سيشهد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الخميس 16 آذار، انتخاب أول رئيس له منذ العام 2001. إذ ستُعقد جلسة استثنائية لانتخاب نائب الرئيس الحالي الشيخ عبدالأمير قبلان، رئيساً ثالثاً للمجلس. وقبلان لن يُنتخب من الهيئة العامة، بل من أعضاء الهيئتين التنفيذية والشرعية الموجودتين حالياً والممدد لهما. وبعد انتخابه، سيُعيّن قبلان أعضاءَ جدداً لملء الفراغ في كل هيئة، مناصفة بين حزب الله وحركة أمل.

هذه الخطوة تأتي بعد مشروع قانون تقدم به نواب من حزب الله وحركة أمل، أقره مجلس النواب، وأصبح نافذاً في 28 شباط 2017، ويقضي بـ"تمديد ولاية الهيئتين التنفيذية والشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وملء المراكز الشاغرة فيهما وتعديل بعض قوانين المجلس". 

ويقول المسؤول الإعلامي للمجلس محمد رزق إن "المجلس ملزم بقوانين المجلس النيابي لأنه مرتبط رسمياً بالدولة اللبنانية". وانتخاب قبلان رئيساً يأتي ضمن سياقي التمديد للأعضاء السابقين و"ملء المقاعد الشاغرة" التي توفي أصحابها، وتشمل 6 مقاعد في الهيئة التنفيذية، التي تضم مدنيين فحسب، و4 مقاعد في الهيئة الشرعية، التي تضم شيوخاً فحسب، حيث تضم كل من الهيئتين 12 عضواً، وفق النظام الداخلي، ويفترض أن يتم انتخابهم من الهيئة العامة التي تضم مهندسين ومحامين ودكاترة وصحافيين وقضاة وموظفي الدرجة الثانية وما فوق وغيرهم من الفاعلين في الطائفة الشيعية.

لكن الهيئة العامة للمجلس لم تنتخب مباشرة أعضاء الهيئتين، التنفيذية والشرعية، منذ العام 1975، حين أختُرقت لائحة السيد موسى الصدر من قبل يساريين وغيرهم من الشيعة، الذين لم يشاركوه نظرته السياسية. ويرى الوزير السابق إبراهيم شمس الدين، ابن الرئيس السابق للمجلس الشيخ محمد مهدي شمس الدين، أن "المجلس لم يشهد انتخابات طوال الفترات السابقة لأن البلد كلّه لم يشهد انتخابات. لكن أخيراً كان الغاء الانتخابات غير مبرر، وهو لا يعبر إلا عن سطوة ثنائية حزبية، لا يمكنها السيطرة على الهيئة العامة، فأوصلتنا إلى مجلس معطل".

ويشير شمس الدين إلى أن "القانون الذي أقر أخيراً فيه مخالفات عدة، ومنها أنه تم تعديل المادة التي لا تسمح أن يكون الرئيس قد تجاوز 65 من عمره ليصل قبلان، وتم مخالفة المادة 11 من النظام الداخلي التي تقول إن الرئيس يجب أن يكون من العلماء المجتهدين المعروفين، وقبلان ليس منهم. وتم أيضاً مخالفة قاعدة أن يكون أعضاء الهيئتين التنفيذية والشرعية منتخبين من الهيئة العامة، إذ أعطيت الصلاحية لقبلان ليعيّن الجدد منهم". يضيف: "إضافة النواب الشيعة إلى الهيئة التنفيذية (المدنية) يعتبر خرقاً للقانون، الذي ينص أن عدد أعضاء الهيئة التنفيذية، هو 12 عضواً، ينتخبون من الهيئة العامة. لكن مع 27 نائباً شيعياً بات عدد أعضاء الهيئة أكثر من 12، وهم ليسوا منتخبين بل تابعون لكتلتي حزب الله وأمل". 

وهذا الصوت المعارض لـ"الهيمنة على المجلس" لا يمثله شمس الدين وحده، بل كثير من الشيعة المستقلين، الذين أرسلوا كتاباً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، لكي يرفض قرار المجلس النيابي بالتمديد وملء المراكز الشاغرة. لكن عون لم يستطع ذلك، بسبب الضغوط والتحالفات السياسية، واكتفى بعدم توقيع القانون أو رفضه، فصار نافذاً مع انتهاء المهل الدستورية، ونشر في الجريدة الرسمية.

ويرى الدكتور طلال عتريسي، وهو أحد الأعضاء الذين سيعينون الخميس وأحد ممثلي حزب الله المفترضين في الهيئة التنفيذية، أنه "صحيح أنّ المجلس لم يكن فاعلاً وقوياً في الفترة السابقة، لكن بعض الأصوات التي تعتبر نفسها معارضة في الداخل هي ربما جزء من الصراع وليست محايدة". عتريسي، ورغم موقفه الساعي إلى تفعيل دور المجلس، أكد أنه لم يتلق بعد دعوة للمشاركة في انتخابات يوم الخميس.

هكذا، يستمر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في كونه مجلساً ممنوعاً على ناخبيه الأول، أي أعضاء الهيئة العامة، ليصبح عبارة عن هيئتين تترقعان من فترة إلى أخرى، و"معدومتين من فقهاء لا تريدهم الثنائية الحزبية، لأنهم لا يتبعون لها بسهولة"، وفق شمس الدين. ومع تعديل المادة المتعلقة بولاية الرئيس، في العام 1976، ليستمر حتى عمر 65 سنة، ثم تعديلها في العام 2017، وإلغاء شرط العمر، وتعطيل الانتخابات، يبدو أن الشيخ عبدالأمير قبلان سيبقى رئيساً للمجلس إلى الأبد.

الرئيس الثالث
لم يعرف المجلس إلا رئيسين قبل قبلان. أولهما السيد موسى الصدر، الذي ترأسه في العام 1969 حين جرت الانتخابات الأولى للهيئة العامة، واستمرّ حتّى العام 1994 عندما تجاوز الـ65 من عمره، رغم أنّه كان غائباً منذ العام 1978. حينها تمّ انتخاب الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيساً من قبل الهيئتين التنفيذية والشرعية، بعدما كان نائب الرئيس والقائم بأعماله منذ تغييب الصدر. استمرّ شمس الدين حتى العام 2001، سنة وفاته، ومنذ ذلك الوقت تولى أعمال المجلس الشيخ عبدالأمير قبلان، الذي كان نائب شمس الدين.

 

عباس سعد