أثارت التطورات التي حصلت مؤخرا في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، (من تمديد لهيئاته واختيار لأعضاء جدد وانتخاب رئيس ونائبي رئيس وأمين عام جدد)، الكثير من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض ومحتج.

 

وبعض المعترضين اعتبروا أن التمديد للهيئات الشرعية والتنفيذية ليس دستوريا وليس قانونيا ، وآخرون اعتبروا أن من الأفضل اللجوء لعقد انتخابات جديدة لكل هيئات المجلس، في حين اعترض الأمين العام السابق الدكتور محمد شعيتو على قرار إقالته وتعيين أمين عام جديد ، في حين أشكل البعض على طريقة اختيار الأعضاء الجدد وعلى انتخاب الرئيس الجديد للمجلس رغم ظروفه الصحية الصعبة.

 

وكل هذه الاعتراضات في محلها ، لأنه كان من الأفضل القيام بعملية تجديد شاملة للمجلس الشيعي من خلال إجراء عملية انتخابات كاملة خصوصا ان القوى السياسية والحزبية  والدينية التي أشرفت على ما جرى في المجلس الشيعي هي نفسها التي تطالب بإجراء انتخابات نيابية جديدة وفقا لقانون جديد على أساس النسبية الشاملة.

 

لكن لا يبدو أن الأصوات الاعتراضية على ما جرى ستستطيع تغيير الواقع الجديد ومن غير الواضح اذا كانت الاعتراضات القانونية ستجد طريقها لدى الهيئات المعنية.

 

وبما أنه أصبح لدينا هيئتان (تنفيذية وشرعية) جديدتان وتم انتخاب رئيس للمجلس ونائبين له وادخلت الى هيئات المجلس وجوهٌ جديدة تمتلك الكفاءة المناسبة ، فإننا سنركز أكثر على التحديات التي تواجه المجلس اليوم وطبيعة الدور المطلوب منه في المرحلة المقبلة.

 

فالمجلس ومنذ أن تأسس بمبادرة من الامام موسى الصدر في العام 1967 (في العام 1969 انتخبت الهيئة العامة للمجلس الإمام موسى الصدر أول رئيسٍ له) كان  الهدف منه الاهتمام بأوضاع المسلمين الشيعة في لبنان وعلى أن يكون له دور فاعل على صعيد العلاقات مع الطوائف الأخرى وكذلك على الصعد العربية والدولية والاسلامية، ونجح المجلس في العقود الماضية أن يلعب دورا مهما في هذه المجالات، وان كان للأسف قد تراجع هذا الدور في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة لا مجال لذكرها حاليا.

 

لكن المهم اليوم أن يعود المجلس ، في هذه المرحلة الانتقالية وبانتظار إجراء انتخابات جديدة، كي يلعب هذا الدور الفعّال مع العمل لتطوير أوضاعه التنظيمية والإدارية وأن يساهم في البحث في كيفية معالجة التحديات التي تواجه المسلمين الشيعة في لبنان والعالم العربي.

 

كما أن المجلس الشيعي معني بأن يكون على مسافة متوازنة مع جميع الأطراف السياسية والحزبية وأن لا يكون مجرد إطار لتبني المواقف السياسية لبعض الأطراف الحزبية، ومن مهامه إقامة أفضل العلاقات مع كل الدول العربية والإسلامية والدولية كي يستطيع أن يساهم في تخفيف أجواء التوترات في المنطقة وان يلعب دورا إيجابيا في معالجة الأزمات المتعددة.

 

ومن مهام المجلس إعادة التواصل مع كل النخب الشيعية وتفعيل مركز الدراسات لديه وتعزيز الجامعة الاسلامية ومؤسسات المجلس المختلفة والحفاظ على استقلاليتها وإبعادها عن الصراعات السياسية والحزبية.

 

المجلس الشيعي مطالب بأدوار عديدة وقد لا تكون بنية المجلس الحالية وظروفه التنظيمية والسياسية قابلة كي تتولى تنفيذ هذه المهام ، لكن على الاقل فإن المحاولة مطلوبة وكلنا ثقة بعدد من مسؤولي المجلس الجدد ومن دخل إلى هيئاته المختلفة كي يحاولوا القيام بمثل هذه المهمة الاصلاحية.