هل حركت رسالة الرؤساء الخمسة المياه الراكدة في السياسة اللبنانية؟
 

تركت رسالة الرؤساء الخمسة الموجّهة للقمة العربية في عمّان جملة من المواقف والردود المرحّبة والمندّدة ، أمّا ردود بعض قادة حزب الله فكانت متوقّعة ،في حين كانت ردود الوزير نهاد  المشنوق منفّرة ومستهجنة، وعلى كل حال،لا بدّ من تسجيل بعض الملاحظات عقب التمعن في ممهدات الرسالة أولاً وقراءة مضامينها ثانياً.

إقرأ أيضا : رسالة الخمسة، والقطار المخطوف

أولاً: تحريك المياه الآسنة في الحياة السياسية

منذ أن توافق زعيما القوات والمستقبل على تنصيب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية والبلد في حالة عدم توازن، فالموازنة مُتخمة ببنود الهدر والفساد، وتباشير الأزمة المالية بادية للعيان، وتلوح في الأفق مزاريب سرقة المال العام عبر خطة باسيل الكهربائية للعام ٢٠١٠ والتي اكتوى اللبنانيون بتيارها الصاعق وما زالوا، ورغم الوعود المغدقة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب لانصاف الموظفين والمعلمين والعسكريين،فإنّها لم تُقرّ بعد أن "فُخّخت" بالضرائب المباشرة على الشعب المسكين، وقانون الانتخاب لم يُنجز ولا يُنتظر إنجازه في المدى المنظور، ممّا يعني أنّ التمديد قادمٌ لا محالة ، فجاءت الرسالة لتكسر الجمود الذي سيطر على الحياة السياسية، ويُحرّك المياه الآسنة ، فلا يُغني هذه الحياة توافق الرئيسين عون والحريري على جملة من المواضيع الهامة والحيوية مُموّهة بأساليب التلفيق والمناورة والعناد في حين يقف البلد على كفّ عفريت لافتقاده قرار الحرب والسلم مع العدو الإسرائيلي جنوباً، ومع "الحليف" السوري شرقا وشمالا، في هذا الخضمّ تأتي الرسالة الخماسية كبادرة شجاعة وضرورية لكسر احتكار إرادة جموع هامة من اللبنانيين على يد الثلاثي: التيار الوطني والقوات والمستقبل، وخاصة بعد أن تكرّس وأصبح الناطق الرسمي والفعلي لهذا التحالف الوزير جبران باسيل بعنتريّاته المعهودة وخطاباته الطائفية والعنصرية والانعزالية الجديدة ضد السوريين المقيمين قسراً على أرض لبنان.

إقرأ أيضا : حزب الله يستنفر ضد رسالة الرؤساء الخمسة

ثانياً الرسالة والثوابت الوطنية

لم تخرق الرسالة وحدة وطنية مزعومة، فالرسالة أكدت في مضمونها على الانقسام الوطني الحاد في مجال الرؤى الوطنية والخيارات السيادية في البلد، لذا كان من واجب الرؤساء التوجه للقمة العربية بثوابت لبنان الوطنية والسيادية ، من التزام اتفاق الطائف، وسيادة الدولة على أراضيها، وحلّ الميليشيات وإنهاء حالة السلاح غير الشرعي، والإلتزام بعروبة لبنان والقرارات الدولية ،وطلب المساعدة للنازحين السوريين، والإلتزام بالتضامن العربي والنأي بالنفس عن صراعات المنطقة.

إقرأ أيضا : الحريري يعلق على رسالة الرؤساء الخمسة
وبعد، كان حريّاً بمن ما زال ضنيناً على حُبّ الوطن والحدب على استقلاله وسيادته أن يسكت بدل التنطّح للنيل من صدقية الرؤساء ونُبل مقاصدهم.