فيما تكاد اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري للحكومة تنجز مهمتها في وقت قياسي عاكسة التوافق السياسي على استعجال الخطوات الحكومية، طبعت حركة ديبلوماسية واسعة المشهد الداخلي أمس بدلالات بارزة حيال الاحاطة الدولية والاقليمية للوضع في لبنان عقب تشكيل الحكومة.
 

واسترعت الانتباه في هذا السياق الزيارتان المتزامنتان لوزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت ومستشار وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري لبيروت، بينما جاء الاتصال الذي تلقاه رئيس الوزراء سعد الحريري مساء من ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ليرسم دلالة بارزة على اندفاع الديبلوماسية السعودية في اتجاه لبنان منذ انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، علماً ان وزير الخارجية الفرنسي كان سمع من رئيس الجمهورية أمس تأكيداً جديداً لاعتزامه القيام قريباً بزيارة للمملكة العربية السعودية. واكتسب اتصال الأمير محمد بالرئيس الحريري طابع تأكيد الدعم السعودي له ولحكومته اذ هنأه بتشكيلها، متمنياً له "النجاح والتوفيق في مهماته، لما فيه مصلحة وخير لبنان وشعبه". وتخلل الاتصال عرض لآخر المستجدات المحلية والعربية، وأكد ولي ولي العهد السعودي "وقوف المملكة إلى جانب لبنان وحرصها على تقوية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين".
أما وزير الخارجية الفرنسي الذي اتسمت زيارته السريعة بحرارة الرسائل التي نقلها الى المسؤولين الكبار فاختصر مضمون الرؤية الفرنسية المتفائلة بالواقع اللبناني الناشىء بقوله "إن الشمس تشرق مجدداً على لبنان وهذا مؤشر ايجابي يدعو الى التفاؤل". وأكد "دعم بلاده للبنان بعدما تجاوز مرحلة مهمة جدا بانتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس الحريري وتشكيل الحكومة"، مشدداً على ان فرنسا ستواصل تقديم المساعدات للبنان وخصوصاً للجيش والقوى الأمنية وللمساعدة في تأمين رعاية اللاجئين السوريين. وقال: "سنعمل كل ما في وسعنا لكي يبقى لبنان خارج النزاع السوري والبقاء الى جانبه في محاربته للارهاب". كما برز تشجيعه للبنان على مواصلة الحوار مع الدول المجاورة ولا سيما منها المملكة العربية السعودية ودول الخليج وكذلك مع ايران، مبدياً "رغبة فرنسا في ان تستمر في لعب دور المسهل". وأشار الى انه علم ان الرئيس عون سيزور قريباً المملكة السعودية "وهذا امر نرحب به وانا كذلك سأزور المملكة في كانون الثاني المقبل".
واتخذ لقاء الرئيس الحريري والموفد الايراني دلالة مهمة اذ كان الأول له لمسؤول ايراني بعد تشكيل الحكومة. ونقل أنصاري اليه تهنئة المسؤولين الايرانيين بتأليف الحكومة، كما حرص على ابراز "تجربة المقاومة اللبنانية الباسلة". وقال: "نحن نعتبر ان هذا التوافق والانسجام بين الفئات السياسية والاجتماعية المؤثرة والفاعلة في الساحة اللبنانية قد أدى في نهاية المطاف الى وضع حد للشغور الرئاسي الطويل وانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وتولي الرئيس الحريري رئاسة الحكومة وولادة حكومة الوفاق الوطني وهذا التوافق هو صدى لصوت العقل والحكمة والدراية في أبهى تجلياتها".
كذلك بحثت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ مع الرئيس الحريري في موضوع عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان وتحدثت عن "صفحة جديدة فتحت في لبنان ويمكننا ان نتطلع بثقة نحو مستقبله واستغلال كل الامكانات المتاحة أمام البلد".

بري وجلسات الثقة
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره إنه اتصل بالرئيس سعد الحريري وأبلغه انه اذا تم الانتهاء من البيان الوزاري وانعقد مجلس الوزرا ء غداً (اليوم) سيرسل البيان الى مجلس النواب ويوزع قبل 48 ساعة على النواب "وأدعو عندها إلى جلسات أيام الثلثاء والأربعاء والخميس في الأسبوع المقبل لمناقشة البيان ونيل الثقة".
وأفاد أن "الأجواء التي تتعلق بقانون الانتخاب تحصل وسط حراك جدي وقد بدأنا مع "حزب الله" و"تيار المستقبل" النقاشات المطلوبة وعقدنا جلستين حتى الآن".
أما بالنسبة الى المواقف المعلنة من القانون فقال: "ما زلت عند قولي إن قلوبهم مع الستين وقلت وكررت أن لا خلاص الا بقانون جديد".
أما موقف حزب الله فهو متطابق ويؤيّد المشروع الذي قدمناه (64 أكثري و 64 نسبي) أو مشروع إجراء الانتخابات على مرحلتين التأهيل على أساس القضاء (أكثري) والنسبية على المحافظة".
من جهة أخرى، لم يرَ برّي ان الكلام الأخير للنائب وليد جنبلاط المناهض للنسبية "هو بمثابة إطلاق نار في اتجاه عين التينة وهو لا يقصدني بل يقصد المبدأ وأنا أفهمه".
ورأى برّي أن "الوضع الأمني جيد ونأمل ان شاء الله أن يتجه الى الأحسن والوضع السياسي جيد وعلينا ان نستفيد من هذا المناخ.
واستبعد حصول انعكاسات من حلب على لبنان"، لكنه دعا إلى "الحذر من الذين يدعمون ويؤون الإرهابيين. والمهم أن نحافظ على وحدتنا والتنبه جيداً من الأخطار الإسرائيلية".