أولاً: الانعطافة الإيجابية في السياسة الأميركية...
بعد فترة من التخبط الذي عرفته إدارة الرئيس ترامب حول الموقف من النظام السوري، وتصريحات الرئيس بضرورة تركيز الهدف للقضاء على داعش والإرهاب، ومهادنة بشار الأسد، واعتباره مقبولاً في فترة حكم انتقالية ريثما يتمّ خلالها القضاء على الإرهاب، هاهي الإدارة الأميركية اليوم تختطّ مساراً جديداً من خلال ضربها لقاعدة الشعيرات العسكرية الجوية، ممّا شكّل انعاطفة إيجابية ولا شك في التعامل مع الأزمة السورية.
ثانياً: الضربة الضرورية...

إقرا أيضا: الرد الأميركي يلقن النظام السوري درساً بعلِم روسيا

بعد التّثبُّت من استعمال السلاح الكيماوي من قبل النظام السوري ضد المدنيين، الذي كان قد أفلت من العقاب بعد استخدامه لهذا السلاح عام ٢٠١٣ ولاكثر من مائة مرة بعد ذلك، كان لا بُدّ للولايات المتحدة أن تتحرك بالفعل هذه المرة لا بالقول،وبدت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن واضحة جداً في توزيع المسؤوليات عن ارتكاب المجازر في سوريا، بدءاً من النظام ومرورا بروسيا وصولا حتى إيران وميليشياتها، وجزمت بضرورة وقف الهجمات بأسلحة الدمار الشامل، ووضع حدٍّ نهائي لها.

إقرا أيضا: لمن يحرم الإستعانة بالأميركي هل يجوز له الإستعانة بالروسي؟

ثالثاً: الضربة "الضرورية" غير كافية...
تبقى هذه الضربة غير كافية، فالمنطقة الآمنة التي وعد بها الرئيس ترامب لم يتمّ الإعلان عنها والعمل على تنفيذها، فالنظام يعتمد، مع شريكه الروسي، على الضربات الجوية في قتل أكبر عدد ممكن من الناس في مناطق المعارضة، وما زال مستمراً في استعمال البراميل المتفجرة،حتى تجرّأ بحماقته وإجرامه على استعمال السلاح الكيماوي. كما أنّ التنسيق مع الروس على أرض سوريا يجعل الخطط الأميركية اتجاه سوريا عُرضة للتّقلبات الظرفية وعدم الوضوح في التعجيل ببلورة مرحلة سياسية انتقالية بدون الأسد وأركان نظامه، مُتضافرة مع إنهاء الوجود الإيراني في سوريا مع ميليشياته.

إقرا أيضا: حسابات ترامب أكبر من كيماوي الأسد

إذا كانت الضربة الأميركية بداية خطوات صحيحة اتجاه السلم العالمي والسلم الإقليمي والسلم الضروري للشعب السوري الذي طالت معاناته قتلاً وتهجيراً واعتقالاً وتدميراً تكون قد أدّت دورها اللازم في خريطة الصراع العالمي، وإذا تخلّت عن هذا الدور ،تكون هذه الضربة صرخة في واد، لا تلبث أن يطويها النسيان وحوادث الزمان.