الولايات المتحدة لا ترى مستقبلا للنفوذ الإيراني في سوريا وتخطط لتقوية وجودها العسكري في المنطقة لضرب تنظيم داعش.
 

ترسي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجية شاملة تهدف إلى القضاء على النفوذ الإقليمي لإيران بالتوازي مع الاستراتيجية الخاصة بالقضاء على داعش.

وذكر مراقبون أميركيون نقلا عن مسؤولين في إدارة ترامب أن الرؤية الأميركية الجديدة ترى رابطا عضويا بين السياسات الإيرانية في المنطقة وبين رواج الإرهاب السني الذي وجد أعنف أشكاله في تنظيم داعش.

وأكدت مراجع دبلوماسية غربية أن واشنطن عازمة على استهداف النفوذ الإيراني خارج الحدود الإيرانية، إضافة إلى الضغوط التي ستمارس على النظام الإيراني نفسه.

ولفتت هذه المراجع إلى الجهد الأميركي الواضح في اليمن والعراق والذي أفصحت عنه تصريحات السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هالي، وأنه بات ينسحب على سوريا وأن شرط أي تسوية في سوريا هو انسحاب كافة الميليشيات المرتبطة مباشرة بفيلق القدس والحرس الإيراني.

وأكدت هالي أن بلادها تدعم محادثات السلام السورية، قائلة إن سوريا يمكن ألا تظل “ملاذا آمنا للإرهابيين” وأن من المهم “إخراج إيران ووكلائها”.

واعتبر المراقبون أن تصريحات هالي تكشف بشكل جلي أن واشنطن لا ترى مستقبلا للنفوذ الإيراني في سوريا على الرغم من خطط طهران المعلنة في هذا الشأن.

وكان الرجل الثاني في حزب الله، الشيخ نعيم قاسم قد أكد في مقابلة مؤخرا مع قناة الميادين الممولة من إيران، أن الحزب “هو من يقرر متى ينسحب من سوريا، وهذا سيحصل بعد أن يضمن أن سوريا كمقاومة باقية”، مشيراً إلى الدور البارز الذي لعبه “محور المقاومة” بقيادة إيران وحزب الله في سوريا والمناهض لمصالح الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل.

ورأت مصادر دبلوماسية في نيويورك أن إعلان واشنطن عن خططها ضد الميليشيات التابعة لطهران من خلال السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة بالذات، هدفه إبلاغ المجتمع الدولي بمزاج واشنطن في هذا الشأن، ما يرمي إلى تعميم هذه الأجواء على كل العواصم الغربية الحليفة، كما يرسل إشارات واضحة إلى روسيا حول القواعد التي ستسير عليها واشنطن في مقاربة الشأن السوري.

ولفت المراقبون إلى الاجتماع العسكري الذي عقد في أنطاليا في تركيا، الثلاثاء، بين رؤساء أركان الجيوش الأميركية والروسية والتركية لتنسيق الجهد العسكري في الشأن السوري.

واعتبر هؤلاء أن الحدث الذي أقصى إيران من أي مشاركة أو تنسيق يعكس هوية القوى الرئيسية التي ستحدد وحدها مستقبل الميدان السوري.

وجاء موقف السفيرة هالي بعد أن أطلع وسيط الأمم المتحدة لدى سوريا ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن في جلسة مغلقة على المحادثات التي جرت على مدى عشرة أيام في جنيف بين الأطراف المتحاربة في سوريا وانتهت الأسبوع الماضي.

واعتبر المراقبون عدم ردها على أسئلة عما إذا كانت بلادها تدعم تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، بمثابة إشارة إلى أن أولويتها هي إبراز الجزء الخاص بإخراج ميليشيات إيران من سوريا.

وقالت هالي إن “الولايات المتحدة تدعم تماما ستيفان دي ميستورا والعمل الذي يقوم به ونحن ندعم عملية الأمم المتحدة وندعم المحادثات في جنيف ونرغب في استمرارها”.

وأضافت “الأمر يتعلق كثيرا بحل سياسي الآن (…) وهذا يعني في الأساس أن سوريا يمكن ألا تظل ملاذا آمنا للإرهابيين (…). علينا أن نعمل على إخراج إيران ووكلائها وعلينا أن نتأكد من أننا كلما أحرزنا تقدما فإننا نؤمن الحدود لحلفائنا أيضا”.

ويتزامن الموقف الأميركي مع الزيارة التي بدأها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لروسيا، والذي بحث في اجتماعه الخميس، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، قضية التواجد الإيراني في سوريا والذي تعارضه إسرائيل بشدة.

وقال نتنياهو “لا نريد أن يحل الإرهاب المتطرف بقيادة إيران محل إرهاب داعش والقاعدة”. واعتبر أن “الإرهاب” الذي تقوده إيران يمثل اليوم خطرا ليس على إسرائيل فحسب، بل على العالم برمته.

ونفى الكرملين تقارير إعلامية تحدثت عن موافقة موسكو على عمليات إسرائيلية ضد حزب الله من الأجواء السورية.

ورأى مراقبون أن واشنطن تسرّع من إيقاعات استراتيجيتها الجديدة في الشرق الأوسط. فبالإضافة إلى موقف هالي الأخير، أعلن مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس نشر ما يصل إلى 1000 جندي أميركي في الكويت كقوة احتياطية في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق مع تسارع وتيرتها.

وقال مسؤولون يؤيدون هذا الخيار الذي لم يعلن من قبل، إنه يتيح للقادة الأميركيين على الأرض قدرا أكبر من المرونة للاستجابة بسرعة للفرص التي قد تسنح فجأة والتحديات التي قد تطرأ في ساحة المعركة.