قواعد التأليف تغيرت , وعرض عسكري لميليشيات وهّاب أشبه برسالة إلى الداخل

 

السفير :

أغلب الظن، أن الرئيس المكلف سعد الحريري خسر «سباق الاستقلال»، بعدما حالت الشهيات المفتوحة ـ الى حد الإفراط ـ على الحقائب الوزارية الدسمة من دون أن يتمكن من تحقيق «معجزة» تشكيل الحكومة قبل يوم غد الذي يصادف موعد عيد الاستقلال، إلا إذا حصلت في الأمتار الأخيرة مفاجأة سارة، من نوع تبادل التنازلات. والتنزيلات.
في الأساس، كان هذا التحدي السياسي ـ الزمني، نوعاً من المغامرة أو «الترف»، وسط التعقيدات التي تحيط بتأليف الحكومة الاولى في العهد الجديد، لكن الحريري أراد أن يخوض هذه المجازفة، مستعجلا استثمار زخم انتخابات رئاسة الجمهورية قبل أن يتراجع، على قاعدة أن مفاعيل التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون الى قصر بعبدا ستفضي الى تشكيل الحكومة سريعا.
ويبدو أن محاولة اختصار الوقت اصطدمت حتى يوم امس بعقبتين: الأولى، التنازع الحاد بين الأطراف الأساسية على الحقائب الـ«سوبر خدماتية» على مقربة من الانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل. والثانية، حالة التشنج التي أفرزها سجال قصر بعبدا ـ عين التينة حول التمديد النيابي وما خلّفه من تشدد في مفاوضات التشكيل، أدى الى فرملة اندفاعتها خلال اليومين الماضيين.
ومع نهاية الأسبوع، بدت صورة التعقيدات كالآتي:
ـ عادت «القوات اللبنانية» الى المطالبة بحقيبة سيادية هي «الدفاع»، ردا على رفض الرئيس نبيه بري تجيير حقيبة «الأشغال» لها، مؤكدا أنه لن يتنازل عنها لأحد، ما دام كلٌ يتمسك بطرحه.
ـ يتمسك «تيار المردة» بالحصول على واحدة من حقائب «الطاقة» و «الاتصالات» و «الأشغال»، مفترضاً أن مجرد قبوله بتوسيع مروحة الخيارات يعكس نيته في التسهيل، بينما لا يزال «التيار الوطني الحر» و «القوات» يرفضان هذا الاقتراح.
ـ يحاول الرئيس ميشال عون جاهداً ضم وزيرين شيعي وسني الى كتلته، فيما يصر بري على أن يتولى مع «حزب الله» تسمية الوزراء الشيعة الخمسة في الحكومة، لا سيما بعدما تناهى الى مسامعه أن عون يتطلع الى توزير شيعي مؤيد له، كما أن الحريري يريد تعويضا مسيحيا ضمن حصته في مقابل أي وزير سنّي يسميه رئيس الجمهورية. لكن، تردد أمس أن الجنرال عاد وأبدى مرونة في طرحه، وأنه قد يكون مستعداً لتليين موقفه.
- السعة المحدودة لتركيبة الـ24 وزيرا التي تؤدي أساسا الى إقصاء أطراف من فريق 8 آذار، ما دفع البعض الى المطالبة بإحياء تشكيلة الـ30.
معادلات مستجدة
وأعمق مما يطفو على سطح المفاوضات الحكومية من مد وجزر، تؤشر مرحلة ما بعد انتخاب عون الى تحول ليس فقط في التوازنات الطائفية وبالتالي الأحجام الوزارية لبعض القوى، بل في وجهة الصراع الداخلي ووجوهه ايضا.
قبل 31 تشرين الاول الماضي، كان الاصطفاف المسيحي - السني الحاد يطغى على ما عداه داخليا، في ظل قناعة راسخة سادت جمهور «التيار الحر» طويلا وفحواها أن هناك مكوّنا مذهبيا بقيادة سعد الحريري يحاول أن يكرّس أرجحيته في النظام والسلطة على حساب المكوّن الآخر الذي يشكل عون أحد أهم رموزه.
تحكمت هذه المعادلة بـ «قواعد الاشتباك» منذ عام 2005 وحتى الأمس القريب، الى أن قرر رئيس «تيار المستقبل» دعم ترشيح الجنرال الى رئاسة الجمهورية.
بعد الانقلاب في خيار الحريري، وتصويته لعون في انتخابات الرئاسة، تغيرت قواعد اللعبة واتجاهات التموضع الطائفي. منذ ذلك الحين خفت وهج التجاذب السني - المسيحي، لتبرز مكانه إشكالية شيعية - مارونية راحت معالمها تتكون شيئا فشيئا، الى أن اتخذت في الأيام الأخيرة شكلا واضحا وصاخبا من خلال سجال بري - عون، والمجلس الشيعي - بكركي.
وإذا كان تأييد «حزب الله» لترشيح عون، في مقابل اعتراض بري، قد خفّف بعض الشيء سابقا من حدة هذه الإشكالية، إلا أن مسعى «التيار الحر» و «القوات اللبنانية» لاحقا لتسييل اتفاقهما الثنائي الى حجم وزاري واسع من شأنه أن يحقق لـ «القوات» حضوراً فضفاضاً، كمّا ونوعاً في الحكومة المقبلة، ولّد نقزة لدى الثنائي الشيعي معا، لا سيما عند «حزب الله» الذي تردد أنه أبدى كذلك انزعاجا ضمنيا مما رافق زيارة عون الى بكركي من مناخات سياسية.
وإذا كان تفويض الحزب لبري بالتفاوض حول الحصة الشيعية في الحكومة قد أعفاه من إحراج الأخذ والرد مباشرة مع عون و «التيار الحر»، خصوصا في الشق المتعلق بـ «فاتورة» تحالف الرابية مع معراب، إلا أن ذلك لا يخفي علامات التبدل أو الانزياح في طبيعة الاصطفافات الداخلية وهويتها الطائفية، وإن تكن العلاقة الاستراتيجية بين السيد حسن نصرالله وعون لن تسمح على الأرجح باهتزازات بنيوية في تحالف شباط 2006 الذي تميز بقدرته على التمدد من القيادة الى القاعدة.
ولعله يمكن القول إن مسؤولية «حماية» ما تحقق على مستوى النسيج الشيعي - الماروني خلال السنوات العشر الماضية ستقع على كاهل الحزب الذي سيكون معنياً بضبط إيقاع الخلافات بين بري والجنرال من جهة، وبتحصين ورقة التفاهم التاريخية من جهة أخرى، مع ما يتطلبه ذلك من احتواء «فائض» تحالف الرابية - معراب ومحاولات سمير جعجع جذب رئيس الجمهورية و «التيار الحر» في اتجاه خياراته.
رسائل بري

في الانتظار، قال بري لـ «السفير» إنه استغرب أن يلجأ عون الى فتح ملف التمديد النيابي مجددا، فيما حبر التصويت له من قبل المجلس لم يجف بعد.
واعتبر أن شلّ عمل مجلس النواب والتعطيل المتكرر لحكومة الرئيس تمام سلام كانا من أسباب الوهن اللاحق بمؤسسات الدولة، وبالتالي لا يجوز اختصار العوامل التي أنتجت الواقع المهترئ للدولة بالتمديد الذي تم اضطراراً، وصدّق عليه المجلس الدستوري بعد الطعن الميمون الذي قدمه «التيار الوطني الحر» تحديدا.
وأشار بري الى أن ما صدر عن عون أتى معاكسا للنيات الحسنة التي كان قد أبداها حيال «الجنرال» عندما بات انتخابه للرئاسة محسوماً، موضحاً أنه أكد لعون حين استقبله في عين التينة، قبيل انتخابه، استعداده للتعاون معه بقدر ما يكون هو كرئيس للجمهورية مستعدا للتعاون ايضا.
وبمعزل عن السجال مع الجنرال، كان بري الممتعض من شروط البعض، يدفع في اتجاه تبديل قواعد التأليف، وهو طلب من معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل الاتصال بالحريري وإبلاغه بـ «جواب نهائي»، مفاده أن «حركة أمل» و «حزب الله» يطلبان الحقائب الآتية:
«حركة أمل»: المال (علي حسن خليل)، الأشغال العامة (غازي زعيتر).
«حزب الله»: الصناعة (حسين الحاج حسن)، وزارة الشباب والرياضة (محمد فنيش).
ويبقى وزير شيعي خامس يسميه بري عند صعوده الى القصر الجمهوري، للمشاركة في الاجتماع الذي يسبق الإعلان عن صدور مراسيم تشكيل الحكومة.
وفي سياق متصل، شدد بري على أنه ليس وارداً لديه التنازل عن حقيبة «الأشغال العامة» لأحد، ما دام يتمسك كلٌ بموقعه، مع قيمة مضافة، معتبرا أن النائب سليمان فرنجية محق في مطالبته بحقيبة أساسية، هي بمثابة الحد الأدنى من الحقوق المكتسبة لمن كانت الرئاسة في متناوله، في لحظة ما.
وكشف بري أن عون تعهد له عام 1988، عندما كان قائدا للجيش، بأن تبقى حقيبة المال بحوزة الطائفة الشيعية طوال عهده اذا انتُخب رئيسا للجمهورية، وذلك خلال مفاوضات غير مباشرة تمت بينهما آنذاك، حول إمكان أن يساهم بري - الذي كان وزيرا خلال تلك المرحلة - في إقناع القيادة السورية بتسهيل انتخاب عون رئيسا.
وأكد أنه لا يريد بتاتا أن يحكم مجلس الوزراء أو يتحكم به، «ولكنني في الوقت ذاته أرفض أن يحكمني أو يتحكم بي أحد.. هذا الزمن ولى ولن يعود، وأنا سأفعل كل ما هو ضروري لمنع عودته..».
حصة «القوات»
الى ذلك، قالت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية» لـ «السفير» إن الكرة لم تعد في ملعب معراب، بل في ملعب الرئيس بري والنائب فرنجية اللذين يتمسكان ببعض المطالب التي لا تزال تؤخر ولادة الحكومة.
وأكدت المصادر أن «القوات» تصر على نيل حصة وازنة من الحقائب، الى جانب منصب نائب رئيس الحكومة، معربة عن اعتقادها ان التعقيدات المستجدة ستحول على الأرجح دون الانتهاء من تأليف الحكومة قبل عيد الاستقلال.
حسابات «المردة»
إلا أن أوساط «المردة» أبلغت «السفير» أنه ليس صحيحا أن مطلب فرنجية هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة، لافتة الانتباه الى أن العقبات الحقيقية في أمكنة أخرى، ومن أهم تلك العقبات محاولة «القوات» الحصول على حصة وزارية منتفخة.
وشددت الاوساط على أن التضحية الرئاسية التي قدمها «المردة» وتحالفاته وقواعده وخياراته تمنحه الحق في نيل حقيبة أساسية.
وأعربت الاوساط عن اعتقادها ان المطلوب إعادة خلط الاوراق والحقائب، وإجراء حسبة وزارية جديدة، محذرة من تبعات سعي البعض الى الاستئثار بالحقائب الوازنة وتوزيعها على المستشارين.

 

النهار :

انقطعت كل الاتصالات في عطلة نهاية الاسبوع لتؤكّد عدم امكان قيام حكومة جديدة قبل عيد الاستقلال غداً. وبينما أبلغت مصادر متابعة "النهار" ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يريد "عرقلة" التأليف وتأخيره، أكدت ان رئيس الجمهورية غير مستعجل ولم يحدد موعداً قبل الاستقلال، بل يترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي الذي يحتاج الى مشاورات للخروج بصيغة ترضي معظم الأطراف. وأوضحت مصادر أخرى قريبة من عين التينة ان سوء التواصل على خط بعبدا مستمر وهو الى تصاعد، وان احتفالات الاستقلال مرحلة تهدئة موقتة لتظهير صورة لبنان الموحد، وخصوصاً مع وصول الموفد السعودي الامير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان اليوم الى بيروت ولقائهما المسؤولين قبل ان يلبيا دعوة الرئيس سعد الحريري الى عشاء جامع يتوقع ان يحضره بري أيضاً. وسيثير الرئيس عون مع الموفد السعودي ملف الهبتين السعوديتين للبنان، وتحديداً هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني.
هذه الاشارات مدعمة بمواقف تصعيد بعضها اعتبر مبرمجاً سلفاً في رسائل متعددة الاتجاه كمثل المواقف التي أطلقها الوزير السابق وئام وهاب في حضور مسؤولين من "حزب الله" وهاجم فيها النائب وليد جنبلاط مطالباً بحقيبة سيادية للدروز، ومواقف أخرى للحزب السبت عن وجوب اشراك جميع المكونات في الحكومة، معطوفة على الـ "تكليف" المطلق للرئيس بري في التفاوض، بدت في مسار معاكس للجو التفاؤلي الذي ظهر في نهاية الاسبوع الفائت، ورصاصاً طائشاً في فضاء التأليف يمكن ان يصيب العملية ويدفعها الى تأخير يراد من خلاله رسم خطوط حمر جديدة للعبة.
في المقابل، أكدت مصادر مطلعة في "تيار المستقبل " انه حتى ليل أمس الأحد لم تكن محركات التأليف قد عادت الى عملها الطبيعي، ولم يحصل تواصل بين مدير مكتب الرئيس المكلف نادر الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في اطار متابعة العمل على تذليل العقبات في طريق الحكومة، وذلك لوجود باسيل خارج بيروت في نهاية الاسبوع. وقالت ان الرئيس المكلف يرى ان المشكلة التي تعترض المضي في عملية تأليف سريع للحكومة ليست عنده بل عند غيره، مؤكدة ان التعاون ممتاز مع رئيس الجمهورية.
وأشارت المصادر الى انه في ظل عدم إحراز تقدم في تأليف الحكومة تفضي الى ولادتها قبل عيد الاستقلال، قد يغيب الرئيس الحريري قد يغيب عن لبنان خلال عطلة العيد، في رحلة عمل، وتالياً قد لا يحضر العرض العسكري المقرر غداً، الى جانب رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال. ورفضت الرد على سؤال عما اذا كان لغياب الحريري ترجمة سياسية سلبية وما اذا كان موقفاً اعتراضياً.
وقالت إن الحريري ينتظر من القوى السياسية المعنية بتأخير ولادة الحكومة ان تبادر الى تبريد الاجواء بما يسمح بمعاودة العمل بسرعة وتشكيل الحكومة اليوم قبل غد. وتساءلت عن المشكلة "أهي في الشهيات الوزارية أم ان هناك ما هو ابعد من ذلك؟".

 

باسيل
على خط آخر، حاول الوزير باسيل (الذي يسافر الاربعاء الى البرازيل لترؤس مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي يعقد هناك ويفتتحه الرئيس ميشال تامر، ولن يعود قبل 29 تشرين الثاني بعد زيارة للارجنتين) استدراك "التحفظات المتعددة المصدر عن حركته ومواقفه" والتي بلغته تواتراً، فأكد من جزين ان "لا للخلاف مع حزب الله من أجل قوة لبنان، ولا للخلاف مع تيار المستقبل من أجل الشركة في لبنان، ولا للخلاف مع القوات اللبنانية من أجل قوة المجتمع المسيحي في الشرق".
وأضاف: "يجب أن نعرف اننا اليوم معنيون بتسهيل كل ما هو لخير البلد، ونحن لم نضع فيتوات على أحد لا بالإسم ولا بالحقيبة ولا بمجلس نيابي ولا برئاسة الجمهورية ولا بالبلد، نحن لدينا ما يكفي من القوة ومن المحبة لهذا البلد وبعضنا البعض ولكل شركائنا لنعطي".

 

المستقبل :

«مسكينة هي الدولة ومستضعفة وعاجزة، وعظيمة هي الدويلة وقادرة ومقتدرة». هكذا يريد البعض تظهير صورة لبنان وتكريسها في نفوس اللبنانيين لحثّهم على مغادرة مركب الشرعية ومؤسساتها العسكرية والالتحاق بركب اللاشرعية و«سراياها» الميليشيوية.. من «سرايا حزب الله» الأمّ إلى «سراياها» الوليدة الجديدة في الجبل، ومن استعراض «القصير» إلى عراضة «الجاهلية»، تتناسل «السرايات» الميليشيوية وتتعدّد الاستعراضات والعراضات الدويلاتية، وخلاصة المشهد واحدة: «سرايا» تفرّخ «سرايا» والمستهدف هو الدولة.

فعشية الاستقلال الوطني وما يرمز إليه شرعياً وعسكرياً، وتحت رعاية «حزب الله» وحفظه وبكلمة استهلالية ألقاها عضو مجلسه السياسي محمود قماطي، أطلق الوزير السابق وئام وهاب أمس ميليشيا «سرايا التوحيد» مستعرضاً العشرات من عناصرها الملثمين بلباسهم العسكري الأسود الموحّد ليوجّه من خلالهم ومن على منبر «الجاهلية» صلية من العبارات المذهبية التحريضية في محاولة لتجييش أبناء طائفة الموحدين الدروز ضد زعامتي «المختارة» و«خلدة» تحت شعار تحصيل حقوق الطائفة «المهدورة». وعلى الأثر كان الردّ تهكمياً مقتضباً من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط بتغريدة مصوّرة لشخص يطفو في الهواء ويلهو بطائرات من ورق أرفقها بعبارة: 

«جلسة تأمل تصاعدي بالرغم من بعض الضجيج المختلق وسهام ورقية طائشة»، ليعود وهاب لاحقاً إلى التعليق على تغريدة جنبلاط بالقول: «نمور كرتونية لا تستأهل أكثر من صواريخ ورقية».

«علم الشعب» لا «أعلام الميليشيات»

تزامناً، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يستعيد «علم الشعب» إلى قصر بعبدا في احتفالية رسمية رمزية لمناسبة الاستقلال شدّد فيها على أنّ هذا العلم الذي وقّعه 126.549 لبنانياً عام 1989 يتمتع «بمغزى حقيقي» وينطلق من فكرة توحيد لبنان في مواجهة مخططات التقسيم ورفع العلم اللبناني دون سواه في وجه كل الأعلام الميليشيوية. وقال عون في كلمة ألقاها من باحة القصر الداخلية: «التظاهرة التي حصلت في حينه مع التوقيع على العلم لم يكن الهدف منها التظاهر بحد ذاته، ففي تلك المرحلة كما تعرفون- «تنذكر وما تنعاد»- كان لبنان مقسّماً إلى أجزاء وكل ميليشيا كانت تسيطر على جزء من الوطن وكان لها علمها الخاص (...) كانت كل الأطراف المتقاتلة تتهم بعضها البعض بأنها تريد تقسيم لبنان ومن هنا جاءت فكرة هذا العلم، (...) هذا هو المغزى الحقيقي الذي جعلنا نقرر هذا التحرّك في حينه كي يتمكن اللبنانيون من التعبير عن وحدتهم ولينضووا تحت علم بلادهم الذي هو رمز لوحدة لبنان وأرضه وشعبه».

وفد خادم الحرمين

واليوم يترقب العهد الجديد زيارة وفد سعودي رفيع المستوى حاملاً تهنئة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وبتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى. ويضم الوفد السعودي الذي يصل إلى بيروت بعد الظهر مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرّمة الأمير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني.

 

الديار :

الرئيس نبيه بري مستاء جدا من أوضاع الحكومة وهنالك خلاف بينه وبين القوات اللبنانية، عنوانه الزعامة المارونية، فبري يدعم الوزير سليمان فرنجية، وتنازل له عن وزارة الاشغال، كذلك الرئيس سعد الحريري الذي يدعم فرنجية سراً.
اما القوات اللبنانية فهي ترى انها الأقوى بـ  25 الف منتسب الى الحزب، وانها تملك كتلة نيابية وازنة، ولم تشترك في الحكومة السابقة. وبالتالي، فانها بعد تحالفها مع العماد ميشال عون ووصوله الى رئاسة الجمهورية، تريد حصة هامة في الحكومة الجديدة.
والقوات تقول ان فرنجية تحول من مرشح لرئاسة الجمهورية لا بل كاد يكون فخامة الرئيس، الى نائب عن زغرتا معه نائبان، والنائبان ليسا في المردة، وبالتالي لا يجب ان يأخذ حقيبة وازنة.
المردة من جهتها قالت على لسان وزير الثقافة ريمون عريجي ان التيار يريد وزارة من 3 وزارات، اما الطاقة، اما الاتصالات، واما الاشغال. لكن عندما طالبوا بـ «الاشغال» طالب الدكتور سمير جعجع بها أيضا. ويبدو ان جعجع الذي دعم عون لرئاسة الجمهورية «يحشر» الرئيس عون بموقفه برفضه إعطاء  فرنجية حقيبة هامة في الحكومة.
والسؤال : هل يستطيع احد اقناع فرنجية بالتراجع عن موقفه في شأن طلب الوزارات الثلاث.
احد السياسيين يقول ان حزب الله لم يعد يستطيع حتى ان يطلب من فرنجية التنازل عن حقيبة أساسية في الحكومة، وان الرئيس بري من جهته يدعم تولي المردة لوزارة هامة. اما الوحيد الذي قد يستطيع البحث مع فرنجية في التنازل عن وزارة معينة، فهو صديقه الرئيس سعد الحريري، والسؤال هل يطلب الحريري من فرنجية هذا الطلب؟
والجواب : من الصعب جدا ان يطلب الحريري من فرنجية ان يأخذ وزارة عادية، خاصة ان المعركةباتت بين جعجع وفرنجية مباشرة.

ـ عون والشلل وتفريغ عهده ـ

ماذا سيفعل العماد ميشال عون اذا رأى ان الشلل سيطر على عهده، ولم تتألف الحكومة خلال شهرين؟ البعض يقول ان عون ليس بين يديه مواد دستورية تسمح له بطلب إعادة الاستشارات النيابية لتشكيل حكومة جديدة. لذلك فبعقليته ونبضه القوي، قد يدعو الشعب اللبناني الى تظاهرات في  كل الأراضي اللبنانية، ويؤدي ذلك الى شل البلاد تماما حتى تأليف الحكومة. ومن لا يعرف العماد ميشال عون لا يصدق ذلك، لكن الذين يعرفونه يعلمون انه مستعدّ لاعلان عصيان جماهيري مدني على طبقة سياسية واتهامها بأنها تعرقل تشكيل الحكومة.
وإذ ذاك تدخل البلاد مأزقا خطراً. فماذا سيكون موقف حزب الله وامل وفرنجية والقوات والكتائب وتيار المستقبل وغيرهم، وهل نصل الى اعلان حالة طوارئ في البلاد اذا وصل الشلل العام الى كل المؤسسات؟
سؤال مطروح لكنه سؤال فيه تطرف كبير، انما هو واقعي كطرح في ذهنية العماد عون الذي لن يرضى ان يبقى 3 أشهر من دون حكومة. والخطة هي إبقاء العماد ميشال عون الى ما بعد رأس السنة، أي مطلع 2017 من دون تشكيل حكومة.

ـ «الفاجر ياكل مال التاجر» ـ

قالت أوساط متابعة لعملية تأليف الحكومة انه منذ 72 ساعة لم يطرأ أي جديد في موضوع التشكيلة، مشيرة الى ان الأجواء سلبية في هذا المجال. ولفتت هذه الأوساط انه لن تجري أي اتصالات سواء كانت على مستوى السجال بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري او على مستوى الحكومة، غير انها اشارت الى ان الاتصال الوحيد الذي تم حصل بين الرئيس المكلف سعد الحريري وبري، حيث ابلغ الأخير الحريري بانه لا يزال على موقفه بما يتعلق بتشكيل الحكومة. 
وتحدثت الاوساط عن ان العقد لا تزال نفسها، علما ان العقدة التي تمنع تأليف الحكومة ليست كما يُروج إعلاميا بانها عقدة حقيبة المردة بل في الحقيقة هي عقدة حصة القوات الفضفاضة التي تتجاوز حجمها بكثير، لا بل ان عدد حقائبها والحقائب المحسوبة عليها، تساوي عدد الحقائب الوزارية للشيعة بأجمعهم.
مصادر قريبة من كتلة التنمية والتحرير قالت:  ان منطق القوات اللبنانية شبيه بمنطق «الفاجر يأكل مال التاجر» فكيف إذا كان «هذا» تاجرا.

ـ مصدر قواتي: «يقاربون العهد بعقلية قديمة» ـ

في المقابل، قال مصدر قواتي لـ «الديار» ان المشكلة في عرقلة تشكيل الحكومة لا تكمن في توزيع الحصص والحقائب السيادية بل في محاولة لتأخير انطلاقة العهد الجديد برئاسة العماد ميشال عون وتعطيل أي مقاربة جديدة لحسن تنفيذ الطائف.
وتابع المصدر ان الجهات المعرقلة تريد حكومة شبيهة بحكومة تمام سلام مع تغييرات طفيفة لإعطاء انطباع لدى الناس «ان ما من شيء تغيّر» حتى وان وصل عون الى سدة الرئاسة. بيد ان هذه الحكومة التي ستشكل مدتها ستة أشهر. ورغم كل ذلك، وضعت بعض الأطراف «فيتو» على استلام القوات اللبنانية أي حقيبة سيادية، ولذلك بات واضحا «انهم» لا يريدون ان يتعاطوا مع العهد الجديد بعقلية جديدة وذهنية مختلفة عن باقي العهود، بل يريدون ان تستمر المحاصصة ويريد أكلة الجبنة مواصلة توزيع الحقائب الوزارية فيما بينهم. اما القوات فهي تريد اعتماد نهج جديد وديناميكية جديدة مع العهد الرئاسي الجديد.
واستطرد المصدر القواتي للديار قائلا: «ان سلمنا جدلا ان حجم القوات اللبنانية لا يسمح لها بالحصة التي تطالب بها، فليجروا انتخابات نيابية، استناداً على قانون يراعي صحة التمثيل، عندها فليأخذ كل حزب حصته بناء على نتائج الانتخابات». ورأى المصدر ان ليس بالضرورة ان تشارك كل الكتل في الحكومة، لان هذه المقاربة في تشكيل مجلس الوزراء غير سليمة بما انها تلغي دور مجلس النواب في محاسبة الحكومة.

 

الجمهورية :

لم تحمل عطلة نهاية الأسبوع أيّ جديد على مستوى تأليف الحكومة ولا على مستوى الاشتباك السياسي بين الرئاستين الأولى والثانية. ويعكس جمود هذه الحركة سلبيةً ظاهرة على الخطّين، من دون بروز أيّ معطيات أو إشارات حول دخول أيّ منها في خانة الحَلحلة في وقتٍ قريب.

يستعدّ لبنان للاحتفال غداً بالذكرى 73 لاستقلاله، في عرض عسكريّ في جادة شفيق الوزان في بيروت، بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمّام سلام، يليه استقبالات العيد في القصر الجمهوري، وسط تعويلٍ على أن تشكّل هذه الاستقبالات فرصةً لدفع عجَلة التأليف الحكومي.

رسالة الاستقلال

وعشيّة العيد، يوجّه عون في الثامنة من مساء اليوم، رسالة الاستقلال الأولى في عهده، بعدما وضَع أمس اللمسات الأخيرة عليها، بصيغتها النهائية، تمهيداً لترجمتها بلغاتٍ عدة، ونشرِها.

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون سيركّز في بداية الرسالة على المعاني الخاصة للمناسبة كما يراها، وما تعني بالنسبة إليه، قبل أن يحدّد مواقفَه من بعض القضايا الداخلية والإقليمية والدولية، بدءاً من الملف الحكومي وصولاً إلى قضايا الناس. كذلك سيتوقف أمام بعض الأزمات، ومنها الأزمة السورية بشكل خاص.

وكان رئيس الجمهورية قد تلقّى برقيات تهنئة، أبرزُها من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي جدّد دعمَ بلاده لاستقلال لبنان وسيادته واستقراره، والعاهل السعودي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون .

زيارة سعودية

وينشغل لبنان الرسمي اليوم بزيارة موفدَي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة خالد الفيصل ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، لنقلِ رسالة تهنئة إلى رئيس الجمهورية ودعوةٍ رسمية له لزيارة المملكة.

وفي معلومات «الجمهورية» أنّ الوفد يصل إلى بيروت عند الساعة الواحدة والنصف من بعد الظهر، وينتقل على الفور إلى قصر بعبدا، ثمّ يزور بري وسلام، على أن يزور الحريري الذي يقيم حفلَ عشاء على شرفه في «بيت الوسط»، تشارك فيه شخصيات سياسية وديبلوماسية.

المسار الحكومي

وفيما يبدو أنّ الاشتباك الرئاسي قد دخَل في هدنةٍ غير معلنة مع توقّفِ الخطاب المتشنّج، فإنّ المسار الحكومي يبدو مفرمَلاً، من دون أن تطرأ أيّ تباشير إلى اندفاعة إيجابية لتوليد الحكومة.

ونَقل زوّار قصر بعبدا أمس عن رئيس الجمهورية أنّه لم يتبلّغ في عطلة نهاية الأسبوع بأيّ جديد من الرئيس المكلّف، ولا حصيلة المشاورات الجارية بشأن بعض العقبات الأخيرة التي حالت دون حسمِ الجدل بين اعتماد تشكيلة من 24 وزيراً أو العودة إلى تركيبة ثلاثينية توسّع هامشَ المشاركة في الحكومة على أوسع قاعدة حزبية وسياسية ووطنية.

مِن جهةٍ أخرى، قال مرجع سياسي لـ»الجمهورية» إنّ «الأجواء ضبابية على كلّ المستويات، إذ لم تحصل خلال الساعات الـ 48 الماضية أيّ اتّصالات حول هذا الأمر، كما لم يشهد قصر بعبدا ولا عين التينة أيَّ اتّصالات لوسَطاء خير لاحتواء تداعيات الاشتباك الأخير.

ونفى المرجع أن يكون قد جرى أيّ اتّصال بين الرئيس المكلف ورئيس مجلس النواب، مشيراً إلى أنّ الاتصال الأخير بينهما حصَل بعد ظهر الخميس الفائت، وتبلّغَ فيه الحريري من بري أنّ موقفه الذي أبلغَه إياه في ما خصَّ الحكومة والشراكة فيها والحصص المقترحة لحركة «أمل» و«حزب الله» و«الحلفاء»، هو موقف ثابت ولا رجعة عنه».

ولفتَ المرجع إلى أنّ العقدة الحكومية ما زالت متمثّلة في ما سمّاه «التمثيل المنفوخ» الذي يعطي أطرافاً سياسية أحجاماً وزارية تفوق حجمَها وحجمَ قوى وأحزاب سياسية كبرى، وحلُّ هذه العقدة من مسؤولية الرئيس المكلّف مع رئيس الجمهورية.

وتعليقاً على ما يَعتري مسارَ التأليف من طروحات ومطالب، قال المرجع: التأليف معقّد، وما يُخشى منه أن يزداد تعقيداً، وما يُخشى منه أكثر هو أنّ هناك من يحاول ترسيخَ عقلية وسوابق قاعدتُها «الفاجر يأكل مال التاجر»، فكيف إذا كان التاجر فاجراً؟
قبل العيد؟

إلى ذلك، أكّد عاملون على خط التأليف لـ»الجمهورية» أنّ «ولادة الحكومة في الساعات المقبلة السابقة لعيد الاستقلال باتت شِبه مستحيلة،
وبالتالي انتقلنا عملياً إلى مرحلة ترقّبِ ولادتها قبل عيد الميلاد».

وفي رأي هؤلاء أنّ مرحلة ما بعد الاستقلال مفتوحة على احتمالات شتّى، فإمّا أن تذهب الأمور نحو الحلحلة وفكفكة العقد، أو إلى اشتباك وتصعيد يَجعلان من ولادة الحكومة في المدى المنظور أمراً مستحيلاً.

إلّا أنّ مصادر في «التيار الحر» رأت أنّ «التركيبة الأساسية للحكومة بما فيها من حقائب وأسماء أصبحت في حكمِ المنجَزة، وأنّ العمل جارٍ على حلّ تفصيل معيّن».

خريطة المواقف

وأعلنَ «التيار» أنّه لم يضَع فيتوات على أحد، وأنّه يسعى إلى أن تكون حكومةً جامعة تشمل الجميع». وأكّد رئيسه الوزير جبران باسيل أن «لا للخلاف مع «حزب الله» مِن أجل قوّة لبنان، ولا للخلاف مع تيار «المستقبل» من أجل الشراكة في لبنان، ولا للخلاف مع «القوات اللبنانية» من أجل قوّة المجتمع المسيحي في الشرق».

«القوات»

وأكّد مصدر قوّاتي لـ«الجمهورية» أنّ «حصة «القوات» في الحكومة حُسِمت، وهي أربع حقائب: وزارة الأشغال مع نيابة رئاسة مجلس الوزراء، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الإعلام، أمّا وزارة السياحة فقد أسنِدت إلى الوزير ميشال فرعون تقديراً للمواقف التي اتّخذها، خصوصاً في الفترة الأخيرة».

وشدّد المصدر على أن «لا تراجُع عن هذه الحصة، وإذا أراد البعض إعادةَ النظر فيها، فإنّ «القوّات» ستعيد المطالبة بالحقيبة السياديّة»، مبدياً استغرابَه «للهجمة الشرسة التي تنفّذها بعض الأطراف في فريق «8 آذار» على «القوات»، وذلك في محاولةٍ لخلق شرخٍ مع رئيس الجمهورية وإضعافِ العهد، وهذا بالطبع لن يَحدث، لأنّ العلاقة متينة أكثر ممّا يتصوّرها البعض».

الكتائب

وتمنّى حزب الكتائب على الجميع خفضَ سقفِ المطالب لتسريع تشكيل الحكومة. وأسفَ رئيس الحزب النائب سامي الجميّل «لأنّ عملية المحاصَصة تعطّل البلد»، معتبراً أنّه «مِن غير المجدي عرقلة تشكيل الحكومة، لأنّ ولايتها ستَقتصر على ستة أشهر، أي إلى حين إجراء الانتخابات النيابية».

«التقدّمي الاشتراكي»

بدوره، أعربَ «الحزب التقدّمي الاشتراكي» عن أمله في أن تُسرَّع الخطى باتّجاه تشكيل الحكومة. وقال الوزير وائل أبو فاعور: بما أنّ هذه الحكومة هي حكومة انتقالية حتى حصول الانتخابات النيابية، وبما أنّها لن تقوم بإنجازات كبرى سوى الاتفاق على قانون انتخابي جديد يُرضي جميع المكوّنات السياسية، لذلك آمل في أن ينعكس هذا الأمر تقشّفاً وزهداً لدى المكوّنات السياسية في مطالبها الحكومية. وأكّد أنّ رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط والحزب «يقدّمان كلَّ التسهيلات اللازمة لتشكيل الحكومة.

الحزب

من جهته، حمّلَ «حزب الله» بعضَ القوى «التي تحاول وضعَ عراقيل، وإقصاءَ هذا الفريق أو ذاك»، بالتسبّب بتأخير تشكيل الحكومة، مُذكّراً بتفويضه إلى رئيس مجلس النواب «أن يتولى عن الحزب وعن حركة «أمل» التفاوضَ بشأن تشكيلها. وشدّد على أنّ مصلحة الجميع تستدعي تسهيلاً وتعاوناً».

 

 

اللواء :

عند الثامنة من مساء اليوم، يوجه الرئيس ميشال عون رسالة الاستقلال الأولى في عهده، على وقع ما حفلت به وقائع الأسابيع الثلاثة الماضية التي تلت انتخابه، وعلى وقع الآمال المعقودة على هذا العهد، والآخذة بالتراجع، بعد تعثر تأليف الحكومة، وبروز تعقيدات لم تكن بالحسبان، كشفت أن المسألة تتعدّى الخلافات والمكاسب والوزارات النفعية أو السيادية، إلى موقع لبنان وتوازناته الداخلية في قلب الأحداث الباردة والساخنة، في هذه المنطقة المضطربة من العالم.
رسالة الاستقلال التي سيسمعها اللبنانيون اليوم عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، لن تخرج عن الإطار الذي رسمه خطاب القسم، ولن تخرج عن موقع الرئيس الدستوري والسياسي في حماية وحدة الدولة ومؤسساتها، والتطلع إلى علاقات محايدة ومتوازنة مع المحيطين العربي والإقليمي، وكذلك عمّا أعلنه، أمس، في احتفال «عودة علم الشعب إلى قصر الشعب»، حيث أكّد أن الفكرة من العلم هي تمكين اللبنانيين من التعبير عن وحدتهم».
ومن الثابت أن الرسالة ستراعي توجه الرئيس وتياره حيال القضايا والمشكلات التي تواجه هذا البلد. ومن هذه الثوابت ما أعلنه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أمام هيئة قضاء جزّين في التيار، انه «لا للخلاف مع حزب الله من أجل قوة لبنان، ولا للخلاف مع تيّار المستقبل من أجل الشراكة في لبنان، ولا للخلاف مع «القوات اللبنانية» من اجل قوة المجتمع المسيحي في الشرق».
وهذا يعني مراعاة وضعية «حزب الله» كمقاومة، ووضعية تيّار «المستقبل»، كشريك في السلطة التنفيذية، ومراعاة وضعية «القوات اللبنانية» من أجل إسقاط فكرة الاحباط عند المسيحيين، والتأكيد أن زمن الاستعطاء انتهى، بتعبير الوزير باسيل.
وإذا كانت بعض هذه الثوابت تحكم عملية تأليف الحكومة، تقدماً أو تعثراً، فإن تأخير صدور مراسيم تأليفها قبل عيد الاستقلال لم يكن لمصلحة الاحتفاظ بوهج الانتخاب، ومع ذلك، فان الرئيس المكلف سعد الحريري حافظ على منسوب مرتفع من التفاؤل، في ما خص تأليف الحكومة، إذ أكّد امام وفد من طلاب «المستقبل» استقبله مساء السبت الماضي في «بيت الوسط» أن «الحكومة ستشكل ان شاء الله، وأنا لست متخوفاً من هذا الأمر، وما يهمني هو أن نضع القطار على السكة، وإن شاء الله تكون الانطلاقة قريباً جداً». (راجع ص2).
وشارك الرئيس الحريري مساء أمس في مأدبة العشاء التكريمية التي أقامها المحامي صائب مطرجي على شرف مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في فندق «فينيسيا» في حضور الرئيس ميشال سليمان والرئيس تمام سلام وشخصيات.
في هذا الوقت، بقيت الأنظار متجهة إلى انطلاقة العهد عربياً ودولياً، في ضوء برقيات التهنئة التي تلقى بعضها أمس الرئيس عون، وأبرزها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تمنى في برقيته «لحكومة وشعب لبنان اضطراد التقدم والازدهار»، في حين شدّد الرئيس الأميركي باراك أوباما على الروابط بين الولايات المتحدة ولبنان في مجالات التجارة والاستثمار والتعاون في مكافحة الإرهاب والمساعدة في مجال الأمن».
وفي إطار التهاني، يصل إلى بيروت اليوم موفد خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، وذلك لتقديم التهنئة للرئيس عون بانتخابه رئيساً للجمهورية، وتأكيد دعم المملكة للبنان، وتسليمه دعوة الملك سلمان لزيارة المملكة العربية السعودية.
وفي برنامج الوفد السعودي الزائر لقاءات مع الرؤساء: نبيه برّي وتمام سلام والحريري الذي يقيم للوفد عشاء مساء اليوم في «بيت الوسط».
لا حكومة في الاستقلال
وبات بحكم المؤكد أن لا حكومة قبل عيد الاستقلال، وبات أيضاً بحكم المؤكد أن يجلس الرؤساء الأربعة في العرض العسكري الذي تقيمه قيادة الجيش غداً في جادة شفيق الوزان، ومن ثم يصعد الأربعة إلى قصر بعبدا لتقبل التهاني بالاستقلال، بعد ان يلقي الرئيس عون رسالة الاستقلال مساء اليوم عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع.
وأكدت مصادر نيابية وأخرى وزارية تعمل على خط تأليف الحكومة، أن الاتصالات بهذا الشأن متوقفة، ما خلا الاتصالات التي يجريها وزير الخارجية جبران باسيل مع مدير مكتب الرئيس المكلف نادر الحريري.
وفي تقدير المصادر انه إذا قطع يوم الأربعاء من دون حكومة، فان أمور التأليف تصبح صعبة، ويمكن أن تبقى العقد على حالها حتى نهاية تشرين، وربما إلى ابعد من هذا التاريخ، على الرغم من أن مصدراً نيابياً في كتلة «المستقبل» لفت الانتباه إلى أن عملية التشكيل قد تكون بالنسبة إلى الرئيس الحريري مريحة أكثر، من دون مواعيد ضاغطة، مذكراً بأن الرئيس المكلف كان المح في غير مناسبة الى انه لا يريد أن يربط نفسه بمواعيد محددة، مثل عيد الاستقلال.
عقد التأليف
وبحسب المصادر، فان العقد التي تتحكم بتأليف الحكومة، هي ثلاث:
{{ عقدة الخلاف بين الرئيسين عون وبري، مع التأكيد هنا أن الخلاف ليس فقط على المقعد الشيعي الخامس الذي يطلب الرئيس عون أن يكون من حصته ويرشح له كريم قبيسي ولا على الحقائب التي يطالب بها الرئيس برّي، وهي: المال والأشغال والصناعة والشباب والرياضة، بالإضافة الى وزير دولة، وإنما هو مثلما يقول المثل: «قلوب مليانة»، ظهرت تداعياته في السجال الذي اندلع بين الرئيسين الأربعاء الماضي، على خلفية التمديد للمجلس النيابي.
{{ عقدة «المردة»: ومع أن «التيار الوطني الحر» يعترف بحق «المردة» بأن تكون له حقيبة، لكن ليس من حصته، بل من حصة من يرشح بأن تكون ممثلة في الحكومة (في إشارة إلى الرئيس برّي وحليفه حزب الله)، فان مصادر «المردة» أكدت لـ«اللواء» بأنها لو كانت متشبثة بالحقيبة التي تريدها، لما كانت رشحت لنفسها ثلاث حقائب هي: الاتصالات او الطاقة أو الاشغال، لكن المشكلة هي في تشبث «التيار العوني» بالطاقة، فيما الرئيس برّي يصر على الاشغال، والاتصالات يريدها «المستقبل».
وقالت مصادر «المردة» بأن الذي لا يستجيب لمطالبنا هو الذي يعرقل ولسنا نحن.
{{ عقدة «القوات اللبنانية»: سواء بالحقيبة السيادية التي لم تحل، ويعتقد الرئيس عون أنها يجب أن تكون من حصته، أي وزارة الدفاع والتي عادت القوات للمطالبة بها، أو بالنسبة للحقائب التي تريدها والتي تتراوح بين ثلاث وخمس.
وتعتقد المصادر العاملة على خط التأليف، أن العقد الثلاث هذه باتت مترابطة الواحدة بالأخرى، بمعنى أنه إذا فتحت عقدة يمكن أن تفتح المجال لحلحلة العقدتين الأخريين، وهي حرصت على القول لـ«اللواء» أنها غير متشائمة وكذلك غير متفائلة، لكنها تلفت إلى أن عدم تأليف الحكومة حتى الآن لا يعتبر خسارة أو فشلاً للرئيس المكلّف، بقدر ما هي نكسة للعهد الجديد، الذي من شأن عدم التأليف أن تكون انطلاقته ضعيفة، على الرغم من أن الرئيس عون لا يعتقد بأن الحكومة التي ستؤلّف هي حكومة العهد الأولى، بل هي الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية المقبلة.
ولم تستبعد المصادر أمكانية العودة إلى صيغة حكومة الـ30 إذا كان من شأنها أن تحلحل العقد ومن ضمنها شهية الاستيزار، وهي كشفت على هذا الصعيد بأن الرئيس الحريري هو الذي طرح صيغة الـ24 وزيراً لضبضبة هذه الشهية والحد من طموحات الكتل بالإستيزار.
أما العقدة الدرزية، فلا تعتقد المصادر المطلعة، أنها عقدة بمعنى الكلمة، طالما أنه يمكن حلها سواء بصيغة الـ24 أو بصيغة الـ30 بحيث يصبح المجال مفتوحاً لتمثيل الأمير طلال أرسلان شخصياً في هذه الحكومة، لكنها بحسب هذه المصادر، باتت بين أركان الطائفة الدرزية أنفسهم، بعد المواقف «النارية» التي أطلقها الوزير السابق وئام وهّاب في العرض شبه العسكري الذي أقامه حزب «التوحيد» أمس في الجاهلية، وردّ النائب وليد جنبلاط عليه، واصفاً حملته عليه بأنها «سهام ورقية طائشة»، علماً أن هذا الاستعراض وإن كان خلا من السلاح، فإنه أحرج عهد الرئيس عون، مثلما كان استعراض «حزب الله» في القصير قبل أيام.
لقاء الأربعاء
وبالعودة إلى لقاء الأربعاء بين الرئيس عون والرئيس الحريري في بعبدا، والذي انتهى إلى تجميد حركة الاتصالات، والإيحاء بأن الأزمة ليست سهلة تحيط بجهود تأليف الحكومة، علمت «اللواء» أن الرئيس الحريري لم يحمل معه تشكيلة حكومية لا في الحقائب ولا في الأسماء، وجلّ ما في الأمر أنه عرض أمام رئيس الجمهورية تصوّره لتوزيع الحقائب، الأمر الذي لم يحظ بقبول الرئيس عون، واتفق على استكمال المشاورات عبر القنوات المعروفة.
وفي معلومات «اللواء» أيضاً، أن من العقد الطارئة رفض رئيس التيار جبران باسيل إعطاء رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل حقيبة من الحصة المسيحية، معتبراً أنه بإمكانه أن يحصل عليها من حصة الرئيس الحريري.
وفيما خصّ طلب الرئيس برّي التعامل بالمثل بما يتعلق بالوزير الشيعي الخامس من حصة رئيس الجمهورية، فهم أن الرئيس الحريري أبلغ رئيس الجمهورية أنه ليس بإمكانه القيام بأي عمل بما خصّ مطالبة الرئيس برّي.
وعليه استقرت صيغة الحكومة على إعطاء الرئيس برّي حقيبة المالية والشباب والرياضة والصناعة ووزير دولة وحقيبة من دون الأشغال تتراوح بين الطاقة والتربية.
وذكرت المصادر أن حصة «القوات» استقرت حول نائب رئيس مجلس الوزراء ووزارة الأشغال (غسّان حاصباني) والإعلام (محلم رياشي) والشؤون الاجتماعية.
وفي هذا الإطار ينقل عن قيادي بارز في «القوات» أن المطالبة بوزارة سيادية ما تزال قائمة، إذا ما أصرّ فريق 8 آذار (الرئيس برّي والنائب فرنجية) على المطالبة بالأشغال، مع العلم أن تيّار «المردة» يطالب أصلاً بوزارة الطاقة والتي يتمسك بها الوزير باسيل وإعطائها لمستشاره سيزار أبي خليل.
ولم يستبعد نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان عودة حزبه للمطالبة بحكومة تكنوقراط مصغّرة، تشرف على إجراء إنتخابات نيابية ووضع قانون للإنتخابات، رافضاً بالمطلق وضع «فيتو» من أي جهة كان (في إشارة إلى حزب الله) على إسناد الدفاع أو أي وزارة سيادية «للقوات».
وأشار عدوان، في مقابلة ليلاً مع تلفزيون «الجديد» إلى أن الأصرار على الاعتراض على ما قبلت به «القوات» يُعيد الأمور إلى نقطة الصفر لجهة المطالبة بوزارة سيادية سواء الدفاع أو الخارجية.
وهكذا تبدو عقد التأليف بعدما تجاوزت السيادية والتوزيع الطائفي تتركز حول حقائب الأشغال والطاقة والوزير الشيعي من حصة عون والوزير المسيحي من حصة الكتائب.
وفي المعلومات أيضاً أن الرئيس عون استقبل الخميس الماضي وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال سمير مقبل وبحث معه ترتيبات ال