الإيرانيون لم يعودوا مستعدين لقبول خطاب مجاني ضد واشنطن، وروح الاتفاق النووي تخفت، والخوف من المجهول يعود مجددا.
 

عند السير في شوارع طهران اليوم يمكن بسهولة سماع صدى خطابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعادية لإيران. وفي كل زاوية أو حارة هناك من يطرح نفس السؤال المكرر بين كل طبقات المجتمع الإيراني على اختلاف مشاربه: هل باتت الحرب قريبة بين إيران وأميركا؟

وأعاد ترامب مرة أخرى التفكير في جدلية قديمة بشأن الاستفادة التي قد تحصدها واشنطن من السكوت عن توغل متزايد للنفوذ الإيراني على حساب حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في منطقة الشرق الأوسط.

ويقول محللون أميركيون إن هذه الاستفادة تكاد تكون واقعيا لا شيء. ويشعر الكثيرون من أبناء الطبقة الوسطى خلال جلسات كانت تجمعهم في السابق لنقاش أحداث فيلم سينمائي أو مسلسل مثير للجدل، بالخوف من المجهول، إذ بات ترامب اليوم هو محور الحديث.

ومن بين مجموعة تضم 20 من ربات البيوت وأكاديميين وموظفين، تقول فاريبة ساميني، وهي مترجمة في الـ57 من العمر، إن “الشباب يعتقدون أن ترامب سيقصف إيران لا محالة. أخذوا يصيحون بأن مستقبلهم سيضيع”.

وكان القلق باديا على وجه ساميني، التي كانت تقول لمراسل صحيفة “نيويورك تايمز” في طهران “لقد ذهبت إلى البيت والقلق والخوف يغمراني، وكأن شيئا سيئا جدا على وشك أن يحدث”.

والكآبة والخوف باتا أكثر السمات المميزة لمدينة طهران الغارقة في الزحام. ولا يتوقف إلقاء اللوم في إيران على ترامب فقط، لكن الكثيرين لا يثقون في نظام الحكم الإيراني.

وبعد أيام من قرار أصدرته إدارة ترامب بحظر مواطني 7 دول إسلامية، من بينها إيران، أجرى الجيش الإيراني تجربة لإطلاق صاروخ باليستي، دفع مايكل فلين مستشار ترامب للأمن القومي إلى توجيه تحذير شديد اللهجة إلى طهران.

وأمطر ترامب بعد ذلك إيران بتغريدات على تويتر، أكد فيها أن الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى في 2015 “اتفاق سيء للغاية”.

في الفصول الدراسية وسيارات الأجرة وصالونات تصفيف الشعر وفي البيوت، اختلطت مشاعر الكثير من الإيرانيين بين التهكم على تصريحات ترامب، والقلق من سلسلة عقوبات اقتصادية جديدة، كانوا قد تنفسوا الصعداء بمجرد رفعها بموجب الاتفاق النووي.

لكن بعد سخرية المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي من ترامب، وإظهاره تحديا واضحا لمقاربته، امتد قلق الإيرانيين ليشمل الخوف من إمكانية نشوب مواجهات عسكرية بين الجانبين.

وتقول ساميني “لا يمكن توقع تصرفات ترامب، كما لا يمكن توقع تصرفات قادتنا. بدأنا نشعر فجأة أننا في سفينة تغرق”.

وعندما انتخب ترامب، غمر شعور بالأمل غالبية الإيرانيين، بعدما اعتادوا خلال السنوات الماضية على الشعور بأنهم عالقون في “ملهى سياسي” تحت رحمة الآخرين الذين يملكون الضغط على الزر.

ونسي الإيرانيون فجأة الحديث عن الاقتصاد الذي لم يشهد أي تحسن منذ توقيع الاتفاق، وتحولت أنظارهم إلى مخاوفهم القديمة، من الولايات المتحدة.

ويقول علي فاسفانغاني (33 عاما) “الاتفاق النووي كان اختبارا حقيقيا. كان هذا يعني أن إمكانية المصالحة مع الولايات المتحدة صارت ممكنة”.

وأضاف “كان نقطة تحول هائلة لأنه كان سيجعلنا مرة أخرى جزءا من المجتمع الدولي”.

لكن بعد قرابة ثلاثة أسابيع من تنصيب ترامب رسميا، اختفى هذا الشعور تماما.

وأثناء فرض العقوبات، كان النظام الإيراني يجد حجة للتصعيد ضد الولايات المتحدة، لكن التحدي الذي يظهره الرئيس الجديد اليوم ترك الكثير من الإيرانيين في حيرة من أمرهم.

وقالت ساميني “دعونا نتوقف عن إطلاق الصواريخ، ألن يكون هذا سببا لخفض التوتر؟”.