بين ولاة العرب وولاة الفرس اليوم على البلاد العربية ما الذي تغير وكيف تتعامل إيران مع ولاتها في المنطقة؟
 

أولاً: الولاية عند العرب وفي الإسلام...
الولاية عند العرب وفي الإسلام معناها الإمارة على مقاطعة من المقاطعات التابعة للدولة، والأساس في تولية القائمين على هذه المقاطعة هو الخليفة، ليقوم الوالي مقامه في إدارة دفة السياسة وأعمال الحكومة، ويُسمّى القائم بهذه الأعمال والياً أو اميراً .
نشأ نظام الولاية عند العرب منذ زمن النبي (ص) ، فبعد فتح مكة، أخذ يُولّي العمال على المدن الكبرى والامصار، وكذلك فعل أبو بكر الصديق وسائر الخلفاء، وكان الوالي في زمن الخلفاء الراشدين يصلّي بالمسلمين ويلقي خطبة الجمعة، وهو الرئيس للقضاء والخراج والجند والشرطة، أمّا في عهد الأمويين والعباسيين ، فتعددت الوظائف والمهام وتنوعت، ولعلّ أبرزها إمارة الاستكفاء أو التفويض، ولخّص الماوردي مهام هذه الولاية بسبعة أمور: النظر في الأحكام والحرص على مالية الولاية، وإرسال الأموال الفائضة إلى بيت المال، وحماية الدين والذّبّ عن الحريم، وإقامة حدود الشرع، وتأمين سير الحجيج.
من أشهر هذا النوع من الإمارة كانت إمارة الحجاج على العراق أيام الأمويين، وكذا في مصر فقد كان عمرو بن العاص أميراً مفوضاً في إدارتها، والثابت أنّ الأمويين اقتصروا في تعيين العرب كولاةٍ لهم، حتى جاء العباسيون ، فكان أبو مسلم الخراساني أميراً على خراسان، ثم أبناء برمك .قبل أن يفتك أبو جعفر المنصور بأبي مسلم الخراساني وهارون الرشيد بالبرامكة.

إقرأ أيضًا: دروس الديمقراطية والليبرالية القادمة من أوروبا وأميركا الشمالية
ثانياً : وُلاة الفُرس في أيامنا هذه...
عندما كانت الإمبراطورية الإسلامية (والتعبير للإمام حسن البنا) مترامية الأطراف والخلفاء والسلاطين يُعيّنون الولاة والحكام، كانت المهمة الأولى لهؤلاء جمع الخراج والزكاة والفيئ والغنائم وإرسالها إلى مركز الخلافة في دمشق أو بغداد أو القاهرة أيام الفاطميين، أمّا اليوم فالجمهورية الإسلامية في إيران تقوم بتعيين وُلاة لها في أربع عواصم عربية، وفق ما تلفّظ به مسؤولٌ إيراني ذات يوم ، إلاّ أنّ المفارقة أنّ إيران، أو الجمهورية الإسلامية بالأصح، هي التي تجمع الضرائب والخراج والفيئ من جيوب الإيرانيين لتغذية ميزانيات الولاة في بيروت وصنعاء وبغداد والشام، فضلاً عن التسليح والكردسة، مع أمل بعث الخلافة الإسلامية من جديد، ومركزها طهران، لا سيّما بعد تدمير الموصل، مركز خلافة أبي بكر البغدادي، وانحسار الطموحات التركية ببعث الروح في جسم سلطنة بني عثمان.