نشرت مجلة "بوليتكو" مقالا لمحررها بليك هاونزهيل، يعلق فيه على التحول في السياسة الاميركية المتعلقة بسوريا.

ويقول الكاتب: "على مدار أسبوع دار الرئيس الاميركي دونالد ترامب وفريقه دورة كاملة، من الإعلان عن إمكانية بقاء الديكتاتور القاتل في السلطة، إلى شن هجوم صاروخي ضد النظام، وبشكل محتمل التزام الولايات المتحدة في نزاع عسكري لم يتضح بعد مجاله وحجمه".

ويضيف هاونزهيل في مقاله، أن "التحويل يسبب الدوار في الرأس من رجل اشتكى دائما خلال حملته الرئاسية من تريليونات الدولارات، التي ضيعتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ودعا سلفه عام 2013 لئلا يقوم بهجوم عسكري أحمق ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه".

ويستدرك الكاتب بأن "ترامب لا يمكن وصفه بأي شيء، أو كما قال يوم الأربعاء بأنه مرن، حيث وصف في المؤتمر الصحفي الهجوم المروع على الأطفال الذين تعرضوا للغاز السام، ما أدى إلى تغير موقفه من الأسد، الذي حملته المخابرات الاميركية المسؤولية، وعندما سئل عما هو فاعله، قال: "لا أقول ماذا سأفعله بطريقة أو بأخرى".

ويشير هاونزهيل إلى أنه "عندما بدأت التقارير تتسرب حول تفكير الإدارة الاميركية بعمل عسكري، فإن ترامب التزم الصمت، وعندما ركب طائرته الرئاسية أخبر الصحفيين المرافقين له أنه لن يكشف عن خططه، وعندما ضغط عليه الصحفيون، قال: "إنه هناك.. الأسد ويدير الأمور، وأعتقد أن أمرا سيحدث".

ويعلق الكاتب قائلا إن "الرسائل من الإدارة الاميركية ظلت متناقضة، حيث تحدث وزير الخارجية ريكس تيلرسون عن عملية متدرجة، تقتضي أولا هزيمة تنظيم داعش، ومن ثم تحقيق الاستقرار في سوريا، "والعمل بشكل جماعي مع شركائنا حول العالم في عملية ستؤدي إلى خروج الأسد"، إلا أن مجلس الأمن القومي اجتمع مساء ليقدم توصيات قرارات للرئيس، الذي اتصل من فلوريدا، حيث أعلن قائلا: "هذه الليلة أمرت بهجوم عسكري محدد على قاعدة جوية سورية انطلقت منها الهجمات الكيماوية"، وقال إن الهجوم ضروري لمنع انتشار السلاح الكيماوي وتهديد الأمن القومي الاميركي".

ويرى هاونزهيل أن "هذه الهجمات التي أمر بها ترامب تعد مقامرة غير عادية، لا يعرف لا هو أو إدارته تداعياتها، فالنزاع السوري معقد، ويتكون من عشرات فوق عشرات من الجماعات المقاتلة التي تقاتل ضد النظام والمليشيات المؤيدة له من حزب الله والجماعات الشيعية الأخرى، بالإضافة إلى إيران وروسيا، وهناك بعض الفصائل المؤيدة لتنظيم القاعدة، وأخرى تعمل مع تنظيم داعش، فيما تعمل الولايات المتحدة مع الجماعات الكردية التي تعد العدو الأبدي لتركيا".

ويتساءل الكاتب عما إذا كان ترامب قد فكر بهذه التعقيدات، حيث قالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي قبل أسبوع: "لم تعد أولويتنا الجلوس والتركيز على الإطاحة بالأسد"، فيما تحدث تيلرسون بلغة تشبه تلك التي يتحدث بها الروس عادة، قائلا: "على المدى البعيد، فإن مصير الأسد يقرره الشعب السوري"، وقبل أشهر كان ترامب يؤكد أن تركيز الدبلوماسية الأمريكية سيكون هزيمة تنظيم الدولة، وقال في مقابلة مع "رويترز": "لو استمعت لهيلاري كلينتون، فستنتهي الأمور إلى حرب عالمية ثالثة"، وأضاف: "لم تعد تقاتل سوريا وحدها فأنت تقاتل سوريا وروسيا وإيران، هل هذا صحيح؟ وروسيا هي دولة نووية، يعمل فيها السلاح النووي كمضاد للدول التي تتحدث".

ويعلق هاونزهيل أن "هذا كان في تشرين الثاني، فماذا سيحدث بعد ذلك؟ ويجيب قائلا: "من الحماقة التكهن بما سيحدث، وحتى ترامب نفسه قد لا يعرف، وعلى ما يبدو فإنه يمكننا الآن الاستغناء عن روايته في أثناء الحملة الانتخابية، وأنه حمامة، فقد أصبح الآن رئيس حرب، وحتى الآن فإنه قام بقصف جانبي الصراع في سوريا، واستخدم القوة العسكرية في اليمن، التي زاد فيها عدد الغارات الجوية بطائرات دون طيار، وأمر بعملية للقوات الخاصة، أدت إلى مقتل أحد جنود وحدة الفقمة، وأمر بزيادة عدد القوات الاميركية في العراق وسوريا، واعتبر ترامب الصومال محور حرب يعطي القوات العسكرية حرية لشن غارات جوية دون انتظار موافقة البيت الأبيض".

ويخلص الكاتب إلى القول: "لا أحد توقع قيام ترامب بشن حرب للانتقام للأطفال السوريين الذين منعهم من القدوم إلى الولايات المتحدة لاجئين، لكننا أمام رجل لا يحب أن يتكهن أحد بحركاته، ففي عام 2013، عندما لم يكن سوى ملياردير ورجل عقارات مدمن على تويتر، قال إنه لو قرر ضرب سوريا فإنها ستكون مفاجأة لن تظهر على شاشات الإعلام كلها مثل المغفلين".