تداولت مواقع التواصل الإجتماعي قبل أيام: كلاماً للشيخ الوحيد الخراساني (دام ظلّه)، المرجع الشيعي المعروف، يتضمّن هجوماً عنيفاً على رموز الطرف الآخر، يتنافى تمام التنافى مع الرؤية الشيعيّة العامّة التي توافق عليها علية القوم في الطائفة الشيعيّة، وقد أحدث كلامه (دام ظلّه) ردود أفعالٍ متضاربةٍ، بين مؤيّدٍ بشدّة، ومعارض بشدّةٍ، ومبرّر بشدّةٍ، أمّا أنا فلم أتفاجئ شخصيّاً من صدور هذا الكلام من الشيخ الوحيد الخراساني؛ إذ رأيته طبيعيّاً جدّاً لمن عرف منطلقات الشيخ المعرفيّة وسياقات تكوين مفرداته، ومن هنا فلم اكترث به ولم أحبّذ التعليق عليه، خصوصاً وقد آليت على نفسي عدم الاعتماد على كلام غير موثّق؛ حيث لم أسمعه بأذني، وكما قيل في الموروث: بين الحقّ والباطل أربعة أصابع.

إقرأ أيضًا: المرجع الشيعي كلبايكاني يقدر موقف دريان
أمّا اليوم فقد توفّرت بين يديّ نسخة مُسرّبة من محاضرة سماحة الشيخ ليوم الأثنين الماضي

 

 وهي جزءٌ من دروسه الحوزويّة التي يُلقيها على طلّاب الحوزة في مسجد الأعظم في مدينة قم الإيرانيّة، أصغيت إلى هذه المحاضرة بعناية فوجدتها متطابقة بنسبة كبيرة جدّاً مع ما هو منشور في مواقع التواصل، ولا يختلف عنه إلا في بعض المفردات البسيطة التي لا تضرّ بأصل الأفكار التي طرحها الشيخ، وسأختصر من كلامه ما أريد التعليق عليه:

بعد أن هاجم الشيخ رموز أهل السنّة، وقال بصريح العبارة: عمر بن الخطّاب عابد للصنم، شارب للخمر، صاحب نادي احتساء الخمور، الجاهل الذي لا يعرف التيمّم... إلى غير ذلك من الأوصاف الأخرى التي أترك سماعها إليكم، في هذه الأثناء اعترض عليه طالبٌ شجاع، ويندر أن تجد طالباً شجاعاً في أمثال هذه الدروس، وقال:
أين موضع التقيّة من هذه الأمور يا شيخنا الجليل؟!، ألم تأمرنا النصوص الروائيّة بضرورة التعايش مع أهل السنّة ومداراتهم وترك التعرّض لرموزهم؟!
يبدو إن الشيخ الوحيد انزعج من هذا الكلام، وأجابه بعد ضحكة مملوءة بالاستهزاء، بالجواب المعروف الذين يجيب به عموم طلبته حينما يريد تقريعهم:
(حينما تصبح فقيهاً سوف تفهم ذلك).


وأكمل الوحيد بعد ذلك، وكأنه نسى أو تناسى ما ذكره قبل دقائق من تحريض طائفي، وسبّ لرموز الطرف الآخر، ليقول:
(علينا أن نحاور أهل السنّة من خلال الحكمة، متمثّلين بقوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ولا أدري هل إن الشيخ الوحيد حينما يقول لأهل السنّة إن خليفتكم شارب الخمر، وعابد للصنم، وصاحب النوادي الّليلية، الجاهل بكلّ شيء... هل يعتبرون ذلك من الحكمة والجدال بالّتي هي أحسن؟!
سأترك التعليق على الرواية الأخيرة التي نقلها الشيخ الوحيد من صحيح مسلم لكن مع إضافات منه إلى حين آخر، وليس لي إلا أن أندب السيّد حسين البروجردي، الفقيه الذي كان رائد الوحدة بين المسلمين، أقول له: أين أنت لترى منبر مسجدك الأعظم الذي بنيته وشيّدته على مائدة الوحدة بين المسلمين، وهو يمارس التأجيج الطائفي؟!
ولله في خلقه شؤون.