قبل يومين أو ثلاثة اتصل الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني بالرئيس السوري السابق بشار الأسد و»هنأه» على «الانتصار» في حلب
 

 وبالأمس خرج علي أكبر ولايتي مستشار «المرشد» علي خامنئي ليقول إن «تحرير حلب يمثل ذروة انتصارات محور المقاومة»!

هكذا إذن.. «ذروة انتصارات محور المقاومة» هي في حلب! وضد العرب والمسلمين من أهلها! فيما الغشيان الضارب أطنابه وأذنابه في كل مقام ممانع ومنذ أكثر من 35 عاماً إيرانياً، ونحو ستين عاماً عربياً هيّاجاً طيّاراً نفاثاً مقاتلاً ممانعاً مماحكاً، يقول للعامة والخاصة إن فلسطين هي حجر الرحى. والقدس هي المثوى والمرتجى.. ورمي الصهاينة الملاعين الأشقياء اللقطاء شذاذ الآفاق واللصوص، في البحر هو الهدف الأسمى والأعلى والأنقى والأرقى! والقياس الوحيد المعتمد للتفريق بين الوطني والخائن! والممانع والمخادع! والمقاوم والمساوم! والطائش والمتخاذل والمجاهد والزحفطوني!

منذ أزمان وأزمان، يقول هؤلاء إن عودة الحق الفلسطيني إلى أصحابه الشرعيين هو ذروة البيان ولا ذروة فوقه! وإن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم هي لبّ كل حراكهم الطاهر! فإذ بالبوصلة تضيع بأصحابها. ويضرب الحول في كل اتجاه وعلى أعلى المراتب: تصير سوريا بديلاً من فلسطين. وحلب بديلاً من القدس. وتهجير السوريين بديلاً من إعادة الفلسطينيين.. والفتك بالمكوّن الإسلامي العربي الأكثري هو البديل من مواجهة «الصهاينة» و»ذروة» الجهد والجهاد وسدرة المنتهى المشتهى عند أدعياء «الممانعة» و»المقاومة»!

.. أم تراها عين الحقيقة وقد فُقِئت أخيراً. والقصة عند هؤلاء تقول شيئاً وتضمر عكسه! وتطلب سلطة ونفوذاً وثأراً (وأي ثأر) وترطن بفلسطين وأهلها ونكبتها ونكبتهم! وتطلب مصالح خاصة ومذهبيات خاصة وقوميات خاصة وتغطي ذلك كله بالجوامع العامة والهموم الكبرى و»الأمة» الواحدة! والمصالح المتبادلة والمشتركة!

.. أم تراها خاصية إيرانية فريدة من نوعها، حيث حديث «الذروة» يعني أن أصحاب القرار في طهران يقولون للأميركيين (الترامبيين!) وللإسرائيليين بعدهم، إن الزمان الأول تحوّل و»ذروة» الرجاء والشعار والإمكانات لم تعد في فلسطين ولا في القدس بل عند العرب وأقوامهم! وإن لا ضرورة لأي «قلق» أو «توجّس» أو إعادة قراءة لما تم «إنجازه» في عهد باراك أوباما!

أتراها إيران لا تجد ما يطمئن المتحفزين عليها وعلى أدوارها في واشنطن سوى في حلب! والتأكيد لهم المرة تلو المرة، والمذبحة تلو المذبحة، بأنها في «الخندق ذاته» ولا ضرورة للفضائح! وأن «العدو» واحد ومشترك ولا ضرورة للأخذ بظواهر الكلام! وأن المسار الفتنوي مستمر ولا ضرورة لتصديق خبريات «الممانعة» و»المقاومة» لا في العمق ولا على السطح! وأن الهدوء السيبيري القائم في جنوب لبنان يجب أن يؤخذ كما هو تماماً بتاتاً أي ابتعاد عن «العدو الصهيوني» لا اقتراب بعده.. حتى إشعار آخر وزمن آخر (ربما)!

..أمّا أن البلاء العربي والإسلامي هو ما تراه إيران «انتصاراً» لها ومراكمته لنفوذها وامتداداً لشعاع ثورتها، فذلك أمرٌ سابق عن حلب ونكبتها! ولا يزيد قول «الذروة» و»الانتصار» شيئاً سوى السؤال عن منظومة القيم في ذاتها عند هؤلاء! في السياسة والأخلاق والدين والدنيا.. يا حيف!