على وقع ما يجري في مؤتمر جنيف 4 بين المعارضة والنظام السوري وفي ظل التمترس الذي يبديه كل من طرفي النزاع، تظهر المتغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية جوانب أخرى للنزاع السوري وتغييرا في السلوك الأميركي.
 


بعد سياسة الثبات والتدخل البطيء في ظل إدارة الرئيس السابق  باراك أوباما،  تظهر ملامح سياسة جديدة يبديها الرئيس الجديد للبيت الأبيض ويحدد على أساسها أولوياته في النزاع السوري.

داعش وغير داعش:

هذه الأولويات  يحددها دونالد ترامب في سوريا بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية وإجتثاثه من الوجود.
لذلك يعمل الجيش الأميركي على جبهتين متقاربتين في العراق وسوريا للقضاء على التنظيم وحدد لهذه العملية الخطة المناسبة والتوقيت.
لكن لا يبدو أن دونالد ترامب وإدارته سيكتفون بمحاربة داعش فقط،  بل تشير المعطيات الواردة من أميركا إلى خطط أميركية لتقليم أظافر إيران في سوريا وإبعاد خطرها مع حزب الله عن جبهة الجولان.
لذلك تتعامل الخطة الأميركية بشأن سوريا وخصوصا في منطقة الجنوب مع كل من داعش وحزب الله على أنهما خطران يتهددان أمن إسرائيل ويجب القضاء عليهما مع تركيز وإستهداف أكبر على داعش في حال أظهرت طهران نوايا حسنة إتجاه الجانب الأميركي فيما يخص الجولان .

إقرأ أيضا : دبلوماسي إيراني سابق يعترف بأن أوباما دعم إيران ضد السعودية بكافة الوسائل

 

مناطق آمنة في الجنوب والشمال:

ولأجل القضاء على داعش الذي يتمركز في الجنوب وحوض اليرموك بعديد قوات يصل ما بين 13 و 15 ألف مقاتل، خصص الجيش الأميركي قوات " الدلتا " الخاصة وعديدها حوالي 7000 مقاتل مع قوات عربية وخليجية وعناصر من الجيش الحر لإقامة منطقة آمنة تمتد من حدود الأردن حتى الكسوة وربما تصل في مراحل متقدمة إلى الصنمين.
وهذه المعلومات مسربة عن غرفة عمليات " موك " والتي أشارت إلى توافق أردني- إسرائيلي - أميركي حول الموضوع وشبهت العملية بعملية الفرات التي تقودها تركيا في الشمال بحسب ما أشارت جريدة الجمهورية.
وفي حال تمت العملية فإنها لن تقتصر على ما يبدو في التسريبات على إستهداف داعش بل ستطال إبعاد خطر حزب الله عن منطقة الجولان وإستئصال التأثير الإيراني هناك إستجابة لمخاوف إسرائيل.
أما في الشمال،  فتقود العملية تركيا من خلال عملية الفرات والتي تضم عناصر من الجيش الحر والجيش التركي ونجح في السيطرة على مدينة الباب الإستراتيجية وإخراج داعش منها.
وتهدف العملية التركية في الشمال إلى إبعاد داعش عن الحدود التركية وقتل آمال الأكراد في إقامة إتحاد فيدرالي وهذا ما نجحت فيه القوات التركية عندما فصلت بين بقعتين جغرافيتين للأكراد وسيستحال في هذا الوضع وجود أي ربط جغرافي بينهما.
وبعد مدينة الباب،  أعلنت القوات التركية التوجه نحو مدينة منبج الذي يسيطر عليها الأكراد لإخراجهم منها وبذلك ستعلن منطقة آمنة في الشمال تمتد من الحدود التركية حتى نهر الفرات وتشمل الباب ومنبج.

الصراع على أراضي داعش:

ويبدو من سير العمليات في سوريا أن الصراع محتدم للسيطرة على أراضي داعش، وإلى الآن فإن الكلمة العليا في السيطرة على تلك المناطق هي لأميركا وتركيا بعد الجمود الذي أصاب المعسكر الروسي بعد معركة حلب بفعل الدور الذي تمارسه روسيا كحكم في النزاع بعد المعركة وهذا ما تطلب منها تجميد للعمليات بإستثناء بعد المناطق والتي لا يوجد فيها داعش.

إقرأ أيضا : التوتر على أشده بين إيران وتركيا


وستكون هذه المناطق الآمنة قواعد متقدمة للجيش الأميركي والتركي وحلفائهما للتوجه نحو الرقة وتسيير عملية برية لإستعادتها بعد التراجع الذي أصاب قوات سوريا الديمقراطية " قسد " في تلك المنطقة.
هذه المعطيات تشير إلى أن الأزمة السورية تفتتح فصلا جديدا مرسوما بريشة أميركية جريئة  هذه المرة وعلى وقع توتر يشوب العلاقات التركية - الإيرانية وفي ظل صمت روسي مريب حتى هذه اللحظة بسبب الدور الذي تمارسه في جنيف.