لم تظهر على وجوه الوزراء المشاركين في جلسة مجلس الوزراء أمس في السرايا آثار "الرعب" الذي انتشر عقب اصطدام اللقاء الرباعي بجدار الاتفاق على صيغة جديدة لقانون الانتخاب. وبدا وزير الاعلام ملحم الرياشي خلال دردشة مع "النهار" عقب جلسة مجلس الوزراء متيقنا من أن حلا يلوح في الافق لإنجاز مثل هذه الصيغة: "توقعوا خلال الـ48 ساعة المقبلة لقاءات ثنائية على مستوى القيادات لإخراج الحل من عنق التعقيدات". وبدا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق واثقا من الإجراءات التمهيدية لاجراء الاستحقاق الانتخابي، كدعوة الهيئات الناخبة وتكوين هيئة الاشراف على الانتخابات، وهو ما سيأخذ طريقه الى جلسة مقبلة لمجلس الوزراء.
 
هل كان انعقاد مجلس الوزراء امس في السرايا وليس في قصر بعبدا مقصودا لتوفير أجواء ملائمة تمحو آثار التشنج الذي شهدته جلسة الاسبوع الماضي برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون؟ نفى أحد الوزراء ان يكون الامر على هذا المنوال. وهو، مثلما فعل وزراء آخرون سجلت "النهار" شهاداتهم، قال إن الامور تأخذ مجراها الطبيعي. ووصف موقف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي ترأس الجلسة أمس بأنه منفتح على كل الصيغ، وفي يقينه ان "الظروف التي أوصلت لبنان الى انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية وولادة الحكومة الجديدة ستؤدي الى قانون جديد للانتخاب يمهد لإجراء الانتخابات في موعدها".
مع هذه الأجواء الجديدة التي تحلّ محلّ التشاؤم المفرط في إطار اللقاء الرباعي، لا بد من تقديم رواية لهذا التبدّل الذي دفع الحريري الى "طمأنة الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين أهل الحكم، الى أن شيئاً من ذلك لن يحصل". فما هي هذه الرواية؟
يقول عدد من الوزراء الذين يعبّرون عن مزيج من التيارات السياسية إن ما ساد من انطباع بعد تعثر عمل اللقاء الرباعي، وهو أن الثنائي الشيعي قضى على فكرة القانون المختلط، ليس صحيحا. وما حصل أن هذا الثنائي ومعه أطراف آخرون (المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي) شعر بأن ما طرحه أمامهم التيار الوطني الحر هو "صيغة قانون الستين لنا وصيغة النسبية لكم". أي أن ثنائي "التيار" و"القوات اللبنانية" اقترح أن تكون الصيغة في غالبية الدوائر ذات الارجحية المسيحية مستمدة من قانون الـ60، وأن تكون الدوائر ذات الحضور المسيحي الضعيف محكومة بصيغة النسبية، وهذا ما يؤدي وفق تقدير هؤلاء الوزراء الى حصول ثنائي "التيار"– "القوات" على نحو ثلث مقاعد البرلمان، بما يضع مصير أي انتخابات رئاسية مقبلة بيد هذا الثنائي. لكن وزراء "المستقبل" حددوا مواقفهم قبل دخول الجلسة أمس بثلاثة عناوين: لا عودة الى قانون الستين، لا لقانون انتخاب يرفضه النائب وليد جنبلاط (وهو موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وبطريقة واقعية موقف الرئيس عون)، والمطلوب أن يحقق القانون الجديد الربح والخسارة عند الجميع دون استثناء. وفي خلاصة قدمها عدد من الوزراء ان القانون المختلط وفق صيغتين مطروحتين من الرئيس بري و"المستقبل" والاشتراكي و"القوات اللبنانية" لا يجد رفضا لدى الرئيس عون، وهذا ما يمثل نقطة انطلاق واعدة.
كيف يمكن تفسير هذا التشنج الذي بلغ ذروته بكلام عون حول تفضيله الفراغ على إجراء الانتخابات وفق قانون الـ60، وكلام الاشتراكي على رفض مبدأ النسبية بالمطلق؟ الجواب، وفق الاجواء التي سادت أمس السرايا، هو أن التفاوض ينطلق عادة من السقوف العالية عند نقطة الانطلاق، ليصل الى التسويات عند نقطة الوصول.
ثمة شعور بالمرارة عند وزراء "المستقبل" من الواقع السياسي الذي يمنع من أن تكون هناك حرية للمرشحين في مناطق نفوذ "حزب الله".
في الواقعية السياسية التي تحكم لبنان كل شيء وارد. وليطمئن الخائفون الى أن الحوار حاليا سيؤدي الى حل وليس الى فراغ، وسيكون شباط الحالي موعدا لولادة القانون الجديد، كما تشير توقعات مركز الرصد الحكومي.