بعد التمديد للمجلس النيابي لمرتين وعدة صيغ لقوانين إنتخابية مختلفة بين الأكثري والنسبي والمختلط، يبدو أن الرئيس سعد الحريري سيسير بالصيغة النسبية كحل لأزمة القانون الإنتخابي التي كانت سببا في التمديد.
 

ولا شك أن هذه مخاطرة جديدة يقبل عليها الحريري في حال  صح ما يقال عن قبوله بالنسبية.
وأمام هذه التسريبات التي بدأت تتداولها صحف لبنان يظهر سياقين يمكن من خلالهما  فهم قبول الحريري بالنسبية. 
السياق الأول يتكلم عن تسوية شاملة جديدة لمرحلة ما بعد الإنتخابات والسياق الثاني هو عدم خوف تيار المستقبل من النسبية بالمطلق.

إقرأ أيضا : طارت الإنتخابات والبلد على كف عفريت

تسوية ما بعد الإنتخابات:

كحال الإستحقاق الرئاسي الذي أتى بميشال عون رئيسا، يجري الحديث اليوم عن تسوية مشابهة لمرحلة ما بعد الإنتخابات النيابية.
التسوية تتكلم عن قبول الحريري بالنسبية مقابل ضمانات يعطيه إياها حزب الله لكي يكون رئيسا للحكومة ما بعد الإنتخابات وحتى جميع حكومات العهد.
فحزب الله لم يسم الحريري رئيسا بعد التسوية الرئاسية لكنه لم يعترض على وصوله وترأسه لأول حكومة في عهد الرئيس ميشال عون وبنفس الوقت لم يقدم الحزب إلى الآن أي ضمانة بأن يقبل بعودة الحريري بعد الإنتخابات النيابية.
وعليه ، تأتي التسوية اليوم كحاجة للحريري بأن يبقى رئيسا للحكومة بعد الإنتخابات  وكحاجة لحزب الله لإستعمال النسبية وسيلة للسيطرة على المجلس النيابي إنتخابيا وحاجته للإعتدال السني في ظل نمو حالة " أشرف ريفي "  في الشمال حيث العصب والغضب السني.
لكن رغبة الحريري بالقبول بالنسبية لا يمكن فهمها على أساس تسووي فقط بل يجب ربطها بسياق آخر بدأت تشير إليه مراكز الدراسات والأبحاث.

إقرأ أيضا : أزمة جمهورية... سلطة فاسدة متحكمة ومعارضة تبحث عن ذاتها

المستقبل لا يخاف النسبية:

فمن المتعارف عليه أن الساحة السنية متنوعة من حيث القوى السياسية والأحزاب والحركات وأي إنتخابات تجري على أساس النسبية ستضمن وصول أشخاص وقوى من خارج عباءة سعد الحريري وهذا الأمر موجود عند المسيحيين أيضا.
لكن قراءة مختلفة للخبير الإنتخابي كمال فغالي الذي تحدث للنهار وشرح أن تيار المستقبل لا تخيفه النسبية وهو التيار الوحيد القادر على تشكيل لوائح في مختلف المناطق اللبنانية ولديه نواب مسيحيين من قاعدة مسيحية تؤمن بالحريرية على عكس حزب الله الذي لديه حلفاء فقط.
لكن فغالي يرى أن الأمر الذي يخيف الجميع هو عتبة التمثيل وربطها بتقسيم الدوائر.
فالأحزاب الكبرى في لبنان عند الحديث عن دوائر كبرى تطالب بعتبة تمثيل صغيرة هي 10%  أو ربما أقل لكن عند الحديث عن دوائر إنتخابية صغيرة فإنها تطالب برفع عتبة التمثيل إلى 12%.
لذلك ينشط الحديث عن عتبة التمثيل لا النسبية التي لا تمثل أي خوف للحريري ولم تعد تشكل له عامل إبتزاز.

إقرأ أيضا : الإصلاح قبل فوات الأوان

 

 

الحريري يراوغ:

لكن قبول الحريري بالنسبية يراه البعض مراوغة منه ويسعى من خلاله لضرب عصفورين بحجر واحد.
فمجرد قبول الحريري بالنسبية  هو خطوة إلى الأمام إضافية للإشارة بالإصبع على المعطلين الحقيقيين ومدعي الإصلاح والتغيير خصوصا أن شعار النسبية هو مواز لإصلاح النظام اللبناني ويكون الحريري قد أبعد عن نفسه شبهة الفساد ولصقها بغيره وأصاب أول عصفور.

إقرأ أيضا : أراذل القوم يحكمون البلد
أما العصفور الثاني فهو نقل الكرة من ملعبه إلى ملعب حزب الله بحيث سيجد حزب الله نفسه بمواجهة مع التيار الوطني الحر الرافض للنسبية وبالتالي ستصبح معركة حزب الله في هذا المجال مع التيار العوني لا الحريري.
أمام هذه السيناريوهات تبرز نظرية " المؤامرة " والتي تقول بأن النسبية لا تلائم أي طرف سياسي حاكم في لبنان ومن ضمنهم  حزب الله وأن ما يجري هو مسرحية لتمرير الوقت وشرعنة التمديد المقبل بعد تطيير الإنتخابات للمرة الثالثة.