الوزارات السيادية هي التي تجتمع ضمن المجلس الأعلى للدفاع، ولها علاقة بالقرارات الإستراتيجية في شأن سياسة الدولة الخارجية والدفاع والإشراف على القوى المسلّحة. تُضاف إليها وزارة المال، وهي أم الوزارات وتعتبر ضرورة للجميع، إذ إن كل الإدارات والقرارات تحتاج إلى توقيع وزيرها. ومعها وزارة الداخلية أم الإدارات، نظراً إلى الصلاحيات المناطة بها ولأنها تضم سبع مديريات عامة.

أتى هذا المصطلح، أي الوزارات السيادية، الدفاع والخارجية والمال والداخلية، من دون أي تحديد معين. في مراحل التفاوض على تشكيل الحكومات، وما تشهده مع عمليات بازارية، جرى التوافق بطريقة عفوية، على تقسيم الوزارات الأربع على أساس المناصفة وفقاً للعرف بين المسلمين والمسيحيين (السنة والشيعة والموارنة والأرثوذكس).

وقد استحدث المصطلح، في أعقاب إتفاق الطائف، ونتج عن تمييز السوريين بين مهمات الوزارات، خصوصاً مع الاعتقاد الذي كان سائداً بأن الأمن والسياسة من مسؤولية الوصاية، والإقتصاد من مسؤولية الرئيس رفيق الحريري. عليه، أصبحت هذه الوزارات صلة الوصل بين الوصاية والنظام اللبناني. وكانت وزارة المال مع الحريري دوماً من دون اعتراض أي طرف على ذلك، بموجب توزيع هذا الاختصاص. فيما تبقى الوزارات الأمنية والسياسية أي الداخلية والدفاع والخارجية من اختصاص السوريين ومن ينتدبوهم.

وكانت عملية التوزيع هذه موضع جدال في حقبة الوصاية السورية، لكن كان يجري حلّها، بطريقة هادئة وممسوكة. وفي ظل الخلاف بين السوريين والحريري، كانت الوصاية تسمّي وزيراً مقرباً منها للمال، وذلك بهدف إظهار عيوب الأداء المالي للحريري، وبعد الإتفاق بين الطرفين تعود المال حريرية.

أما بعد الخروج السوري من لبنان فإن هامش الخلاف والتناتش أوسع. وبعد إتفاق الدوحة، كان التركيز على احتفاظ تيار المستقبل بحقيبة المال طالما هو قادر على رفدها بالدعم المالي، ولكن في ظل استلام التيار الوطني الحرّ لجنة المال والموازنة النيابية، جهد النائب إبراهيم كنعان بالبحث عن المخالفات المالية في الحقبة الحريرية، وصولاً إلى الإبراء المستحيل، بهدف محاربة الحريرية السياسية.

تاريخياً، استند توزيع الحقائب السيادية أو الأساسية إلى مفهوم القوة، إما التمثيلية أو بحكم القوة الواقعية. وبعدما كانت المال حكراً على الحريري، إستناداً إلى التفاهم مع السوريين، وبعد إنسحابهم وما جرى في السابع من أيار 2008 سمح للطرف الأقوى أن يطالب بوزارة المال التي اكتسبت أهميتها أكثر مع دخول الشيعة إليها، وذلك ضمن التوزيع الطائفي أو المذهبي، باعتبار أن هناك حاجة لأربعة تواقيع من أربعة مذاهب ليصبح التوقيع مكتسباً صفة الميثاقية. والآن، ما يطالب به الشيعة هو حصرية تولي وزارة المال، لكي يبقى حق التقرير التنفيذي في يدهم، خصوصاً أن ليس لدى الشيعة موقعاً في السلطة التنفيذية. وهذا ما يصر عليه الرئيس نبيه بري لما يعتبره في وزير المال "رئيس الحكومة الثاني".

إذاً، يعود الفضل في إرساء هذه التقسيمة الطوائفية على أساس السيادية إلى عهد الوصاية السورية. ومن هنا، يبرز عدم تولي الدروز مثلاً أي وزارة من هذه الوزارات الأربع، لانها لم تكرس في تلك الحقبة. وهذا ما يدفع النائب وليد جنبلاط إلى القول إن "كل فريق ينتزع ما يريد بالقوة وممنوع حتى التلميح إلى وزارة سيادية، هي ملك لكبار القوم". ويؤازره في ذلك النائب طلال أرسلان، في رفضه أن تكون الحقائب السيادية حكراً على أحد، وكأن هناك مذاهب فئة أولى وأخرى فئة ثانية.