يترقب مخيم عين الحلوة حلول موعد انتشار القوة الأمنية الفلسطينية الجديدة في المخيم، بقيادة العقيد بسام السعد. الأوضاع الشائكة في المخيم، والعلاقات المعقدة بين الفصائل، عنصران يؤدّيان إلى تأخير دخول عمل القوة حيز التنفيذ. والحسابات نفسها هي ما دفع أنصار الله وعصبة الإنصار إلى الإنسحاب من القوة الأمنية، ما أدى إلى عرقلة عمل القوة وتأجيل تسلّمها مهماتها الميدانية، نظراً لفعل تأثير الفصيلين الإسلاميين على مسار الأمور داخل المخيم.

ورغم انتهاء اجتماع الفصائل الفلسطينية، الأربعاء، والذي جرى خلاله الاتفاق على وجوب إطلاق عمل القوة، وجرى تحديد عصر يوم الجمعة موعداً لبدء إنتشار عناصرها المئة، إلا أن هناك العديد من العقبات لاتزال أمامها لضبط الوضع بشكل نهائي وحسم أي توتر قد ينتج عن أي إشكال. ويؤكد السعد أن القوة ستحظى بصلاحيات واسعة، وستعمل على توقيف أي مخل بالأمن عبر التنسيق بين الفصائل، ولكن ليس بالطريقة التي كانت تتم فيها معالجة هكذا أوضاع أيام القوة السابقة.

وفيما يبدو العديد من المسؤولين الفلسطينيين متفائلين بما ستقوم به هذه القوة، إلا أن هناك طرفاً آخر مازال على حذره، ويعتبر أن هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي إلى تفجير الوضع مجدداً. وتقول المصادر: "هناك تهديدات وجهت ضد القوة الأمنية وعملها. فقد هدد بلال بدر، الأربعاء، باحتلال أحد حواجز القوة الأمنية، في حال انتشرت في سوق الخضار، أي بالقرب من مكتب الصاعقة". علماً أن هذا الموقع محدد لتركيز حاجز عليه وفق خطة القوة الأمنية.

تهديد آخر صدر من أحد المطلوبين الإسلاميين ويدعى أبو جمرا، بقصف مركز سنترال البراق، الواقع في الشارع التحتاني، إذا انتشرت القوة الأمنية هناك. لكن، مقابل هذه التهديدات تأخذ عصبة الأنصار على عاتقها مسألة معالجة أي إشكال من هذا النوع، عبر توليها الدخول في مفاوضات مع هؤلاء الأشخاص، لتأمين تمرير سلسل للخطة الأمنية.

هنا، لا بد من التوقف عند عودة العصبة للمشاركة في القوة الأمنية، مع الإشارة إلى زيادة عناصرها فيها. أسباب عديدة دفعت العصبة إلى الإنسحاب من القوة في المرحلة الأولى، وبعد معالجتها، عادت للمشاركة. وتؤكد المصادر أن من تلك الأسباب مطالبة العصبة بتوسيع صلاحياتها، وأن لا تتقاطع صلاحيات القوة الأمنية مع مناطق نفوذ العصبة، وتحديداً في حي الصفصاف. أما الأسباب غير المعلنة، فهي مطالبة العصبة بتوسيع مشاركة عناصرها في القوة الأمنية. وتقول المصادر: "في القوة السابقة، التي كانت تضم نحو 450 عنصراً، وكانت حصة القوى الإسلامية فيها نحو مئة عنصر، نصفهم للعصبة. بالتالي، فإن ميزانية هؤلاء كانت نحو خمسة عشر ألف دولار. أما اليوم فإن كامل عديد القوة الأمنية يبلغ 100 عنصر. بالتالي، سيكون للعصبة منهم 15 عنصراً، لكن في النهاية نجحت العصبة في زيادة عدد عناصرها. ولا يتعلّق الشق المالي بتأمين ميزانية للعناصر فحسب، إنما جزء من الأموال التي تتقاضها العصبة من جراء مشاركتها في القوة الأمنية. فهي تصرفها في سبيل ارضاء بعض الأطراف الذين يعملون على توتير الأجواء أو افتعال الاشتباكات.

وكما حال العصبة، كذلك الأمر بالنسبة إلى أنصار الله. فهي أعلنت قبل فترة السيطرة الكاملة على مخيم المية ومية، بعد انسحاب القوة الأمنية، وسجلت اعتراضها على طريقة تشكيل القوة الأمنية. وتؤكد المصادر أن ما ترده أنصار الله ليس في عين الحلوة، بل منحها صك السيطرة على مخيم المية ومية. بالتالي، حصولها على ميزانية لقاء ضبطها الأوضاع فيه. وحتى الآن، لاتزال المفاوضات جارية بين أنصار الله والفصائل. أما في حال فشلت، فتتخوف المصادر من أن تتوتر الأجواء، وليس بالضرورة عبر أنصار الله إنما عبر بعض المستفيدين منها.

وفي حال حصول أي توتر جديد أو إفتعال أي إشكال، فإن حركة فتح لن تسكت عنه بحسب ما تؤكد المصادر، لأن فتح الآن هي غير فتح سابقاً، وهي أصبحت متحررة من أعباء التنازل عن حقها والصمت أمام الاعتداءات التي تتعرض لها. وتؤكد المصادر أن فتح لن تسكت بعد اليوم، والدليل هو الاشتباك الماضي. وتلفت المصادر إلى أن فتح قد تكون حصلت على ضوء أخضر بعدم السكوت.

في أي حال، فإن غداً لناظره قريب، وستكون القوة الأمنية أمام أول اختبار فعلي. بالتالي، فإن أي حدث قد يحصل بعد إنتشارها سيكون اختباراً أساسياً لها. فإذا لم تستطع أن تقوم بما يتوجب عليها، لن تصمد وقد "تفرط" مجدداً. أما الاحتمال الثاني، فهو أن يتم تسجيل إختراق من قبل القوة الأمنية في مكان ما، عبر تنفيذ عملية أمنية، بالتعاون مع القوى الإسلامية والعصبة، للقبض على عدد من المطلوبين الكبار وتسليمهم إلى الدولة اللبنانية. وبذلك يمكن إيصال رسالة إيجابية عن فعالية القوة. لكن المصادر تستبعد إمكانية حصول ذلك في هذا الوقت، خصوصاً أن القوى الإسلامية تطالب بمقابل لذلك. وهذا المقابل سيكون حلّ بعض الملفات القضائية لمطلوبين آخرين. وهذا غير ممكن بالنسبة إلى الدولة اللبنانية.