قبل نحو 10 أيام كان من المفترض أن يزور وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان لبنان مع الوفد الوزاري السعودي للمشاركة في مؤتمر لبنان يجمعنا. حضر الوفد فيما أجّل السبهان زيارته، ربما لفصل الهدف الثقافي لزيارة الوفد عن الإطار السياسي، أو ربما لأسباب أخرى كإتضاح جملة أمور وتطورات إقليمية ودولية.

في 6 شباط، بدأ السبهان زيارة لبنان للقاء القوى السياسية. في الشكل العام، فإن الزيارة تأتي في سياق تأكيد استمرار التواصل بين لبنان والمملكة على قاعدة إصلاح العلاقات البينية، واستكمال مفاعيل التفاهمات التي عقدها الرئيس ميشال عون مع قيادة المملكة خلال زيارته الرياض. بدأ السبهان لقاءاته من القصر الجمهوري مع عون، واستكملها مع الرئيس سعد الحريري والقوى الأساسية.

هي الزيارة الأولى من نوعها لناحية الجدية العملانية، التي يتضمن البحث خلالها تفعيل إتفاقيات معينة بين البلدين، ووضع الأسس الواقعية لتحسين العلاقات وإستعادتها. وهذا ما أكده السبهان بعد لقائه عون، إذ قال: "تأتي الزيارة في إطار متابعة البحث في المواضيع التي تمّ الاتفاق عليها بين الرئيس عون وخادم الحرمين الشريفين". فيما أعطى عون توجيهاته للوزراء "لاستكمال البحث في الترتيبات المتصلة بالنقاط المشتركة بين البلدين". وكذلك أعلم السبهان عون بتعيين سفير جديد للمملكة في لبنان وزيادة رحلات شركات الطيران السعودية إلى لبنان وعودة السعوديين لتمضية عطلهم.

بمعزل عن الشق التقني للزيارة، ثمة أمر لا بد من التوقف عنده، وهو يتناول الإطار السياسي، الذي أكده لقاء السبهان للأفرقاء. ما يعني أن الزيارة تتخطى ما هو معلن، خصوصاً أن الزيارة الأولى التي أجراها السبهان إلى لبنان كانت قبيل انتخاب عون رئيساً للجمهورية، والتقى خلالها كل الأفرقاء تمهيداً لإعلان الترحيب بهذه الخطوة ومباركتها. واليوم، لا بد لهذه اللقاءات أن تنطوي على أمر سياسي يتخطى الأمور الاجرائية.

فهل تأتي زيارة السبهان في سياق وضع القيادات اللبنانية في أجواء الاتصالات السعوية- الأميركية؟ وفي أجواء التحولات الكبرى التي قد تشهدها المنطقة بفعل قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟ ثمة من يشير إلى أن هناك تحولاً في السياسة الأميركية في المنطقة، التي ستعود إليها الولايات المتحدة بقوة. وتعتبر مصادر متابعة أن هناك إتفاقاً سعودياً أميركياً لمواجهة المد الإيراني، لأن ترامب يعتبر أن خطر القاعدة من خطر إيران، ولأن للطرفين الخطر نفسه على الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وتحدث عن رعاية إيران الإرهاب في العالم، وعن العلاقة التي تربط طهران بقيادات القاعدة. بالتالي، فإن هذه الظروف تستوجب سياسة مواجهة جديدة في المنطقة، قد تترافق مع سياسة سعودية جديدة.

وقد تبدأ هذه السياسة من خلال البحث عن حلّ جدي للأزمة السورية وتعزيز فرص وقف إطلاق النار. وتلفت المصادر إلى إمكانية إعادة ترامب السعودية إلى كل الساحة العربية والشرق أوسطية، لكن من خلاله. وأولى الرسائل، توجيه أربع مدمرات أميركية إلى اليمن والوقوف إلى جانب السعودية في مواجهة الحوثيين ومن خلفهم الإيرانيين.