تبدو إدارة الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، عازمة على العودة إلى منطقة الشرق الأوسط بعد سنوات ثمانٍ مما يعتبره مراقبون إهمال إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، لتلك المنطقة الحيوية بالعالم.


غير أن تطلعات إدارة ترامب في الشرق الأوسط قد تصطدم بتوسع نفوذ روسيا وحتى إيران، بحسب صحيفة الـ "واشنطن بوست" الأمريكية، التي رأت أن غرفة عمليات إدارة ترامب الخاصة بالمنطقة ربما لن تجد مجالاً واسعاً للمناورة.

يقول إبراهيم حميدي كبير مراسلي القسم الدبلوماسي في صحيفة "الحياة" اللندنية، إنه حتى في حال رغبت إدارة ترامب في أن تقود سياسة أكثر حزماً في الشرق الأوسط، فإن ذلك لن يجعل منها لاعباً قوياً؛ "أميركا لم تعد القوة العظمى الوحيدة بعد الآن".

ويضيف: "إدارة ترامب لم تحسم أمرها حتى الآن فيما إذا كانت ستقود سياسة حازمة في الشرق الأوسط. بعض تصريحاته متناقضة، آخرها ما أعلنه عن نيته محو الإرهاب الإسلامي من على وجه الأرض".

ورغم أن بعض أركان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أظهرت مواقف متناقضة حيال العديد من القضايا في الشرق الأوسط والعالم، فإن ما يسجل لهذه الإدارة هو وجود توافق على ضرورة بذل المزيد من الجهود لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية والعمل على منع إيران من توسيع نفوذها، ما يجعل من المنطقة واحدة من الملفات التي يمكن القول إن فيها توافقاً، ولو بمستوى معين، داخل إدارة ترامب، بعدما شهدت تلك المنطقة تقلصاً كبيراً في دور الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وعملت روسيا بالشرق الأوسط في ظل غياب الدور الأميركي، حيث وطدت من علاقتها مع تركيا، الأمر الذي هدد حتى علاقة أنقرة بحلف شمال الأطلسي، كما بدأت موسكو بمغازلة حلفاء أمريكا التقليديين، مصر والسعودية، في حين بدأت تنسج خيوطاً من العلاقة مع ليبيا بعد إرسال حاملة طائرات روسية قبالة مياه ليبيا وعقد لقاءات مع حليف الولايات المتحدة السابق، اللواء خليفة حفتر، بحسب الصحيفة.

ويرى فلاديمير فرولوف الكاتب في صحيفة "موسكو تايمز"، أن وعود ترامب المتكررة بإقامة علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يمكن أن تسهل العمل في الشرق الأوسط، وتحديداً ضد الجماعات الإرهابية المسلحة، فإدارة أوباما سعت في هذا المجال، إلا أنها فشلت.

ويضيف أن موسكو ترحب بعرض المساعدة الذي قدمه ترامب لضرب الإرهابيين، وأيضاً توفير الدعم اللازم لإعادة أعمال المناطق التي تضررت بالحرب، ولكن موسكو لا ترغب في أن تتدخل واشنطن في صياغة بنود التسوية بسوريا.

كبرى العقبات التي قد تواجه إدارة ترامب في الشرق الأوسط يمكن أن تتمثل في سوريا، حيث بادرت روسيا إلى التدخل العسكري فيها، حتى وصلت إلى طرح مبادرة سلام بالتوافق مع تركيا وإيران بعيداً عن أمريكا.

ويرى سالم زهران، رجل إعلام سوري يقيم في بيروت وله علاقات مع النظام السوري، أنه من غير المرجح أن تسعى الولايات المتحدة لدور أكبر في سوريا؛ فهي لها علاقات مشحونة مع دمشق، مبيناً أن النظام السوري يتمنى أن تبقى واشنطن بعيدة عن هذا الملف.

أما بالنسبة لإيران، فيبدو أنها تعيش حالة من الترقب والخوف حيال ما سيُقدم عليه ترامب، إلا أن المؤكد أنها ستقاوم أي رغبة أمريكية لإبعادها عن سوريا، خاصة بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها هناك.

يقول رايان كروكر، السفير الأمريكي السابق، إن إيران، ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من العراق، طرحت نفسها كقوة وصاحبة نفوذ في بغداد، وإن عملية استعادة واشنطن دورها بالعراق ليست مستحيلة، ولكنها ستكون صعبة جداً.

(واشنطن بوست ـ الخليج اونلاين)