شارك الأستاذ نبيه بري في مؤتمر دعم المقاومة الفلسطينية الذي عقد ليومين في العاصمة الإيرانية طهران وعرض خلال خطابه مقترحاً للبلدان الإسلامية بإغلاق سفاراتها في واشنطن بحال مبادرة الولايات المتحدة بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. ولم ينس الشعب الفلسطيني جهود الأستاذ الماضية في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وبطبيعة الحال يشكره على هذا المقترح الجديد الذي لا يريد الأستاذ من ورائه جزاء ولا شكوراً إلا خدمة قضية الإنسان.

الصالة التي ألقى الرئيس بري خطابه فيها أمام  وفود من العالم هي قريبة جداً من سجن إيفين الشهير الذي  يقضي فيه المواطن اللبناني نزار زكا فترة حكمه بعد ما حكمت عليه محكمة الثورة الإسلامية التي يسيطر عليه الحرس الثوري الإيراني بالسجن لعشر سنوات ودفع غرامة مالية تفوق 4 ملايين دولاراً عقوبة على العمالة لصالح العدو. وربما لو كان نزار يصرخ من داخل السجن لكان الرئيس بري يسمع صوته! 

وربما لم يطلع الرئيس بري على قضية نزار زكا أو ترك أمره إلى الإيرانيين يتصرفون كيف يشاؤون تجاه هذا المواطن اللبناني المتهم بالتجسس، ولكن المعلومات الأخيرة التي أفصح عنها الحرس الثوري تُظهر بأن نزار لم يكن متهماً بالتجسس الأمني بل كان متهماً بالتغلغل الثقافي إن صح التعبير. فهذا مساعد استخبارات الحرس الثوري الذي صرّح يوم الأربعاء الماضي بأن زكا اعترف بأنه كان يتابع مشروع الانحراف الممنهج في مجال الأسرة والنساء! ولم يوضح الجنرال ستاري عن نوعية الانحراف هذا، هل يقصد تحويل الأسر الإيرانية والنساء الإيرانية إلى منحرفين أخلاقيين أو دينيين أو سياسيين أو ما شابه ذلك. وإذا كان يتابع نزار هذا المشروع الضخم الذي يعجز عن تحقيقه قوى الاستكبار العالمي طيلة أربعة عقود، فهل كان هناك حاجة ملحة لزيارته الجمهورية الإسلامية، علما بأنه زارها خمس مرات بدعوة من مساعد الرئيس في شؤون الأسرة والنساء للمشاركة في ندوات رسمية أقامتها مؤسسات حكومية. 

تعويل مساعد قسم الاستخبارات للحرس الثوري على اعترافات نزار زكا بحد ذاته دليل على براءته من تهمة التجسس، حيث لو كان الأخير جاسوسا امنيا لم تكن هناك حاجة بأخذ اعترافات منه والاستشهاد على تلك الاعترافات التي يكتنفها الغموض والتساؤلات. 
إن تهمة التجسس يجب أن تُبنى على أدلة واضحة تستغني معها المحكمة من التعويل على الاعترافات.

وأخيرا كان على الرئيس بري أن يتعلم الدفاع عن حقوق مواطنيه  من وزير خارجية إيران جواد ظريف الذي استخدم موقعه وثقله وسمعته من أجل الدفاع عن إيرانية- بريطانية سجينة لدى الهند خلال زيارته الأخيرة لها وقام ظريف بزيارة تلك السجينة حتى تعرف بأن إيران لن تتخلى عنها حتى بعد ما اكتسبت جنسية أخرى بريطانية ودخلت بها الأراضي الهندية.

وأخيرا ينبغي على السلطات اللبنانية محاولة التأكد على حقيقة ملف المواطن اللبناني الأمريكي نزار زكا، فربما اعتقلته إيران لفرض الضغط على عدوها الولايات المتحدة وجعله ثمنا لصفقة معها.