لا شيء ماشي كل الامور تتجه نحو الحائط المسدود

 

النهار :

عكست التحركات واللقاءات السياسية كما الاطلالات الاعلامية الكثيفة التي حصلت امس صورة الارباك الواسع الذي أصاب المسؤولين والقوى السياسية جراء تسابق أزمتين باتتا متداخلتين على نحو واضح الامر الذي استلزم استنفارا سياسيا لاحتواء التداعيات المتسارعة لكل منهما. ذلك ان ازمة قانون الانتخاب غدت استحقاقا "خارجاً على المهل" القانونية تماما مع سقوط المهلة الثانية لدعوة الهيئات الناخبة سواء في 19 آذار الجاري أو في 21 منه ( اي اليوم ) الامر الذي اضفى على الازمة وجها شديد القتامة على رغم كل المحاولات لتلطيف المأزق وتقليل خطورة "السباحة" عكس الأصول القانونية. كما ان أزمة سلسلة الرتب والرواتب ومشتقاتها المتعلقة بالواردات والضرائب واعادة ربطها بالموازنة أوجد واقعاً يخشى ان يكون اكثر تعقيداً من الفترة السابقة.
وفي ظل الأزمتين المتشابكتين لم يكن خافياً ان انطلاق موجات التحركات الاحتجاجية قد تركت آثاراً واضحة من حيث تبديل المسار السياسي والرسمي للتعامل مع التداعيات الاجتماعية التي اطلقتها هذه التحركات ولم يكن أدل على ذلك من معالم الحمى التي طبعت المشهد السياسي أمس سعياً الى لملمة الارباك الذي زاده تفاقماً مرور المهلة الاخيرة من مهل قانون الستين تمهيداً لاجراء الانتخابات النيابية على اساسه. وبدا من خلال اللقاءين اللذين عقدهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس الوزراء سعد الحريري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وما اعلنه كل من الحريري والمشنوق ان ثمة تفاهماً على التسليم بسقوط قانون الستين وتزخيم عملية البحث في تأجيل تقني للانتخابات ضمن قانون انتخاب جديد وتجنب حصول الفراغ في مجلس النواب.
أما على صعيد ملف سلسلة الرتب والرواتب ووارداتها فيتناول التفاهم سحب الحكومة الملف والعمل على ضمه في سلة واحدة الى الموازنة قبل اقرارها واحالتها على مجلس النواب، وهما الملفان اللذان عرضهما الحريري ليلاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لدى زيارته عين التينة. وتفيد المعلومات المتوافرة لدى "النهار" أن الرئيس عون شدد أمام الحريري والمشنوق على ان التأجيل التقني لا يمكن ان يتجاوز الخمسة أشهر حداً اقصى مع تشديد مماثل على حتمية وضع قانون انتخاب جديد. واذ تشير المعطيات الاخيرة الى ان النظام النسبي بات مرتكزاً اساسياً لأي قانون جديد أيا تكن صيغة القانون او نسبة النسبية فيه، فان المعلومات التي رشحت الى "النهار" عن اللقاء الذي جمع ممثلي "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحركة "امل" و"تيار المستقبل" عشية سفر وزير الخارجية جبران باسيل الى واشنطن عززت الاتجاه الى توسيع النسبية في اي مشروع انتخابي. وتفيد المعلومات ان ممثلي الثنائي الشيعي سلما باسيل ورقة تضمنت أربع ملاحظات على المشروع الاخير الذي طرحه والذي يلحظ نظامين انتخابيين الاول اكثري في الاقضية بموجب "القانون الارثوذكسي" والثاني نسبي على دوائر متوسطة وتمسكا من خلالها بالنسبية الكاملة على دائرة واحدة بالاضافة الى ملاحظات أخرى.
لكن الرئيس الحريري حرص عقب لقائه الرئيس عون على التأكيد ان "هناك حواراً ايجابياً جداً وسنصل الى حل ". وقال: "صحيح ان البعض قلق من اقترابنا من مواعيد دستورية باتت حرجة ولكنني على ثقة من اننا سنصل الى قانون يرضي تمثيل اللبنانيين ونكون تخطينا هذه الفترة باقل قدر من المشاكل ". وكرر انفتاح "تيار المستقبل" على كل المشاريع " لاننا لا نريد ان نشكل عقبة في هذا المجال".
أما الوزير المشنوق، فلمح بوضوح الى امكان التوصل الى قانون جديد خلال شهر نيسان المقبل "لان الامور لا تحتاج الى أكثر من ذلك بعد كل التطورات الحاصلة في الموضوع ".

 

رؤساء الحكومات
وفي سياق المناخ السياسي الذي يواكب الازمة، استرعى الانتباه امس التقارب الحاصل بين الرئيس الحريري والرئيس نجيب ميقاتي اذ جمعتهما مناسبتان في اليوم نفسه، الاولى لدى استضافة الحريري رؤساء الوزراء السابقين ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الى غداء في "بيت الوسط "، والثانية لدى رعاية الحريري احتفالاً نظمته "جمعية العزم " التي يرأسها ميقاتي مساء في جامع محمد الامين لاطلاق جائزة لحفظ القرآن وتجويده. وتبادل الحريري وميقاتي في الاحتفال المسائي رسائل التقارب. كما ان الاوساط المعنية في "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" ابدت ارتياحها الى التنسيق الذي اتسم به اللقاء الذي جمع الحريري ورئيس حزب "القوات " سمير جعجع ليل الاحد والذي تناول ملفي قانون الانتخاب والموازنة وسلسلة الرتب والرواتب. واعلن جعجع في مؤتمر صحافي امس عناوين خطة اقتصادية ومالية سيطرحها وزراء "القوات" داخل الحكومة.
ومساء أمس عقدت جلسة الحوار الـ41 بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" في عين التينة وصدر عنها البيان الاتي: "استكمل المجتمعون النقاش حول التحضيرات لقانون الانتخابات، وأكدوا ضرورة اقراره بالسرعة الممكنة ورفضهم القاطع للوصول الى الفراغ في المجلس النيابي لما له من تداعيات خطيرة على الاوضاع ودعوا كل القوى الى استمرار التشاور للوصول الى قانون جديد. كما تطرق البحث الى الملفات المالية والمعيشية و ضرورة مشاركة القوى السياسية والاجتماعية في نقاش هادئ وموضوعي للوصول الى حلول تجنّب ذوي الدخل المحدود اي اضرار، و تساعد على قيام الدولة بواجباتها المالية".

 

الحريري الى القاهرة
ويبدأ الحريري اليوم زيارة رسمية لمصر يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء شريف اسماعيل والانبا تواضروس الثاني وشيخ الأزهر أحمد طيب، وعددا من المسؤولين.ويشارك الحريري خلال الزيارة نظيره المصري في رئاسة أعمال اللجنة العليا اللبنانية - المصرية المشتركة كما يلقي كلمة في ملتقى رجال الأعمال اللبناني - المصري. ويرافق الحريري في زيارته وفد وزاري كبير.
وكان عقد أمس اجتماع موسع في السرايا برئاسة الحريري ضم ممثلي وسفراء المنظمات الدولية والدول المانحة وعدد من الوزراء تناول ملف الالتزامات الدولية واللبنانية لمسألة النازحين السوريين قبل انعقاد مؤتمر بروكسيل الشهر المقبل.

 

 

المستقبل :

على قاعدة «رُبّ ضارة نافعة»، أعادت حالة الهرج والمرج التي سادت البلد خلال الأيام الأخيرة خلط الأوراق على الساحة الوطنية بشكل أعاد جدولة الأولويات منعاً لإغراقها في سيل المزايدات الشعبوية والأكاذيب التعبوية. ومن هذا المنطلق، كان لا بد من إعادة تصويب البوصلة نحو أولوية الاستحقاق النيابي بعدما أطلقت صفارة تجاوز المهل الدستورية سباقاً محتدماً مع الوقت بين قانون الانتخاب والفراغ النيابي، بينما عاد ملف سلسلة الرتب والرواتب إلى التموضع على السكة المطلبية الصحيحة بعد أن نجحت الوقائع والحقائق التي فنّدها كل من رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ووزير المالية علي حسن خليل في تبيان خيط «السلسلة» الأبيض من حبل الإشاعات الأسود ومحاصرة مفاعيل مدّه الشعبوي المستغل لاحتياجات الناس والمتلاعب بحقوقهم وعواطفهم لمآرب انتخابية رخيصة.

وتفعيلاً للقرار الوطني بحتمية إنجاز قانون انتخابي جديد باعتباره يتربع على رأس سلم أولويات المرحلة، توالت خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة اللقاءات الرئاسية والسياسية في محاولة لتسريع آلية التوافق الوطني حول القانون العتيد، بدءاً من لقاء «بيت الوسط» مساء الأحد بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعحع، إلى زيارة الحريري أمس كلاً من قصر بعبدا وعين التينة للتداول مع رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري في أولوية هذا الاستحقاق الداهم وسبل إخراجه من عنق زجاجة الفراغ النيابي، وسط رفض رئاسي ووطني قاطع لأي تمديد أو شغور في السلطة التشريعية، سيما في ظل تأكيد الوزير المعني بإنجاز الاستحقاق نهاد المشنوق ألا انتخابات إلا بقانون جديد «ولا فراغ تحت أي ظرف من الظروف».

وإثر تباحثه مع رئيس الجمهورية في الملفات المُلحّة المطروحة على الساحة الداخلية، أكد رئيس الحكومة من قصر بعبدا أنّ «الحوار إيجابي جداً بين مختلف الأفرقاء» حيال قانون الانتخاب، معرباً عن ثقته بالتوصل إلى قانون جديد «في أسرع وقت ممكن» يرضي تمثيل اللبنانيين. أما بشأن الموازنة والسلسلة، فشدد الحريري على أنه وعون «حريصان على مكافحة الفساد ووقف الهدر»، وأضاف: «هذا ما تعمل عليه حكومة استعادة الثقة وسنكون صادقين دائماً مع الناس فالعمل الصادق هو الكفيل بجعل الناس يشاهدون حقيقة ما نقوم به»، لافتاً إلى أنّ كل الكتل السياسية متفقة على إقرار السلسلة والسعي إلى تأمين موارد لها، ومؤكداً في مقابل ما نُشر من أكاذيب ضرائبية أنّ أي رسم لتمويل السلسلة «لن تكون غايته استهداف الناس»، مع تجديده الدعوة للمتظاهرين الذين أبدى تفهمه لمعاناتهم إلى تشكيل لجنة للتحاور مع الحكومة باعتبارها تشكلت «ليس للتحكم بالبلد بل لوضع الحلول وحل المشاكل».

حوار 41: الفراغ مرفوض

ومساءً، استأنف حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و»حزب الله» جولاته ليخلص المتحاورون في نهاية جلسة الأمس إلى إعلان «الرفض القاطع للفراغ في المجلس النيابي»، وإلى ضرورة الوصول إلى حلول في ملف سلسلة الرتب والرواتب «تُجنّب ذوي الدخل المحدود أي أضرار وتساعد على قيام الدولة بواجباتها المالية». وشددت مصادر المتحاورين لـ»المستقبل» على أهمية هذا الرفض المبدئي والنهائي لأي فراغ في السلطة التشريعية، موضحةً أنّه حتى إن كان الاتفاق على صيغة قانون انتخابي جديد لم يتم التوصل إليه بعد، لكنّ الرفض الوطني للفراغ النيابي من شأنه أن يقرّب المسافات بين الأفرقاء ويفتح الآفاق واسعاً أمام التوصل إلى هذا الاتفاق. 

وعقب انتهاء جلسة الحوار الـ41 في مقر الرئاسة الثانية بمشاركة مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والوزير المشنوق والنائب سمير الجسر عن «تيار المستقبل»، والمعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن الحزب، بحضور الوزير خليل، أوضح البيان الرسمي الصادر عن المجتمعين أنهم «استكملوا النقاش حول التحضيرات لقانون الانتخابات وأكدوا على ضرورة اقراره بالسرعة الممكنة ورفضهم القاطع للوصول الى الفراغ في المجلس النيابي لما له من تداعيات خطيرة على الأوضاع ودعوا كل القوى إلى استمرار التشاور للوصول الى قانون جديد. كما تطرق البحث إلى الملفات المالية والمعيشية وضرورة مشاركة القوى السياسية والاجتماعية في نقاش هادئ وموضوعي للوصول إلى حلول تجنّب ذوي الدخل المحدود أي أضرار وتساعد على قيام الدولة بواجباتها المالية».

 

الديار :

زحمة المؤتمرات الصحافية «التوضحية» بشان «السلسلة» والموازنة والضرائب، والتسابق على ابداء الحرص على حقوق المواطنين، ان دلت على شيء، فهي تدل على «ارباك» واضح لدى الطبقة السياسية التي وان كانت «صادقة» في جزء من مما تقوله، فقد تاخرت في شرح مقاصدها ونواياها، كما ان ادعاء «البراءة» المطلقة لا يبدو مقنعا، بدليل ابداء ليونة واضحة للتراجع عن بعض الضرائب غير الشعبية، وفي مقدمها زيادة الواحد بالمئة على   tva، وهو ما ستتم دراسته بين الكتل النيابية الوازنة في المجلس النيابي. 
هذا «التخبط» انسحب ايضا على اداء رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كاد يتسبب بازمة وطنية يوم الاحد... في هذا الوقت عاد الملف الانتخابي الى الواجهة من جديد بعد وضعه على «نار حامية»، وفيما جال وزير الداخلية نهاد المشنوق على بعبدا وعين التينية للبحث في «مازق» المهل القانونية، وبانتظار عودة الوزير جبران باسيل من زيارته الى واشنطن للمشاركة في مؤتمر حول مكافحة الارهاب، لبلورة الصيغة النهائية للقانون الانتخابي الجديد، علمت «الديار» من مصادر وثيقة الصلة بمتابعة هذا الملف، ان تبادل «الملاحظات» «والتعديلات» مستمر لتعديل الصيغة الاخيرة المقدمة من رئيس التيار الوطني الحر، دون ان يتبلور شيء نهائي بعد، لكن وزير الخارجية، اجرى محادثات «مثمرة» مع «الثنائي الشيعي»، والقوى الاخرى المعنية بالملف، بعد ساعات على عودته من الفاتيكان، واول «الغيث» هو تقديمه مقترحا جديدا، او بالاحرى، ادخال تعديلات «تقنية» على مشروعه المختلط، من خلال زيادة المقاعد الاكثرية الى 69وتخفيض حجم المقاعد النسبية الى 59 وابرز تلك التعديلات انتقال المقعد في جبيل من النسبي الى الاكثري، وكذلك المقعد الارثوذكسي في مرجعيون- حاصبيا» و«ذلك حفظا لحق الناخبين المسلمين والمسيحيين في عدم ذوبان اصواتهم في بيئة طائفية مغايرة»... وهكذا يصبح 34 مقعدا مسلما في كافة الدوائر وفق النظام الاكثري مقابل 35 مقعدا مسيحيا، مع الانفتاح على النقاش حول المزيد من «تدوير الزوايا»...
 

 «ملاحظات الثنائي الشيعي»


وبحسب المعلومات، فان «الثنائي الشيعي» طالب باسيل باجراء ثلاثة  تعديلات اساسية على مشروعه، اولا، ان يكون لبنان دائرة واحدة في النظام النسبي، وليس المحافظات الخمس كما ورد في المشروع... ثانيا، رفض ربط الصوت التفضيلي بالقضاء، وتحرير هذا «الصوت» وجعله غير مقيد... هذا تقنيا، اما في السياسة فكان المطلب الثالث رفض اي صيغة تلغي رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية «سياسيا».. وفي هذا السياق المطلوب هو تعديل الصيغة الحالية بما يكفل تامين «بيئة مناسبة» ليخوض تيار المردة منافسة «انتخابية جدية»، وليس وضعه ضمن دوائر ستؤدي حكما الى الغائه... مع العلم ان باسيل ما يزال مقتنعا ان تصوره لقانون الانتخاب يمنح فرنجية «اريحية للفوز بمقعدين..؟!
 

 نادر «المونة» على جنبلاط


وعلمت «الديار» ان النقاش مع القوى الاخرى لا يزال مفتوحا، وحتى الان ما تزال القوات اللبنانية، وتيار المستقبل يعارضان في الجزء النسبي من المشروع اجراء الاقتراع على اساس لبنان دائرة واحدة، وكذلك لا يبدي التيار الوطني الحر «حماسة» في هذا السياق، فوفقا لحسابات «الثنائي المسيحي» لن تتجاوز حجم الكتلة النيابية المشتركة مع حزب الطاشناق سقف40 نائبا، بينما مع النسبي على خمس محافظات والصوت التفضيلي ضمن القضاء، قد تصل الكتلة الى حدود 45 نائبا... فيما يخشى تيار المستقبل تقليص قدرته على توجيه الصوت التفضيلي مع اتساع عدد المؤثرين في عملية حسم تلك الاصوات... في هذا الوقت لا يزال الوزير باسيل مصرا على عدم تقديم «هدايا» مجانية لاحد فيما خص المقاعد المسـيحية، ومع تشديده على عدم منح  تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي اكثر من 4 نواب مسيحيين، فان اللافت في هذا السياق «المونة» الكبيرة التي ابداها مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري على «زعيم» المختارة، فهو ابلغ من يعنيهم الامر خلال مناقشة تعديلات قانون الانتخاب معادلة بسيطة مفادها « اقنعوني انا بالقانون وجنبلاط عليّي»...!
 

 «مغامرة الحريري»


زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري «التشاورية» الى بعبدا امس، لاستيضاح ما حكي عن خطوات يعتزم رئيس الجمهورية ميشال عون الاقدام عليها في حال عدم التوافق على قانون جديد للانتخابات، وتاكيده الانفتاح على بلورة صيغة مقبولة من الجميع، سبقها «ارتجال» مع مجموعة من مستشاريه السياسيين لقرار النزول الى الشارع لمخاطبة المتظاهرين في رياض الصلح على الرغم من تحذيرات الفريق الامني المخول بحمايته... وعلمت «الديار» ان الرئيس عون «استوضح» منه مجريات ما حصل، فيما وزير الداخلية نهاد المشنوق لم يكن على اطلاع مسبق على هذه الخطوة، ولو تمت استشارته لكان عارضها، ليس على خلفية عدم صوابيتها في السياسة او لاقتناعه ان مردودها على المستوى الشعبي يعادل «الصفر»، وانما لان حجم المخاطر الامنية مرتفع للغاية، خصوصا ان تنسيق خطوة مماثلة يحتاج الى تحضير مسبق ومسح ميداني على الارض قبل وخلال الحركة الاعتراضية للاستعلام عن القوى المشاركة وحجم «المندسين» او «الغوغائيين» الذين كادوا ان يتسببوا بكارثة على المستوى الوطني ظهر الاحد..
 

 «ارباك امني»


وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، فان الحريري «اجتهد» فاخطأ، حيث طغت الحسابات السياسية على المخاطر الامنية، فتغريدات الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي الايجابية نحوه لا توازي ما تسبب به من ارباك امني لكافة الاجهزة الرسمية و«غير الرسمية»، فمع بدء تعرض المتظاهرين للحريري على الهواء مباشرة، توترت الاجواء في دوائر القرار الامنية وعلى اكثر من مستوى سياسي، لمواكبة تلك الاحداث التي لم يكن يعرف احد كيف يمكن ان تتطور، خصوصا ان احتمالات اصابة الحريري بالاذى كانت مرتفعة، ولم يكن احد يملك ترف ترك الامورعلى غاربها، في ظل تصاعد المخاوف من دخول «طابور خامس» على الخط، وهو امر كان كفيلا باشعال الامور... وفي هذا السياق استنفر الجميع لمنع اي ارتدادات امنية في المنطقة المحيطة او في المناطق الحساسة، وجرى تكثيف الاتصالات بين الاجهزة الامنية المعنية وتيار المستقبل بشكل خاص لكبح جماح اي تحرك شعبي غير منضبط في المناطق، خصوصا ان تحركات «نشطة» رصدت في طريق الجديدة، واخرى «خجولة» في بعض مناطق البقاع، كما جرت اتصالات عديدة مع قيادتي حركة امل وحزب الله للتنسيق ومنع اي احتكاك في المناطق «المختلطة» او «خطوط التماس» المعتادة بين الجمهوريين..
وهكذا مرت «ساعات عصيبة» على الجميع كان أخطرها واكثرها دقة على المؤسسة العسكرية التي كانت قد انهت الاستعدادات لعملية امنية واسعة، انطلقت فجر امس، لمطاردة كبار المطلوبين من تجار المخدرات والخارجين على القانون في منطقة البقاع، وجاء هذا التطور الامني غير المحسوب في توقيت حرج لان خروج الامور عن السيطرة كان سيفرض على الجيش انتشارا امنيا استثنائيا لا يتناسب مع عمليته الامنية المعدة مسبقا، والتي كان «عصبها» الرئيسي استخبارات الجيش، وبقيت الخيارات مفتوحة حتى ساعات متقدمة من مساء الاحد... مرت «مغامرة» الحريري على خير بعد ان تعرض الى اللوم من قيادات سياسية عديدة في تيار المستقبل وفي الدولة وتم الاتفاق على التنسيق المسبق في اي تحرك يكون عنوانه «الشارع»...  
 

 «عجقة» مؤتمرات


فيما زار رئيس الحكومة سعد الحريري قصر بعبدا معلنا ان الضرائب لن تطال المواطن مؤكدا التوصل الى قانون انتخابي يرضي الجميع، عقد وزير المالية علي حسن خليل مؤتمرا صحافيا اقر خلاله بوجود ثغرات في السلسلة واعدا بمعالجتها، مشددا على تكذيب الكثير من الشائعات، كما ابدى اصرارا على فرض ضرائب على ارباح المصارف، ومؤكدا انه للمرة الاولى تم وضع ضرائب على المحميات والاقطاعيات كان ممنوع المس بها... من جهته اكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الا ضرائب جديدة على الخبز والهاتف او صفيحة البنزين ولا المازوت او الكهرباء، داعيا المواطنين الى عدم الاخذ بالشائعات... وفي السياق نفسه قدم رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خمسة اجراءات  لتدعيم الوضع الاقتصادي ووقف الهدر، بالتوافق مع الرئيس الحريري، ومنها تخفيض ارقام الموازنة من 26ملياردولار الى 22مليار دولار، ضبط التوظيف، وضبط وضع الجمارك، عدم التهرب من الضرائب، ووضع دفتر شروط لاشراك القطاع الخاص في الكهرباء..

 

 

الجمهورية :

«سجال المنابر» شغل اللبنانيين في الساعات الماضية، والمتتبّع لوقائعه يلمس حجم الارتباك الذي يسود كل الطاقم السياسي، وكذلك افتقادهم الى ما يمكن اعتباره مخارج الأزمة المتفاقمة التي نَبتت فجأة على حافّة سلسلة الرتب والرواتب. كأنّ مسرحية الإطاحة بسلسلة الرتب والرواتب استكملت بهذا النوع من السجال، الذي بَدا محكوماً بمحاولة الهروب الى الأمام عبر التبرؤ من ضرائب «السلسلة» من جهة، وعبر تعمّد كل طرف سياسي تقديم شهادة حسن سلوك أو حسن أداء عن نفسه في مقاربة موضوع السلسلة من موقع الحريص الحصري عليها، وبالتالي إلقاء المسؤوليات في هذا الاتجاه أو ذاك.

تعددت المؤتمرات الصحافية من مؤتمر وزير المالية علي حسن خليل، الى مؤتمر رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وغيرها الآتي.

والخلاصة انّ هذا النوع من السجال لم يقدّم الصورة الواضحة للناس، بل انّ كلّ أولي الأمر السياسي وغير السياسي يوهِمون الناس بالبحث عن المخارج فيما الحقيقة انّ البحث المطلوب هو عن «راجح».

«راجح» الذي عطّل السلسلة، «راجح» الذي عطّل ولا يزال إمكانية الوصول الى قانون الانتخاب، «راجح» الذي أثار علامات استفهام وتشكيك بالتحرّك المدني حول السلسلة وما زال، «راجح» الذي لبس الأقنعة وسعى الى بلبلة وفوضى في الشارع الذي يقف أصلاً على حافّة السقوط.

الأكيد أنّ العثور على هذا الـ«راجح» هو ضرب من المستحيل، وإن كان هناك من يراه مُعشّشاً في أذهان كثيرين، سياسيين واقتصاديين ونقابيين وغير ذلك، وهو جاهز لإطلاقه من القفص ليرتدي كل يوم قناعاً ويفعل فعله التعطيلي أو التوتيري.

المُتتبّع لهذا السجال يقف على حقيقة انّ السياسيين لم يأتوا بأكثر من كلام مُستهلك سبق استخدامه حول العناوين والشعارات والأفكار ذاتها، فيما الشارع يتورّم أكثر فأكثر وينذر بانفجار في ايّ لحظة، الّا اذا تمّ وضع السلسلة على مشرحة عقلانية تنزع منها الالغام الضريبية التي ستنفجر حتماً اذا بقيت صواعق التفجير قائمة فيها على ما هي عليه الآن.

لقاء «بيت الوسط»

في هذه الاجواء، ما زالت الاتصالات الانتخابية تدور في المربّعات الاولى، في وقت بدأ حديث الغرَف المغلقة يظهر الى العلن ليضع التمديد للمجلس النيابي في صدارة الاحتمالات المقبلة.

وتردّد، في سياق البحث الانتخابي، «انّ لقاء عقد في «بيت الوسط» خلال الساعات الـ 48 الماضية، وجمع الحريري والوزير جبران باسيل والوزير علي حسن خليل وممثّلاً عن «حزب الله»، واستعرضت فيه أفكار انتخابية جديدة، من دون أن تشير مصادر المعلومات الى ماهيتها وما اذا كان تمّ التوافق عليها أو على بعض منها».

كما عقد لقاء مساء أمس الأول في «بيت الوسط» جمع الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام ملحم رياشي في حضور وزير الثقافة غطاس خوري ونادر الحريري. وتناول مشروع قانون الانتخابات ومشروع الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، والأوضاع العامة في البلاد.

مراجع رسمية

وتبعاً لذلك، توقفت مراجع رسمية عند كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد زيارته رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، عن عدم إمكانية حصول انتخابات في ظل عدم الوصول الى قانون جديد. وعكست انّ هذا الكلام مَردّه الى فشل إمكانية دعوة الهيئات الناخبة مجدداً على نحو ما سبق وأعلن وزير الداخلية.

إلّا انّ هذه المراجع اعتبرت انّ المشهد الانتخابي صار محصوراً بين الذهاب الى قانون الستين، وهذا معناه أن يوافق رئيس الجمهورية على هذا الأمر، وبين الذهاب الى التمديد ولفترة زمنية لا تقلّ عن 6 أشهر. (وزير الداخلية أشار الى تمديد تقنيّ حتميّ) بمعنى أنه طالما الستين صعب فإنّ التمديد هو الخيار الأسهل.

برّي

في هذا الوقت، قال برّي أمام زوّاره انّ السلة التي طرحها مجدداً مع أولوية قانون الانتخاب هي الوسيلة الأسلم للخروج من الأزمة الراهنة، سواء الانتخابية او المعيشية.

وإذ لمس برّي إيجابية من حركة المشنوق في الشأن الانتخابي، قال: «هذا القانون كان وما زال أولوية، ولكن مع الأسف هناك من بقي يماطل حتى الآن حتى طيّرت المهَل. ومع ذلك المطلوب مجدداً هو القانون الجديد، وما زال الوقت متاحاً أمامنا على رغم انّ المهل قد طارت».

ولدى سؤاله اذا كان للنسبية حظ بعد؟ أجاب: «النسبية هي أساس القانون الذي يجب ان نصل اليه في أقرب وقت ممكن، إن كانت نسبية بصورة كلية او جزئية، لكنّ الأهمّ من كل ذلك الآن هو أن نصل الى الاتفاق على قانون جديد أولاً».

وعن سلسلة الرتب والرواتب وما استجدّ حولها، كرّر بري أنها حق لأصحابها، ملاحظاً انّ الكّل صار ضد الضرائب، ملمّحاً في هذا السياق الى انّ بعضهم كان متحمّساً لها.

وأشار الى انّ الأساس في تعطيل السلسلة هو التحريض الذي قام به البعض، وكذلك بعض المؤسسات المالية.
وأشارت مصادر سياسية الى انّ لبري في الفترة القريبة خطوات وصفت بالملموسة على صعيد الدفع في اتجاه الوصول الى قانون جديد.

وتوقفت عند أهمية اللقاء بين بري والحريري في عين التينة مساء أمس، الذي تخلله عشاء في حضور الوزير علي حسن خليل ونادر الحريري، وكان الملف الانتخابي الطبق الرئيسي على الطاولة، إضافة الى الاوضاع السياسية والمعيشية والمالية، بما في ذلك السلسلة.

عون والحريري

وسبق هذا اللقاء نهاراً لقاء مماثل للحريري مع رئيس الجمهورية ميشال عون في القصر الجمهوري، وامتدّ لتسعين دقيقة. ووصفت مصادر اللقاء بالإيجابي، والبحث فيه كان شاملاً كل القضايا المطروحة ولا سيما ما أحاط سلسلة الرتب والرواتب والحراك الشعبي رفضاً لسلّة الضرائب.

وثَمّنَ الرئيسان دور الجيش والقوى الأمنية في ضبط الوضع، وأكدا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ردّة الفعل الشعبية بمعزل عن المواقف السياسية التي رافقتها.

كما بحث الرئيسان الموضوع الانتخابي، فتوقّفا بإيجابية عند نتائج الاجتماع الليلي الذي عقد أمس الأول في وزارة الخارجية وضمّ ممثلين عن «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» و«أمل»، وكان توافق على أهمية تقديم السعي الى قانون الانتخاب قبل الملفات الأخرى، وينتظر ان تشكّل عودة وزير الخارجية من واشنطن تفعيلاً لهذه الاتصالات.

حمادة لـ«الجمهورية»

وقال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «هناك اتصالات تجري حول الموضوع الانتخابي ونحن نتابع هذا الأمر، علماً أننا قدّمنا وما زلنا كل التسهيلات في سبيل الوصول الى قانون انتخابي جديد».

ولدى سؤاله هل هو متفائل بإمكان الوصول الى قانون جديد؟ أجاب: «مجرد حصول الاتصالات هو أمر إيجابي، لكن بما يعنينا نحن إيجابيون. قدّمنا أفكارنا الى الرئيس بري وما زلنا ننتظر».

عون

وأكد النائب آلان عون لـ«الجمهورية» أنّ «تصريح وزير الداخلية بعد لقائه رئيس الجمهورية حول أن لا انتخابات نيابية في ظلّ القانون الحالي، لا يعني تطيير الانتخابات بل هو مجرّد تسليم بأنّ مفاعيل القانون الحالي انتهت قانونياً بعدما كانت انتهت سياسياً، وهو بمثابة جزم على لسان السلطة التنظيمية الأعلى لتنظيم الانتخابات، بأنها ستجري على أساس قانون جديد وفي شهر أيلول على الأرجح».

على صعيد آخر، قال عون: «أصبحنا في الأمتار الاخيرة في مسيرة إنتاج قانون الانتخابات بعدما أثمرت الاجتماعات الأخيرة تقليص الفوارق ومعالجة الملاحظات على اقتراح «التيار الوطني الحر» الأخير».

«الحزب»

وقالت أوساط قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية»: «إنّ الكل يستشعر الخطر، فطالما انّ التمديد للمجلس النيابي أمر مرفوض، وطالما انّ الفراغ أمر شديد السلبية بتداعيات أكثر من خطيرة على مُجمَل النظام السياسي، فإنّ إمكانية الوصول الى قانون جديد هي أكبر من عدمها، ونعتقد انّ الكلّ في النهاية سيصل الى الإقرار بالسير الى قانون جديد على أساس النسبية».

ورداً على سؤال، قالت الاوساط: «نعتقد انّ الاتجاه في النهاية سيذهب الى إقرار قانون يقوم على النسبية الموسّعة، وقد يكون في اتجاه الدائرة الانتخابية الواحدة. وما يجعل هذه الفرضية هي الأقوى، سقوط كل الصيَغ التي طرحت على بساط البحث الانتخابي بما فيها صيغة باسيل».

الحوار الثنائي

في هذه الأجواء، انعقدت مساء أمس الجولة 41 من الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، النائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كما حضر الوزير علي حسن خليل.

وورد في بيان بعد الجلسة، انّ المجتمعين استكملوا النقاش حول التحضيرات لقانون الانتخابات، وأكدوا ضرورة إقراره بالسرعة الممكنة ورفضهم القاطع الوصول الى الفراغ في المجلس النيابي لِما له من تداعيات خطيرة على الأوضاع، ودعوا كل القوى الى استمرار التشاور للوصول الى قانون جديد.

كما تطرّق البحث الى الملفات المالية والمعيشية وضرورة مشاركة القوى السياسية والاجتماعية في نقاش هادئ وموضوعي للوصول الى حلول تجنّب ذوي الدخل المحدود أيّ أضرار، وتساعد على قيام الدولة بواجباتها المالية.

 

 

اللواء :

اليوم 21 آذار، بدء فصل الربيع الذي تشهد الأيام العشرة الأخيرة منه، عطلة عيد البشارة السبت، بالتزامن مع بدء التوقيت الصيفي.
ومع تغيّر المواقيت وعيد البشارة، بدأت بشائر العودة إلى سكة التسوية ثابتة، واكدها اليوم الطويل من حركة الرئيس سعد الحريري، عشية سفره إلى القاهرة.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» أن الفترة الفاصلة بين اليوم الثلاثاء والسبت ستكون حاسمة لجهة تفعيل عمل اللجنة الرباعية، والتقدم على طريق اعداد قانون جديد للانتخابات، في موازاة البحث عن ايرادات جديدة لتمويل السلسلة آخذة بعين الاعتبار مخاطر تحميل المكلف اللبناني أية ضرائب غير محسوبة.
وأشارت هذه المصادر إلى أن هناك حرصاً على تحقيق خرق قبل مغادرة الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ومعهما الوزيرين جبران باسيل ورائد خوري لتمثيل لبنان في مؤتمر القمة العربية الدورية في عمان قبل نهاية الشهر الجاري.
وجاء اليوم الطويل للرئيس الحريري غداة تعثر الانتهاء من سلسلة الرتب والرواتب، والأوضاع السياسية التي نشأت بعد الحراك المدني والتظاهرات وسط بيروت، وعشية سفره إلى القاهرة اليوم لترؤس الجانب اللبناني في اجتماع اللجنة العليا المشتركة اللبنانية – المصرية إلى جانب نظيره شريف إسماعيل. وحيث سيلتقي أيضاً الرئيس عبدالفتاح السيسي وبابا الاقباط تواضروس الثاني وشيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب:
1 – زيارة قصر بعبدا عند الرابعة من عصر أمس حيث التقى الرئيس ميشال عون، ثم زيارة عين التينة عند الثامنة مساء، حيث التقى الرئيس نبيه بري.
وفي كلا اللقاءين، كانت مواضيع البحث واحدة تقريباً، فمع الرئيس عون جرى التطرق إلى جلسة مجلس الوزراء لوضع اللمسات الأخيرة على أرقام الموازنة واقرارها تمهيداً لاحالتها إلى المجلس النيابي، ومع الرئيس بري جرى البحث باستئناف جلسات مجلس النواب، والملابسات التي رافقت جلسات سلسلة الرتب والرواتب.
وفي حركة التشاور الرئاسية هذه، كان الحاضر الأوّل قانون الانتخاب الجديد، في ضوء دخول البلاد مهلة الأشهر الثلاثة لاجراء الانتخابات النيابية، حيث وقع الرئيس الحريري بعد وزير الداخلية والبلديات مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى الانتخابات النيابية في 18 حزيران المقبل، مع العلم ان الوزير نهاد المشنوق اعتبر انه من غير الممكن اجراء الانتخابات في شهر رمضان، نظراً لصعوبة هذه العملية.
2 – التشاور مع رؤساء الحكومة السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، خلال مأدبة غداء كان دعا اليها الرئيس الحريري قبل أسبوع.
وحسب بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، فان البحث خلالها تطرق إلى الأوضاع العامة في البلاد، وخلص المجتمعون إلى «ضرورة تحصين الدولة والشرعية في مواجهة التحديات والاستحقاقات الداهمة من السلسلة إلى الموازنة وقانون الانتخاب».
وكان ما جرى في وسط بيروت، وما اقدم عليه بعض المتظاهرين من هتافات ورمي زجاجات المياه الفارغة تجاه الرئيس الحريري الذي ذهب لملاقاة المتظاهرين وطمأنتهم إلى ان المعالجة قائمة على قدم وساق، سواء في ما خص مكافحة الفساد أو معالجة أسباب الهدر ووقفه، وعدم زيادة أية ضرائب على الفئات المتوسطة والفقيرة، موضع استنكار القيادات الاسلامية والوطنية السياسية والروحية.
استراتيجية مطالب
3 – إطلاق استراتيجية المطالب من مؤتمر المانحين للنازحين السوريين الذي سيعقد في بروكسل الشهر المقبل، من خلال اللقاء الذي ترأسه الرئيس الحريري في السراي الكبير ظهر أمس للجنة العليا التوجيهية لمواجهة أزمة النازحين، والتي تضم لبنان وممثلين عن الدول التي شاركت في مؤتمر لندن العام الماضي، ومدراء المنظمات التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي، في حضور وزراء لبنانيين معنيين وممثلين عن الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية.
ولم يخف الرئيس الحريري خلال الاجتماع ترحيبه بتقرير صندوق النقد الدولي الأخير إلى أن وجود النازحين السوريين في لبنان زاد من عجز بنيته التحتية، مشيراً إلى ان الوضع يتطلب خطوات كبيرة لإيجاد فرص عمل، من خلال برنامج استثماري طموح يشمل كل البنى التحتية، معتبراً ان هذا البرنامج سيحفز النمو ويضمن الاستقرار ويحضر لبنان ليكون منصة انطلاق لإعادة اعمار سوريا.
وكشف مصدر متابع لـ«اللواء» أن دعوة الرئيس الحريري لهذا الاجتماع كانت من أجل التحضير لمؤتمر بروكسل الذي سيعقد في الخامس من الشهر المقبل، والذي سيشارك فيه الرئيس الحريري.
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فان 8 نقاط ينتظرها الجانب اللبناني من مؤتمر بروكسل، وهي: توصية تتضمن تهنئة الجانب اللبناني لتنفيذ كل ما تعهد به في اجتماعات لندن، كذلك توصية من المؤتمر بتأييد فكرة الحكومة اللبنانية للقيام ببرنامج استثماري لإعادة تأهيل البنى التحتية لثماني سنوات مقبلة. ولفتت المصادر إلى ان من شأن هذا البرنامج تأمين فرص عمل.
4- وقبل زيارته عين التينة، كان الرئيس الحريري ألقى كلمة خلال رعايته حفل افتتاح «جائزة عزم طرابلس الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده» الذي نظمته «جمعية العزم والسعادة الاجتماعية» ودار الفتوى في قاعة مسجد محمّد الأمين في وسط بيروت، حيث أطلق من هناك جملة من المواقف تتعلق بالاعتدال الإسلامي واعتبار الإعلان الصادر عن الأزهر الشريف في ما يتعلق بالعيش المشترك والمواطنة رسالة للاعتدال والحوار والحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين.
وحرص الرئيس الحريري في ختام كلمته، التي لم يكن ينوي الحديث فيها بالسياسة، إلى توجيه الشكر لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي دعانا إلى الحرص على وحدتنا، والذي يجب ان نعمل جميعاً عليه من أجل وحدة اللبنانيين وحمايتهم في هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها في المنطقة، كما شكر الرئيسين ميقاتي وتمام سلام الذي حمل راية الصبر وكان أكثر صبراً من الرئيس السنيورة والذي وصفه «بالصديق الصادق في كل المراحل».
ولفت الانتباه، كلمة الرئيس ميقاتي التي توجه فيها للرئيس الحريري، قائلاً: «اؤكد لك انه لا عداوة بيننا، وبين أي شريك لنا في الوطن، ولن تكون بل اختلاف في المقاربات، ولعل في ذلك فائدة للبنانيين».
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس الحريري التقي ليل أمس الأوّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي عقد أمس مؤتمراً صحفياً، غمز فيه من قناة حزب الكتائب، مقترحاً حزمة من الإجراءات لمواجهة الفساد ووقف الهدر، آسفا لما تعرض له الرئيس الحريري خلال التظاهرة.
قانون الانتخاب يتقدّم
وتؤكد المعلومات والمعطيات ان قانون الانتخاب تقدّم بقوة إلى الواجهة، واستأثر بحيز من اللقاءات المشار إليها، وفي ضوء الحركة التي قام بها الوزير المشنوق والذي بدأها من قصر بعبدا وتابعها مساءً في عين التينة، حيث شارك في الجلسة رقم 41 للحوار الثنائي بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله» مع العلم انه التقى الرئيس الحريري صباحاً.
في معلومات «اللواء» ان الرئيس الحريري وقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب المجلس، وإحاله إلى رئاسة الجمهورية.
وأشار الوزير المشنوق من السراي الحكومي إلى انه واثق من ثلاثة أمور: اجراء الانتخابات وفق قانون جديد، وأن التأجيل التقني لموعد هذه الانتخابات سيكون لمدة أفل من سنة، وأن القانون الجديد سيكون فيه شيء من النسبية.
ولفت إلى انه حدّد الموعد الجديد في 18 حزيران تنفيذاً للقانون الساري المفعول حالياً، مع ادراكه أن اجراء الانتخابات في شهر رمضان صعب.
وإذا كانت معلومات عين التينة ان رئيس المجلس سيعطي أهمية لقانون الانتخاب، فإن ما أشار إليه الوزير المشنوق من قصر بعبدا تضمن عناوين المرحلة الانتخابية والتي اختصرها بثلاثة أوّلها ان لا انتخابات من دون قانون جديد، وثانيها التأكيد على تأجيل تقني، وثالثها استحالة ان يكون هناك قانون جديد للانتخابات لا يتضمن شيء اسمه النسبية التي قال عنها المشنوق انها باتت حقيقة.
وهذا الموضوع أكّد عليه الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون، بقوله ان تيّار «المستقبل» منفتح على كل القوانين من النسبية إلى المختلط، و«ما يهمنا هو ارتياح أفرقاء آخرين على غرار النائب وليد جنبلاط».
كاشفاً انه تمّ الاتفاق مع الرئيس عون على الإسراع بإنجاز قانون الانتخاب.
ومع الإعلان عن القبول المبدئي بالنسبية، كانت جلسة الحوار المسائية بين المستقبل و«حزب الله» تتوقف بقوة عند هذا التقدم، انطلاقاً من «الرفض القاطع للفراغ في المجلس النيابي، ودعوة كل القوى للتشاور بهدف الوصول إلى قانون جديد للانتخابات».
وكشفت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان التعليمات أعطيت لأعضاء اللجنة الرباعية للبدء بصياغة مواد قانون الانتخاب الجديد، بعدما تمّ الاتفاق على خطوطه العريضة.
وقالت هذه المصادر ان الرئيسين برّي والحريري سيتواصلان مع فريق «اللقاء الديمقراطي» لتذليل الاعتراضات والأخذ بعين الاعتبار بالملاحظات والهواجس التي يبديها جنبلاط.
وأعطيت اللجنة مهلة لا تتجاوز الأسبوع الأوّل من نيسان المقبل، لإنجاز مسودة قانون يعاد بحثها في مجلس الوزراء، الذي لن ينعقد هذا الأسبوع، نظراً لوجود الرئيس الحريري في القاهرة ولن يعود قبل الخميس المقبل.
وكان عقد في مكتب وزير الخارجية جبران باسيل في قصر بسترس اجتماع ليل امس الأوّل حضره الي جانب باسيل كل من وزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، خصص لمناقشة قانون الانتخاب.
وبحسب معلومات «اللواء»، فإن الاجتماع حقق خرقاً بالنسبة إلى النسبية في القانون، من دون ان يحقق تقدماً في نقاط أخرى، الأمر الذي يستوجب عقد اجتماع آخر سيتحدد موعده بعد عودة الوزير باسيل من واشنطن التي توجه إليها أمس، لاستئناف البحث في القانون.
السلسلة
اما بالنسبة لموضوع السلسلة، فقد حرص الرئيس الحريري، بعد لقاء الرئيس عون على التأكيد بان كل الكتل السياسية متفقة على إقرار السلسلة بعد تأمين الموارد المالية لها، فيما لوحظ ان ثلاثة مؤتمرات صحفية عقدت في يوم واحد لتوضيح الحقائق، رداً على المطالب التي رفعها المتظاهرون، فحذر وزير المال ممن يحاولون استغلال الوضع وفتح سجالات لتطيير السلسلة وتصفية الحسابات، معتبراً ان ما حصل في المجلس النيابي مؤامرة سياسية لتطييرها، كاشفاً عن رشوة من المصارف بمليار دولار لوقف الضريبة على أرباح الودائع.