محاولات لتذليل عقبات التأليف , ومواجهة بين الثنائي الشيعي وبين الثنائي الماروني

 

السفير :

انشغل اللبنانيون في الساعات الأخيرة بعاصفة السماء. صارت أخبار الطقس وغرفة التحكم المروري أكثر إغراءً من أخبار الاستقبالات الرسمية في هذا المقر أو ذاك، وحتى من أخبار الوفود الأجنبية الآتية من كل حدب وصوب تبارك للبنانيين فوزهم برئيس جمهورية ورئيس حكومة مكلف، في انتظار أن يمنّ عليهم بحكومة وبإعادة فتح أبواب مجلسهم النيابي.
عاد وزير الخارجية جبران باسيل من رحلته الخارجية الميمونة، «وعادت إلى العمل محركات التأليف الحكومي، وسط تفاؤل نسبي بالحصول على أجوبة جديدة في هذا الملف، خلال ما تبقى من الأسبوع الحالي»، كما جاء حرفيا في مقدمة النشرة الإخبارية لمحطة «او. تي. في».
وعلم أن باسيل، فور عودته، تواصل مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، من خلال مدير مكتب الأخير نادر الحريري. كما فتحت الخطوط أيضا بين «العائد» وقيادة «حزب الله» التي ظلت على تواصل مستمر مع حلفائها وخصوصا الرئيس نبيه بري ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فيما بعث رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، أمس، برسالة الى بري أبلغه فيها أن أي محاولة لفرض حكومة تحد (أمر واقع) هي بمثابة عملية انتحارية للعهد منذ شهره الأول.
واللافت للانتباه أن الاهتمام بملف الانتخابات النيابية تقدم في الساعات الأخيرة على ملف التأليف الحكومي، برغم التداخل العضوي بين الملفين، خصوصا أن من يريد أن يحجب عن فرنجية حقيبة أساسية اليوم يضع في الحسبان ليس تهميش الزعيم الماروني الشمالي في الانتخابات النيابية المقبلة وحسب بل محاولة شطبه رئاسيا (أي بعد ست سنوات) في ظل التبني السياسي الواضح له من قبل «الثنائي الشيعي» منذ الآن على خلفية التزامه بكل مندرجات وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى.
وإذا كان الممر الإلزامي لوصول «الجنرال» إلى بعبدا، ليس الاعتبار الدستوري وحده، بل هو موقف «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصرالله، طوال سنتين ونصف سنة من عمر الفراغ الرئاسي، ولو تم تغليفه لاحقا بعناوين «الميثاقية» وغيرها، فإن ذلك سيسري على التأليف الحكومي الذي سيكون محكوما بـ«خيار سياسي» من أصل ثلاثة خيارات:
أولا، أن يبقى رئيس «التيار الوطني الحر» رافضا منح «المردة» حقيبة أساسية، بذرائع ومسميات مختلفة، وعندها ستكون الحكومة مؤجلة حتى إشعار آخر.
ثانيا، أن يوافق على الصيغ المقترحة وأكثرها عملية تلك التي قدمها الرئيس بري بأن يأخذ على عاتقه إقناع فرنجية بحقيبة «التربية» التي كان الرئيس المكلف قد طرحها على زعيم «المردة» غداة مشاورات التأليف مباشرة، قبل أن يتراجع عنها لأسباب تخص العهد، فيحاول إقناع «المردة» بإحدى حقيبتي «الثقافة» أو «البيئة» كما حصل في الاجتماع الأخير بينه وبين ممثلي فرنجية قبل حوالي الأسبوع. وإذا كانت هناك محاذير لدى «أحد» بأن يبادر رئيس المجلس إلى «إهداء» حقيبة «الأشغال» إلى فرنجية بدلا من «التربية»، يمكن تقديم ضمانات سياسية مسبقة، علما أن لا حاجة لها لأن مرسوم التأليف لن يمر إلا عبر توقيع رئيس الجمهورية. كما أن رئيس الحكومة المكلف سيأخذ على عاتقه مهمة إقناع «القوات» بما حصلت عليه، وهو ليس بقليل، خصوصا أنه سيكون لها ثلاثة وزراء بينهم نائب رئيس حكومة، بالإضافة الى وزير رابع حليف (ميشال فرعون) سينضوي تلقائيا في «كتلة القوات» الوزارية والنيابية مستقبلا.
ثالثا، الذهاب إلى حكومة أمر واقع، ينادي بها بعض أهل العهد، لكنها ليست واردة في حسابات الرئيس المكلف الذي أبلغ «الثنائي الشيعي» بواسطة نادر الحريري خلال جلسة الحوار الثلاثي الأخيرة في عين التينة، أنه لن يذهب إلى أي خيار حكومي أو غير حكومي إلا بالتوافق الكامل مع الرئيس بري والنائب جنبلاط، خصوصا في ضوء توافق الأخيرين على الوقوف بوجه خيار «حكومة التحدي».
وفيما غرد جنبلاط عبر «تويتر» قائلا إن «الحكومة الافتراضية لا تزال في الحجر الصحي»، كان لافتا للانتباه ترجيح الوزير وائل أبو فاعور الذهاب إلى الانتخابات في أيار المقبل وفق قانون الستين، مؤكدا أن لا أحد من القوى السياسية يملك جرأة الظهور أمام الرأي العام اللبناني والقوى والقول بتأجيل الانتخابات «لا تأجيلا تقنيا ولا تأجيلا غير تقني» ولأي سبب كان.
في غضون ذلك، لوحظ أن «الثنائي الشيعي» بدأ يركز في خطابه السياسي على أولوية القانون الانتخابي الجديد، ونقل زوار بري عنه، أمس، قوله إنه لم يفاجأ بكلام وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي جزم فيه بإجراء الانتخابات وفق قانون الستين، وقال بري إن كلام المشنوق يعبر عن موقف «تيار المستقبل» قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، وحذر من أن اعتماد الستين سيتسبب باندلاع أزمة وطنية، خصوصا في ضوء رفض غالبية الشعب اللبناني له، وجدد دعوته لاعتماد النسبية في أي صيغة انتخابية جديدة ولو على حساب حصة كل من «أمل» و «حزب الله» لأن هذا التنازل سيكون لمصلحة الوطن لا لمصلحة فئوية، وجدد التذكير بتفاهمه مع «التيار الحر» عشية الانتخابات الرئاسية على مشروع قانون انتخابي يتضمن الصيغتين الأكثرية والنسبية (المختلطة).
وركزت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها، أمس، برئاسة النائب محمد رعد، على أهمية «إقرار قانون انتخاب جديد يؤمّن عدالة التمثيل»، منتقدة «المماطلة الحالية والسابقة في إنجاز القانون المنشود وكأن المقصود هو إحباط الشعب اللبناني وتجاهل إرادته في رفض التمديد ورفض قانون الستين الذي يشكل اعتماده تعطيلا لكل مشاريع النهوض بالدولة».
بدوره، رفض رعد في موقف له «التسويات المهدئة التي جرّبها اللبنانيون مرارا وكانت تنتهي عادة بتفجر أزمات جديدة، ولان التسويات المهدئة كالأدوية المهدئة ليست العلاج الحقيقي، فمشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية تتفاقم وتنفجر كل عقد أو عقدين من الزمن»، ورأى أن العلاج يكون باعتماد قانون انتخابي جديد على أساس النسبية «مع لبنان دائرة واحدة أو بالدوائر الموسعة».
من جهة أخرى، تشهد بيروت اليوم عجقة زوار أجانب يصلون على التوالي وهم وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير ووزير الخارجية الكندي استيفان ديون.
وكان قد سبق هؤلاء الى بيروت، أمس، موفد فاتيكاني هو المونسنيور كارلوس ازيفيدو، وتبلغت دوائر القصر الجمهوري أن روسيا سترسل وفدا رسميا للتهنئة بانتخاب عون فور تشكيل الحكومة الجديدة، ويسري ذلك أيضا على فرنسا التي أبلغت قصر بعبدا أن وزير خارجيتها جان مارك آيرولت سيزور بيروت فور صدور مراسم تأليف حكومة الحريري الجديدة.

 

النهار :

على أمل ألا يثير بعض الموفدين الديبلوماسيين الجدد الى لبنان حساسيات كتلك التي ظهرت حيال الموجة الأولى لدى بعض الأفرقاء والتي سرعان ما ترجمتها جوانب من التعقيدات التي اعترضت تأليف الحكومة الجديدة، ستشهد بيروت اليوم حركة موفدين بارزين في سياق انفتاح الدول على التعامل مع العهد الجديد. وتكتسب هذه الحركة الجديدة بعداً مزدوجاً اذ تشكل من جهة امتداداً لصفحة انفتاح اقليمي وغربي على لبنان بعد طول انكفاء، كما تشكل من وجهة داخلية حافزاً ضمنياً مهماً للقوى السياسية على تسهيل ولادة الحكومة التي لم يعد تأخيرها مبرراً في ظل استعدادات خارجية لدعم البلاد في ظل العهد والحكومة الجديدين.
أما الموفدون الجدد فهم وزراء خارجية كل من تركيا مولود جاويش أوغلو والمانيا فرانك - فالتر شتاينماير وكندا ستيفان ديون. ومن المقرر أن يزور كل منهم تباعاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ناقلاً تهاني بلاده إليه بانتخابه، والمسؤولين الآخرين، علماً ان زيارة الوزير الكندي الذي يرأس وفداً برلمانياً تستمر أياماً عدة وسيكون جانب أساسي منها متصلاً بمسألة اللاجئين السوريين في لبنان واستعدادات كندا لإعادة توطين أعداد منهم في أراضيها.
في غضون ذلك، يبدو ان محركات عملية تأليف الحكومة قد أعيد تحريكها على ايقاع هادئ من النقاط العالقة عندها. ومع ان الجهات المعنية في محيط رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لا تزال تلزم الصمت وتجنّب الافصاح عن أي تحرك أو اتصالات، فإن أوساطاً مطّلعة قالت لـ"النهار"، ان لا صحة لكل ما تردد في اليومين الأخيرين عن مهلة محدّدة لبت العقبات التي تحول دون استكمال التفاهمات على التركيبة الحكومية وتالياً لا جدية في الكلام عن تحديد يوم غد السبت موعداً لحسم المواقف النهائية من التركيبة والتباين القائم حول ما تبقى من حقائب وزارية. وأكدت هذه الأوساط أن الساعات الأخيرة شهدت إعادة الحرارة الى قنوات الاتصالات بين القوى المعنية مباشرة بمأزق التأليف، لافتة الى ان ملف قانون الانتخاب دخل بقوة على خط المناخ السياسي المتصل بعملية تأليف الحكومة، الأمر الذي يثير مزيداً من التساؤلات عما إذا كانت "صدمة" تشكيك وزير الداخلية نهاد المشنوق في إمكان التفاهم على قانون جديد للانتخاب وتلميحه الى بقاء قانون الـ60 استهدفت ضمنًا استنفار القوى السياسية وحملها على تسهيل ولادة الحكومة تحت وطأة تحملها تبعة بقاء قانون الـ60. ولوحظ في هذا السياق ان محطة "أو تي في" الناطقة باسم "التيار الوطني الحر" والتي يفترض أنها تعكس اتجاهات العهد العوني تناولت أمس هذا التطور، فقالت: "لم تنفع إثارة مسألة قانون الانتخابات في حرف الأنظار عن أولوية تشكيل الحكومة الجديدة، تماماً كما لن تنفع محاولة تأخير ولادة الحكومة، في تمييع ضرورة إقرار قانون انتخابي جديد، ولا في تطيير الانتخابات التي تأخرت عن موعدها ولاية برلمانية كاملة. فالبلد يحتاج بشكل مصيري، أولاً إلى حكومة جامعة وفاعلة، وثانياً إلى قانون انتخابي ميثاقي عادل، وثالثاً إلى انتخابات برلمانية شفافة بالكامل. والمقتضيات الثلاثة مطلوبة وفق جدول زمني واضح ولن تنجح كل محاولات الالتفاف على هذه الأجندة الوطنية الضرورية. هذه التراتبية في المهمات المطلوبة ظهرت بوضوح. فبعد محاولة التشويش على موضوع الانتخابات وقانونها، سجّلت مواقف واضحة لكل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" تؤكد المطالبة بقانون انتخابي جديدـ علماً أن خطاب القسم الرئاسي، كان حاسماً لجهة التشديد على إقرار هذا القانون قبل الانتخابات المقبلة. وفي شكل متزامن، عادت إلى العمل محرّكات التأليف الحكومي وسط تفاؤل نسبي بالحصول على أجوبة جديدة في هذا الملف، خلال ما تبقى من الأسبوع الحالي. فثلاثية الحكومة والقانون والانتخابات، متلازمة وضرورية لتحصين مناعة البلد في مواجهة كل الأمراض والأضداد".

 

"الحزب" وبري والـ 60
وكانت "كتلة الوفاء للمقاومة" جددت دعوتها الى الإسراع في تشكيل "حكومة الوحدة الوطنية الجامعة"، ورأت أن "لا مبرّر للتأخير خصوصاً ان العقبات المتبقية ليست عصية على الحل"، وشدّدت على إقرار قانون انتخاب جديد واستهجنت "المماطلة الحالية والسابقة في إنجازه كأن المقصود تجاهل إرادة الشعب اللبناني في رفض التمديد ورفض قانون الـ 60".
كذلك سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اتخاذ موقف سلبي من موقف الوزير المشنوق إذ عدّه معبراً عن توجه "تيار المستقبل" السابق للانتخابات الرئاسية "واليوم صار علنياً". وقال: "أنا لا أوافق بالطبع على كلام المشنوق". وأضاف: "أنا ورئيس الجمهورية متّفقان على انتاج قانون جديد تطبّق فيه النسبية، بينما لم أسمع من الرئيس الحريري أنه يسعى الى قانون جديد... أنا لن أستسلم أمام الستين ولو أني لست متضرراً منه واللبنانيون سيردّون برفضه خصوصاً ان ما يزيد على 70 في المئة منهم لا يقبلونه". وخلص الى ان "إبقاءه ليس ضربة للعهد فقط بل لنا جميعنا ولجميع اللبنانيين".

 

 

المستقبل :

خلف ستار التكتم السياسي الطاغي على المسرح الحكومي، تضجّ كواليس التأليف باتصالات ومشاورات متقاطعة بين مختلف الأفرقاء بغية تعبيد الطريق أمام انطلاقة آمنة وسريعة لحكومة العهد التي يستكمل الرئيس المكلف سعد الحريري رسم معالمها الائتلافية المرتقبة بما يتيح استنهاض الدولة مؤسساتياً وإنتاجياً وإعداد العدّة تشريعياً وتنفيذياً لبلوغ محطة الاستحقاق النيابي. ومع عودة «المفاوض الرئاسي» الوزير جبران باسيل إلى بيروت، أعاد القصر الجمهوري خلال الساعات الأخيرة تفعيل قنوات اتصالاته للمساهمة رئاسياً وسياسياً في تذليل آخر عقبات التأليف التي لا تزال تستأخر انطلاقة العهد العوني، سيما وأنّ مصادر قصر بعبدا أكدت لـ»المستقبل» استئناف المساعي وتكثيف الجهود أمس مع كل الأطراف المعنية في سبيل حلحلة الإشكالية المتعلقة بالحقيبة الوزارية

التي يُطالب بها رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.

وإذ شددت على أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يحرص على وقف هدر الوقت واستنزاف آمال اللبنانيين بالعهد الجديد، آثرت مصادر بعبدا عدم الخوض في ما يُثار عن تحديد سقف زمني لولادة الحكومة مكتفيةً بالقول: «فخامة الرئيس يهمّه أن تبصر الحكومة النور في أسرع وقت من دون مزيد من التأخير». ورداً على سؤال، لفتت المصادر إلى أنّ رئيس الجمهورية لن يألو جهداً في المساهمة بعملية حلحلة العقد الحكومية، كاشفةً في هذا المجال أنّ «المساعي الرئاسية استؤنفت بزخم خلال الساعات الأخيرة وهناك جهود كبيرة تُبذل مع «حزب الله» و»حركة أمل» و»تيار المردة» في محاولة للتوصل إلى صيغة بديلة مُرضية لمسألة إصرار النائب فرنجية على نيل «المردة» إما حقيبة الاتصالات أو الطاقة أو الأشغال في التشكيلة الوزارية»، مع إشارتها في الوقت عينه إلى أنّ الجهود المبذولة لم تصل بعد إلى أي نتيجة حاسمة لكنّ عملية «الأخذ والرد» ما زالت مستمرة ومن المُفترض أن تتبلور نتائجها خلال الساعات المقبلة.

«بربارة» تنحسر غداً

في الأحوال الجوية، وبين ثلوج تتراكم تباعاً في أعالي الجبال فتقطع طرقاً وتنشر الصقيع، وأمطار غزيرة تحوّلت إلى سيول جارفة في بعض السهول وفيضانات في المدن والعاصمة حيث غمرت المياه بعض الطرق نتيجة عجز أقنية الصرف عن استيعابها، يبقى لبنان ولليوم الثاني على التوالي تحت تأثير العاصفة «بربارة« التي تحافظ على زخمها اليوم فتحمل الثلوج إلى ارتفاع 1500 متر، مع انخفاض إضافي في درجات الحرارة.

وفي حين خلّفت العاصفة بعض الأضرار في المزروعات وأغرقت السيول خيم النازحين في بعض المناطق وتوقفت حركة الملاحة البحرية في مرفأ صيدا بسبب ارتفاع الموج واشتداد الريح، توقعت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية انحسار المنخفض الجوي صبيحة الغد لتبدأ درجات الحرارة بالارتفاع، وسط التحذير في الوقت عينه من أن سماكة الثلوج على الطرق الجردية ستتزايد نظراً إلى استمرار العاصفة على وتيرتها اليوم مسجلةً درجات حرارة منخفضة تلامس 5 درجات فوق الجبال و8 درجات في الداخل.

 

الديار :

الاتصالات البعيدة عن الاضواء على قدم وساق، وجميع القوى تريد التفاهم وتشكيل الحكومة خلال عشرة الايام القادمة. ولذلك كانت خطوط التواصل مفتوحة بين الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، وبين الاخيروالوزير علي حسن خليل، لايجاد «حل» لعقدة «المردة» وغيرها. وبأن الامور باتت شبه محلولة عبر اسناد وزارة التربية لتيار المردة، ذلك ان  الرئيس نبيه بري  سيتولى اقناع النائب سليمان فرنجيه في هذا المخرج رغم اعلان «المردة» رفضه لهذا التوجه والاصرار على حقيبة من ثلاث هي الاشغال او الاتصالات او الطاقة. والرئيس بري كان قد ابلغ الحريري انه على استعداد للتدخل لاقناع فرنجيه بالتربية اذا كان هناك من توجه لاعطائه هذه الحقيبة. وحسب معلومات مؤكدة ومن مراجع لها علاقة بعملية التشكيل، ان الحكومة ستبصر النور اواخر الاسبوع القادم او بعده على ابعد مدى، وان الجميع يريدون ولادة الحكومة قبل الاعياد واعطاء الدفع للعهد الجديد والمحافظة على الاجواء الايجابية منذ انتخاب العماد عون رئيسا للبلاد في 31 تشرين الاول إلا اذا حصلت مفاجأة في اللحظة الاخيرة نسفت الاتصالات الايجابية جراء خلافات تتعدى التشكيلة الحكومية الى توجهات العهد.
الدعم الخارجي للعهد يتواصل مع وصول وزير خارجية تركيا، واليوم وزير خارجية المانيا، بالاضافة الى وفد كندي سيسلم الرئيس عون رسالة من رئيس الوزراء الكندي.
ويبدو ان حزب الله الداعم للعهد وللرئيس ميشال عون والرافض للاجواء المتشنجة السائدة في البلاد، ليس معنياً بأي مجابهة بين الثنائية الشيعية والثنائية المسيحية، فقد اعلن تأييده للعماد عون، وفكك كل الالغام لوصوله الى سدة الرئاسة، ان «اعلان النيات» بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ كان مبرماً، وهو ايضاً اوحى لسعد الحريري بقبوله رئيساً للحكومة، اذا وافق على ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وبالتالي، فان حزب الله يعمل على تسهيل تأليف الحكومة وتحصين الاستقرار الداخلي، في ظل التركيز الاساسي على الملف السوري. وهو غير معني بالتشنجات الاخيرة السائدة في البلاد. وتبين للجميع وللرئيس ميشال عون ان حزب الله ليس له علاقة بالحملة على الوزير جبران باسيل، بل كان ممتعضاً جداً من هذا الامر، خصوصاً ان حزب الله حدد موقفه الواضح في بيان كتلة الوفاء للمقاومة امس بضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة، وباقي العقد يمكن حلها مع تأكيده على حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها الجميع. وفي المعلومات، ان خطوط التواصل مفتوحة ايضاً بين حزب الله والكتائب، ومع النائب وليد جنبلاط وغيره. واتصالات الحزب تصب في تهدئة الاجواء الداخلية. وعلم ان حزب الله سيحاول تحسين العلاقة بين الرئيس ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، في ظل «انزعاج» بعبدا من مقاطعة سليمان فرنجية لها في الاستشارات وعيد الاستقلال وتوجيه رسائل اعلامية. فيما تؤكد مصادر المردة ان النائب سليمان فرنجية قال «ان رئيس الجمهورية لا يطلب اللقاء بل  يستدعي». وهذا الكلام الايجابي لم تقابله بعبدا بأي ايجابية، في ظل ما يتردد بأن «الكيمياء» بين باسيل وفرنجية مفقودة كلياً.
هذا الكلام الايجابي، وحسب المعلومات عن الحكومة قابله كلام سلبي للنائب وليد جنبلاط عبر تغريدة «الحكومة الافتراضية ما زالت في الحجر الصحي»، وهذا ما يوحي بوجود تعقيدات يعترف بها الجميع لكنها ليست مستعصية.
واشارت مصادر تيار المستقبل الى  ان الرئيس الحريري يعمل على تقريب وجهات النظر بين بعبدا وعين التينة، وان القناعة باتت محسومة لاعطاء «التربية»  للمردة والطلب من الرئيس بري العمل على ذلك. وايدت المصادر ارتياحها الى تراجع التشنجات والتصاريح والاجواء السلبية التي سادت خلال الاسبوع الماضي.
وكان من المفترض ان يزور وفد من المردة بيت الوسط امس لابلاغ الحريري رد النائب سليمان فرنجية على ما طرحه الحريري مع وفد «المردة» الاسبوع الماضي، لكن الاجتمع لم يحصل.
واشارت مصادر متابعة لعملية التأليف الى ان كل ما سرب عن اتجاه لدى الرئيس عون لتشكيل حكومة امر واقع او تكنوقراط او اعطاء مهل غير صحيح بالمطلق، وهو مصر على حكومة وحدة وطنية ترضي كل الاطراف، وقدم تنازلات من حصته لولادة الحكومة تحت سقف القانون والمؤسسات، خصوصاً ان الرئيس عون كان اعلن ان هذه الحكومة ليست حكومة العهد الاولى، وحكومة ما بعد الانتخابات هي حكومة العهد، وهذه الحكومة مهمتها انجاز قانون جديد للانتخابات، واجراء هذا الاستحقاق في موعده الدستوري في 21 ايار. اما الخلاف على قانون الانتخابات فكان في الماضي وسيبقى لأن العديد من الكتل السياسية والاقطاب يعتبرون ان قانون الانتخابات هو مسألة حياة او موت بالنسبة اليهم، وبالتالي، فان معظم القوى الاساسية من تيار المستقبل الى الاشتراكي الى التيار الوطني الحرّ الى القوات اللبنانية يفضلون قانون الستين، رغم ان التيار الوطني الحرّ اكد العمل على قانون انتخابي جديد يؤمن صحة التمثيل بالتوافق مع حزب الله، والرئيس بري الذي يرفض قانون  1960 ويصر على النسبية رغم تأكيده ان قانون الستين سيعطي مكاسب لامل وحزب الله لكنه مشكلة للبلد.
وكان تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الانتخابات احدث ردود فعل لجهة تأكيده بأنه ليس متفائلاً بقدرة القوى السياسية على التفاهم على قانون جديد للانتخابات خلال شهر او شهرين، وان الوزارة جاهزة لاجراء الانتخابات على اساس قانون الستين، وفيما القوات اللبنانية لا مشكلة عندها في القانون، لكنها ايضا لا تمانع مشروع  القانون المختلط المقدم من القوات اللبنانية والمستقبل والاشتراكي على اساس المناصفة بين الاكثري والنسبية.
اما الوزير وائل ابو فاعور فأكد انه اذا لم نستطع الوصول الى اتفاق حول قانون الانتخابات، فان الانتخابات ستجري على اساس الستين، الا اذا كان هناك من يريد ان يرهن القانون بالانتخابات، وهذا تعطيل يهدد الانتخابات النيابية. علما ان دعوة الهيئات الناخبة يجب ان تتم في 11 شباط، قبل 90 يوماً من موعد اجراء الانتخابات النيابية في 21  ايار التي ستجري على اساس قانون الستين.

 بري: أرفض الستين 

وقال الرئيس نبيه بري امام زواره «انه لم يفاجأ بكلام الوزير نهاد المشنوق حول قانون الستين، وان هذا التوجه هو توجه الوزير قبل انتخابات الرئاسة، وبالتأكيد لا اوافقه الرأي، وهذا الكلام يخصه هو». وردا على سؤال قال: «انا والرئيس عون اتفقنا على قانون جديد للانتخابات، ولا اسمع من الرئيس الحريري انه مع قانون جديد».
واضاف: لست انا فقط من يعارض قانون الستين، بل ان هناك نسبة كبيرة من اللبنانيين تعترض عليه، وانا لست متضرراً منه ولكن بالتأكيد ارفضه، واذا بقي «الستين» يكون ضربة ليست للعهد فحسب، بل لجميع اللبنانيين وللبلد، وبالموضوع الحكومي قال بري: «لا شيء جديد»

 

الجمهورية :

في وقتٍ ما يزال التأليف الحكومي ضائعاً في الدهاليز السياسية، تعكّرَ المزاج السياسي العام انتخابياً بدخول قانون الستّين مادةً خلافية على الحلبة السياسية، وزائراً مرحَّباً به هنا ومرفوضاً هناك لدى القوى المعنية، ما يهدّد بمضاعفات لا سقفَ لها، خصوصاً أنّ مجرّد طرحِ موضوع قانون الستّين أحدثَ نوعاً من فرزٍ للمواقف، حتى داخل التحالفات القديمة والمستجدّة.

إذا كان المناخ قد دخلَ في عاصفة طبيعية مصحوبة برياح شديدة وأمطار غزيرة وسيول وثلوج، ما يَستدعي استنفاراً لمواجهتها بما تقتضيه، فإنّ المناخ السياسي العاصف، والهادئ أحياناً، لم يفرض ذلك الاستنفارَ المطلوب لتأليف الحكومة قبل الأعياد، بل إنّه وبعد طرحِ قانون الستّين، بات مهدَّداً بعاصفة عاتية من المناكفات والمشاحنات على كلّ الخطوط والجبهات.

وفيما يُقدَّم قانون الستّين على أنّه «شرّ لا بدّ منه» من قبَل طارحيه والمتمسّكين به، بدا في المقابل أنّ لغة الاعتراض عليه قد تتخطّى المنبرَ الكلاميّ إلى الميدان بالتلويح لمواجهته من قبَل الناس، على حدّ ما عكسَه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس، الذي اعتبَر أنّ هذا القانون هو شرّ على البلد لا بدّ من درئه.

وفي وقتٍ ما زالت معلومات بعبدا تؤكّد أنّ انتظار الأجوبة النهائية للأفرقاء حول التأليف ستنتهي مهلتُه مع نهاية الأسبوع الحالي، فإنّ قطار التأليف ما زال متوقّفاً ينتظر قوّةَ الدفع التي ما زالت تَعوقها التباينات والشروط المتبادلة. والسؤال المطروح هنا؛ ماذا بعد انتهاء المهلة؟

وأيّ خطوات ستتبع؟ هل ستُطلق فترة انتظار أخرى؟ أم سيتمّ اللجوء إلى ما سُمّي آخِر الدواء، وذهاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري إلى ما سمّيَ أيضاً «حكومة أمر واقع»؟

إلّا أنّ هذا الخيار دونَه محاذير كثيرة، وليس مطروحاً جدّياً لدى المعنيين بالتأليف، خصوصاً أنّهم تبَلّغوا أصداءَ مِن أفرقاء أساسيين أنّ مثلَ هذا الخيار يشكّل خطورةً كبيرة، وبالتالي لا يمكن القبول به.

برّي

في هذا الوقت، لم تعكس أجواء عين التينة أيّ جديد على صعيد التأليف الحكومي، وبدا جَليّاً أنّ الأمور ما زالت تُراوح في السلبية من دون أيّ تقدّم يفكّك العقَد الموجودة.

على أنّ الملاحَظ في مقرّ الرئاسة الثانية هو التساؤلات الكثيرة حول معنى ومغزى إثارةِ موضوع قانون الستّين في هذا التوقيت بالذات، وفي مخاض تأليف الحكومة.

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّه لم يتفاجَأ في الكلام الأخير لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق حول قانون الستّين وإمكان إجراء الانتخابات النيابية على أساسه، والصعوبات حول إعداد قانون انتخابي جديد. ومردّ عدمِ مفاجأته هو أنّ هذا التوجّه موجود لدى تيار «السمتقبل» قبل انتخابات رئاسة الجمهورية، وأكّد بري أنّه لا يوافق على هذا الأمر.

ولفتَ بري إلى «أنّنا ورئيس الجمهورية ميشال عون، تَوافَقنا على وجوب إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية، وأنا لم أسمع حتى الآن شيئاً حول هذا القانون الجديد من الرئيس سعد الحريري».

وقال: «إنّ الغالبية العظمى من اللبنانيين ترفض قانون الستّين، وأقول إنّ الرد على هذا القانون سيكون من الناس، خصوصاً أنّه لا يشكّل فقط ضربةً للعهد، بل ضربة للعهد ولجميع اللبنانيين، بل للبلد ولنا جميعاً».

المستقبل

وأوضَحت مصادر المستقبل لـ«الجمهورية» أن لا جديد في الشأن الحكومي، وأكّدت أنّ الحكومة «لم تولد بعد لأنّها ليست جاهزة، وهي ستأخذ الوقت الذي تتطلّبه».

وأضافت: «لا نَعتبر أنّ ولادة الحكومة قد تأخّرت، فتشكيلُها لا يزال ضمن الوقت الطبيعي لتشكيل الحكومات، وأساساً نحن لم نحدّد أيّ موعد لإعلانها».

وأكّدت هذه المصادر، ردّاً على سؤال، أنّ «الذهاب إلى تشكيل حكومة بمن حضَر هو أمرٌ غير مطروح راهناً». وأشارَت إلى أنّ الاتصالات مستمرّة مع مختلف الأطراف وهي تُحرز تقدّماً، وشدّدت على أن لا نيّة لاستبعاد أحد.

وتعليقاً على اتّهام الرئيس المكلّف بالتباطؤ وعدمِ الاستعجال لأنّه كغيره يريد الإبقاء على قانون الستّين، قالت المصادر: «لا نيّة إطلاقاً لدى«المستقبل» للإبقاء على قانون الستّين، وواضحٌ أنّه يريد قانوناً جديداً يراعي النسبية، والدليل إلى ذلك أنّ اقتراح القانون الذي تَقدّم به مع «القوات اللبنانية»و»الحزب التقدّمي الاشتراكي» هو قانون مختلط يتضمّن النسبية».

إتّصالات ومشاورات

في غضون ذلك، كشفَت مصادر واسعة الاطّلاع لـ»الجمهورية» أنّ البحث الذي توسّعَ في جلسة الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» مساء الثلثاء في عين التينة في حضور الوزير علي حسن خليل، أعطى دفعاً لحركة مشاورات جديدة وكثيفة عزّزَتها عودة وزير الخارجية جبران باسيل إلى بيروت أمس الأوّل قبل يومين على الموعد المحدّد سابقاً لعودته.

وسُجّل أمس اتّصالٌ هاتفي بين نادر الحريري مدير مكتب الرئيس المكلّف وباسيل، تناوَل التطوّرات الجديدة وحركة المشاورات التي شهدتها الأيام المنصرمة وما أفضَت إليه، كذلك سُجّل اتّصال آخر بين نادر الحريري وخليل.

«القوات»

ودعَت مصادر «القوات اللبنانية» القوى السياسية المعطِّلة «إلى الإقلاع عن تعطيلها، خصوصاً وأنّ هذا الأسلوب بَرهن عدمَ جدواه مع الرئيس ميشال عون، ومع الرئيس المكلّف سعد الحريري، وبالتالي إذا كان هذا الفريق يتوقّع من عون أن يبدّل في نهجه الوطني وممارسته التي تتّكئ على الدستور، فإنّه سينتظر طويلاً ويتحمّل مسؤولية التعطيل المتمادي».

وأكّدت هذه المصادر لـ«الجمهورية» أنّ «النهج الجديد الذي أرساه الرئيس عون لا يَستهدف أحداً، إنّما يرمي إلى تطبيق الدستور، وبالتالي المشكلة ليست في النهج الجديد المتّبَع، بل في الجهات التي تحاول ضربَ هذا النهج وعرقلتَه من بداية الطريق، وهذه المحاولات ستبوء بالفشل».

«8 آذار»

وأكّدت مصادر مطّلعة على حركة التشكيل لـ»الجمهورية» أنّ العقَد نفسَها لا تزال عالقةً، وتحدّثت عن صعوبة عودة الأمور إلى ما كانت عليه عندما انحصَرت العقدة بحقيبة أو بحقيبتين، إذ إنّ الأمر باتت له أبعاد أكبر وتخطّى مسألة الحقائب.

ونَقلت المصادر عن فريق 8 آذار استياءَه من إدارة ملفّ التشكيل، بعدما تبيّنَ له أنّ هناك من لم يتلقّف النيّات الحسنة التي أبداها من أجلِ تسهيل مهمّة الرئيس المكلف وانطلاقة العهد الجديد، وما كان يَعتبره كسلاً من طبّاخي التأليف بحيث لم تكن العقَد مستحيلة، تبيّنَ أنّ شكّه بوجود قطبة مخفية كان في مكانه.

واعتبرَت المصادر أنّ «عودة قطار التأليف إلى مساره باتت تتطلّب عناصر جديدة وظروفاً مختلفة، خصوصاً بعدما أصبح التفاوض مرتبطاً بشكلٍ وثيق بتحديد أحجام وأزمةِ ثقة وحسابات انتخابية».

«المردة»

مِن جهتها، أوضَحت مصادر تيار «المردة» لـ«الجمهورية» أنّ المواقف ما زالت على حالها وأنّ التيار ما زال متمسّكاً بحقيبةٍ من ثلاث؛ هي الطاقة أو الأشغال أو الاتّصالات، وهو على استعداد للحوار مع الرئيس المكلّف والمعنيين بعملية التشكيل في الصيغة التي طرَحها رئيس مجلس النواب بالتخلّي عن إحدى حقائب المال والأشغال والتربية له لكي تكون حصّة «المردة» واحدةً من هذه الحقائب، حسبما تعهّد في اللقاء الثلاثي على هامش عيد الاستقلال.

«القومي»

وأكّد نائب الحزب «السوري القومي الاجتماعي» مروان فارس لـ«الجمهورية» أن لا «استبعاد للحزب، بل سيتمثّل في الحكومة، سواءٌ أكانت من 24 وزيراً أم مِن 30 وزيراً، ونحن لدينا أشخاص من كلّ الطوائف والمذاهب».

واعتبَر أنّ «مِن الطبيعي أن يأخذ تأليف الحكومة بعضَ الوقت، ويجب عدم وضعِ العصيّ في دواليب التأليف، خصوصاً أنّ عمر الحكومة قصير مع الانتخابات النيابية، وعلى مختلف القوى السياسية تسهيل مهمّة الرئيس المكلف». وأوضَح أنّ الحزب «لم يطلب حقيبةً معيّنة، بل هو مع كلّ ما مِن شأنه أن يساعد على ولادة الحكومة في أقرب وقتٍ ممكن».

«حزب الله»

وجدّد «حزب الله» مطالبته بحكومة وطنية جامعة، ولم يرَ ما يبرّر التأخّر في تشكيلها، آملاً في أن تبصر النور قريباً.

وقال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إنّ» العقد التي يبالغ البعض في عرضِها بل في تضخيمها أحياناً، وينسبها إلى مصادر أو أوساط متابعة، ليست بمثابة عقَد عصيّة على الحلّ وإن احتاجت لبعض جهدٍ وتفهُّم».

من جهتها، رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» أن «لا مبرّر للتأخير، خصوصاً أنّ العقبات المتبقّية ليست عصيّة على الحلّ»، ودعَت إلى ضرورة توسيع قاعدة التمثيل، واستهجَنت «المماطلة الحاليّة والسابقة في إنجاز قانون الانتخاب».

«التقدّمي»

وفيما غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على «تويتر» قائلاً إنّ «الحكومة الافتراضية لا تزال في الحجر الصحّي على ما يبدو»، قال الوزير وائل أبو فاعور إنّ الحكومة «ستشكَّل في نهاية هذا المخاض، أطالَ الزمنُ أم قصرَ»، لافتاً إلى أنّ الأمر «يحتاج إلى بعض المداولات الأخيرة».

وشدّدَ على «أنّ المطلوب ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وقال: «لا أعتقد أنّ أياً مِن القوى السياسية يملك جرأةَ الظهور أمام الرأي العام اللبناني والقوى والقول بتأجيل الانتخابات، لا تأجيلاً تقنياً ولا تأجيلا غيرَ تقنيّ، وعادةً التأجيلُ التقني هو تمويه للتأجيل، يعني: لجعلِ اللبناني يبتلعُ هذا الطعمَ نقول بدل التأجيل، تأجيل تقني، بينما فعلياً هو تأجيل للانتخابات».

حركة ديبلوماسية

وفي الوقت الذي تقبّلَ رئيس الجمهورية أوراقَ اعتماد تسعة سفراء يشكّلون الدفعة الرابعة من مجموعة الديبلوماسيين الغربيين والعرب العاملين في بيروت منذ فترة الشغور الرئاسي، يستعدّ لبنان لاستقبال عدد من الزوّار الديبلوماسيين الأجانب.

فتزامُناً مع وصول وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو مساء أمس إلى بيروت، يصل وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير قبل ظهر اليوم وينتقل من المطار إلى قصر بعبدا لنقلِ تهاني المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إلى عون.

كذلك يبدأ وزير الخارجية الكندي ستيفان ديون زيارةً للبنان تستمرّ خمسة أيام يجول خلالها على المسؤولين على رأس وفد نيابي كندي، يلتقي خلالها عون والمسؤولين الكبار لإجراء محادثات حول سلّةٍ مِن العناوين، أبرزُها مواجهة الإرهاب وما آلت إليه حالُ النازحين السوريين في لبنان ودولِ الجوار السوري، وما يمكن أن تقوم به كندا التي قرّرَت استضافة بضعةِ آلاف من النازحين السوريين، وفقَ برنامج معلن عنه منذ العام الماضي ويتمّ تطبيقه على مستوى لمِّ شملِ العائلات السورية التي وصَلت إلى كندا في العامين الماضيَين لإعادة توطينهم فيها.

 

 

اللواء :

السؤال: من يُبادر أولاً بخطوة تؤدي إلى إخراج الحكومة من الوضع المحرج الموجود فيه، بعد ان كانت الاتصالات قطعت شوطاً في وضع هيكلية توزيع الحقائب من سيادية وخدماتية واساسية وعادية؟
المعلومات المؤكدة تُشير إلى ان الاتصالات تجددت، ومن الممكن ان تشهد تفعيلاً في الـ48 ساعة المقبلة لإنهاء عقدة التأليف، ضمن سيناريو يتضمن نقطتين متلازمتين:
الأولى تتعلق بضمانات تعطى للمعنيين بالتأليف في بعبدا و«بيت الوسط» من ان إنهاء أزمة تمثيل النائب سليمان فرنجية سيكون ثابتاً بحيث يستثمر، باعتباره آخر العقد التي تحتاج إلى علاج.
والنقطة الثانية تتعلق بطبيعة «ترانسفير» بين الحقائب غير السيادية، وهذا الأمر يقتضي إبلاغ المفوضية بالملف الحكومي بأن «القوات اللبنانية» قبلت عن طيب خاطر التخلي عن وزارة الاشغال، بحيث تنهي هذه العقدة، وأن يبلغ المفاوض من 8 آذار الرئيس نبيه برّي أو من ينتدبه ان فريقه لم يعد لديه ما يطالب به، وأن تيّار «المردة» رضي بأن يتولي حقيبة التربية.
وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو، فإن زيارة مرتقبة للرئيس المكلف سعد الحريري إلى عين التينة ستكون المؤشر على حلحلة العقد، يعقبها زيارة إلى قصر بعبدا لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة.
ورغم انشغاله بمتابعة اتصالات تأليف الحكومة، فقد حرص الرئيس الحريري على تكريم مسؤول فاتيكاني للشؤون الثقافية المونسنيور كارلوس ازيفيدو الذي يُشارك في مهرجان «بيروت ترنم» والذي بدأ ليل أمس، كحدث يتم تنظيمه منذ تسع سنوات.
وشكر الرئيس الحريري في كلمته الترحيبية بالضيف الفاتيكاني خلال مأدبة الغداء التي أقامها تكريماً له، البابا فرنسيس على إرساله المونسنيور أزيفيدو» ليكون إلى جانب اللبنانيين وليظهروا أمامه وجه لبنان الحقيقي حيث يعيش المسلمون والمسيحيون معاً، ولتروا أيضاً هذا البلد يُعيد بناء نفسه وينهض من الخراب الذي شهده في الماضي» (راجع ص2)
وكشفت مصادر مطلعة على ما يجري وراء ستار التعديل الممكن على توزيع الحقائب، أن «كاسحة الالغام» السياسية تعمل على خطين:
1- إنهاء الجفاء بين الرئيس ميشال عون والنائب فرنجية، وحصر ذيول الخلاف ومنع تفاقمه، باعتبار ان تبريد الأجواء بين الرئيس عون ونائب زغرتا، من شأنه أن يحجب الممانعة، سواء من «تحالف معراب» أو من «التيار الوطني الحر»، بعد «العتب الكبير» الذي يسجله رئيس الجمهورية على حليفه السابق فرنجية والذي، وفقاً لدوائر قريبة من «التيار الوطني الحر»، أظهر مواجهة غير متوقعة مع الرئيس عون قبل انتخابه وبعده، وهو لم يُشارك في الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، وإصراره على واحدة من ثلاث حقائب: الطاقة، أو الاشغال، أو الاتصالات، وهي من الحقائب التي آلت إلى «التيار» و«القوات» و«المستقبل»، تبدو وكأنها «محاولة لعرقلة تأليف الحكومة.
2- احياء جسور الثقة بين الرئيس عون والرئيس برّي والتي اهتزت منذ الأيام الأولى لحكومة تصريف الأعمال، وفي تحركات الشارع، وقبل انتخاب الرئيس عون، والتي تنظر إليها أوساط بعبدا بأنها تهدف لاضعاف العهد أو عرقلة انطلاقته.
ولم يكشف عن الوسطاء الذين يعملون على إعادة ترميم جسور الثقة، لكن الثابت ان محاولات تجري لإيجاد نقاط مشتركة من خلال القانون الانتخابي الجديد، والذي يطالب «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» والرئيس برّي بأن يتضمن انتخاب غالبية المجلس على أساس النسبية.
ولا ترى أوساط الرابية مشكلة في ان تكون الحكومة وقانون الانتخاب واجراء الانتخابات «سلة واحدة».
تمثيل فرنجية
وبين مساعي التأليف ومساعي التقريب بين أطراف صف 8 آذار، علمت «اللواء» ان موضوع تمثيل فرنجية في الحكومة حضر بقوة في جلسة الحوار الثنائي رقم 37 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في عين التينة.
وفي معلومات «اللواء» أيضاً ان اقتراحاً قدم باسناد حقيبة الصحة إلى تيّار «المردة» أي حقيبة أساسية وخدماتية من خارج الحقائب الثلاث التي يطالب بها، على ان يبلغ الثنائي الشيعي حليفه فرنجية بهذا الاقتراح الذي نقل إليه، لكنه ما يزال يتريث في تقديم اجابة عليه سلباً أو إيجاباً، مع العلم ان الرئيس برّي لا يمانع في إسناد حقيبة التربية إلى شخص شيعي يختاره من حركة «أمل» أو من خارجها، مقابل ان تؤول الاشغال إلى «القوات اللبنانية».
ولاحظت مصادر وزارية ان هذا العرض (أي الصحة)يصطدم بأزمة الثقة وبتفاهمات تتعلق بتحجيم هذا الطرف أو ذاك، أو إظهاره ضعيفاً معنوياً، فإذا ذهبت الاشغال من الرئيس برّي إلى غير فرنجية، يعتبر في ذلك انتصاراً لفريق معراب عليه، والأمر نفسه مقلوباً إذا ما تشكّلت الحكومة، ولم تكن الاشغال من حصة «القوات اللبنانية»، فإنها تشعر بأنها ما تزال مهمشة على الرغم من حصولها على ثلاث حقائب ورابعة لحليفها الوزير ميشال فرعون.
واستبعدت المصادر الوزارية عينها ما تروج له دوائر بعبدا من استعدادات تجري لولادة الحكومة خلال الـ72 ساعة المقبلة، مشيرة إلى ان لا موعد لزيارة الرئيس الحريري عين التينة أو حتى قصر بعبدا على حدّ علمها.
وكانت مصادر مطلعة أوضحت لـ«اللواء» انه على الرغم من الكلام عن عراقيل موضوعة امام تأليف الحكومة، فإن أجواء إيجابية ترافق هذا الملف إلى درجة التوقع بولادة هذه الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، مشيرة إلى ان هناك إمكانية كبيرة للوصول إلى الدخان الأبيض، وذلك من خلال الجهد الذي يبذل في هذا الشأن، استناداً إلى انه ما من طرف قادر على ان يتحمل مسؤولية عودة القلق والاحباط إلى جمهوره.
وأكدت المصادر عينها ان الأمور الأساسية تمّ اجتيازها. ولم يبق سوى الأمور المكملة التي يجري تذليلها في هذا الوقت، نافية ان يكون هناك أي تُصوّر نهائي للتشكيلة الحكومية، بمعنى توزيع الحقائب وإسقاط الأسماء عليها، داعية إلى عدم حرق المراحل، وأن موضوع تأليف الحكومة لا يزال ضمن الفترة المقبولة (أقل من شهر واحد) على الرغم من وجود أطراف إقليمية لا تحبذ تشكيل الحكومة قبل استلام الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مهامه في كانون الثاني المقبل.
عودة باسيل
في هذا الوقت، كشفت مصادر وثيقة الصلة بمسألة التأليف، ان المساعي استؤنفت بعد عودة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى بيروت ليل أمس الأوّل.
وتوقعت ان تجري على هذا الصعيد اتصالات بين ليل أمس واليوم، محورها باسيل، لتحريك مسألة فكفكة عقد التأليف، من دون ان توضح مع من ستكون هذه الاتصالات أو اللقاءات، وإن كانت ألمحت إلى الفريق الذي يتولى التفاوض على الحقائب، معربة عن اعتقادها بأن عملية التأليف لم تعد متأخرة كثيراً، إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها.
ولفتت المصادر إلى ان موضوع إعطاء حقيبة التربية للمردة يحتاج إلى بعض الضمانات، أو ما اسمتها الالتزامات، بحيث لا يؤدي هذا الطرح إلى مشكلة جديدة، خصوصاً إذا بقي النائب فرنجية على رفضه لهذه الحقيبة، التي أعطيت اساساً من حصة «القوات» فتخسرها، رغم تكفل الرئيس برّي بهذا الأمر، مشيرة إلى ان ما يسري على حقيبة التربية، يسري ايضاً على حقيبة «الاشغال» التي يتمسك بها كل من الرئيس برّي و«القوات» وفرنجية.
حركة دبلوماسية
ومها كان من أمر، فقد توقعت المصادر ان تظهر بوادر هذه الحلحلة اليوم، قبل أن ينهمك الوزير باسيل في ترتيب الحراك الدبلوماسي الذي بدأت طلائعه تظهر بوصول وزيري خارجية ترك<