عُقد التأليف تتعقّد أكثر , والخلاف يتأجل إلى ما بعد الميلاد

 

السفير :

العشرون من كانون الثاني موعد بدء الولاية الرسمية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. عند بلوغ هذا التاريخ، يفترض أن يبدأ الحوار الأميركي ـ الروسي من مرحلة ما بعد سقوط حلب بيد الجيش السوري، وخصوصا أن موسكو وواشنطن تفضلان عدم تدشين الولاية الترامبية باشتباك ثنائي أو دولي سواء على صلة بالأزمة السورية أو أي ملف دولي آخر.
وعندما يدخل ترامب إلى البيت الأبيض، سينتقل ملف سوريا من الخارجية الأميركية إلى البنتاغون. هذا القرار قد اتخذه الفريق الرئاسي ويبقى فقط موعد تنفيذه.
ما يسري على الملف السوري يسري على ملفات أخرى. كل العالم يتصرف على أساس أننا أمام حقبة ريغانية (من وحي رونالد ريغان) جديدة، وأساسها الردع وليس بالضرورة المغامرات العسكرية.
ومن سبق له أن تعرّف في بيروت إلى الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس الذي اختاره ترامب وزيرا للدفاع يقول إنه يكفي أن تنظر إلى طيات بدلته العسكرية النافرة ودرجة لمعان حذاء الرجل الأسود وربطة الحذاء الحالكة السواد ووجه الرجل الصنمي، حتى تدرك أنك أمام محارب لا يعرف في قلبه مكانا للشفقة. أكثر من 44 سنة في السلك العسكري، خرج بعدها هذا العازب ليحمل لقب «الكلب المجنون». اختبر الميدان في العراق وأفغانستان ويعرف لبنان كما اليمن وإيران وسوريا وتركيا ومعظم دول المنطقة من موقع مسؤوليته عن قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي.
طهران كما الرياض وأنقرة. الكل يتحسب ويتأهب لما بعد وصول ترامب. جولة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في عواصم الخليج تهدف إلى إعلان مجلس الاتحاد الخليجي. الخطوة يريد السعوديون تكريسها قبل العشرين من كانون الثاني، على أن تستثنى منها سلطنة عُمان. التخاطب مع الولايات المتحدة سينتقل من مربع دول مجلس التعاون الى دول الاتحاد. يشعر السعوديون بأنهم سيكونون عرضة لضغط غير مسبوق من الادارة الأميركية الجديدة.
الشعور بالحذر والترقب موجود في طهران، لكن بفارق جوهري هو طبيعة العلاقات التي تربط الايرانيين بكل من الروس والصينيين. هذا المثلث قادر على جعل طهران مطمئنة الى أن الإدارة الأميركية قادرة على التشويش على الاتفاق النووي لكنها ستكون محكومة بضوابط داخلية وخارجية تمنعها من نسف الاتفاق، خصوصا أن منظومة المصالح المشتركة بين البلدين تتفوق على منظومة المخاطر التي يسعى اللوبي اليهودي إلى تكبيرها وربما ينجح في استدراج الإدارة الجديدة الى بعض الخطوات التي لن تغير في أصل الاتفاق.
التعاون بين موسكو وطهران «في القضايا المصيرية والاستراتيجية».. «أساسي وعميق»، و«لدى البلدين مصالح مشتركة في المنطقة» على حد تعبير متحدث رسمي باسم الخارجية الإيرانية، فيما دعا مرجع لبناني واسع الاطلاع إلى التدقيق في المشهد الدولي، إذ إننا أمام اشتباك اقتصادي أميركي ـ صيني كبير يبدو للوهلة الأولى أنه اشتباك روسي ـ أميركي!
ولعل المفارقة الأبرز، تتمثل في الانطباع الذي عاد به مسؤولون عرب زاروا إسطنبول مؤخرا، وسمعوا كلاما جديدا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الغارق في أزمة سياسية واقتصادية لن يكون من السهل الخروج منها من دون دفع كبير الأثمان. يقول أردوغان لضيوفه العرب إنه حسم خياره بالانضواء تحت السقف الروسي ـ الصيني في مقاربة ملفات المنطقة وخصوصا الملف السوري. صار أقصى طموح «الرجل المريض».. سورياً، أن يمنع قيام الدولة الكردية عند حدوده عبر جعلها ضفتين يتحكم بهما!
وبرغم حذر الأتراك وترقبهم لمرحلة ترامب، يمضي أردوغان في برنامجه الهادف إلى فرض نظام رئاسي وصولا إلى إلغاء منصب رئاسة الحكومة (استنساخ النموذج الأميركي)، واللافت للانتباه أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو أصبح في شبه إقامة جبرية ويمنع على أي مسؤول رسمي التواصل معه بقرار من أردوغان نفسه، حسب الزوار العرب للعاصمة التركية.
في ظل هذا المناخ الدولي ـ الإقليمي، تعلن إيران أنها تعاونت مرتين مع السعودية، الأولى، كانت في ملف الرئاسة اللبنانية، والثانية، خلال اتفاق منظمة «أوبك» على تحديد مستويات الإنتاج.
وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، فإن «تعاوناً كهذا يمكن أن يحلّ المشاكل على الساحة الدولية»، مشدداً على أن المنطقة تواجه في الوقت الراهن العديد من الأزمات، وبالتالي فإن الحلّ يكون بالتشاور، مذكراً بأنه «في ما مضى، أثبتت إيران أنها تمدّ يدها إلى أي دولة جارة في حالة امتلاكها حسن النية وتريد العمل من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة».
ووفق سياسي لبناني مخضرم، فإن الحوار السعودي ـ الإيراني غير المباشر كان هو الأساس في إنتاج التسوية الرئاسية ـ الحكومية (ميشال عون لرئاسة الجمهورية وعودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة)، ويقول إن سعد الحريري ينتظر تمرير تشكيلته الحكومية بأقل الخسائر الممكنة في مرحلة أولى، وبعد نيل حكومته ثقة مجلس النواب، يصبح متحررا من القيود الحكومية وأكثر اندفاعا في مقاربة الملف الانتخابي، ولو اقتضى الأمر الإقدام على مقاربات سياسية جديدة تشبه في مضمونها خيار تبني ميشال عون رئاسيا.
حتى الآن، لا يستطيع أحد تحمل كلفة القبول بـ «قانون الستين»، ولو أن هذا «الفيل الكبير» يجلس في أحضان الجميع، ولكن من دون أن يقر أحد بمشاهدته ولا حتى بالشعور بأصل وجوده. أيضا لا يريد الكل أمام «الدول» من جهة وأمام جمهوره من جهة أخرى، تحمل مسؤولية تطيير الانتخابات (التمديد) تحت أي عنوان سياسي أو تقني كان.
مشكلة التأليف الحكومي أن الأطراف المسيحية تُقارب الأمور من زاوية ما سينتجه المجلس النيابي المقبل من أحجام ربطا بالواقع المسيحي المتحرك، وخصوصا الحسابات الرئاسية المفتوحة بعد ست سنوات.
معظم الخطوط السياسية مفتوحة يوميا، خصوصا بين نادر الحريري مدير مكتب رئيس الحكومة المكلف وبين المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي الوزير علي حسن خليل. الاثنان كانا قد اجتمعا في نهاية الأسبوع وأطلعا مباشرة الرئيس بري على الأفكار المطروحة لكسر الجمود الحكومي، خصوصا أن نادر الحريري على تواصل يومي مع وزير الخارجية جبران باسيل.
في السياق نفسه، بقيت القنوات مفتوحة بين باسيل وممثل قيادة «حزب الله» في المفاوضات الحكومية الحاج وفيق صفا. التفويض للرئيس بري ما زال قائما والعرض الذي قدمه لم يأت أحد ببديل أفضل منه.. ولا بأس بترجمة سريعة للتواصل بين بعبدا وبنشعي.
حتى الآن، كل المؤشرات لا تبشر بأي انفراج حكومي قريب. التبريد المتعمّد يجري استثماره إعلاميا وسياسيا بإظهار أن المعرقل هو جماعة «8 آذار» خصوصا في ظل التناقض الواضح القائم بين «التيار الحر» و «المردة». السؤال الأساس من سيصرخ أولا إذا طال أمد مشاورات التأليف؟
حتما لا أحد محرج بالوقت إلا العهد الجديد.
المبادرة بيد رئيس الجمهورية وكل يوم تأخير يؤدي إلى الإنقاص من رصيده الشعبي والسياسي.

 

النهار :

حرف حادث الاعتداء على حاجز لواء المشاة العاشر في الجيش في منطقة بقاعصفرين – الضنية ليل أول من أمس والذي أدى الى استشهاد الجندي عامر مصطفى المحمد من بلدة مشتى حسن العكارية واصابة جندي آخر بجروح، الانظار عن رتابة المشهد السياسي المتعثر بتعقيدات تأليف الحكومة والذي تبدو المراوحة سمته الغالبة وسط ملهاة ضرب المواعيد المتعاقبة حتى اشعار آخر. واكتسب هذا الاعتداء دلالات خطرة من حيث الغموض الذي اكتنف ظروفه وملابساته اذ لم تتبين بعد مرور اكثر من 24 ساعة على حصوله أي ملامح يمكن ان تدل على هوية المسلحين الذين نفذوا الاعتداء على الحاجز ولا دوافعهم. واذا كانت الشبهة التلقائية اتجهت نحو احتمال ان يكون الحادث من تدبير وتنفيذ مجموعة ارهابية، فان بعض المعلومات التي تحدثت عن احتمال وجود دافع انتقامي من عمليات دهم ذكر ان اللواء العاشر قام بها في بعض نواحي المنطقة جعل الجزم بالهوية المفترضة للمسلحين عرضة للتشكيك. كما ان بعض المعطيات المتوافرة عن الحادث افادت أن الاعتداء نفّذ من اماكن قريبة من الحاجز ولم تمر سيارات نقلت المعتدين أمام الحاجز فيما نجح المعتدون في الفرار والتواري ولم تتمكن وحدات الجيش حتى ليل أمس من تحديد مكان اختبائهم وتوقيفهم.
في غضون ذلك، ظل المشهد السياسي على وتيرته من الجمود اذ لم تظهر واقعياً بعد أي ملامح اختراق فعلي لمأزق تأليف الحكومة بعد شهر كامل من تكليف الرئيس سعد الحريري هذه المهمة. واعرب مطلعون على الاتصالات الجارية في هذا الصدد لـ"النهار" عن تنامي الريبة لدى مراجع معنية بعملية التأليف حيال لعبة استنزاف الوقت التي بدأت تتخذ دلالات تتجاوز ملف الحقائب الى لعبة عض على الاصابع علما ان احدا لا تفوته معرفة ما يمكن ان يتركه التأخير المتمادي من تداعيات على استحقاق الانتخابات النيابية والتوافق على قانون انتخاب جديد اذا مرت الاسابيع المتبقية عن نهاية السنة الجارية من دون تشكيل الحكومة.
بيد ان جهات سياسية مواكبة للمساعي الجارية لتذليل العقبات عولت على إطلالة مرتقبة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وتوقعت ان تعطي دفعا قويا لتشكيل الحكومة في فترة قريبة تراوح بين نهاية الاسبوع الجاري وموعد لا يتجاوز الـ 20 من كانون الاول الجاري اي قبل عيد الميلاد. ورأت هذه الجهات ان هناك منحى جديدا بدأ يتبلور مما سمح للجهات التي تصلبت في وقت سابق بالعودة الى التعامل بإيجابية مع المقترحات المتداولة بعيداً من الرسائل المتشددة التي وجهتها هذه الجهات في وقت سابق.

 

لقاء "بيت الوسط"
وفي سياق متصل، علمت "النهار" ان اللقاء الذي جمع مساء أول من أمس في "بيت الوسط" الرئيس الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تطرق الى اربعة ملفات:
الاول: الادارة التي يعتمدها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقضايا المطروحة والتي تنطلق من تمسكه بالدستور بإعتباره المعيار الذي يجب إعتماده مما أقتضى تنويهاً مشتركاً من الحريري وجعجع اللذيّن أشادا بحكمة الرئيس عون التي إنعكست إيجاباً على أوضاع لبنان إقتصادياً ومعيشياً على ان تتعزز هذه الاوضاع مع تشكيل الحكومة.
الثاني: الاسباب والخلفيات التي تسببت بتعطيل تأليف الحكومة والجهود المبذولة للتغلب على العراقيل التي حالت دون ولادة الحكومة. ووصف الجانبان هذه العراقيل بإنها ذات طابع سياسي يتجاوز الحقائب والحصص.
الثالث: قانون الانتخاب وقد شدد الجانبان على ان هذا القانون يشكّل حاجة ضرورية ورافعة أساسية للعهد ولكل القوى السياسية. وتالياً يجب الذهاب الى إقرار قانون جديد إنطلاقا من إقتراح القانون المختلط الذي سبق ل"القوات اللبنانية" والمستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي ان قدمته ليكون ضمن الحوار المرتقب على هذا الصعيد.
الرابع: عرض الجانبان التطورات الداخلية والخارجية وتوقفا عند أحداث سوريا وخصوصاً في حلب ونتائج الانتخابات الاميركية ومدى إنعكاسها على لبنان.
وأفادت معلومات لـ"النهار" ان "القوات " التي بدأت تردد انها مستعدة للتخلي عن حقيبة الأشغال مقابل اعادة اعطائها حقيبة سيادية ليست مستعدة لتقديم مزيد من التنازلات ما لم يعرض عليها بديل كما انها تتمسك برفض الابتزاز أو محاولة حشرها في ملف قانون الانتخاب واتهامها مع بعض حلفائها بالعمل على تكريس قانون الستين. وفي هذا السياق ردت "القوات " في بيان أمس على كل من يلمح الى عدم معارضتها لقانون الستين ووصفت هذه الاتهامات بأنها "التلفيقات" مشددة على انها تعتبر "معركة قانون الانتخاب أم المعارك" وأكدت تالياً تمسكها باقتراح القانون المختلط الذي قدمته مع "تيار المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي ورفض العودة الى قانون الستين.
وفي الجانب الآخر من المأزق لم يحرز أي تقدم على خط معالجة الحقيبة الوزارية لـ"تيار المردة " والمساعي الجارية لتسوية هذه العقدة. وأفادت معلومات ان "حزب الله " أبلغ أخيراً وزير الخارجية جبران باسيل انه بعد موقفي الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية في الانتخابات الرئاسية لا يمكنه الا الاستجابة لما يطالب به رئيس مجلس النواب الذي يفاوض باسم الطائفة الشيعية وباسم النائب فرنجية كما لا يمكن السير بحكومة الا اذا كان كلاهما شريكين ومقررين فيها.

 

 

المستقبل :

بعدما امتدت يد الغدر والجبن تحت جنح الليل مستهدفةً المؤسسة العسكرية في منطقة بقاعصفرين، لم تجد مع طلعة الصباح موطئ قدم تواري فيه سوءة إجرامها على امتداد قضاء الضنية الأبية والوفية للجيش وأحد الروافد الشمالية الوطنية الأساس لخزانه البشري. فمنذ استفاقتها على هول الاعتداء الإجرامي الذي أدى إلى استشهاد عسكري وجرح آخر، سارعت الضنية بناسها ونوابها وجميع فاعلياتها البلدية والاختيارية والأهلية إلى محاصرة هذا الاعتداء الإجرامي وقطع الطريق أمام كل من يُسوّل له إجرامه استهداف أفراد الجيش القيّمين على أمن المنطقة وأبنائها الواقفين «صفاً واحداً» خلف المؤسسات العسكرية والأمنية في وجه أي سلاح غير سلاح الشرعية كما عبّر بيان نواب المنطقة، وسط إبداء اتحاد بلديات الضنية كامل التأييد للجيش «ليضرب بيد من حديد أوكار الإرهابيين حيثما وجدوا وفي أي منطقة«.

وبموازاة عمليات الدهم والتفتيش التي شنتها وحدات الجيش المنتشرة في أرجاء المنطقة بحثاً عن مطلقي النار، تتواصل التحقيقات العسكرية والأمنية لتحديد الجهة التي تقف خلف 

الاعتداء على حاجز الجيش في منطقة بقاعصفرين والكشف تالياً عن طبيعته ودوافعه التي كانت حتى ساعات الليل الماضي «غير محسومة بعد» سواءً لجهة كونها عملية إرهابية أم غير ذلك بحسب ما أوضحت مصادر أمنية لـ»المستقبل» مشيرةً إلى أنّ التحقيق مستمر لكشف المجرمين وتوقيفهم تمهيداً لسوقهم إلى القضاء المختص.

وكانت المؤسسة العسكرية قد أعلنت أنّ «مسلحين أقدموا (ليل الأحد - الاثنين) على إطلاق النار باتجاه حاجز بقاعصفرين، ما أدى إلى إصابة عسكريين بجروح ما لبث أن استشهد أحدهما لاحقاً متأثراً بجراحه»، لتعود إلى إصدار بيان آخر نعت فيه الجندي الشهيد عامر مصطفى المحمد (مواليد 1991) الذي سقط في الاعتداء، قبل أن يُصار إلى نقل جثمانه من مستشفى مجدليا في زغرتا إلى بلدته مشتى حسن في عكار حيث أقيم له تشييع رسمي وشعبي حاشد وصولاً إلى جبانة البلدة، وسط حالة من الغضب وسيل من المواقف المنددة بهذا الاعتداء الجبان والمطالبة بالاقتصاص من مرتكبيه. إذ عبّر نواب المنية – الضنية أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز وكاظم الخير باسم أبناء المنطقة عن إدانتهم «العملية الإجرامية الدنيئة والخطيرة التي تعرض لها مركز الجيش»، مؤكدين الوقوف «صفاً واحداً خلف الجيش والقوى الأمنية». كما شدد النائب خالد الضاهر على ضرورة الكشف عمن يقف وراء هذه الجريمة «الغريبة عن أهل الضنية الداعمين للمؤسسات ومسيرة استعادة الدولة لدورها في بسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية». في وقت استنكرت منسقية الضنية في «تيار المستقبل» الاعتداء على الجيش الذي شددت على أنّ الضنية كانت ولا تزال معه بوصفه «المؤسسة الوطنية الضامنة للجميع وسقف الوطن الأمني«.

كذلك، دان اتحاد بلديات الضنية بعد اجتماع طارئ عقده في مقره في بلدة بخعون هذه «الجريمة النكراء»، مؤكداً الدعم المطلق والتأييد الكامل «لجيشنا البطل ليضرب بيد من حديد هذه الشرذمة القليلة من الإرهابيين ويضرب أوكارهم حيثما وجدوا وفي أي منطقة»، مع الإعلان عن وضع جميع إمكانيات الاتحاد «بتصرّف المؤسسة العسكرية للتنسيق الكامل والمتابعة وتأمين بعض الأمور اللوجستية الضرورية لمراكز الجيش»، وسط تأكيد جازم بأنّ «أهالي الضنية جميعاً سيكونون الحصن المنيع للدولة المتمثلة بالمؤسسة العسكرية«.

ديون يستكمل جولته

في الغضون، استكمل وزير خارجية كندا ستيفان ديون جولته على المسؤولين أمس وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أكد على متانة العلاقات الثنائية واستعرض مع ضيفه واقع النزوح السوري في لبنان مُركّزاً على «أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بما ينعكس إيجاباً على مأساة النازحين«.

وفي الإطار عينه شكلت تداعيات ملف النزوح المحور الأساس للمحادثات التي أجراها الوزير الكندي أمس مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، بالإضافة إلى زيارته بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي شدد خلال المحادثات مع ديون على «دور الأسرة الدولية في إيقاف الحروب الدائرة في المنطقة«.

يان في بيت الوسط 

تزامناً، استعرض الرئيس المكلف سعد الحريري التطورات الإقليمية ولا سيما السورية منها مع المبعوث الصيني الخاص إلى سوريا شيه شياو يان الذي زار بيت الوسط مساءً على رأس وفد، وأوضح بعد اللقاء أنه أجرى «محادثات جيدة جداً» مع الرئيس الحريري تبادلا خلالها وجهات النظر حول تطورات الأوضاع الراهنة في سوريا «وما ستؤول إليه في المرحلة المقبلة والخطوات التي سوف يتخذها المجتمع الدولي ودول المنطقة»، مبدياً الأمل في إحراز تقدم على صعيد «دفع العملية السياسية واستئناف المفاوضات في جنيف في أسرع وقت ممكن»، مع التأكيد على وجوب إيلاء المجتمع الدولي الوضع الإنساني في سوريا المزيد من الاهتمام.

 

الديار :

الاتصالات بشأن التأليف لم تتوقف وان كانت على نار خفيفة لكنها فاعلة وبعيدة عن الاضواء. والعاملون الاساسيون يؤكدون ان التأليف لن يتأخر والحكومة ستولد ببركة عيدي المولد النبوي الشريف والميلاد المبارك وسيكون للبنانيين حكومة خلال الاسبوعين المقبلين، الا اذا حصلت مفاجأة قد تعيد الامور الى نقطة الصفر، وهذا أمر مستبعد في ظل ما شهدته البلاد من تطور أمني خطر في بقاعصفرين - الضنية، عبر قيام مسلحين ارهابيين بالاعتداء على حاجز للجيش اللبناني، مما أدى الى استشهاد عامر مصطفى المحمد وجرح آخر. وقد نفذت وحدات الجيش مداهمات في المنطقة التي سبق ان شهدت احداثاً امنية وكانت ساحة لاولى طلائع الخلايا الارهابية سنة 1999 يوم استهدفت الجيش وحصلت حينها مواجهات عندما كانت خلايا تنظيم القاعدة تبذر اولى بذورها الارهابية في المنطقة ونجح الجيش في احباط المخطط الارهابي.
هذا التطور قد يدفع القوى السياسية الى اعادة النظر في حساباتها، خصوصاً ان لبنان على خط النار مع ما يجري في المنطقة. وهذا يفرض الاقلاع عن «المناكفات» و«الدلع» لتأليف حكومة في أسرع وقت.
وبعيداً عن أجواء التعقيدات والتسريبات عن استحالة تشكيل الحكومة في المدى المنظور، فإن الاتصالات الأخيرة فتحت باباً للتواصل بين التيار الوطني الحر وتيار المردة. ويؤدي حزب الله دوراً اساسياً في تقريب وجهات النظر، خصوصاً بعد «البيان الأبوي» الصادر عن رئيس الجمهورية والذي جاء بعد لقاء وزير الخارجية جبران باسيل والحاج وفيق صفا وتطرقا الى كل القضايا بالعمق. وكان جواب باسيل واضحاً على كل استفسارات الحاج وفيق صفا، وبأن تفاهم كنيسة مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني متين وقوي ومتماسك، كما قال الرئيس ميشال عون لسماحة السيد حسن نصرالله خلال الاتصال الهاتفي الأخير بينهما «بأن العلاقة كانت قوية قبل الرئاسة وستتعزز حالياً ولا شيء تغير. ولذلك فان هناك تفاؤلاً بامكانية احداث خرق ايجابي في العلاقة بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، عبر زيارة يقوم بها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى بنشعي تنهي حالة التوتر. لكن مصادر المردة نفت هذا الأمر، واي امكانية لزيارة باسيل الى بنشغي غير مطروحة. وأكدت المصادر ان النائب سليمان فرنجية لن يزور قصر بعبدا الا اذا وجهت دعوة له من رئاسة الجمهورية، واللقاء يتم بمبادرة من بعبدا وغير مرتبط بالوضع الحكومي.  لكن هذا الأمر تصفه مصادر مقربة من بعبدا بأنه مستحيل وليس هناك من صيغة لمثل هذه الدعوات وأي سيناريو سيُعتمد المطلوب فيه حفظ مقام الرئاسة من جهة كي لا يعطي هذا الامر ذريعة للآخرين ويتحول الى عرف. علماً ان داعمي فرنجية لا يعطون الأهمية لبيان بعبدا الأبوي كون مضمونه يقتصر على العموميات وهناك كلمة «بتجنن» وكلمة «بتحنن» وهذا الامر بد الرئيس ميشال عون شخصيا وليس عبر بيان او وسطاء وعليه المبادرة، وبالمقابل الرئيس نبيه بري قدم كل التسهيلات ولا مانع من تشكيل الحكومة عنده بأي وقت والأزمة مفتعلة لكن هناك من يلعب لعبة «عضّ الاصابع» وىؤخر التشكيلة. وهذا ما يؤشر الى استمرار القطيعة، لكن ذلك لا يعني تأخيراً طويلاً في عملية التشكيل في ظل دخول اكثر من طرف فاعل على ملف التأليف.
وفي هذا الاطار، شكل العشاء الذي جمع النائب وليد جنبلاط والوزير جبران باسيل فرصة للنقاش بالملف الحكومي. واستمع باسيل الى نصائح جنبلاط بضرورة تقديم تنازلات من اجل تشكيل الحكومة بشكل سريع للبدء بورشة العمل. فيما اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع أجرى جولة أفق للوضع الحكومي وقانون الانتخابات والتطورات في المنطقة، ولم يقدم الحريري اي طروحات جديدة بشأن الحقائب في ظل موقفه باعطاء الاشغال للقوات ونائب رئيس الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية والاعلام والسياحة لميشال فرعون من حصة القوات اللبنانية، مع استبعاد الحريري كلياً اعطاء الاتصالات لفرنجية والتمسك بهذه الحقيقة للوزير سمير الجسر. وطرح في اللقاء امكانية اعطاء وزارة الزراعة لفرنجية الذي يرفض الامر ويتمسك بحقيبة وازنة من 3 حقائب وهي: الاتصالات، الطاقة والصحة. فيما اشار الرئيس نبيه بري الى انه مستعد لاقناع فرنجية بالتربية، لكن هذه الحقيبة لم تعرض عليه. وايضاً فان التيار الوطني الحر يرفض اعطاء الطاقة لبسام يمين ويتمسك بإعطائها لسيزار أبي خليل مستشار الوزير جبران باسيل للإشراف على هذا الملف.
الشروط باتت واضحة، والعقدة هي هي منذ تكليف الرئيس سعد الحريري. فبعد حل مشكلة الوزارات السيادية، انتقل الخلاف الى وزارات الخدمات ومَن سيفوز بها على أبواب الانتخابات النيابية، وتحديداً من سيتولى وزارات الاشغال والتربية والطاقة والاتصالات والصحة، فيما وزارة العدل حُسمت للنائب وليد جنبلاط، على أن يتولاها مروان حماده ووزارة البيئة للنائب السابق أيمن شقير.
لكن مصادر 8 آذار تؤكد أن الحل يكمن في حكومة الثلاثين وتمثيل حلفاء حزب الله وأمل من النائب فرنجية بحصة وازنة والقومي وارسلان وبحقيبة للحلفاء السنّة، وتحديداً عبد الرحيم مراد أو فيصل كرامي. وهذا مطلب اساسي لفريق 8 آذار يرفضه الرئيس سعد الحريري، لاعتقاده أن دخول هذا الفريق عبر وزارات الدولة سيعطي الثنائي الشيعي الثلث الضامن، وهو لن يكرر تجربة حكومته الاولى عبر نيل الثنائي الشيعي الثلث الضامن عبر الوزير عدنان السيد حسين الذي كان من حصة الرئيس ميشال سليمان وصوت لمصلحة الثنائي الشيعي، وسقطت حكومة الحريري، ولن يعاود هذه التجربة. هذا بالاضافة الى ان العقبات أمام التأليف عديدة تتمثل ايضاً بتمثيل الكتائب ورفض القوات اللبنانية لهذا التوزير. كما ان الملف النفطي عامل أساسي في التأخير، وقانون الانتخابات والقلق الشيعي من تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والمستقبل، ومعهم جنبلاط في الانتخابات النيابية في 21 أيار. وهذا أمر مستحيل في ظل تمسك الرئيس عون مع حزب الله بقانون انتخابي جديد غير قانون الستين. ورفض الرئيس عون الدخول في أي محور ضد حزب الله. كما ان جنبلاط لا يمكن ان يقف ضد الثنائي الشيعي. وبالتالي فان عامل التأجيل التقني للانتخابات يتقدم في حال عدم اقرار قانون انتخابي جديد، وهناك من يربط عملية التأخير في تأليف الحكومة بهذا الملف من أجل التأخير التقني للانتخابات، والذي يحظى بموافقة الجميع. واشار اليه النائب وليد جنبلاط وأيده في هذا الطرح العديد من القوى السياسية.

ـ القوات اللبنانية ـ

القوات اللبنانية جددت التأكيد أنها لن تتنازل عن وزارة الأشغال، الا بشرط استعادة الوزارة السيادية، ودون ذلك لا تراجع عن الاشغال. واستغربت ما يروّج عن تمسك القوات اللبنانية بقانون الستين، وهذا غير صحيح مطلقاً لان القوات اللبنانية قدمت مع تيار المستقبل والحزب الاشتراكي مشروع قانون للمجلس النيابي على أساس 68 اكثري و60 نسبي. وهي متمسكة بهذا الطرح مع اصرارها على ان التعقيدات أبعد من حقيبة وزارية، بل تطال عرقلة مسيرة العهد ورفض الاعتراف برئيس الجمهورية القوي من قبل المعرقلين لتشكيل الحكومة والموضوع سياسي بامتياز.

 

الجمهورية :

تبخّرت أجواء التفاؤل التي سادت في الفترة الأخيرة بولادة قريبة للحكومة العتيدة، إذ لم يخرج ملفّ تأليفها من دائرة الجمود والمراوحة بعد، على رغم الاتصالات والمشاورات الجارية في مختلف الاتّجاهات وعلى مستوى المعنيّين بالتأليف، لتذليل ما تبَقّى من عقَد. وفي وقتٍ أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استمرارَ الاتصالات لمعالجة الوضع الحكومي. تتّجه الأنظار إلى المواقف التي سيُعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في إطلالة قريبة. وعلمت«الجمهورية» أنّ الحزب مستمرّ في مساعيه للتقريب بين عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، إلّا أنّ هذه المساعي لم تثمِر حتى الآن، بسبب تمسّكِ كلّ طرف بموقفه، إذ يعتبر رئيس الجمهورية أنّ البيان الذي صَدر عن مكتبه الإعلامي كافٍ كمبادرة حسنِ نيّة، أمّا فرنجية فهو مصِرّ على أنّ هذا البيان لا يتناسب مع الموقف وأنّه غيرُ معنيّ به، والموضوع ليس هواجس، بل مشكلة فعلية تحتاج إلى تواصلٍ مباشر لا تُحلّ ببيان.

أمام التعطيل المتحكّم بالمشهد الداخلي، تعرّضَ لبنان لضربةٍ موجعة في خاصرته الأمنية، تمثّلت في الاعتداء الإرهابي على الجيش في بلدة بقاعصفرين في قضاء الضنّية ليل أمس الأوّل، من خلال هجوم مسلّح على حاجز له، أسفرَ عن استشهاد الجندي عامر مصطفى المحمد وجَرحِ الجندي عبد القادر نعمان. وقد لقيَ هذا الاعتداء الهمجيّ إدانة واسعة لدى جميع الفئات اللبنانية، وتأكيداً متجدّداً على الالتفاف حول الجيش في معركته الدائمة ضدّ الإرهاب.

وبدا أنّ هذا الاعتداء ليس موضعياً، ضدّ حاجز عسكري بعينِه، بل ضدّ المؤسسة العسكرية تحديداً، ولبنان خصوصاً، وقد دلّت التحقيقات الأوّلية إلى أصابع «داعشية» تكفيرية، تقف خلفَ هذا الاعتداء، لا سيّما وأنّ الأجهزة الأمنية والعسكرية تملك معطيات عن أنّ المجموعات الإرهابية تخطط لعملية إرهابية ضدّ الجيش والمناطق اللبنانية. وهذا ما أكّدت عليه اعترافات الإرهابيين الذين أوقفَتهم مخابرات الجيش في الآونة الأخيرة.

مرجع أمني

وقال مرجع أمني لـ«الجمهورية»: «إنّ الجيش يُجري التحقيقات اللازمة لكشفِ ملابسات العملية الإرهابية والغاية من استهدافه في هذا التوقيت، علماً أنّنا لا نتعاطى مع هذه العملية كحدثٍ بسيط وعابر، بل بأنّها عملية خطيرة، تضع الجيشَ أمام واجب زيادة جهوزيته، لمنعِ تحقيقِ هدفِ الإرهابيين في إشاعة الفوضى في لبنان، انطلاقاً من منطقة الشمال.

ولذلك أعطى الجيش توجيهاته إلى قطعاته لاتّخاذ أعلى درجات الجهوزية والاستنفار، لكشف الفاعلين والنَيل منهم وسَوقِهم إلى القضاء». وأضاف: «لن نسمح للإرهابيين بأن يَمسّوا بأمننا، ونتركهم بلا عقاب، وسنلاحقهم إلى أوكارهم وغرَفِهم السود».

من جهته، أكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ «التحقيقات بدأت، وهناك سبعةُ موقوفين مرتبطين بتنظيم «داعش» أو قريبين من فكرِه». ولفتَ إلى وجود «احتمالين لتنفيذ الهجوم، يُنتظَر أن تحسمهما التحقيقات، الأوّل هو أنّ المسلحين كانوا داخل سيارة وأطلقوا النار في اتّجاه الحاجز، والثاني أنّهم تسللوا إليه سيراً وأطلقوا النار عليه من مسافة قريبة».

ونفى المصدر ما تمّ تداوُله في بعض وسائل الإعلام عن أنّ «الهجوم حصَل جرّاء ردّة فِعل على عملية دهمِِ تمّ خلالها توقيفُ أحد الأشخاص الإرهابيين في البلدة»، وشدّد على أنّ «الجيش مصِرّ على حسمِ القضية وعدمِ السماح بتحويلها مسلسلَ استهدافٍ لمراكزه».

وتوازياً، استمرّت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة طوال أمس في تنفيذ أعمال تفتيشٍ ودهم بحثاً عن مطلِقي النار للقبض عليهم وسَوقِهم إلى القضاء.

مراوحة في التأليف

سياسياً، دلّت المعطيات أمس إلى أنّ عملية تأليف الحكومة ذاهبة إلى مزيد من المراوحة التي تكاد تتحوّل جموداً يهدّد العهد بالاستنزاف. وبدا أنّ عقدةَ تمثيل فرنجية ليست هي ما يَعوق الولادة الحكومية، وإنّما ذهابُ غالبية القوى السياسية إلى الانتخابات النيابية قبل موسم الانتخابات، بدليل أنّ التحالفات الانتخابية وربّما السياسية، بدأت تُنسَج منذ الآن، على مسافة أقلّ مِن ستّة اشهر من موعد الانتخابات.

ويتظهّر من خلفِ المواقف رغبةٌ جامحة لدى كثيرين بالتمسّك بأهداب قانون الستّين النافذ. لكن ثمَّة مخاوف بدأت تثيرُها خلفية القوى المتمسّكة بهذا القانون، إذ إنّه سيُعيد إنتاجَ الحياة السياسية القائمة «معجَّلةً مكرّرة» بحيث لا يَدخل دمٌ جديد إلى هذه الحياة، وتنعدم بذلك فرَصُ تطوير النظام نحو الأفضل.

ويقول مواكبون لأجواء التأليف المتعثّر «أنّه إذا كان وضعُ التأليف كما يقول المعنيون بالملفّ الحكومي قد استوى باستثناء عقدةِ تيار «المردة»، وأنّ بقيّة التفاصيل منجَزة، فما الداعي لتأخير الحكومة، خصوصاً أنّ حلّ عقدةِ فرنجية قد تكفّلَ به رئيس مجلس النواب نبيه بري على أساس أن يُعطى فرنجية حقيبةً أساسية، حتى إذا لم يقبَل بها سارَع بري إلى معالجتها معه».

في غضون ذلك، قال مطّلعون على المفاوضات الحاصلة «إنّ الأحاديث عن زيارة يمكن أن يقوم بها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل إلى بنشعي ليست مطروحة، وهي أثيرَت فقط في الإعلام، وإنّ فرنجية أبلغَ الوسطاء رأيَه بشكل واضح وبسيط، فهو لا يربط لقاءَه بعون بتشكيل الحكومة، فلماذا اعتبارُ أنّ العقدة تُحَلّ بمجرّد أن يزور بعبدا، وأنّه سيقدّم تنازلات ؟ اللقاء يخفّف من الحدّية حتماً لكنّه لا يحلّ المشكلة.

وفي السياق، قال الوزير السابق يوسف سعادة لـ«الجمهورية»: «لا ربطَ بين ملفّ تشكيل الحكومة ولقاء عون ـ فرنجية، فالأوّل منفصل تماماً عن الآخَر، وموقفُنا منه معروف، أمّا الثاني فهو جلسة مصارحة يمكن أن تؤسّس لعودة العلاقة إلى طبيعتها، وإلّا ستبقى هذه العلاقة رسمية تَحكمها الأصول والبروتوكول».

مصادر «القوات»

في هذا الوقت، قالت مصادر حزب «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ اللقاءات بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس الحزب سمير جعجع «تتّسم دائماً بطابعٍ ودّي وشخصيّ بفِعل الصداقة بينهما، وذلك في معزل عن تحالفهما السياسي».

وعن مضمون اللقاء بينهما في «بيت الوسط» مساء أمس الأوّل أكّدت المصادر نفسُها أنّ «الطرفين متّفقان على أنّ رئيس الجمهورية يقود البلاد في شكل حكيم، ما انعكسَ ارتياحاً على الأوضاع العامة الاقتصادية والاجتماعية، وما سينعكس بمقدار كبير بعد تأليف الحكومة، وقد نوَّها بإدارته التي تستظلّ الدستور».

وأشارت المصادر إلى أنّ الطرفين «توقّفا طويلاً عند الوضع الحكومي، فاستعرَضا ما آلت إليه الأمور، والخلفيات الكامنة وراء عرقلة التأليف، كما الحلول والمخارج التي تقود إلى تشكيل الحكومة».

وأكّدت أنّ «قانون الانتخاب شكّل طبقاً رئيسياً، فشدّداً على ضرورة الذهاب إلى قانون انتخاب جديد انطلاقاً من القانون المختلط الذي قدّمته «القوات» وتيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي».

ولفتَت المصادر إلى «أنّ الطرفين استعرَضا الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، وما يَجري في حلب خصوصاً، وسوريا عموماً. كذلك عرَضا للوضع الأميركي بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة وطبيعة انعكاساتها على أحداث المنطقة بدءاً من الحدث السوري، لِما لذلك من انعكاسات على لبنان».

وكانت «القوات» قد ذكرت في بيان أصدرَته الدائرة الإعلامية فيها «أنّها كانت أوّلَ من دعا إلى إقرار قانون انتخابي جديد، وذلك بعد انتهاء انتخابات العام 2009 مباشرةً». وقالت إنّها «خاضت وتخوض أشرسَ المواجهات السياسية من أجل إسقاط القانون الحالي الذي يؤدّي إلى تشويه التمثيل النيابي على مساحة الوطن ككلّ».

وأكّدت تمسّكها و«المستقبل» والاشتراكي بالقانون المختلط، ووضَعت «محاولة تحويرِ موقفها الجازم من قانون الانتخاب في سياق الحملة المبَرمجة التي تتعرّض لها مجدّداً منذ انتخاب الرئيس ميشال عون».

«الكتائب»

بدوره، طالبَ حزب «الكتائب» وبإلحاح بـ«دفن» قانون الستّين «الذي يضرب الشراكة ويُقصي جزءاً كبيراً من اللبنانيين، ووضعِ قانونٍ للانتخاب يَضمن صحّة التمثيل وعدالتَه». واستعجَل تأليف حكومة «تضع في أولويتها إقرارَ قانون الانتخاب والموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى معالجة الأوضاع الحياتية كبندٍ دائم على جدول أعمال السلطة».

 

 

اللواء :

إذا كانت عقدة تأليف الحكومة، رئاسياً، ليست في بعبدا أو عين التينة أو في «بيت الوسط»، وسياسياً، ليست عند تيّار «المردة» أو «القوات اللبنانية» أو «التيار الوطني الحر»، أو عند أي طرف آخر، فمن البديهي أن تتحوّل عقدة أو عقد تأليف الحكومة إلى «لغز مخبأ بقشة»، كما يقال.
والجهات السياسية والرسمية نفسها تقترب أكثر فأكثر إلى وصف الأزمة الراهنة بأنها مفتعلة، وأن الحل يكون بالخروج إلى منتصف الطريق، لئلا يطيح التأخير بايجابيات انتخاب الرئيس وتكليف رئيس الحكومة قبل أقل من 20 يوماً فاصلة من عيد الميلاد، ودخول البلاد عطلة الأعياد مع نهاية العام 2016.
ومع أن هذه النقطة تتلاقى حولها القوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة، إلا أن مصدراً قريباً من التأليف أكّد لـ«اللواء» أن لا تقدّم تحقق حتى الآن: فالنائب سليمان فرنجية لا يزال ينتظر اتصالاً من بعبدا، ولو كان على شكل استدعاء لزيارة القصر وطي صفحة الخلاف مع الرئيس ميشال عون، وحزب «القوات اللبنانية» يُؤكّد أن المشكلة ليست في ملعبه، ولم يتبلغ جديداً في ما خص الحقائب التي أبلغ بها سابقاً.
وفي هذا الإطار، أكّد مصدر قواتي لـ«اللواء» انه إذا عاد الكلام إلى عدم إعطاء «القوات» حقيبة الاشغال فإنها ستعود للمطالبة بحقيبة سيادية، وهذا من شأنه أن يُعيد ملف التأليف إلى المربع الأوّل.
وعليه تتجه الأنظار إلى معلومات لم تؤكدها مصادر «حزب الله» أن الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، من المتوقع أن يطل إعلامياً خلال الأيام المقبلة (لبنان 24) ليتحدث عن مفاوضات تأليف الحكومة، وعلاقة التحالف الثابتة مع الرئيس عون وتياره، في محاولة لاحتواء التوتر بين انصار كل من «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وليبعد القلق عن جمهور الثنائي الشيعي من التحالف بين «التيار الحر» و«القوات اللبنانية».
وحسب معلومات «اللواء» فان يوم أمس، شهد لقاءات بعيداً عن الأنظار، تولى فيها «حزب الله» دور الوسيط بين مفوضين من «التيار الحر» وتيار «المردة»، في وقت كثّف فيه تيّار «المردة» اتصالاته لتوضيح حقيقة موقفه من عهد الرئيس عون والحقيبة التي يطالب بها.
ولفت مصدر وزاري لـ«اللواء» إلى أن السباق على اشده بين موجبات التأليف وحاجة السوق الى انعاش اقتصادي عشية الاعياد، حيث عاد الجمود يتحكم بالبائع والشاري.
وتخوف هذا المصدر من انه إذا لم تصدر مراسيم الحكومة قبل 18 الشهر الحالي، أي قبل الأعياد، حيث سيضطر أكثر من فريق للسفر، فان المخاوف تتزايد من ان تطول أزمة التأليف.
وكان نبض الشارع، وفقاً لاستطلاع «اللواء» عكس هذا القلق، إذ جاءت نسبة الإجابة على السؤال: «هل سيتمكن العهد من إصدار مراسيم الحكومة قبل الميلاد؟» على النحو التالي:
نعم: 34 في المائة. لا 66 في المائة.
ورفضت مصادر على خط التأليف تحديد مهل أو إعطاء مواعيد محددة لولادة الحكومة، كاشفة ان اتصالات الرئيس المكلف لفكفكة العقد مستمرة.
ومع ان الفشل لازم الاتصالات التي جرت في الـ72 ساعة الماضية، فإن المصادر المعنية بالتأليف لا تبدي تشاؤماً، مشيرة إلى ان ورشة قانون الانتخاب تنتظر الحكومة، وأن أي تأخير في هذا الشأن سيطيح بإمكانية اجراء الانتخابات في السنة الجديدة، ولو ان هناك إمكانية للتأجيل لوقت وجيز لأسباب تقنية.
وفي معلومات لمصادر «القوات» ان لا تغيير في حصة «القوات» الوزارية لا كمّاً ولا نوعاً، وأن الرئيس المكلف طرح عرضاً على جعجع في عشاء «بيت الوسط» بأن تؤول حقيبة «الصحة» إلى القوات، لكن جعجع رفض العرض، لأنه إذا قبل بالصحة، التي عاد النائب وليد جنبلاط إلى التمسك بها، فإن عليه الاختيار بين العدل أو التربية، بدلاً من «الاشغال»، وهو ما ترفضه «القوات» جملة وتفصيلاً.
لكن مصادر أخرى أكدت ان الرئيس الحريري لم يطرح أي تغيير في الحصة القواتية، وأن النقاش تركز على خلفيات وأسباب عودة التأليف إلى نقطة البداية بعدما كانت الأمور وصلت إلى تشكيلة منطقية ومستوفية الشروط:
وذكرت المصادر ان فكرة تخلي المستقبل عن حقيبة الاتصالات للمردة والتي طرحت في الأيام الماضية استبعدت نهائياً، فيما آخر العروض بالنسبة «للمردة» كانت الاقتصاد أو الصناعة.
بدورها، لم تتحدث مصادر عونية عن أي مفاجآت جديدة، مؤكدة ان نواب تكتل التغيير والإصلاح سيكونون اليوم على بيّنة من موضوع حصول تواصل أو عدمه بين بعبدا وبنشعي، وذلك في اجتماع التكتل المقرّر إنعقاده بشكل دوري كل نهار ثلاثاء.
من جهتها، أكدت مصادر قواتية لـ«اللواء» ان أي تعديل حول حصة «القوات» في الحكومة لم يطرأ، وأن العقدة غير موجودة لديها، كاشفة ان ما عُرض عليها لا يزال ساري المفعول لجهة نيابة رئاسة الحكومة ووزارات الاشغال والاعلام والشؤون الاجتماعية.
الوزير الكندي
في هذا الوقت بقي الاهتمام الدولي بالوضع اللبناني سيّد الموقف، وكان الأبرز على هذا الصعيد الجولة التي قام بها وزير الخارجية الكندي ستيفان ديدن، قبل ان ينهي زيارته لبيروت اليوم، والتي استغرقت خمسة أيام، على كل من الرؤساء عون ونبيه برّي وتمام سلام، ويعقد محادثات مع نظيره وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل.
ونقل الوزير ديون الى الرئيس عون في مستهل اجتماعه به تهاني رئيس وزراء كندا جاستين ترودو، وتمنياته له  بالتوفيق، مؤكداً على الاهمية التي توليها بلاده لحضور الجالية اللبنانية فيها، وعلى حرص حكومته على تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعميم صيغة العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في لبنان كنموذج يحتذى.
وقال ديون أن رئيس حكومة بلاده يعتبر لبنان مفتاح المنطقة والعالم لا سيما لجهة تنوعه، مؤكداً إستعداد كندا لمساعدة لبنان في تحمل أعباء النزوح السوري اليه، وأعلن عن مساعدة كندية للقوى المسلحة اللبنانية إضافة الى مساعدات في المجالين التربوي والاقتصادي وعن إعادة بلاده العمل ببرنامج دعم اللاجئين الفلسطينيين الذي كانت الحكومة الكندية السابقة قد اوقفته. وشدد الوزير الكندي على دعم لبنان المستقر والديموقراطي والهانئ.
ومن جهته، ابلغ عون الوزير الكندي حرص لبنان على تعزيز العلاقات اللبنانية-الكندية وتطويرها في المجالات كافة، مؤكداً على ان للجالية اللبنانية في كندا مساهمات ايجابية في المجتمع الكندي. وشدد الرئيس عون على ان عوامل الاستقرار والامن باتت متوافرة في لبنان، داعياً الى إعادة تسيير خط الرحلات الجوية المباشرة بين مونتريال وبيروت، لافتاً نظره الى ان الاوضاع العامة في البلد بدأت تتحسن تدريجياً منذ الانتخابات الرئاسية، مشيراً الى أن وجود اعداد كبيرة من النازحين السوريين إضافة الى اللاجئين الفلسطينيين أدى الى تفاقم الاوضاع الاقتصادية لا سيما وأن إمكانات لبنان محدودة والكثافة السكانية فيه مرتفعة.
ودعا الرئيس عون كندا والمجتمع الدولي الى العمل لحل سياسي للوضع القائم في سوريا ومساعدة السوريين للبقاء في أرضهم، معتبراً أن إعادة إعمار سوريا أمر في غاية الاهمية من اجل إعادة تثبيت الاستقرار في المنطقة.
وزار الوزير ديون في خلال جولته أمس، البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، بعدما كان تناول الفطور مع عدد من رجال الأعمال اللبنانيين، خلال مأدبة اقامتها السفيرة الكندية في لبنان ميشيل كاميرون.

 

الاخبار :

صحيح أن الإحباط كان سمة لازمت المسيحيين خلال سنوات طويلة، وذلك عند مقارنتها بنفوذ المسلمين في الحكم. لكنّ قليلاً من التدقيق، يكشف أن الحديث هنا لا يتعلق بجميع المسيحيين. وأي مقاربة ومراجعة دقيقة لحال المسيحيين خ<