد للمجلس، خصوصاً أنّ عون كان قد ركّز في مواقفه على ضرورة إقرار قانون انتخاب جديد يلبّي طموحات اللبنانيين التي لا تأتلف مع الاقتراح المقدّم للتمديد، لافتاً الى الأبعاد السلبية لمِثل هذه الخطوة.

برّي

وكان برّي قد تلقّفَ خطوةَ عون إيجاباً، فسارَع الى القول: «أمّا وقد استعملَ رئيس الجمهورية نصّ المادة 59 من الدستور التي تعطيه الحقّ بتأجيل انعقاد المجلس الى امدٍ لا يتجاوز شهراً واحداً، فإنني مرّة أخرى أعتبر هذه الخطوة من فخامة الرئيس التي تُستعمل لاول مرّة في تاريخ لبنان، هي في سبيل تأمين مزيد من الوقت للاستفادة منه بالتوصّل الى تفاهم على قانون جديد طالما نادى الرئيس ان يكون هذا القانون تحت سقف النسبية.

بدوري وانسجاماً مع موقفِه أرجئ جلسة الغد الى الخامس عشر من شهر أيار المقبل، آملاً التوصّل الى صيغة قانون موحّدة تسمح بتمديد تقني ينأى بنا عن الفراغ القاتل والذي يؤدّي بلبنان الى الانتحار المؤكّد».

وكان بري قد قال في «لقاء الأربعاء» النيابي:» إنّنا كنّا دائماً منفتحين في النقاش حول قانون الانتخاب لإنتاج قانون جديد وإجراء الانتخابات على أساسه. لكنّنا مضطرّون في غياب التوصّل الى اتّفاق على القانون الى تجرّع سمِّ التمديد لتلافي الفراغ القاتل والمدمّر للبلاد». وأضاف: «عندما نتّفق على قانون الانتخاب ونقرّه فإنّه في مقدورنا تعديل مدة التمديد ومفاعيلها آخذين في الاعتبار هذا القانون الجديد لإجراء الانتخابات على أساسه».

وأكّد بري حرصَه على العهد والمؤسسات الدستورية، مشيراً إلى «أنّ هذا الحرص يقتضي منّا جميعاً عدم الذهاب الى الفراغ في المجلس النيابي في كلّ الحالات».

الراعي

واتّصَل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساءً بعون وشكرَه على قراره بتأجيل انعقاد مجلس النواب لمدة شهر «وقد بدَّد بذلك الغيوم الملبّدة في الأجواء السياسية اللبنانية»، وتبادلا «التمنّي بأن تكون هذه الفترة فترةَ عمل جدّي ومكثّف للوصول الى قانون جديد للانتخابات». كذلك اتّصل الراعي ببرّي وهنّأه على موقفه.

الحريري

وقبَيل إعلانه قرارَه، استقبلَ عون رئيسَ الحكومة سعد الحريري الذي اعلنَ بعد اللقاء أنّ العمل جارٍ للوصول الى تفاهمات. وقال: «سنَستكمل مفاوضاتنا لمحاولة الوصول الى حلول في شأن قانون الانتخاب».

وكانت الاتصالات قدة نشَطت على خط السراي الحكومي التي زارها الوزير «القواتي» بيار ابو عاصي والنائب «الاشتراكي» وائل ابو فاعور. في وقتٍ ألغى الحريري مواعيده وتفرّغ لإجراء اتصالات متلاحقة مع عون وبري ومختلف القوى السياسية لإيجاد مخرج لمأزق الخلاف على مشروع قانون الانتخاب وتفادي ايّ تداعيات سلبية.

«التيار الوطني الحر»

ومساءً أعلنَ «التيار الوطني الحر» تعليق التظاهر اليوم في ضوء قرار رئيس الجمهورية بتعليق جلسات مجلس النواب لمدة شهر. ووجّه رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل رسالة صوتية الى «التياريين» والكوادر هنّأهم فيها على ما سمّاه «الإنجاز الذي تحقّقَ بمنعِ التمديد بالاستناد الى صلاحيات معطاة لرئيس الجمهورية واستخدمها للمرةّ الاولى بأنه أوقفَ جلسة التمديد».

وقال: «لكم مساهمة كبرى في ذلك لأنّ ما قمتم به في الساعات الـ24 الماضية أظهرتم نبضَ التيار والنبضَ اللبناني الذي ما زال رافضاً الشواذ في الدولة».

وأضاف: «سنرتاح اليوم الى وقتٍ قصير لأننا سنبقى جاهزين ومستعدّين لإنهاء هذه العملية وإنجاز قانون انتخاب جديد. وكما وعدناكم ووعدنا اللبنانيين سيكون لدينا قانون انتخاب جديد يعطينا صحّة التمثيل في الحد الأدنى ويعطينا حقوقنا».

وكان وفد من تكتّل «التغيير والإصلاح» جالَ أمس على الراعي والحريري ونائب الامين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، باحثاً في مسألة الجلسة التشريعية والتمديد. واعتبر أمين سر «التكتل» النائب ابراهيم كنعان «أنّ التمديد هو اغتصاب للسلطة ولإرادة الناس»، لافتاً الى أنّ عدم إقرار قانون انتخاب لا يبرّر التمديد». وقال: «سنواجه التمديد نيابةً عن جميع اللبنانيين، ولا أحد يتلطّى بنسبية وأكثري حتى يفرض أمراً واقعا».

«القوات»

وأعلنَت الأمينة العامة لحزب «القوات اللبنانية» الدكتور شانتال سركيس إلغاءَ تحرّكِ اليوم في الشارع، بعد تأجيل رئيس الجمهورية جلسة مجلس النواب شهراً، وأكدت أنّ «الحزب سيستمر في التحضير لقانون الانتخاب الجديد».

«الكتائب»

وقرّرت مصلحة الطلاب في حزب الكتائب تعليق الاعتصام اليوم. وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» إنّ الحزب «لا يتعاطى مع ملف التمديد وقانون الانتخابات بطريقة موسمية وعندما تدعو الحاجة، بل في شكل ثابت وعلى أسُس واضحة». وأضاف: «إذا كان البعض قد دعا قبل يومين الى مقاطعة جلسة التمديد فإنّ حزب الكتائب سبقَ الجميع الى مقاطعة التمديد قبل ٣ سنوات عندما حضَر الآخرون ووافقوا على التمديد».

وأكّد أنّ الحزب «منسجم مع نفسه واقتناعِه، فهو عندما يرى ضرورةً للمعارضة يستقيل من الحكومة مثلما فعلَ في الحكومة السابقة ويمتنع عن المشاركة مثلما فعلَ في الحكومة الحالية، ويعارض في مجلس النواب والشارع. أمّا التظاهر في الشارع مع البقاء في الحكومة فازدواجية تفتقد الى الصدقية و«شعبوية» يحاول من خلالها بعض أركان السلطة تلميعَ صورتهم أمام الرأي العام».

وكان رئيس الحزب النائب سامي الجميّل قد قال لـ«الجمهورية» تعليقاً على التحرّكات التي كانت مقرّرةً، متوجّهاً الى المشاركين في الحكومة: «تجاهلتم قانون الانتخاب على مدى 24 جلسة لمجلس الوزراء، أنتم جميعاً مسؤولون».

«الأحرار»

وفيما يغيب حزب الوطنيين الأحرار عن تحرّكات الشارع، أوضح رئيس الحزب النائب دوري شمعون لـ«الجمهورية» انّه سيشارك في جلسة التمديد على رغم انّ موقفه المبدئي هو معارض للتمديد بكلّ أشكاله «لكنّ لبنان لا يستطيع البقاءَ بلا مجلس نواب في ظلّ الاحداث الجارية في المنطقة».

وعن موقف «التيار الوطني الحر» والقوات» قال شمعون: «كلّ عمرُن أغبياء، وهذا ليس بجديد. هم شاطرون بـ«الهوبَرة» فقط، وهم مختصّون بالقرارات الخاطئة فقط. إسألوهم ضد مَن سيتظاهرون؟ وأيّ مجلس نواب انتخَب العماد ميشال عون رئيساً؟». أضاف: «من ينزل الى الشارع يفعل ذلك احتجاجاً على جلسة التمديد، وهم أساساً لا يريدون الجلسة ولا يريدون المجلس، فما دخلنا نحن؟».

وذكّر شمعون بما كان قد قاله سابقاً من أن «لا قانون انتخاب في الوقت الحالي». وقال: «نحن لا نفتّش على مكسب شخصي، هناك مصلحة بلد و«صاقبَت إنّو ربّنا أعطانا أحلى بلد لكن أسوأ جيران»، وما يحدث في المنطقة يمكن ان ينتقل إلينا بين ليلة وضحاها، فماذا يمكن ان يحدث عندئذ؟

لذلك أقول تروّوا قليلاً «هيك هيك صرلنا كذا سنة مِش طايقين مجلس النواب» لكن لا غِنى عنه في ظلّ الوضع الراهن، فلِمَ العجلة؟ تفضّلوا وضَعوا قانون انتخاب لنصوِّت عليه، لكن أن نلغي مجلس النواب لأنكم لم تتمكّنوا من الاتفاق على قانون، فما ذنبُ البلد».

وحمّلَ شمعون «الثنائي المسيحي والآخرين المنشغلين بأنفسهم وليس بمصلحة البلد» المسؤولية عن عرقلة إقرار قانون جديد.

مراجع أمنية ارتاحت للحلّ

وفي هذه الأجواء عبّرت مراجع أمنية معنية لـ«الجمهورية» عن ارتياحها للخطوات الدستورية التي أرجَأت التحرّك الشعبي (غداً) اليوم رغم أنّها لم تكن تخشى حصولَ ما يمسّ بالأمن العام، فالأجهزة الأمنية كانت جاهزة لاستيعاب التحرّك أياً كان حجمه، ولم تكن تخشى سوى إمكان أن تخرق بعضُ المجموعات الفوضوية التحرّكَ الشعبي لإجراء نوع من البَلبلة لا أكثر ولا أقلّ.

 

 

الاخبار :

قال الرئيس ميشال عون كلمته، فأخرج البلاد من مأزق كادت تقع فيه. والمأزق هنا مواجهة في الشارع، حملت قبل أن تبدأ أبعاداً طائفية. استخدم رئيس الجمهورية حقاً دستورياً لم يستعمله قبله أي رئيس، منذ عام 1927، فقرر منع انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر كامل، استناداً إلى صلاحية منحته إياها المادة 59 من الدستور.

صحيح أن الرئيس لم يطرح مبادرة، لكن ما قام به كان نتيجة للاتصالات التي أُجريت في الليلة السابقة، وطوال يوم أمس، وأفضى إلى اتفاق القوى السياسية الرئيسية على واحد من اقتراحات الوزير جبران باسيل الثلاثة، وهو الاقتراح الذي ينص على إجراء الانتخابات على مرحلتين، الأولى يحصل فيها التأهيل وفق الاقتراح الأرثوذكسي الأكثري وعلى مستوى القضاء، وثانية، يجري فيها الانتخاب على أساس النسبية الكاملة، وعلى مستوى عشر دوائر.
وبعد تفاهم أولي جرى ليل أمس الأول، بين التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، انضم إليهم ليل أمس تيار المستقبل وتيار المردة، مع تسجيل «إيجابية أولية» من جانب النائب وليد جنبلاط، مع بقاء المعارضة الرئيسية من جانب «القوات اللبنانية».


 

 

وبحسب المعلومات، فإن التيار الوطني الحر سيعمل بالتعاون مع الرئيس سعد الحريري على تأمين موافقة «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي، ليصار إلى دعوة الحكومة إلى اجتماع لإقرار المشروع بعد انتهاء عطلة الفصح الاثنين المقبل، ليُحال بعدها على المجلس النيابي، على أن يصار في خلال هذه الفترة على تقدير الوقت الذي تحتاجه الإدارات المعنية بإجراء الانتخابات، حتى تُحدَّد مدة «التمديد التقني» المفترض إنجازه بقانون في المجلس النيابي، وسط استمرار مطالبة الحريري بسنة على الأقل، ورغبة الرئيس عون بمهلة تنتهي آخر الصيف المقبل.
هذا القانون الذي اقترحه الرئيس نبيه بري قبل أشهر، ثم أُدخل عليه تعديلات باسيل، هو أقل سوءاً من مشروع باسيل المختلط. لكنه سيواجَه بمعارضة قوى كثيرة في البلاد، من الأحزاب العلمانية، إلى القوى الناشطة تحت اسم المجتمع المدني. ومشكلة القانون أنه يكرّس كون اللبنانيين رعايا طوائف، ولا مجال لأيٍّ منهم بالتغريد خارج السرب المذهبي. ورغم أن نظام «الوساطة الطائفية» المعتمد في لبنان هو أمر طارئ، وأن دستور الطائف نص على إلغاء الطائفية السياسية، إلا أن مشروع القانون هذا يسير عكس المسار الدستوري. وكما لو أنَّ اللبنانيين لم يختبروا القوى السياسية ووعودها، فإن الاتفاق يتضمّن التخلي عن «التأهيل الطائفي»، فور إنشاء مجلس للشيوخ يُنتَخَب أعضاؤه طائفياً، وفق قانون اللقاء الأرثوذكسي.
فكرة الاقتراح الجديد تقوم على أن تُجرى الانتخابات على مرحلتين:
الأولى، مرحلة التأهيل الطائفي. يجري فيها الاقتراع في دوائر قانون «الستين» المعتمدة حالياً، شرط أن ينتخب المسلمون مرشحين مسلمين، والمسيحيون مرشحين مسيحيين. وبعد فرز النتائج، يتأهل إلى الدورة الثانية مرشحان اثنان عن كل مقعد، وهما مَن حلّا في المركزين الأول والثاني. مثلاً، في دائرة جبيل (فيها مقعدان مارونيان ومقعد شيعي)، يتأهل إلى المرحلة الثانية أربعة مرشحين موارنة، هم من حصلوا على المراتب الأربعة الأولى بين المرشحين الموارنة، ومرشحان شيعيان هما من حازا المركزين الأول والثاني بين المرشحين الشيعة.
وفي المرحلة الثانية، تُعتمد النسبية الكاملة، في 10 دوائر، هي: دائرة عكار، ودائرة لبنان الشمالي (تضم باقي أقضية الشمال)، دائرة بعلبك الهرمل، دائرة زحلة والبقاع الغربي، دائرة جبل لبنان الشمالي (جبيل وكسروان والمتن وبعبدا)، دائرة جبل لبنان الجنوبي (تضم الشوف وعاليه)، بيروت الأولى (الأشرفية، الرميل، المدور المرفأ، الصيفي، الباشورة)؛ بيروت الثانية (رأس بيروت، دار المريسة، ميناء الحصن، زقاق البلاط، المزرعة، المصيطبة)؛ دائرة الجنوب وتضم صيدا وصور والزهراني وجزين؛ ودائرة النبطية (النبيطة، بنت جبيل، مرجعيون، حاصبيا).


 

 


وإضافة إلى كون هذا المشروع يثبّت مرة جديدة انتماء اللبنانيين إلى طوائف، فإن فيه الكثير من السيئات الأخرى، أبرزها:
ــ عشرات آلاف اللبنانيين سيكونون ممنوعين من الاقتراع في الدورة الأولى، وهم الناخبون المسيحيون في أقضية صور والنبطية وبنت جبيل والمنية ــ الضنية وصيدا، والناخبون المسلمون في جزين والأشرفية والمتن وكسروان والبترون وزغرتا والكورة وبشري.
ــ نظرياً، يمكن القوى ذات الأغلبية الساحقة في دوائرها، أن تمنع أي منافسة لها في بعض الدوائر. في المثال العملي، يمكن ثنائي حزب الله ــ حركة أمل أن يتمكّن من حسم الانتخابات في صور والنبطية وبنت جبيل، وعلى المقعدين الشيعيين في الزهراني، والمقعد الشيعي في جبيل، من الدورة الأولى. ففي الزهراني، يمكنهما ترشيح أربعة حزبيين، سيحصدون المراكز الأربعة الأولى، ويكونون بالتالي المتأهلين إلى الدورة الثانية. وكذلك في باقي الدوائر التي لا أصوات مسلمة غير شيعية فيها.
ــ لا يحق لمن شطبوا قيدهم الطائفي الاقتراع في الدورة الأولى، إلا إذا أجبرتهم السلطة على الانتماء، ولو على لوائح الشطب حصراً، إلى طائفة.
مصادر بارزة في التيار الوطني الحر قالت لـ«الأخبار» إن «الجميع مشى بقانون باسيل ــــ 2. اتفقنا في شكل أكيد، مع الرئيس الحريري وحزب الله وحركة أمل، على القانون التأهيلي على مرحلتين، في الأولى طائفي أكثري يتأهل فيه مرشحان عن كل مقعد، وفي الثانية نسبية كاملة في عشر دوائر». ولفتت إلى أن الاتفاق شمل أيضاً العمل على تبنّي اقتراح إنشاء مجلس شيوخ على أساس طائفي مقابل انتخاب مجلس النواب على أساس النسبية الكاملة «على أن نمشي به في الانتخابات ما بعد المقبلة إن لم نتمكن من إنجاز ذلك قبل الانتخابات التي نحن في صددها».
وأوضحت المصادر أن «الاتصالات المكثفة نهاراً تُوِّجت بزيارة الحريري لبعبدا قبل توجّه الرئيس عون بكلمته إلى اللبنانيين لتأكيد اتفاقنا أمامه». وشدّدت على أنه «لولا أننا أردنا، من جهتنا، انتظار موقف القوات اللبنانية، لكنا قرّرنا عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً (اليوم) للاتفاق على مشروع القانون وإرساله إلى مجلس النواب». ولفتت إلى أن الجميع «تحلّوا بالمسؤولية بعدما لمسوا حجم الاستياء الشعبي، وحجم التحرك الذي كنا في صدده. ومن الآن فصاعداً الجميع سيعدّ للمئة قبل التفكير في تمديد جديد».
في المقابل، قدّم حزب القوات اللبنانية عدداً من الملاحظات على الاقتراح، علماً بأنَّ التقسيم النهائي للدوائر كان لا يزال قيد البحث، فضلاً عن عدم الاتفاق على تحديد «عتبة التمثيل» في الاقتراع النسبي.

 

البلد :


في سباق محموم بين الفراغ والتمديد لمنع الفراغ وقبل ً ا عقدها في ساحة ساعات من جلسة اليوم التي كان مقرر النجمة وبعد تأزم االوضاع واستفحال »الخطاب الطائفي«، ّ ل حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجدل فأج ً ا جلسة التمديد لشهر واحد بعدما علق عمل المجلس شهر ً ا كما تنص المادة 59 من الدستور في المقابل اجل واحد رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة المذكورة الى 15 ايار المقبل. بينما الغى التيار الوطني الحر والقوات التظاهرة التي كانت مقررة اليوم ضد التمديد. وفي مطلق االحوال يشكل ً لل«المشكل« لشهر آخر ويجب ان قراري عون وبري تأجيال ً ا للتوصل الى قانون جديد ً ا اضافي يعتبر هذا التأجيل حث لالنتخاب. وأعلن عون عن »تأجيل انعقاد جلسة مجلس النواب لمدة ً ا شهر واحد استنادا الى نص المادة 59 من الدستور«، متوجه الى اللبنانيين واللبنانيات بالقول »أديت عند انتخابي رئيسا يمين االخالص للدستور والقوانين والحفاظ على استقرار ً أن »وثيقة الوفاق أصبحت جزءا ال يتجزأ لبنان ووحدته«، معتبرا من الدستور وتنص على ارجاء االنتخابات وفق قانون يضمن العيش المشترك وصحة التمثيل لجميع فئات الشعب«. وفي رسالة متلفزة، لفت عون إلى »أنني تعهدت في خطاب القسم على تصحيح التمثيل على االسس الميثاقية، وتعهدت الحكومة في البيان الوزاري باقرار قانون انتخاب يراعي صحة التمثيل، وسبق وحذرت من تداعيات التمديد«، مشددا على أن »التمديد حتما لن يكون له سبيل في عهد انهاض الدولة«. وصرح بري بما يلي:«اما و قد استعمل رئيس الجمهورية نص المادة 59 من الدستور التي تعطيه الحق بتأجيل انعقاد المجلس الى امد ال يتجاوز شهرا واحدا ، فاني مرة اخرى اعتبر هذه الخطوة من الرئيس عون التي تستعمل الول مرة في تاريخ لبنان، هي في سبيل تأمين مزيد من الوقت لالستفادة منه بالتوصل الى تفاهم على قانون جديد، طالما نادى الرئيس ان يكون هذا القانون تحت سقف النسبية. بدوري وانسجاما مع موقفه ارجئ جلسة الغد الى الخامس ً في التوصل الى صيغة قانون عشر من شهر أيار المقبل ، آمال موحدة تسمح بتمديد تقني ينأى بنا عن الفراغ القاتل والذي يودي بلبنان لالنتحار المؤكد«. وتلقى الرئيس بلري اتصاال من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي هنأه على موقفه. وكان رئيس الحكومة سعد الحريري اجرى مشاورات مكثفة ً من شملت عون وبري والنائب وليد جنبالط والتقى وفدا »التغيير واالصالح« والقوات اللبنانية كما زار وفد »التغيير واالصالح« نائب االمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي