تفاؤل  وتقارب بين بعبدا وعين التينة , والتاليف خلال إسبوع

 

السفير :

إذا صدقت التوقعات المناخية، تنحسر العاصفة اليوم وتستر عورات أهل السلطة، وإذا صدقت التنبؤات السياسية، فإن بيان رئاسة الجمهورية، أمس، لم يكن كافياً لفتح أبواب القصر الجمهوري أمام زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، خصوصاً أنه من بنات أفكار بعض من اعتقدوا أنه بالتذاكي أو بالتحايلات اللفظية يمكن حل أزمة تأليف حكومة وانطلاقة عهد جديد.
كان بمقدور «ضابط المراسم» في القصر أن يرفع السماعة ويطلب بنشعي ويوجّه الدعوة إلى فرنجية لشرب فنجان قهوة، خصوصاً أن الأخير كان قد أعلن في آخر مقابلة تلفزيونية أنه مستعدّ لتلبية دعوة رئيس الجمهورية «إذا استدعاني».
ولو حصل ذلك، كان ليشكّل عنصر إحراج لفرنجية نفسه الذي كان ملزماً بتلبية الدعوة وبأسرع وقت ممكن، خصوصاً أن بعض مَن التقوه مؤخراً فهموا أن لا هواجس لديه ولا مطالب عنده تستدعي خوض حوار مع رئيس ينتمي إلى «الخط»، وإذا كانت لديه هواجس، فيمكن أن تكون في مكان آخر.
ولو حصل ذلك أيضاً، فليس مستبعَداً على شخص مثل فرنجية أن يُحرج أمام مضيفه، بأن يتجاوب معه حتى لو تمنى عليه أن يتمثل في الحكومة بوزير دولة من دون حقيبة...
حتماً هناك من نصح رئيس الجمهورية بتوجيه مثل تلك الدعوة المباشرة إلى فرنجية، وفي المقابل، هناك من نصح ببيان غير اعتيادي كان عملياً «لزوم ما لا يلزم»، أبدى فيه عون «حرصه على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها»، وتوجه «بدعوة أبوية إلى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري، كي يودع هواجسه لدى فخامته»، كما جاء في نص البيان الصادر عن مكتب الإعلام في القصر الجمهوري.
في المضمون، هناك مَن يعلن أن أبواب القصر الجمهوري مفتوحة أمام الجميع ولعل السؤال هنا، هل كانت تلك الأبواب مقفلة في أي عهد من العهود أمام أي لبناني ومن أي طائفة أو منطقة أو قارة أتى؟
يأتي بيان «القصر» في محاولة لتحريك المياه الحكومية الراكدة، لكن يبدو أنه أعطى مفعولاً سلبياً، علماً أن الاتصالات لم تتوقف بين «بيت الوسط» وبعبدا، وبين نادر الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، كما ظلت قنوات الاتصال مفتوحة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر».
وعلى عكس الانطباعات الإيجابية التي خرج بها زوار الحريري والقصر الجمهوري، في الساعات الأخيرة، عن قرب إعلان الحكومة الجديدة، فإن مصادر متابعة لمجريات التأليف الحكومي أبدت خشيتها من وجود «قطبة مخفية» أبعد من حقيبة «تيار المردة»، وسألت عما إذا كان هناك من يريد تضييع الوقت من أجل حشر المهل وجعل قانون «الستين» الانتخابي أمراً واقعاً، خصوصاً في ظل المناخ الدولي الذي يكرّره كل مسؤول غربي يزور بيروت بوجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
بري: مستعدّ لتحمل الخسارة وفق «النسبية»
في هذا السياق، يلاحظ تفاهم «الثنائي الشيعي» على حركة تصاعدية للتحذير من مخاطر إجراء الانتخابات وفق «قانون الستين». وهو الأمر الذي مهّدت له «كتلة الوفاء للمقاومة»، في بيانها، أمس الأول، فيما كرّر زوار الرئيس نبيه بري تحذيره من تداعيات الفرز الذي سيحدثه «قانون الستين»، وقال إنه صار مطلوباً من الجميع الإقرار بحتمية الذهاب إلى قانون يرتكز إلى النسبية حتى لو على أساس اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وشدد على أن قانوناً كهذا سيؤدي إلى خسارة الجميع من حصصهم الحالية، لكن في المقابل، يمكن القول إن هذا التنازل من الجميع سيكون في مصلحة مستقبل لبنان وأجياله الجديدة.
وأعطى بري مثلاً على ذلك استعداده هو و «حزب الله» للتنازل عن المكاسب التي يوفرها لهما «قانون الستين»، وبالتالي، القبول بخسارة نسبة من المقاعد على اساس النسبية، لأن الهدف الأبعد هو حماية لبنان وتوطيد دعائم استقراره من خلال القانون الانتخابي الجديد.
المشنوق: بالحكومة ننجز قانوناً جديداً للانتخابات
وكما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق، فإن الجميع يعرف «الفيل الكبير الجالس معنا في الغرفة، ولكننا نسعى جميعاً لتجاهله». لذلك، تتصرّف معظم القوى على اساس أن «قانون الستين» سيصبح قريباً أمراً واقعاً.
وأكد المشنوق في بيان أصدره، أمس، رداً على التأويلات المتعددة لموقفه الأخير أن مسؤولية الوزارة «تنحصر بإجراء الانتخابات بناء على القانون النافذ (الـ 60)، أما صلاحية إقرار قانون جديد، فهذه مسؤولية المجلس النيابي».
وفي مواجهة المهل الداهمة، قال المشنوق إنه «من الأفضل للجميع أن يعمل على تشكيل الحكومة العتيدة تأسيساً لاستقرار يساعد على إجراء الانتخابات في موعدها، وفق القانون الذي يقره المجلس النيابي».
دراسة «الدولية للمعلومات».. بالتفاصيل
في هذا السياق، أجرت «الدولية للمعلومات» دراسة مقارنة قاربت فيها النتائج المحتملة للانتخابات النيابية في ربيع العام 2017 وفق «قانون الستين» واستناداً الى نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في العام 2009.
وقد وضعت «الدولية للمعلومات» كل الاحتمالات في الحسبان، خصوصاً احتمال تحالف «القوات» و «التيار الحر» معاً واحتمال أن ينضمّ إلى تحالفهما «الطاشناق» و «تيار المستقبل» و «الاشتراكي»، وفي المقابل، احتمال أن يخوض «الثنائي الشيعي» الانتخابات في الأقضية المشتركة بلوائح موحّدة وأن يكونا جزءاً من تحالف أوسع كما هو الحال في بعبدا أو في أقضية أخرى كزحلة.
واستناداً إلى النتائج المتوقعة يتبين أن التحالف بين كل من «تيار المستقبل» و «التيار الحر» و «القوات» و «الطاشناق» قد يفوز بـ 74 مقعداً، وإذا انضمّ إليه «الاشتراكي» ترتفع الحصيلة إلى 89 مقعداً، أي أكثر من ثلثي مجلس النواب (86 نائباً).
وإذا تحالف «حزب الله» و «أمل» و «التيار الحر»، تكون الحصيلة النهائية لهذا التحالف 48 نائباً في أحسن الأحوال.
ووفق فريق المحللين في «الدولية للمعلومات»، «لا يستطيع أحد وفق «الستين» أن يفوز بقوته وحده، وبالتالي الكل بحاجة الى الكل أو إلى جزء من الكل، أي أن «المتناقضين» في الساحة الواحدة نفسها، أو في الساحات المتناقضة، يريدون إبرام تفاهمات في العلن من جهة، بينما هم يسنّون السكاكين من جهة أخرى، وهذا يعني أن الكل ضعيف والكل بحاجة للآخر ولن يكون بمقدور فريق أو «ثنائي» أن يربح بمفرده، الا إذا كان البعض يريد استعادة المناخ الذي أسّس للحرب الأهلية في العام 1975، لكن هذه المرة وبدلاً من شعار «عزل الكتائب» يريد الذهاب إلى «عزل الشيعة» أو سلاح «حزب الله».
ووفق «الدولية للمعلومات»، فإن مَن يريد «الإصلاح» أو «التغيير» ولا يريد توجيه طعنة إليهما، «عليه ألا يخشى شعبه ولا يتردّد في خسارة مقاعد نيابية ووزارية في سبيل حفظ حقوق هذا الشعب والتي لن تتحقق من دون قانون انتخابي نسبي غير طائفي وعلى أساس الاقتراع في مكان السكن لا القيد»، على حد تعبير مدير مؤسسة «الدولية للمعلومات جواد عدرا .

 

النهار :

شقت الاتصالات الكثيفة التي تعاقبت في الكواليس السياسية في اليومين الاخيرين الطريق امام ملامح دفع جدي نحو اخراج العملية المتعثرة لتأليف الحكومة من مأزقها بعدما هدد هذا المأزق باضاءة الاشارات الحمر لكل من العهد الجديد ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والقوى المعنية بتذليل العقبات. وشكل البيان الذي صدر بعد ظهر امس عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية متضمناً دعوة الجميع الى الاجتماع به في القصر الجمهوري مؤشراً واضحاً لتحرك الاتصالات والمساعي نحو ايجاد مخرج للمأزق، علماً انه بدا واضحاً ان المعني الاول بدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى "ايداع الرئيس الهواجس " هو رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية. وأوضح البيان ان رئيس الجمهورية "يؤكد حرصه على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها وهو لذلك يتوجه بدعوة أبوية الى أي مسؤول او سياسي للاجتماع به كي يودع هواجسه لدى فخامته المؤتمن على الدستور وعلى تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية كما على حسن عملها وفقا لاحكام جوهر الدستور ونصه ما دامت الغاية هي المصلحة الوطنية العليا".
وأبلغت مصادر متابعة لموقف رئيس الجمهورية لـ"النهار" ان من شأن هذا البيان ان يفتح ثغرة في جدار الازمة الحكومية، وان يعبد جسور العلاقات مع كل الاطراف. وذكرت بان رئيس الجمهورية يزار ولا يزور ولذلك فهو في انتظار كل من يريد التواصل معه وابواب القصر الجمهوري مفتوحة امام الجميع من دون استثناء.
وأضافت ان رئيس الجمهورية حريص على ان تكون الحكومة جامعة وان تتمثل فيها كل القوى السياسية والا لما كان البحث مع رئيس الوزراء المكلٰف منذ اليوم الاول في حكومة وحدة وطنية.
واكدت ان الرئيس عون حريص على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، خصوصاً طعن مرتين في التمديد، وهو التزم ان تكون وفق بموجب انتخابي حديث قائم على النسبية، من أجل تأمين حسن التمثيل.
وعن الكلام عن تمديد تقني للمجلس بحجة الإعداد لقانون انتخاب جديد، رأتالمصادر ان هذا الكلام سابق لأوانه، وعلى الحكومة الجديدة ان تضع مشروع قانون الانتخاب، وعندما يتم الاتفاق عليه، تقرّر الحكومة الخطوات اللوجيستية الكفيلة بتطبيقه، مع اضافة مادة الى القانون تؤكد التزام موعد للانتخابات على اساسه.
وفي السياق نفسه كشفت مصادر معنية بتأليف الحكومة لـ"النهار" ان البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية جرى التمهيد له في الأروقة السياسية بين المعنيين وان مناخ عملية التأليف شهد في الساعات الأخيرة نشوء أجواء أكثر من ايجابية تقطعت معها رغبات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف ورئيس مجلس النواب على الدفع نحو ايجاد مخرج على قاعدة تقدم كل طرف معني في اتجاه الآخر بخطوات شجاعة. وقالت المصادر إن الصيغة المطروحة حديثا تلحظ ما وصفته بتدوير التنازلات التي تعني تدوير بعض الحقائب مشيرة الى ان "القوات اللبنانية " ابدت انفتاحا على هذا الطرح الذي في حال اعتماده سيتنازل اكثر من طرف للآخر بموجبه. ولفتت الى ان الجميع وصلوا الى طريق مسدود في ظل التخوف على انطلاقة العهد وعلى مهمة رئيس الوزراء المكلف، في حين بدأ توافد الزوار الاجانب على بيروت يشكل احراجا كبيرا للجميع. ولم تستبعد في حال المضي في المسار الايجابي الناشئ امكان انجاز التشكيلة الحكومية في غضون اسبوع أو عشرة أيام على الاكثر.

 

"المردة"
في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة على موقف "تيار المردة" لـ"النهار" إن ما صدر عن الرئيس عون "هو كلام عام موجّه الى كل اللبنانيين، كما انه موجّه الى كل من لديه هواجس فيما ليس لدى تيار المردة أية هواجس". وأضافت: "في ما يعني التيار، وإذا ما وجّه الرئيس عون دعوة مباشرة الى النائب سليمان فرنجية الى لقاء في قصر بعبدا لمناقشة كل الامور، فهو سيلبيها إنطلاقاً من إحترامه لموقع رئاسة الجمهورية".

 

"القوات اللبنانية"
اما مصادر "القوات اللبنانية"، فشددت عبر "النهار"على ضرورة تجاوز ما تبقى من عقد تحول دون تأليف الحكومة، وتالياً الذهاب إلى تأليف سريع يفسح في المجال للتركيز على إقرار قانون انتخاب يشكل رافعة وطنية للعهد الجديد.
وذكّرت المصادر باقتراح القانون المختلط الذي قدمه "القوات" و"المستقبل" و"الاشتراكي"، وتوقفت أمام الانسجام التام بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" من جهة، وحركة "أمل" و"حزب الله" من جهة أخرى، من حيث ضرورة إقرار قانون جديد للانتخاب، الأمر الذي يشكل قوة دفع كبيرة في هذا الاتجاه.
أضف أن قانون الانتخاب يشكل مساحة وطنية مشتركة بين معظم القوى السياسية، ما يتطلب الاستفادة من هذا المعطى والتأسيس عليه من خلال إقرار قانون جديد يؤدي إلى تعزيز هذه المساحة المشتركة وتطويرها في اتجاه جوانب أخرى تخدم مشروع الدولة في لبنان.
وأبرزت كون تأليف الحكومة معبراً إلزامياً لانطلاق الورشة الوطنية على كل المستويات وفي طليعتها قانون الانتخاب، ما يتطلب عدم استخدامه لتصفية الحسابات السياسية.

شتاينماير وجاويش أوغلو
الى ذلك، علم ان زيارة وزير الخارجية الالماني فرانك - فالتر شتاينماير لبيروت امس كانت استطلاعية ولتأكيد الدعم للبنان في تحمله عبء النازحين السوريين. وقال رئيس الجمهورية للوزير الالماني إن عدد النازحين تضاعف وقارب المليونين في المرحلة الاخيرة، مشدداً على ان الحل السياسي في سوريا يساعد على معالجة هذه الازمة.
وأعلن وزير خارجية ألمانيا ان بلاده تسعى الى الحصول على دعم ومساعدة من الدول الغربية في تحمل هذا العبء الذي توليه ألمانيا اهتماماً خاصاً. واشار الى ان الاتصالات مع الجانب الروسي تركز على وقف النار والعمل على حل سياسي في سوريا.
كذلك لم يغب ملف اللاجئين السوريين عن محادثات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع المسؤولين الكبار، لكن زيارته تميزت بتصريحات نارية ضد الرئيس السوري بشار الاسد اذ قال من وزارة الخارجية ان "أحداً لا يستطيع انكار ان بشار الاسد مسؤول عن 600 الف ضحية... ونحن نؤمن أن شخصاً مسؤولاً عن قتل ابناء شعبه لا يمكن ان يبقى في السلطة".

 

 

المستقبل :

في سياق متطابق ومكمّل لفحوى رئيسية «المستقبل» أمس، تمحورت أجواء التأليف خلال الساعات الأخيرة حول توسيع آفاق التواصل الرئاسي مع مختلف الأفرقاء في سبيل التوصل إلى صيغة مُرضية لحصة «المردة» الحكومية والمساهمة تالياً في حلحلة آخر العقبات التي تعترض اكتمال معالم خارطة الحقائب الوزارية وفق تصوّر الرئيس المكلف سعد الحريري لـ«ائتلافية» حكومة العهد الأولى. وإذ أتى توجيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبر مكتبه الإعلامي أمس «دعوة أبوية إلى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به كي يودعه هواجسه» ليعكس انفتاحاً عونياً على «بنشعي» ودعوة رئاسية مفتوحة إلى رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لزيارة بعبدا بغية تبديد أي هواجس تتملكه حيال المشاركة في حكومة العهد، لا يزال فرنجية مترقباً «الجديد» ربطاً بقوله مساءً لـ«المستقبل»: «لم يردني بعد أي اتصال ولم أتبلغ بأي مسعى أو عرض وزاري جديد حتى الساعة». في وقت لم يُخفِ رئيس 

مجلس النواب نبيه بري تفاؤله بمآل الأمور حكومياً قائلاً لـ«المستقبل»: لا أرى المسألة معقّدة.. وعلى كل حال «بعدنا ضمن العدّة».

ورداً على سؤال، أجاب بري: «هناك اتصالات واجتماعات مكثفة وإن شاء الله سنصل إلى نتيجة»، موضحاً في ما يتعلق بالمشاورات الجارية حيال إشكالية «حقيبة فرنجية» في التشكيلة العتيدة بالقول: «سبق أن أبديتُ لدولة الرئيس المكلف استعدادي للمساعدة في الحل»، وأردف: «عندما يؤكد لي الشيخ سعد أنّ حقيبة «التربية» من حصة الوزير فرنجية أنا حاضر وبالتصرّف».

شتاينماير وأوغلو

في الغضون، يواصل لبنان الرسمي استقبال المزيد من الوفود الدولية والإقليمية المهنئة والمعوّلة على استنهاض الدولة بعد انتهاء أزمة الفراغ الرئاسي، بحيث برزت أمس زيارتان متزامنتان إلى بيروت لكل من وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير ووزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو شكّلتا مناسبة لتأكيد اهتمام بلديهما باستقرار لبنان وسط تشديد متقاطع لبنانياً – تركياً وألمانياً على كون الحل الحقيقي لحل أزمة النازحين السوريين يكمن في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.

وهذا ما شكل محور المحادثات التي أجراها الوزيران الألماني والتركي خلال جولة كل منهما على المسؤولين وفي مقدمهم الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري، وسط تأكيد أوغلو على أنّ «استقرار لبنان عامل مهم للاستقرار في المنطقة»، وتشديد شتاينماير على أنّ «ألمانيا كما الدول الأوروبية ترى انتخاب رئيس الجمهورية خطوة مهمة جداً لتحقيق الاستقرار في لبنان سيما وأنّ الوضع الحالي يشير إلى فرصة تشكيل حكومة جديدة بسرعة».

ديون في بيروت

ومساءً، بُعيد مغادرة وزيري خارجية ألمانيا وتركيا بيروت، وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي وزير خارجية كندا ستيفان ديون يرافقه النائبان الكنديان من أصل لبناني ايفا ناصيف ومروان طبارة، في زيارة تستمر ثلاثة أيام يلتقي خلالها الوزير الكندي بالمسؤولين اللبنانيين، فضلاً عن قيامه بجولة ميدانية تفقدية لبعض مخيمات النازحين السوريين في لبنان. 

 

الديار :

يبدو ان عقدة تشكيل الحكومة هي بالمقعد الخامس الشيعي في الحكومة، واعطائه لرئىس الجمهورية العماد ميشال عون وهو امر رفضه الرئيس نبيه بري كليا، معتبرا ان تجربة ما حصل مع الرئيس ميشال سليمان باعطائه وزيرا شيعيا كان امرا استثنائيا، وعلى كل حال، اذا كان العماد ميشال عون يصر على وزير شيعي ضمن حصته، ويعتبر ان النائب عباس الهاشم الشيعي وضمن التكتل الذي يرأسه العماد ميشال عون، فان الرئيس نبيه بري يرد بالقول بأن لا مانع لديه من إعطاء العماد عون الوزير الشيعي الخامس شرط المبادلة بوزير مسيحي يكون من حصة حركة امل من منطقة الزهراني او غيرها.
هذه العقدة هي التي تؤخر تشكيل الحكومة، وهذا هو الخلاف الأساس بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري في عقد تشكيل الحكومة. اما بقية الأمور فهنالك خلفيات لصراع عون - بري، يعرفها جيلبير شاغوري جيدا، رجل الاعمال اللبناني النيجيري، المختص بقطاع النفط.
 على صعيد آخر ما زال الخلاف بين القوات اللبنانية والمردة بشأن وزارة الاشغال واذا كان المردة يريدون وزارة الاتصالات او الطاقة، بديلا عن وزارة الاشغال، الا ان الرئيس نبيه بري لا يقبل بالتنازل عن وزارة الاشغال التي كانت من حصة حركة امل ويرأسها الوزير غازي زعيتر، وهو يريد ان تبقى وزارة الاشغال بيد حركة امل، كما كانت في الحكومة السابقة. اذا تم حل هاتين العقدتين فالحكومة تتشكل اليوم وليس غدا. لكن حتى الان ما زالت هاتان العقدتان قائمتين، ولا حكومة قبل حل العقدتين. لكن يبدو ان مناخاً إيجابياً تدخل فيه حزب الله لترطيب الأجواء وخلق جو من الهدوء والمحادثات السياسية بين العماد عون والرئيس بري ومحاولة أيضا الوقوف على خاطر الوزير سليمان فرنجية بوزارة وازنة.
ويبدو ان حلفا سياسيا قد بات واضحا وهو الرئيس نبيه بري، الوزير سليمان فرنجية، رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، رجل الاعمال النيجري اللبناني جيلبير شاغوري. وهذا المحور من 4 اشخاص يقال انه ينسق فيما بينه في المعركة الحاصلة، يقابله - كما روت مصادر - موقف رائد للعماد عون، وان الرئيس عون ليس من النوع الذي يتزحزح بتصريحات التأديب من هنا وهناك بل معروف عنه عناده وموقفه الثابت عندما يأخذه، ولذلك من الصعوبة الطلب الى العماد عون التراجع عن مطلبه، خاصة في شأن الوزير الشيعي الخامس، ويعتبر ان حكومة وحدة وطنية يجب ان يكون لرئيس الجمهورية وزير شيعي فيها. كما أعطوا الرئيس ميشال سليمان.
ويستبعد قريبون من قصر بعبدا، دون الكلام عن لسان العماد ميشال عون او جهة رسمية في قصر بعبدا، بل مراقبون من الخارج يقولون انه من الصعب ان يتراجع العماد ميشال عون عن مواقفه بسهولة، الا اذا اخذ ضمانات أخرى، تتعلق بكيفية تشكيل الحكومة، والا فهو لن يوقع على مرسوم تشكيل الحكومة مهما حصل من ضغط عليه، مذهبي او طائفي، او مناطقي.
اما بالنسبة الى العلاقة بين الرئيس ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، فان حزب الله استطاع تقريب وجهات النظر بينهما على الصعيد الشخصي والشكلي والبروتوكولي، ولذلك صدر عن القصر الجمهوري بيان معني به الوزير سليمان فرنجية، والبيان الصادر عن قصر بعبدا عن العماد عون شخصيا رئيس الجمهورية هو التالي :
- توضيحاً لما صدر عن وسائل الاعلام المختلفة خلال الايام الماضية، يؤكد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حرصه على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها، وهو لذلك يتوجه بدعوة ابوية الى اي مسؤول او سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري كي يودع هواجسه لدى فخامته المؤتمن على الدستور وعلى تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لاحكام جوهر الدستور ونصه طالما ان الغاية هي المصلحة الوطنية العليا.
وهكذا يكون رئيس الجمهورية فخامة العماد ميشال عون قد خطا خطوة لياقة باتجاه الوزير سليمان فرنجية، ويعتقد قريبون من حزب الله ان الوزير سليمان فرنجية لن يستمر بمقاطعة قصر بعبدا، وقد يلتقي رئيس الجمهورية في قصر بعبدا للتباحث في الشؤون السياسية في البلاد وتشكيل الحكومة وغيرها. وهذا ما يسهّل تشكيل الحكومة.

 مشكلة النفط 

على صعيد آخر، يبدو ان اكتشاف الغاز والنفط في بحر لبنان ووجود كميات ضخمة من الغاز تستطيع رد الديون المترتبة على الدولة وهي 72 مليار دولار، هي سبب الصراع بين المحورين، بشأن كيفية تلزيم القطاع ومن يديره. فرجل الاعمال النيجيري اللبناني جيلبير شاغوري وهو صانع رؤساء جمهوريات افريقيا، هو ملك العمل في النفط والغاز في افريقيا ومع شركات أميركية، وهو يريد ان يلتزم سحب الغاز والنفط من بحر لبنان وتسويقه للعالم وان تكون الشركات التي يأتي بها هي المعتمدة من الحكومة اللبنانية، فيما الوزير جبران باسيل ومن خلفه يدعمهم فخامة الرئيس العماد ميشال عون، يرفضون ان يتولى شخص لوحده اسمه جيلبير شاغوري مهما علا شأنه - ومع الاحترام له  -استخراج الغاز والنفط من شاطئ لبنان ومن قطاعاته، لذلك وقع الخلاف بين بري وباسيل على تحديد القطاعات، لكن المشكلة تبقى هي هي، ذلك ان وزير الطاقة السابق جبران باسيل يريد السيطرة على كيفية تلزيم الغاز والنفط للشركات، وفي المقابل، الرئيس نبيه بري وجيلبير شاغوري يريدان تلزيم شركات جيلبير شاغوري لسحب الغاز والنفط. اذا كان ذلك صحيحا، لان المعلومات تقول ان علاقة الرئيس نبيه بري برجل الاعمال الكبير جيلبير شاغوري النيجيري اللبناني، وملك النفط، وصانع رؤساء افريقيا، هي اقوى من علاقة عادية، بل هما على وحدة حال، في التفاهم والصداقة والرؤيا بالنسبة لاقتصاد لبنان ولقطاع النفط والغاز وكيفية استخراج الغاز والنفط من لبنان.
تبقى نقطة ان الغاز الذي سيتم سحبه وبيعه والنفط الذي سيتم سحبه وبيعه الى اين سيذهب؟ هل تذهب الأموال الى صندوق خاص يدخل الى الموازنة اللبنانية، ام يتم انشاء صندوق مالي لسحب الغاز والنفط ويكون مختصا بتسديد ديون لبنان التي بلغت 72 مليار دولار.
وعلى كل حال، يبدو ان فخامة الرئيس العماد ميشال عون مصر على إقامة صندوق مالي مستقل للغاز والنفط يكون مدخوله مخصصا لتسديد الديون التي على لبنان والتي بلغت 72 مليار دولار ولا يريد ادخال اموال الغاز والنفط في الموازنة كي لا تتم سرقتها.
اما أكثرية النواب فيريدون ادخال مال الغاز والنفط في الموازنة وعدم انشاء صندوق مستقل لمردودهما.

 خليل: لم يأتنا شيء من الحريري 

وتعليقاً على المعلومات عن ولادة قريبة للحكومة، قال وزير المالية علي حسن خليل: لقد قرأت هذه الاجواء في الصحف لكن لم يأتنا اي شيء حتى الآن من الرئيس سعد الحريري ولم تصل الينا اي عروض جديدة ونحن ننتظر.

 لقاء باسيل ـ صفا 

الى ذلك، وصفت مصادر مطلعة على لقاء وزير الخارجية جبران برئيس لجنة الارتباط في حزب الله الحاج  وفيق صفا بانه جرى فيه حوار دقيق ومفصل لكل العقبات التي حالت دون تشكيل الحكومة حتى الآن والوصول الى توليفة حكومية شاملة.
واضافت المصادر ان الحاج صفا نقل الى باسيل تمنيات بحلحلة الامور مع فرنجية والعمل على ترتيب لقاء بينه وبين رئىس الجمهورية، وعلى هذا الاساس حصلت اجتماعات في القصر الجمهوري لدراسة هذا المعطى وتقرر في نتيجتها اصدار البيان عن المكتب الاعلامي للقصر الجمهوري، وقد بدأت الاتصالات الحثيثة وغير المرئية لترتيب هذه الزيارة رغم ان فرنجية لم يبادر للرد ايجابيا، ويبدو انه غير مستعجل، ورغم ذلك يتم التعامل معه بايجابية مشروطة لوقف التعثر الحكومي الذي بدأ يرخي بظلاله على البلاد وعلى كل المستويات.

 مصادر التيار الوطني الحر 

واكدت مصادر في التيار الوطني الحر ان ما صدر عن بعبدا اراد من خلاله الرئيس ميشال عون ان يرمي الكرة في ملعب اولئك الذين يتهمونه بأنه لا يريد الحديث معهم ومن ضمنهم النائب سليمان فرنجية داعية اياه لتلقف هذه الدعوة والمبادرة لزيارة قصر بعبدا وطرح ما يريدوه امام رئيس الجمهورية من دون ان تشير الى ما اذا كان الرئيس سيقبل بهذه المطالب ام لا.
من جهة ثانية، اكد مسؤولون حصول اللقاء بين باسيل وصفا دون أي حديث عن نتائج محققة خلال هذا اللقاء معلنين عن املهم بأن تكون الايام المقبلة مناسبة لايجاد حل لأزمة الحكومة.

 اتصالات المردة 

واثر هذه التطورات اجرى مسؤولون في تيار المردة سلسلة اتصالات مع حلفائهم ولا سيما مع بري وحزب الله، واتفق على متابعة هذه الاتصالات في الساعات الـ 48 المقبلة، خصوصا اذا ما تقدم الوزير جبران باسيل بأفكار جديدة تتعلق بالخروج من المأزق.

 

الجمهورية :

باب التأليف مغلق على أيّ مخارج او حلول بما يضع الحكومة العتيدة في البراد السياسي الى أجل غير مسمّى. وخلافاً للأجواء التي تشيع إمكانية ولادة حكومية وشيكة، فالتعقيدات الثابتة وسط الطريق، تؤكد انّ هذه الولادة متعسّرة حتى الآن، ولن تكون قريبة. وسط هذا الجمود الحكومي، بقي لبنان متأثراً بالعاصفة المناخية التي تنحسر إبتداء من اليوم، فيما اللافت سياسياً كان الزحمة الديبلوماسية التي شهدها عبر زيارة كل من وزير خارجية تركيا مولود شاويش اوغلو ووزير خارجية المانيا فرانك فالتر شتاينماير، فيما يرتقب وصول وزير خارجية كندا ستيفان ديون مطلع الاسبوع المقبل.

اللافت في المشهد السياسي، أمس بعد انحسار العاصفة الطبيعية واستقرار المناخ رغم تدني درجات الحرارة، «الرسالة» التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعبّر فيها عن تصميمه على معالجة هواجس الجميع، وضمّنها «دعوة أبوية» الى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري كي يودع هواجسه لديه.

رسالة عون هذه، وردت في بيان صادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية توضيحاً لما صدر عن وسائل الإعلام المختلفة في خلال الأيام الماضية، حيث اكد رئيس الجمهورية «حرصه على تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لأحكام جوهر الدستور ونصه طالما أنّ الغاية هي المصلحة الوطنية العليا».

سلسلة ملاحظات

وتوقفت مصادر قريبة من ثنائي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» عند رسالة عون، وسجلت ملاحظات عدة أبرزها:

اولاً: انّ مضمونها «الأبوي» يشكّل وجهاً آخر لخطاب القسم ومتمّماً له في تأكيد هوية العهد. وصيغ بطريقة اختيرت فيها كلماتها بدقة للتعبير عن حرص رئيس الجمهورية على أبوّته لجميع اللبنانيين وللتأكيد على انه لا ايّ فيتو على اي حقيبة او اسم في مرحلة يفترض ان تتجمّع فيها القوى اللبنانية كافة وتتوحّد الجهود للخروج ممّا عانته البلاد في فترة الشغور الرئاسي واستعادة المؤسسات الدستورية أدوارها وجهوزيتها لمواجهة الإستحقاقات الداخلية والخارجية المقبلة على لبنان.

ثانياً: قدّمت بالمنطق المتمسّك بالدستور والشراكة والوحدة تطميناً لكل الشرائح السياسية والطائفية بعدم استثنائها من الشراكة، او تحجيمها او الغائها وخصوصاً في حكومة او حكومات العهد.

ثالثاً: قدّمت ورقة اعتماد امام كل اللبنانيين تؤكد انّ رئيس الجمهورية هو الحكم الذي يقف على مسافة واحدة من الجميع، والمتفهّم لكل الهواجس التي تعتريهم، وهذا يعطي إقراراً من قبله بوجود هذه الهواجس وجدّيتها وضرورة مقاربتها بما تستوجبه من عناية وحرص على تبديدها.

رابعاً: أحبطت آمال كل المراهنين على احتواء العهد وجذبه لكي يكون طرفاً الى جانبهم في مواجهة الاطراف الاخرى، من خلال النظرة الشاملة الى طبيعة التوازنات الداخلية وحساسيتها، ومراعاتها مبدأ انّ الرئيس للكل وليس لطرف بعينه او لفئة او طائفة بعينها.

خامساً: وبالمعنى الأبعد، إنطوَت الرسالة على تأكيد، من موقع المسافة الواحدة، الالتزام بكل التفاهمات المصاغة بين فريقه وسائر الآخرين، خصوصاً مع «حزب الله» و«القوات اللبنانية»، من دون ان يضع في دفّة الميزان الرئاسي تفاهماً له الأفضليّة على تفاهمات أخرى.

سادساً: جاءت الرسالة بمضمونها «الابوي» تكريساً للشعار الذي اطلقه اللبنانيون على رئيس الجمهورية بأنه «بَيّ الكل».

سابعاً: جاءت الرسالة لتدحض اي ذيول ورواسب لا تزال عالقة منذ الانتخابات الرئاسية، ولتجعل باب القصر الجمهوري مفتوحاً امام كل اصحاب الهواجس من خلال دعوة واضحة وصريحة وجّهها رئيس الجمهورية الى هؤلاء لزيارة القصر والاجتماع به.

ثامناً: وضعت الرسالة قاعدة للورشة الوطنية، أساسها الدستور والعدالة والمصلحة الوطنية العليا».

معلومات بعبدا

تزامناً، أكدت معلومات بعبدا لـ«الجمهورية» انّ الرسالة الرئاسية جاءت في توقيت باتت معه التشكيلة الحكومية شبه مُنجزة، باستثناء العقدة المعروفة التي تتداخل فيها اعتبارات، بعضها شخصية وبعضها شكلية، لذلك تضع هذه الرسالة - البيان، خريطة طريق يفترض ان تؤدي الى تذليل آخر العقد وبالتالي اعلان الحكومة.

باسيل وصفا

وفي الإطار الحكومي، يأتي لقاء عقد في الساعات الماضية بين وزير الخارجية جبران باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، حيث كان ملف التأليف محور البحث من دون ان ترشح معلومات تفصيلية ما خلا إشارات توحي بأن لا جديد على خط التأليف، والتعقيدات ما زالت على حالها ولا تقدم على هذا الصعيد، في انتظار مزيد من الاتصالات والمشاورات على كل الخطوط.
وتردد انّ البحث تناول ما يسمّى «عقدة المردة»، وتم التوافق على مزيد من التشاور وصولاً الى تسويتها وتذليلها.

المشنوق

في هذه الاجواء، سلك الملف الانتخابي مساراً أقل حدة ممّا بلغه بعد كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مؤتمر «الإطار القانوني للإنتخابات البرلمانية».

واللافت كان توضيح المكتب الاعلامي للمشنوق، أنّ الوزير اكد في كلمته امام المؤتمر أنّ موقفه (حول قانون الستين) لا يمثّل الكتلة السياسية التي ينتمي إليها والتي لا تزال ملتزمة إقرار قانون جديد للإنتخابات مبني على النظام الانتخابي المختلط بين الأكثري والنسبي، والذي تقدم به تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي».

وشدد المشنوق بصفته وزيراً للداخلية في هذا المؤتمر، على جهوزية الوزارة لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها قبل انتهاء ولاية مجلس النواب في 20 حزيران 2017 بناء على قانون الانتخابات النيابية 25/2008.

وأكد المكتب أنّ كلام المشنوق عن أنّ «أيّ قانون جديد يحتاج وقتاً طويلاً، أي انه يحتاج الى أشهر، وليس سنوات لترتيب الإدارة وتثقيف الناخبين» ليس موقفاً يبشّر بتأجيل الانتخابات ولا بقانونها، إنما هو موقف إجرائي تقني مبنيّ على تقييم الإدارة المعنية بالانتخابات بأنّ أيّ تغيير في النظام الانتخابي أو في تنظيم الانتخابات أو الإشراف عليها سيؤدي إلى تغيير جذري في منهجية عمل الإدارة وخطة العمل المعمول بها حالياً».

وأوضح المكتب «أنّ مسؤولية وزارة الداخلية تنحصر بإجراء الإنتخابات بناء على القانون النافذ أمّا صلاحية إقرار قانون جديد للإنتخابات فهذا من مسؤولية المجلس النيابي مع العلم أنّ هناك مشاريع قوانين عدة للإنتخابات موجودة على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي تمّ دراستها من قبل اللجان النيابية المختصة».

زحمة ديبلوماسية

أمام هذا المشهد، عاش لبنان أمس يوما ديبلوماسيا بامتياز فتنقّل كل من وزير خارجية المانيا فرانك فالتر شتاينماير ووزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو بين قصر بعبدا وعين التينة و«بيت الوسط» وقصر بسترس والمصيطبة، فيما زارت السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد الرئيس المكلف سعد الحريري، وكذلك زار السفير البريطاني هيوغو شورتر رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وبَدا انّ الجامع المشترك بين هذه الحركة هو تجديد الدعم للعهد، والتأكيد على تشكيل حكومة لبنانية في أقرب وقت.

واذا كان همّ النازحين السوريين بندا أساسيا في المحادثات اللبنانية ـ التركية ـ الالمانية، فإنّ ملفات اخرى فرضت نفسها أوّلها نظرة الخارج الى العهد الرئاسي الجديد ودعمه. بالإضافة الى مناقشة ملف الارهاب والاجماع على مواجهته وكذلك النظرة الى الازمة السورية وتطوراتها والمآل الذي ستنتهي اليه، تبعاً للتطورات المتسارعة في ميدان المعارك والقتال وخصوصاً على جبهة حلب.

واعتبر الوزير الالماني انّ انتخاب عون لرئاسة الجمهورية «يشكل ضمانة للاستقرار في لبنان، خصوصاً انكم تعملون مع القوى السياسية كافة على تشكيل حكومة جديدة». وأكد انّ بلاده تشجّع الشعب اللبناني على تشكيل حكومة بسرعة وهناك فرصة لذلك. وتمنى للبنان المزيد من الاستقرار والتقدم.

وأبدى استعداد المانيا لتقديم المساعدات المالية للبنان لمساعدته على تحمّل العبء المالي الذي يتكبّده بسبب النازحين السوريين، وقال: «سنواصل الدعم الألماني للبنان بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو لمواجهة أزمة النازحين». وتمنى أن تبذل جهود للوصول إلى حلّ سياسي في سوريا، معتبراً أنّ هذا الحل لن يكون ممكناً، إلّا إذا بذل جيران سورية جهوداً في هذا الإطار أيضاً.

اوغلو

ونقل وزير الخارجية التركي الى الرئيس عون تهاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتخابه، واعتبر أنّ هذا الإنتخاب «خطوة إيجابية على صعيد العملية السياسية اللبنانية» آملاً «في أن تستمر هذه الخطوات الايجابية وهذا الاتفاق في تأليف الحكومة العتيدة».

وشدد اوغلو من وزارة الخارجية على أنّ هناك ضرورة لوقف إطلاق النار في سوريا ولا سيما في حلب حيث الوضع مثير للقلق والحل السياسي هو الأنسب، وأكد وجوب «مكافحة وصدّ المجموعات الإرهابية التي تؤثر بشكل مباشر على الدول المجاورة، وأعني بذلك لبنان وتركيا على وجه الخصوص، وذلك عبر اعتماد استراتيجية أفضل وأقوى من أجل مكافحة التنظيمات مثل «داعش» و«النصرة».

ولفت اوغلو الى ان «لا أحد يستطيع إنكار أنّ بشار الأسد مسؤول عن 600 ألف ضحية وقعت أثناء الحرب في سوريا»، مشيراً الى «انّ شخصاً مسؤولاً عن قتل أبناء شعبه لا يمكن أن يبقى في السلطة».

امّا باسيل فاعتبر «انّ الشعب السوري هو من يقرّر نظامه ومستقبله ومصيره، وعلينا أن نحترم خيارهم لكن يجب أن نتأكّد من وحدة الأراضي السورية وسلامتها وحريتها».

ملف النفط

واللافت للانتباه انّ ملف النفط حضر في المؤتمر الصحافي المشترك بين باسيل ونظيره التركي.

واذ اكد باسيل انّ تركيا معنية أيضاً بموضوع النفط والغاز في المنطقة، علّق على صدور «بعض الكلام عن إلتزامات وتعهّدات واعتبارات بأنّ لبنان يُمكن أن يُجمّد أي نشاط غازيّ أو نفطيّ في مياهه الإقليمية»، فأكد «على حقّ لبنان في الإستفادة من ثروته الطبيعية ولا يُمكن له التنازل بأي شكل من الأشكال، ولا حتى في الوقت، عن الإستفادة من هذا الحقّ الطبيعي، وهذا موضوع سيادي وطني بامتياز».

وقد جاء كلام باسيل هذا من باب الحرص على حق لبنان في الاستفادة من ثروته النفطية من دون ان يقفل الباب أمام اي عامل مساعد للبنان لتحقيق هذه الغاية.

بريطانيا

وفي المواقف الدولية، إستعجلت بريطانيا تأليف حكومة فاعلة قريباً لمواجهة التحديات، وأكد سفيرها هيوغو شورتر انّ المجتمع الدولي يحتاج ويأمل أن يرى شريكاً قوياً في لبنان للصمود امام الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، وللتمكن من استيعاب الاعداد الكبيرة من النازحين ومساعدة اللبنانيين كما السوريين النازحين في مواجهة التحديات.

وشدد شورتر على انه «من المهم جداً للشعب اللبناني ولمصداقية لبنان كبلد ديموقراطي ان تجري الانتخابات النيابية في موعدها. ايضاً نأمل ان تكون الانتخابات المقبلة اكثر شفافية واكثر تمثيلاً. وان يتم اتخاذ إجراءات اساسية وإصلاحات في عملية الانتخابات منها اعتماد الاوراق الانتخابية المطبوعة مسبقاً والاقتراع السري».

الأمم المتحدة

بدورها، تمنّت الأمم المتحدة تشكيل الحكومة سريعاً، واعتبرت المنسقة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أنّ انتخاب عون وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، «بمثابة اشارات ايجابية وبنّاءة»، ولفتت الى انّ «التغيير ليس فقط بتشكيل حكومة إنما ايضاً يجب ان يكون بالتغيير الاقتصادي وتحفيزه وتأمين الاستقرار وفرَص العمل من اجل مستقبل الشباب والاطفال»

 

 

اللواء :

لمست مصادر سياسية رفيعة أن تدفق الموفدين الاقليميين والدوليين إلى لبنان يُشير إلى الرهان الدولي على ثبات الاستقرار السياسي والأمني، وإمكان توسيع قاعدة هذا الاستقرار، وتحويله إلى منصة تفاهمات تتخطى المصالح الاقتصادية كالعلاقات البينية والنفط والاستثمارات إلى الخيارات الدبلوماسية والاستراتيجية الكبيرة، سواء في ما يتعلق بالنزوح السوري وطبيعة الأوضاع في المنطقة في ضوء عودة التوتر الى العلاقات الاميركية - الإيرانية، والمجريات الميدانية المتسارعة في حلب والموصل قبل اقل من شهرين من إدارة دونالد ترامب الرئيس الأميركي المنتخب والذي يمعن في استقطاب الصقور إلى الإدارة الجديدة، سواء في المال والاقتصاد او الدفاع والتسلح، وحتى وكالات الامن القومي الأميركي والاستخبارات المركزية (سي.أي.ايه).
ولا يخفى أن الاهتمام بالاستقرار اللبناني فتح الباب على أسئلة دبلوماسية كان أبرزها من السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد التي حاولت معرفة العقد الحقيقية التي تعيق انطلاق الحكومة، وكيفية معالجة هذه العقد.
وإذا كان وزير الخارجية الالماني فرانك شتانماير كشف أن بلاده ماضية في دعم لبنان في مواجهة النزوح السوري والذي استقطب اعداداً إضافية بعد معركة حلب، وذلك عبر تقديم عشرة ملايين يورو من ضمن المساعدة المخصصة للبنان، فان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والذي تُعنى بلاده بالعلاقات السياسية والتجارية مع لبنان، والاهتمام بالموقف اللبناني من إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، رحب بزيارة يقوم بها الرئيس ميشال عون إلى تركيا، واستعداد الرئيس رجب طيب أردوغان للقيام بزيارة مماثلة للبنان، فيما وصل وزير الخارجية الكندي استيفان ديون إلى بيروت في زيارة تستمر خمسة ايام، وتشمل زيارة مخيمات النازحين السوريين التي تقدّم لها مساعدات الحكومة الكندية.
وبطبيعة الحال، لم تغب الأزمة السورية عن حراك الموفدين الأجانب باتجاه لبنان، ولا سيما من قبل رئيس الدبلوماسية التركية، حيث أكّد له الرئيس عون ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، والمساعدة على معالجة مأساة النازحين، كما لم تغب عملية تأليف الحكومة عن مداولات هؤلاء من خلال التأكيد بأن انتخاب الرئيس عون خطوة إيجابية على صعيد العملية السياسية اللبنانية، والأمل بأن تستمر هذه الخطوات الايجابية في الاتفاق على تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة.
غير أن مصادر دبلوماسية أوضحت لـ«اللواء» أن زيارة هؤلاء الموفدين ليس لها علاقة بملف تشكيل الحكومة، حتى وأن استفسر هؤلاء عن المسار المتبع في كيفية تأليف الحكومة لحث المسؤولين اللبنانيين على الإسراع في ولادة الحكومة، من أجل تمتين علاقات لبنان الخارجية.
وفهم من هذه المصادر أن ارتياحاً كبيراً سجله الضيفان الالماني والتركي لعودة الحياة السياسية اللبنانية إلى مجاريها بعد عملية انتخاب الرئيس، ما يفتح المجال بشكل أوسع لتعزيز فرص التعاون بين لبنان وكل من المانيا وتركيا.
ولفتت إلى أن ملف النازحين السوريين حضر في قسم لا بأس به من النقاشات، وفهم أن رئيس الجمهورية اقتبس من خطاب القسم عن أهمية معالجة مسألة النزوح السوري، مركزاً على ضرورة إيجاد الحل السياسي للأزمة السورية.
ولفتت المصادر الدبلوماسية إلى أن زيارات مسؤولين كبار إلى لبنان تعكس اهتمام الدول بالوضع الجديد في أعقاب التسوية التي جرت، كاشفة عن إقبال المزيد من هؤلاء المسؤولين للحضور إلى بيروت في وقت قريب جداً، وأن زيارة وزير خارجية كندا تندرج في هذا السياق، حيث من المقرّر أن يعقد بعد غد الاثنين محادثات مع الرئيس عون، وتعقبها لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين.
مبادرة عون
ومع التعافي الدبلوماسي والسياسي المتعلق بوضع لبنان الإقليمي والدولي، خرق البيان الذي كتبه الرئيس ميشال عون بخط يده، وفيه «دعوة ابوية» لأي مسؤول لبناني لديه هواجس مقلقة أن يأتي إلى قصر بعبدا ويودع هذه الهواجس للرئيس عون لكي يتعامل معها بروح الدستور والميثاق وا