بلغت أخبار سجن صيدنايا في سوريا مسامع العالم، وظهرت من جديد همجية النظام السوري ضد أهله وشعبه منذ اندلاع الثورة السورية، إلا أن المخزي في هذا الأمر ليس إجرام النظام وحده بل هذه التغطية التي يحصل عليها من بني مقاومة وبني ممانعة هل يرضى شهداء المقاومة بهذا الإجرام وهذه الوحشية؟
 

اولاً: الحروب المذهبية والايديولوجية الإيرانية والسورية...
أشاعت الحروب المذهبية والايديولوجية الإيرانية والسورية منذ العام ١٩٨٠ وحتى اليوم الانقسامات العصبية في كيان الدولة بين الجماعات الأهلية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والبحرين ، وأخيراً في اليمن السعيد، وبقدر ما لوّحت بالتزامها اللفظي بقيود "القضية الفلسطينية" ،كانت قد أعتقت نفسها من هذه القيود، واكتفت برفع شعارات الممانعة المزيفة، واحتلّ النظام السوري في هذه المعمعة درجة عالية في وضع معايير سياسية وتنظيمية (الولاء والخروج)، واعتقادية أخلاقية (الشرع والتحليل)، واجتماعية (الثراء والفقر)، وتركزت علامات التحلُّل على معيار الدولة الوطنية، فغدت الجمهورية العربية السورية: سوريا الأسد، والرئيس حافظ الأسد قائدنا إلى الأبد، وتحول الجيش العربي السوري إلى جيش النظام الفئوي بأجهزة مخابراته المتعددة التي تشبه أمُّ التلافيف في معدة البقر، وبات الاقتصاد المرتبط بالثروات الفاحشة (النفط والإتصالات) بيد العائلة والانسباء.

إقرأ أيضًا: المنطقة العربية في عهد ترامب، وداوني بالتي كانت هي الداءُ.
ثانياً: قوى الممانعة تحرس الاستبداد السوري...
ارتكب النظام السوري ما لا يُعدُّ ويُحصى من جرائم القتل والهدم والتهجير والاعتقال والتعذيب والاغتصاب، وعندما شارف على نهايته المحتومة، على يد الشعب السوري الثائر منذ أكثر من خمس سنوات، هبّت قوى المقاومة والممانعة لحمايته ومنعه من السقوط بتوجيه ودعمٍ إيرانيين كاملين، وإذ لم تفلح حملات الدعم المالي والعسكري والميليشياوي في تثبيت أركان النظام، قامت روسيا بهذه المهمة على أكمل وجه حتى الآن، إلاّ أنّ استمرار النظام في ارتكاب جرائمه التي بلغت مداها في الفضائع المسربة من سجن "صيدنايا" الشهير حيث خرج منه الإرهابيون "التكفيريون" برعاية النظام، وحلّ محلّهم المواطنون الغافلون والحالمون بوطنٍ يحفظ حقوق مواطنيه وكرامتهم الإنسانية بالحدّ الأدنى على الأقلّ، ما هي إلاّ ثمرة من ثمرات قوى المقاومة والممانعة، القوى التي أفقدت المقاومة معانيها السامية، وباتت الممانعة العربية للصلح مع إسرائيل خاوية من مراميها، وباتت العروبة من غير عرب، بنكهة فارسية أو تركية، وحتى روسية، وتتفرّد سوريا بقيادة ديكتاتورية تُحرّك جماعات محلية مُوالية باسم قضية "مقدّسة" ،ويستغرق سياساتها دفاعُ طبقتها الحاكمة عن نفسها في وجه معظم محكوميها ومعظم المجتمع الإقليمي والدولي ، وتقود مزاعمها هذه إلى ارتكاب ضروب الإرهاب المتفرقة من غير رادع، ولعلّ أبسطها وأهونها جرائم صيدنايا الذائعة الصيت.