البطريرك الراعي يحرّض , فانفجرت بين بري وبين عون

 

السفير :

أثبت لبنان مجددا عدم جهوزيته لإدارة أموره برموزه المحلية، لكأن «فلتة الشوط» الرئاسية، إذا تم التسليم بـ «لبنانيتها»، وهو أمر مشكوك فيه، تحتاج الى تدعيم بتفاهمات سياسية، إلا إذا قرر أهل الحل والتعقيد، استنساخ التجربة الرئاسية حكوميا، وفي هذه الحال، لا بد من انتظار عقدة تلو عقدة، في بلد مشرع داخليا على صراع خفي ومعلن على السلطة، ومشرع خارجيا على أزمات إقليمية تتخذ مسميات عدة، من سوريا المرتبطة عضوياً بلبنان، إلى السعودية وإيران الممسكتين بمفاصل كثيرة لبنانياً في صراعهما المفتوح في طول الإقليم وعرضه.
استطاع «حزب الله» أن ينال شهادة سياسية وأخلاقية كبيرة في الصدق والوفاء، بإصراره على تبني ترشيح العماد ميشال عون ومن ثم وصوله إلى رئاسة الجمهورية، ويكفي أنه تمكن أن يزرع في الوجدان المسيحي هذا المعطى للبناء عليه مستقبلياً، بينما أظهر سعد الحريري أنه قادر على توفير كل «عدة الشغل» من أجل إقناع جمهوره ومرجعيته، بعناوين حماية الطائف وحيادية لبنان، أما الهدف فلا يختلف اثنان عليه: العودة الى السرايا الكبيرة.
ويسجل لسمير جعجع أنه تمكن بدهائه من صياغة تفاهم سياسي مع ميشال عون، لا يمكن لأحد لا في الشارع المسيحي ولا في كل الجمهورية وخارجها أن يقف بوجهه، بل على العكس، جعل الجميع في موقع الاضطرار للتهليل له، بينما الكل يتهيب من نتائجه المتوسطة أو البعيدة المدى، من الحكومة الى الانتخابات النيابية والتعيينات الإدارية وصولا الى إعادة صياغة حضور المسيحيين في السلطة، ربطاً بما يُرسم من خرائط جديدة في الإقليم.
كان لا بد لميشال عون من أن يقطع كل هذه المسافات وأن يجتاز كل هذه الممرات الإجبارية، قبل أن يستريح في بعبدا. تنصل من حكومة العهد الأولى عندما وجد أن دون الحكومة التي يشتهيها مطبات وشهيات مفتوحة الى حد «الفجع»، من أقرب المقربين إليه، إلى أعتى خصومه رئاسياً، مروراً بكل «الفواتير الإلزامية».
كان الحري بـ «الجنرال ـ الرئيس» أن لا يعد نفسه وجمهوره بحكومة عهد من نوع آخر بعد الانتخابات النيابية المقبلة. إنه لبنان الذي عاشه بكل جمهورياته ورؤسائه ومجالسه وحكوماته وتحولاته، فكيف يعتقد أنه بمقدوره معاندة إرادة طائفة لبنانية حتى لو كانت أقلية الأقلية، وهو المحرج بوعد قطعه قبل أيام لرؤساء الطوائف المسيحية الأقلوية بتعيين وزير يمثل الأقليات في أول حكومات العهد؟
قالتها «كتلة الوفاء للمقاومة» بالفم الملآن أمس، بدعوتها «القوى السياسية الوازنة في البلاد لأن تترجم حرصها على الشراكة فتأخذ بعين الاعتبار أهمية توسعة قاعدة التمثيل في الحكومة توخياً للصدقية وتجنباً لبعض الحساسيات والاعتراضات».
لعل في الإعادة إفادة. فالأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، كان قد نصح «أهل التأليف» بتوسيع قاعدة المشاركة، من أجل إرضاء كل من «ضحوا» على درب وصول «الجنرال»، وأولهم الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية وأحزاب «8 آذار» التي صوّتت لمصلحة عون.
عون يجمّد تشكيلة الحريري!
في هذا السياق، رفع سعد الحريري لميشال عون ـ في اجتماعهما الأخير ـ تشكيلة نهائية، لكن رئيس الجمهورية لم يوافق عليها واستمهل لدراسة التفاصيل المتعلقة ببعض الحقائب، وقال للحريري الذي بدا مصدوماً بردة الفعل الرئاسية: «اتركها عندي.. أنا ممنونك».
واللافت للانتباه، أن الحريري، قبل أن يتوجه الى بعبدا، ليل أمس الأول، جرى تواصل بينه وبين بري الذي كان يتوقع أن تُنجز الحكومة في الليلة نفسها (أمس الأول)، وذلك استناداً الى مداولاته مع الرئيس المكلف. وانتظر حتى لحظة خروج الأخير من القصر الجمهوري، ليتبين أن عبارة «إن شاء الله خيراً»، تعني أن أمراً استجد وتأجل معه الإعلان عن الحكومة.
صباح أمس، تجدد التواصل بين بري والحريري الذي أطلع رئيس المجلس على أجواء لقائه مع رئيس الجمهورية. في الخلاصة، تبين أن الشيطان يكمن في التفاصيل لا في العناوين، ولذلك، قال الرئيس المكلف إن الطبخة الحكومية لم تنضج بعد ولا يزال حسمها يحتاج الى بعض الوقت، من دون أن يلغي ذلك احتمال ولادة الحكومة قريبا (طبعا ما يزال الحريري يأمل ولادتها قبل عيد الاستقلال).
وفيما كان يجري الحديث حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الأول، عن حكومة من 24 وزيراً، فإن تطورات الساعات الأخيرة، وما تخللها من تعديلات في الحقائب لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، جعلت أحد المتابعين لمسار التأليف يرجح أكثر فرضية العودة الى حكومة الثلاثين وزيراً، خصوصاً أنها توفر فرصة أكبر لترضية خواطر معظم المكوّنات السياسية.
وظل الرئيس بري يتصرف حتى أمس، على قاعدة تفاهمه منذ اللحظة الأولى لمشاورات التأليف مع الحريري بأن «حركة أمل» تريد «المال» و«الأشغال»، إضافة الى حقيبة أخرى، على أن تكون حصة «حزب الله» هي «الشباب والرياضة»، و«الصناعة»، ما دام مخولاً بالتفاوض باسم الكتلتين وعلى قاعدة أن الحكومة المطروحة من 24 وزيراً، وقال للحريري: «أريد الوزارة المالية (وليس وزارة المال) وأريد العلي حسن خليل لها ونقطة على السطر»، في رسالة أراد من خلالها قطع الطريق على ما كان قد بلغه عن تفاهمات تجري من تحت الطاولة لإبقاء المالية بعهدة الطائفة الشيعية لكن بشرط عدم عودة خليل إليها!
وما قاله بري لعون والحريري لم يتراجع عنه باستعداده لتسهيل التأليف حتى الحد الأقصى الممكن، وهو كان لديه استعداد لإقناع سليمان فرنجية بإبداء مرونة، من قبيل أن يقبل بوزارة التربية على سبيل المثال لا الحصر، لو أن العقبة الأخيرة والوحيدة التي لا تزال تعترض ولادة الحكومة تتصل بموقف زعيم «المردة»، «لكن ما دامت الأمور لم تصل بعد الى هذه المرحلة، فلماذا أتدخل..»؟
اشتباك مفاجئ بين بعبدا وعين التينة
ومن خارج السياق الرئاسي ـ الحكومي، حيث سجل، أمس، أول خرق للهدنة التي فرضتها الاستحقاقات الأخيرة على خط بعبدا ـ عين التينة، فلم يشأ رئيس المجلس النيابي أن يترك ما قاله رئيس الجمهورية في بكركي عن أن «جميع مؤسساتنا أصيبت بالوهن، بسبب التمديد المتمادي لمجلس النواب، والعجز الذي وقعت فيه السلطة..» من دون رد فوري. فقال «إن التمديد سيئ فعلاً والمؤسسات أصيبت بالوهن كما قال فخامة الرئيس، ولكن تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات، بما في ذلك المجلس النيابي».
وفي السياق نفسه، كان لافتاً للانتباه أن يرد نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ عبد الأمير قبلان على البطريرك بشارة الراعي في السياق نفسه أيضاً.
وإذ قال الراعي إنه «لا يجوز استبدال سلّة الشروط بصيغة التشبث بحقائب وباستخدام الفيتو ضدّ فريق آخر»، أكّد قبلان أن المسلمين الشيعة «قدموا التضحيات والتنازلات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية وتحقيق الاستقرار السياسي».
وقال بري أمام زواره، امس، إنه تلقى باستغراب كلام الراعي ورئيس الجمهورية، «ما اضطرني الى الرد على الرئيس عون، واضطر المجلس الشيعي الى الرد على البطريرك الماروني».
وردا على سؤال حول الأسباب التي دفعته الى الرد، أجاب بري: «أنا رئيس المجلس النيابي وأنا من يمثله ما دام ليس منعقدا، وما قمت به أمر طبيعي جدا للمحافظة على كرامة هذه المؤسسة التي، هي ذاتها، انتخبت رئيس الجمهورية قبل أسبوعين، وبالتالي لا أستطيع أن أتجاوز أو أغض الطرف عن أي تعرض لها، وللدلالة على موقفي المبدئي هذا، فقد سبق لي أن رددت على عون في جلسة انتخابه، عندما اعتبرت أنه من أعمدة المجلس الدستورية».
وتابع: لا أعرف حتى الآن لماذا العودة الى الكلام حول التمديد للمجلس النيابي، برغم أنه أصبح خلفنا.
وعما إذا كان ما حصل سينعكس سلبا على المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة، أبدى بري أمله ألا تُسجل أي ارتدادات سلبية من هذا النوع، مشيرا الى أنه لا علاقة لهذا بذاك.
يذكر أن الراعي سيرد اليوم زيارة رئيس الجمهورية، وذلك قبيل مغادرته بيروت متوجهاً الى الفاتيكان في زيارة تستمر حتى نهاية تشرين الحالي

 

النهار :

لم يكن "الاشتباك الاعتراضي" الذي نشأ عن الرد المزدوج لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان على خطابي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في يوم الزيارة الرئاسية الاولى لبكركي أمس سوى احدى المفاجآت السلبية التي جاءت لترسم مزيداً من الظلال المثقلة على عملية تأليف الحكومة الجديدة. وبدا هذا التطور حمال تفسيرات متناقضة وغامضة، خصوصاً انه لم يقتصر على رد فعل الرئيس بري على كلام الرئيس عون عن التمديد لمجلس النواب والذي كان يمكن تبريره بالحساسية التي طبعت دوماً علاقة رئيس الجمهورية برئيس المجلس والتي لم تفارق حتى جلسة 31 تشرين الأول التي انتخب فيها الرئيس عون، بل زاده التباساً رد الشيخ قبلان على البطريرك الراعي، الامر الذي غلّف السجال بغلاف طائفي مباشر ونافر.
في أي حال، لم تكن طريق الولادة الحكومية معبدة بالزهور قبل حصول هذا التطور نظراً الى استمرار التعقيدات المتصلة بمشروع المحاصصة السياسية الواسعة والذي اصطدم بتوزيع بضع حقائب في لحظة ظن معها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري أن إنجاز التشكيلة بات على مشارف النهاية السعيدة قبل حلول عيد الاستقلال الثلثاء المقبل في أقصى الاحتمالات. لكن السجال زاد التعقيدات تعقيداً لجهة رسمه أجواء ملبّدة على طلائع انطلاقة العهد الرئاسي، إذ برز تشابك بين التعقيدات المتعلقة بتأليف الحكومة والعوامل التي دفعت الى بروز هذا السجال بما يخشى معه ان يؤثر سلباً في تأخير الولادة الحكومية.
وكان الرئيس عون قام أمس بزيارته الاولى بعد انتخابه لبكركي حيث استقبله بحفاوة حارة البطريرك الراعي والبطاركة الكاثوليك. وألقى البطريرك الماروني كلمة تطرق فيها الى أولويات العهد والحكومة وقال: "لا يجوز في أي حال استبدال سلة الشروط بصيغ التشبث بحقائب وباستخدام الفيتو من فريق ضد آخر وهذا أمر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني ويدخل أعرافاً تشرع الباب أمام آخرين للمبادلة بالمثل". أما الرئيس عون، فتطرق في كلمته الى واقع المؤسسات فلاحظ ان "جميع مؤسساتنا اصيبت بالوهن بسبب التمديد المتمادي لمجلس النواب والعجز الذي وقعت فيه السلطة". وسارع الرئيس بري الى الرد على موقف رئيس الجمهورية، مؤكداً ان "التمديد سيئ فعلاً كما قال فخامة الرئيس لكن تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات". كما أصدر الشيخ قبلان رداً على كلام البطريرك الراعي، جاء فيه ان "المسلمين الشيعة كانوا ولا يزالون أكثر حرصاً على اقامة دولة العدالة والمساواة وقدموا التضحيات والتنازلات لانجاز الاستحقاقات الدستورية". وغمز من قناة البطريرك قائلاً: "لم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم".
أما التطور الآخر الذي سجل في كواليس مفاوضات تأليف الحكومة، فتمثل في تلميح بعض المعنيين الى ان السعي الى تجاوز مأزق التعقيدات القائمة أعاد الى الطاولة إمكان نفض الغبار مجدداً عن خيار تأليف حكومة من 30 وزيراً بدل 24 إذا بلغت الأمور حدود التهديد بتمادي التأخير في ولادة الحكومة الى ما يتجاوز الحد المعقول.

 

تعقيدات التأليف
وأفادت مصادر مواكبة لتأليف الحكومة "النهار" مساء أمس ان "المطب السياسي" الذي ظهر أمس وتمثل في السجال المباشر بين الرئيسين عون وبري وبين المرجعيّتين الدينيتيّن المارونية والشيعية أوجد معطى جديداً أخذ موضوع تأليف الحكومة الى مكان لم يكن وارداً أصلاً وجعله أولوية تتقدم التأليف. وتساءلت عما إذا كان الحليف المشترك للطرفين عون وبري أي "حزب الله" سيتدخل لإصلاح الأمور بين الفريقيّن؟ ورأت ان المطلوب هو تجاوز العقبة الجديدة من غير أن تنكسر عربة تأليف الحكومة، كاشفة عن أن التشكيلة المقترحة التي أعدها الرئيس الحريري ونقلها مساء الاربعاء الى قصر بعبدا صارت في يد رئيس الجمهورية ويمكنه أن يتبنّاها أو يطرح تعديلها إذا ارتأى ذلك، وتالياً لم تعد هناك من عقبة أمام التأليف غير التشنج السياسي المستجد.
الا أن هذه المعطيات خالفتها معلومات مؤكدة عن اعتراض شيعي على التنازل عن مقعد من حصة الثنائي الشيعي في ظل رغبة رئيس الجمهورية في ان يكون هذا المقعد ضمن حصته الوزراية أسوة بمقعد سني الى جانب وزيرين مسيحيين. ويضاف إلى ذلك أن التباين حيال حقيبة "تيار المردة" لم يتبدّد في ظل اصرار رئيس التيار النائب سليمان فرنجية على الحصول على حقيبة الطاقة التي أعطيت مبدئياً لسيزار أبو خليل من حصة "التيار الوطني الحر"، أو الاشغال التي باتت من حصة "القوات اللبنانية"، أو الاتصالات التي باتت من حصة "تيار المستقبل". وقد عرضت حقيبة التربية على "المردة " فرفضها.
وأشارت مصادر مواكبة للمشاورات الجارية الى انه يصعب المغامرة بتحديد أي موعد ثابت لولادة الحكومة التي كان مأمولاً ان تبصر النور اليوم، علماً ان كل شيء يبقى وارداً ما دامت مساعي رئيس الوزراء المكلف لا تتوقف وخطوطه مفتوحة في كل الاتجاهات. وهو وضع صيغة مكتملة من 24 وزيراً ويحتاج انجازها الى مزيد من الاتصالات مع سائر الأفرقاء وسيمضي في العمل على تذليل العقبات الاخيرة.

 

 

المستقبل :

طغى السجال الذي دار أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي على جهود تشكيل الحكومة، مصحوباً بسجال موازٍ بين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ما أعاد تسليط الضوء على خلافات مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية وأهمّها حول التمديد لمجلس النوّاب و«شرعيته».

شريط السجالَين انطلق مع رفض البطريرك الراعي «استبدال سلّة الشروط بصيغ التشبّث بحقائب وباستخدام «الفيتو» من فريق ضد آخر»، واعتباره خلال استقباله الرئيس عون في كنيسة الصرح بحضور بطاركة ومطارنة ووزير الخارجية جبران باسيل أن ذلك «أمر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني ويُدخل أعرافاً تشرّع الباب أمام آخرين للمبادلة بالمثل»، آملاً في إزالة هذه «الغيوم السوداء عن بداية عهدكم». 

هذا الموقف أعقبه ردّ من الرئيس عون قال فيه إن «جميع مؤسساتنا أُصيبت بالوهن بسبب التمديد المتمادي لمجلس النوّاب»، وأقرّن ذلك بالتأكيد على العجز الذي وقعت فيه السلطة «وأن أكثر ما يؤلم وطننا في هذه المرحلة هو الفساد المستشري»، ما استدعى رداً سريعاً ومباشِراً من الرئيس برّي قال فيه إن التمديد «سيئ والمؤسسات أصيبت بالوهن كما قال فخامة الرئيس، لكن تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات بما في ذلك المجلس النيابي».

وبدوره، ردّ الشيخ قبلان على البطريرك الراعي معتبراً أن «الشيعة ما زالوا أكثر حرصاً على إقامة دولة العدالة والمساواة، وأنهم كانوا على مرّ التاريخ مقهورين ومحرومين ولم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم»، أضاف: «حرصنا على الدوام على تذليل العقبات وإزالة العراقيل من أمام العهد الجديد حين طرحنا ضرورة إنجاز تفاهمات ضمن سلّة حل متكاملة لتجنب أزمات نحن بغنى عنها».

أمّا زوّار رئيس مجلس النوّاب فنقلوا عنه استياءه من كلام رئيس الجمهورية الذي أعلنه من بكركي «بعد أقل من عشرة أيام على انتخابه»، واستغرابه للكلام عن التمديد للمجلس والإيحاء بأن ثمّة فريقاً «انتصر» على فريق آخر. وأضاف برّي حسب زوّاره أنه إذا كان الرئيس عون يرغب بتوزير شيعي ضمن مناخ تسوية «فلا مانع لديّ وأطالب مقابل ذلك بتوزير مسيحي»، أمّا في حال الفرض «فأنا لا أريد ثلاثة شيعة وإنّما ثلاثة متاولة في الحكومة لا أكثر ولا أقل ونقطة على السطر».

هذا المناخ عزته مصادر تكتّل «التغيير والإصلاح» إلى انطباع مفاده أن الرئيس برّي «ليس متحمّساً» لتسهيل ولادة الحكومة، وقد تجلّى ذلك بداية من خلال تواصل الإضرابات في الشارع بتنظيم من اتحادات النقل البرّي، ومن ثم بإصراره على تمثيل قوى مسيحية وغير مسيحية في الحكومة.

من جهة مقابلة، أوضحت المصادر أن لقاء سيجمع اليوم رئيس التيّار «الوطني الحر» الوزير باسيل ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل بحضور الوزير الياس بو صعب.

استعداد البنك الدولي

في الغضون، لم يغِب الهمّ الاقتصادي عن لقاءات رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الذي استقبل أمس المدير التنفيذي للبنك الدولي فريد بلحاج، الذي أكد استعداد البنك الدولي لأن يكون شريكاً للبنان على كافة المستويات، وقال إن هناك «مشاريع جديدة مهمّة وأخرى قديمة سنستكملها، وهي تشمل مشاريع اجتماعية واقتصادية وبنى تحتية».

كما التقى الحريري وفداً من الندوة الاقتصادية برئاسة رفيق زنتوت الذي كشف عن التوافق مع الحريري على عقد لقاء حواري اقتصادي في السادس من الشهر المقبل لاطلاع مختلف الهيئات الاقتصادية ورجال الأعمال على ما ستقوم به الحكومة المقبلة ويستمع إلى مطالبهم.

 

الديار :

11 سنة الا بضعة اشهر، غاب عن السياسة الرئيس سعد الحريري،  ليعود وليأخذ فقط لقب رئيس مجلس الوزراء ويؤلف حكومة هزيلة ضعيفة تشبه مسلك سعد الحريري وسياسته الضعيفة المتنازلة والمتراجعة دائما الى الوراء.
لم يقدم سعد الحريري في تاريخه حتى الان على اي خطوة الى الامام، بل كل خطواته الى الوراء. وها هو يقوم بتقديم تشكيلة حكومية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عصر الاربعاء، رفضها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقال «انا لا اوقع على مراسيم هكذا حكومة» دون ان يكون الكلام حرفيا، لكن الرئيس العماد ميشال عون لم يوافق على المسودة الحكومية التي اقترحها سعد الحريري.
الحكومة المقترحة من سعد الحريري مؤلفة تقليديا من اصحاب المغانم والمصالح ومن مديري مكاتب ومديري اعمال وسياسيين تقليديا لم يحاسبهم الشعب يوماً عن اعمالهم فاعتقدوا ان الطريق لحماية ثرواتهم وزيادتها هو في هذه الحكومة المقترحة التي يطل علينا فيها سعد الحريري، رغم انها لم تولد بعد، لكنها مترهلة ومليئة بالفساد. ولا شك انه تم الاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لان الحريري الذي حجب ثروته في دول خارج السعودية واخفاها، واظهر انه عاجز عن دفع رواتب الموظفين وقام بصرفهم، انهار سياسياً امام المجتمع المدني في بيروت. وانهار امام الوزير اشرف ريفي في طرابلس، وكاد ينهار في صيدا، فاضطر ان يذهب الى مرشح 8 آذار لرئاسة الجمهورية ويؤيد العماد ميشال عون ويخضع ويقول له «انا سميتك لرئاسة الجمهورية، المهم ان اكون انا رئيساً للحكومة».
حكومة مقترحة هجينة، جسم بلا عظم، شبه مشلولة، بلا حركة، كيفما تأخذها تذهب، اينما اتجهت بها يميناً او شمالاً، صعوداً او نزولاً، الى الامام او الوراء، تقع ولا تستطيع الوقوف من دون هيكل. والهيكل هو رجال يستطيعون بعقولهم النيرة والمبدعة والخلاقة، ويؤمنون بالاخوة  السورية القومية الاجتماعية الحقيقية، ولا يؤمنون بحصص الطوائف والمذاهب وتوزيع الحقائب  على هذه الطائفة وغيرها. هؤلاء يستطيعون بناء البلد. ومن دون فكر ومبادئ وعقدة  الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يمكن تطوير البلد. رغم ان انطون سعاده بقول «ان لبنان بلد اصطناعي» وقبلنا لبنان كنطاق ضمان للفكر الحر. ومع ذلك لم يجعلوا صناعة البلد طبيعية كي يكون لبنان طبيعياً، والاهم لم يجعلوا من لبنان كنطاق ضمان للفكر الحر، بل اقاموا الاقطاعيات و«البكوات» واقاموا الفساد، وهذه الحكومة اسمها حكومة الفساد بامتياز، باستثناء بعض الحقائب.
يبدو ان كباشا بدأ في شأن تأليف الحكومة بين العماد ميشال عون رئيس الجمهورية وبين رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، عشية تشكيل الحكومة. فقد بدأ الامر عندما زار الرئيس العماد عون يرافقه جبران باسيل البطريرك بشارة الراعي في بكركي، وصرح الرئيس ميشال عون ان التمديد الذي حصل للمجلس النيابي وغير التمديد وتمديدات أخرى أدت الى شل الدولة والمؤسسات، وانه كان امرا سيئا جداً.
فرد الرئيس بري من عين التينة قائلا، صحيح ان التمديد هو سيىء وادى الى وهن المؤسسات، لكن تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية كان أسوأ وادى اكثر الى وهن المؤسسات.
عندما يتحدثون مع الرئيس بري في صالونه ويقولون ان هناك فيتو على الوزير علي حسن الخليل في وزارة المالية او كوزير، يرد الرئيس نبيه بري وانا عندي فيتو على جبران باسيل لا اريده وزيرا.
وحتى الان يبدو ان رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس والحكومة تسرعوا في إعلان ان الحكومة سيجري تشكيلها قبل عيد الاستقلال. لكن مع ذلك لم ينقطع الامل، بل سيجري تشكيل الحكومة في اخر لحظة قبل عيد الاستقلال.
والان يجري البحث عن تشكيل حكومة من 24 وزيرا او 30 وزيرا. واذا كان حزب الله والرئيس نبيه بري يريدان مركزا هاما للوزير سليمان فرنجية، فترد القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بأن يعطي حزب الله وحركة امل فرنجية مقعدا من مقاعدهما في الحكومة للوزير فرنجية، اذ لا يعقل ان يكون هنالك نائب معه نائبين يأخذ حقيبة كبيرة وهامة في الحكومة، بينما يصر الرئيس نبيه بري وحزب الله على إعطاء الوزير فرنجية مركزا هاما في الحكومة التي قد يمثله فيها اما الوزير يوسف سعادة واما السيد بسام يمين.
كباش قوي بين بعبدا وعين التينة، وهو ابعد من كباش، انه من سيسيطر على البلاد خلال الست السنوات القادمة، هل يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ام الرئيس نبيه بري، وكل واحد مدعوم من حلفائه؟ ذلك ان العماد ميشال عون مصمم على الضرب بيد من حديد، بالنسبة لقرارات رئاسة الجمهورية وصلاحياتها واستعمال شعبيته، وهيبة رئاسة الجمهورية، وستكون له حصة وازنة في الانتخابات. اذا جرت الانتخابات على قاعدة النسبية، كما طالب البطريرك الراعي بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للموارنة، فان العماد ميشال عون سينال حصة كبيرة في المجلس النيابي، بعد 6 اشهر، وعندئذ قد تنقلب الأمور سياسيا الى حد ما، اما اذا فاز محور بري وحلفاؤه على العماد ميشال عون فتكون الأمور بشكل آخر.
 

مندوبون

الاجواء الايجابية التي كانت سائدة يوم الاربعاء وكانت توحي بتشكيل الحكومة مع قيام الرئيس المكلف سعد الحريري بحمل تشكيلته الرئاسية الى بعبدا تراجعت مع تسريب معلومات تقول «ان الرئيس العماد ميشال عون لم يوافق عليها وطلب درسها بالتفصيل». وعلم ان هذه الاجواء الايجابية، التي سادت قبل زيارة الحريري الى بعبدا، بعثت على الاعتقاد لدى المراجع ان الاعلان سيكون امس، وكل شيء يسير باتجاه الولادة خلال ساعات، لكن اجواء نهار امس ما لبثت ان اعطت صورة اقل اندفاعاً في التفاؤل. وقد كانت الديار اشارت في عددها امس عن هذه التعقيدات التي حالت دون ولادة الحكومة.
كما علم ان التواصل جرى قبل وبعد زيارة الحريري الى بعبدا مع الرئيس بري الذي كان يتوقع صدور مرسوم الحكومة مساء الاربعاء. وثم جرى صباح امس الخميس اتصال هاتفي بين بري والحريري، واطلع الحريري الرئيس بري على ما دار في بعبدا، وابلغه ان المعطيات غير ناضجة بعد للولادة. وحسب المصادر، ان توجه بري والحريري حتى الآن هو ان الحكومة يفترض ان تولد في وقت قريب جداً وقبل عيد الاستقلال.
وخلافاً للاجواء التي تسربت وتحدثت عن اسناد وزارات الى بعض الاطراف ولا سيما وزارة الاشغال، عكس زوار عين التينة استغراباً لهذه المعلومات، واكدوا ان هذه التسريبات غير صحيحة. وتشير المعلومات الى ان العمل ما زال يجري على اساس تشكيلة الـ24، وعندما طرح الحريري موضوع الحقائب على بري قال له «المال حتما والاشغال ونقبل ان تكون الثالثة وزير دولة»، عندما كان الاقتراح 30 وزيرا. اما حزب الله فله وزارة الشباب والرياضة ووزارة الصناعة. وكان بري قد رفض وزارة الطاقة بدلا من المال،  واعلن هذا الامر مراراً وتمسك بالمالية لضمان توقيع الشيعة على القرارات.
وحسب المعلومات، فان بري اكد على تمثيل الحلفاء وفي مقدمهم فرنجية. وعندما جرى التواصل معه، ابلغ المعنيين انه عندما تحل الامور كلها وتبقى عقدة وزارة فرنجية فانني مستعد ان اتدخل معه لاقناعه بوزارة التربية، التي كان فرنجية قد رفضها. ورداً على سؤال اذا كان تدخل مع فرنجية فقال، «طالما ان الامور الى هذه الحدود فلماذا اتدخل»؟ وكان زوار عين التينة، اكدوا ان هناك اموراً وعلامات استفهام حول مغزى اللهجة من قبل رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي على فريق معين.
ويقول الزوار، انه حتى الان لا يجد بري تفسيراً او موجباً لهذه المواقف والكلام الذي سبق ان تم تجاوزه. وقد تلقى رئيس المجلس اصداء الكلام المتدحرج من بكركي باستغراب شديد معتبراً انه ليس في محله، ما دفعه الى الرد، علماً انه كان سمع سابقاً اموراً اخرى وحرص على عدم الرد تسهيلاً لتشكيل الحكومة ودفع الامور الى الامام.
ويقول بري امام زواره عن اسباب رده على كلام الرئيس عون «انا رأس المجلس النيابي، وانا امثل المجلس وما قمت به امر طبيعي جداً في حفظ كرامة هذه المؤسسة التي انتخبت رئيس الجمهورية قبل اسبوعين، وانا لا استطيع ان اغض الطرف او اتجاوز اي تصرف للمجلس، علما اني في جلسة انتخاب الرئيس وكتأكيد على عدم ترك الامور مبهمة خاطبت رئيس الجمهورية وقلت «انه احد اعمدة شرعية هذا المجلس»، فلا اعرف لماذا العودة الى هذا الكلام عن التمديد للمجلس النيابي، مع انه اصبح وراءنا. ورداً على سؤال عما اذا كان هذا السجال سينعكس سلبا على تأليف الحكومة قال: نحن لا. واعتقد ان لا علاقة لهذا بذاك. 
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال من بكركي ان جميع مؤسساتنا اصيبت بالوهن، بسبب التمديد المتمادي لمجلس النواب، والعجز الذي وقعت فيه السلطة. وان اكثر ما يؤلم وطننا في هذه المرحلة هو الفساد المستشري الذي سد شرايين الدولة وجعلها في حالة عجز دائم. والسبب الاساسي هو الانحطاط الذي ضرب المجتمع، فاصبحت كل مرتكزات الحكم خارج نطاق الكفاءة، والاخلاق وكل عمل سلطوي لا يحترم.
ورد الرئيس بري على كلام الرئيس عون بالقول فعلاً  التمديد سيىء، والمؤسسات اصيبت بالوهن كما قال فخامة الرئيس، ولكن تعطيل انتخاب الرئيس كان اسوأ على المؤسسات بما في ذلك المجلس النيابي.

ـ سجال البطريرك الراعي والمفتي قبلان ـ

وما كاد السجال غير المباشر بين الرئيس عون والرئيس بري ينتهي، حتى انفجر سجال اخر، وهو الاول بين مرجعيتين دينيتين، هما البطريرك الراعي والمفتي قبلان وقال البطريرك مار بشاره بطرس الراعي للرئيس عون «انها فرصتكم،  لتطبيق وثيقة اتفاق الطائف تطبيقا فعليا، منعا لشل قرارات الدولة في كل حين، وتجنبا لتفكيك اوصالها. وهذا يشكل الخطر الأكبر على الكيان. ولا بد، بدء ذي بدء، وبالسرعة الممكنة، من إقرار قانون جديد للانتخابات يكون حافزا لمشاركة كل فئات الشعب في هذا الواجب الوطني، ويؤمن المناصفة التي نص عليها اتفاق الطائف». ورأى ان «من اولى الأولويات ان يوفق رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع فخامتكم في تأليف مجلس الوزراء الجامع، بروح المشاركة الشاملة لا المحاصصة»، معتبرا انه «لا يجوز في أي حال استبدال «سلة الشروط» بصيغ التشبث بحقائب وباستخدام «الفيتو» من فريق ضد آخر. وهذا امر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ويدخل اعرافا تشرّع الباب أمام آخرين للمبادلة بالمثل، وتعرقل مسيرة قيام دولة الحق والقانون. نحن نأمل إزالة هذه الغيوم السوداء عن بداية عهدكم». وأكد الراعي ان «لا بد من أجل حماية رسالة لبنان السلامية في محيطه، من اعتماد سياسة ابعاده عن الصراعات الخارجية، كما وعدتم في خطاب القسم، جريا على خط سلفكم».

ـ رد قبلان ـ

وجاء الرد سريعاً من نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على البطريرك الراعي وهو اول سجال بين مرجعيتين روحيتين، وقال قبلان: «ان الشيعة حرصوا على الدوام على تذليل العقبات وازالة العراقيل من امام العهد الجديد حين طرحوا ضرورة انجاز تفاهمات جديدة ضمن سلة حل متكاملة لتجنب أزمات نحن بالغنى عنها، ولإزالة الغيوم السوداء عن سماء هذا الوطن». وقال «المسلمون الشيعة كانوا وما زالوا أكثر حرصاً على إقامة دولة العدالة والمساواة، وهم قدموا التضحيات والتنازلات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية وتحقيق الاستقرار السياسي»، مضيفا «على مر التاريخ كان الشيعة مقهورين ومظلومين ومحرومين حتى حق الدفاع عن مناطقهم، ولم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم، لأننا نطالب بشيء هو مشاركة حقيقية في السلطة. نعم، إنه حق من حقوقنا، وعند إلغاء الطائفية السياسية تروننا الأولين. ونحن لم نأل جهداً ولم نوفر فرصة لتحقيق الشركة الحقيقية بين المكونات السياسية والطائفية، ليظل لبنان الوطن النهائي الجامع لكل بنيه».

ـ  اتصالات التشكيل ـ

الخلاف كبير بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري، لكنه «لا يفسد في الود قضية»، ولن يعرقل عملية تأليف الحكومة «الواقعة» عند عقدة وزارة المردة، واصرار حزب الله وحركة امل على اسناد وزارة وازنة واساسية للحليف سليمان فرنجية والا فانهما لن يشتركا في الحكومة. فالتنسيق بين بري وفرنجية يمثل كل المسائل، ولا يمكن لبري ان ينسى مواقف فرنجية الداعمة، فيما «رجل الوفاء» الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله كان واضحاً بقوله «فرنجيه نور عيني»، ولا يمكن لحزب الله ترك اي حليف، فكيف اذا كان بوزن وحجم فرنجية. لكن الرئيس بري يؤكد ان وزارة فرنجية يجب ان تكون من الحصة المسيحية، واقترح انه على استعداد لاعطاء وزارة الاشغال لفرنجية.
هذا على الصعيد الشيعي، اما على الصعيد المسيحي، فان التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية يرفضان اعطاء حصة وازنة لفرنجية وكتلته لا تتجاوز 3 نواب، رغم ان التيار الوطني الحر يؤكد ايضا ان حصته الوزارية يجب ان تفوق حجم حصة القوات اللبنانية ورغم التحالف بينهما، والتيار الوطني الحر يملك كتلة نيابية من 21 نائباً والقوات اللبنانية كتلة من 8 نواب. لذلك فان التيار الوطني الحر، يعمل على ان تكون حصة القوات اللبنانية والكتائب والمردة والحريري والارمن مجتمعة توازي حصة التيار الوطني الحر مع حق رئيس الجمهورية بالحصول على 3 حقائب اسوة بباقي العهود، فيما القوات اللبنانية تصر على ان تكون حصتها وازنة وان يكون دعم التيار الوطني الحر لها، كما يدعم حزب الله وحركة امل النائب فرنجية، مطالبة بالحصول على وزارة سيادية واساسية.
وفي المعلومات، ايضا ان الرئيس سعد الحريري طالب بالحصول على وزيرين مسيحيين لان كتلته تتجاوز 33 نائباً وفيها حجم مسيحي لافت.
ورغم هذه التعقيدات، فان الاجتماعات متواصلة عبر علي  حسن خليل وجبران باسيل ونادر الحريري وملحم رياشي وينضم اليهم احياناً غطاس خوري والحاج وفيق صفا لتذليل العقبات. وقد ادت هذه الاتصالات الى حسم موضوع الوزارات السيادية. ويبقى الصراع على وزارات الخدمات قبل الانتخابات النيابية، وستأخذ القوات حصة وازنة، لكن المشكلة لمن تسند وزارة الاشغال والطاقة والاتصالات، في ظل اصرار بري على ان تكون احداها لفرنجية، وعندها ستطالب القوات بوزارة من هذه الوزارات.
الولادة تنتظر حل هذه العقدة، لكن تسريبات المحت الى امكانية اعتذار الرئيس سعد الحريري عن التكليف واجراء مشاورات نيابية جديدة ستسمي الحريري مجدداً وتعطيه دفعاً للاسراع في التشكيل بعيدا عن الاستيزار، لكن المشكلة اكبر من حكومة، وتتلخص «بمن سيصرخ اولاً، وهنا المشكلة والذي سيخسر المواجهة سيصرخ اولاً وسيتراجع.

 

 

الجمهورية :

تتواصل المشاورات في مختلف الاتجاهات لاستيلاد الحكومة قبل عيد الاستقلال، لكنّ سجالاً طرَأ بين بعبدا وعين التينة، فنغّصَ مساعي التأليف وأثارَ مخاوفَ من تأخّر ولادة الحكومة. وجاء هذا السجال عقبَ زيارة الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى قصر بعبدا أمس الأوّل، لإطلاع رئيس الجمهورية على نتائج مشاوراته. وعلمت «الجمهورية» أنّ الأجواء كانت إيجابية وعلى خير ما يرام، وقد تمحوَر الحديث حول الحقائب الوزارية، وتبيّنَ وجود تفاصيل بسيطة تحتاج للمعالجة. وقد رغبَ رئيس الجمهورية بتوزير شيعيّ يكون من حصّته، لكنّه وجَد أنّ التفاعل في عين التينة مع هذا المطلب جاء سلبياً، كما أنّ بري اقترَح إعطاءَ وزارة الطاقة لفرنجية، وهو الأمر غيرُ المستساغ عند «التيار الوطني الحر» الذي يتمسّك بهذه الحقيبة.

في زيارةٍ هي الأولى له بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، توجّه العماد ميشال عون إلى بكركي أمس، يرافقه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، والتقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك.

ولفتَ عون بعد الزيارة إلى «أنّ المؤسسات أصيبَت بالوهن، بسبب التمديد المتمادي لمجلس النواب، والعجز الذي وقعَت فيه السلطة». وأكّد أنّ أكثر ما يؤلم لبنان في هذه المرحلة «هو الفساد المستشري الذي سدَّ شرايين الدولة وجَعلها في حالة عجز دائم».

والسبب الأساسي هو الانحطاط الذي ضربَ المجتمع، فأصبَحت كلّ مرتكزات الحكم خارج نطاق الكفاءة والأخلاق. وكلّ عمل سلطوي لا يحترم بمعاييره القوانين والأخلاق يصبح جريمة، لأنّه يسبّب الأذى للأفراد وللمجتمع.

الراعي

وأكّد الراعي للرئيس عون دعمَ بكركي الكامل له بوصفه «رئيسَ الدولة، ورمزَ وحدة الوطن»، ولكونه يَسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور.

وقال مخاطباً رئيسَ الجمهورية: إنتخابكم وحّد الكتلَ السياسية وفئات الشعب كمقدّمة لمصالحة وطنية شاملة تحتاج إلى استكمال في بداية عهدكم بتحقيق مشاركة جامعة ومتوازنة في الحكم والإدارة.

واعتبَر الراعي أنّ ما يحصل اليوم من تطوّرات سياسية هو فرصة لتطبيق الطائف تطبيقاً فعلياً منعاً لشلِّ قرارات الدولة في كلّ حين، وتجنّباً لتفكيك أوصالها. وشدّد على أنّ من أولى الأولويات «تأليف مجلس الوزراء الجامع، بروح المشاركة الشاملة لا المحاصَصة، وأنّه» لا يجوز في

أيّ حال استبدال «سلّة الشروط» بصيَغ التشبّث بحقائب وباستخدام «الفيتو» من فريق ضد آخر. وهذا أمر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ويُدخِل أعرافاً تشرّع البابَ أمام آخرين للمبادلة بالمِثل، وتعرقِل مسيرة قيام دولة الحقّ والقانون.

مصادر كنَسية

وأكّدت مصادر كنَسية لـ«الجمهورية» أنّ اللقاء بين الراعي وعون «كان إيجابياً جدّاً وتناوَل خطة عمل المرحلة المقبلة، وكلام الراعي أكثر من واضح، وهو مع تطبيق اتفاق الطائف نصّاً وروحاً، ويأتي ضمن هذا السياق ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته كاملةً، وأبرزُها تأليف الحكومة بالاتفاق مع الرئيس المكلّف».

وأضافت المصادر أنّ الراعي»شاء التأكيد على أنّ مرحلة استضعاف المسيحيين انتهت إلى غير رجعة، فالرئيس هو من يَقبل بهذا الوزير أو ذاك، وليس أيّ قوّة سياسية أخرى، لأنّ جميع اللبنانيين يتمتّعون بحقوقهم، ويجب أن لا تُحرَّم هذه الوزارة على هذا الحزب وتُسمح لحزبٍ آخر». ولفتَت إلى أنّ «الشواذات التي عاشها لبنان بعد عام 1990 ومرحلة استبعاد المسيحيين يجب أن تنتهي، وتبدأ مرحلة شراكة بين المكوّنات اللبنانية كافة».

وشدّدت المصادر على أنّ الراعي «أراد إيصال رسالة واضحة لعون مفادُها أنّنا معك، ويجب أن تحكم وتعيد مؤسسات الدولة إلى عملها، وتكافحَ الفساد الذي يَنخر جسم الوطن». (التفاصيل ص 4)

برّي والأسوأ

وقد وجَد كلام رئيس الجمهورية عن الوهن في المؤسسات بسبب التمديد لمجلس النواب صداه سريعاً في عين التينة، فسارَع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى القول: فعلاً التمديد سيّئ، والمؤسسات أصيبَت بالوهن، كما قال فخامة الرئيس، ولكنّ تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات بما في ذلك المجلس النيابي.

ولوحِظ أنّ أجواء عين التينة كانت عابقةً أمس بعلامات استفهام حول ما سمّاه البعض مغزى «هجمة رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني على فريق معيّن»، إذ لم يجد بري موجباً أو تفسيراً لهذا الكلام الذي سبقَ أن تمّ تجاوزُه. وقد تلقّى أصداءَ كلام بكركي باستغراب، ما دفعَه إلى ردّ مباشَر على عون. وعندما سُئل لماذا ردّيت؟ أجاب: أنا رئيس المجلس النيابي، وأنا أمثّله.

وما قمتُ به هو أمر طبيعي جداً لحفظ كرامة هذه المؤسسة التي انتَخبت رئيسَ الجمهورية قبل أسبوعين، وأنا لا أستطيع أن أغضّ النظر أو أن أتجاوز أيّ تعرّضٍ للمجلس، علماً أنّني في جلسة الانتخاب، وكتأكيد على عدم تركِ الأمور مبهَمة، خاطبتُ الرئيس بأنّه أحد أعمدة هذا المجلس. لا أعرف حتى الآن لماذا العودة إلى هذا الكلام عن التمديد للمجلس، مع أنّه أصبح وراءَنا.

وهل سيرتدّ هذا السجال سلباً على تأليف الحكومة؟ أجاب: أتمنّى لا، وأعتقد أن لا علاقة لهذا بذاك.

المجلس الشيعي

وكان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد دخل على خط السجال، مصوّباً على الراعي، وقال نائب رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان: لم نوفّر فرصةً لتحقيق الشراكة الحقيقية بين المكوّنات السياسية والطائفية، ليظلّ لبنان الوطنَ النهائي الجامع لكلّ بنيه.

وحَرصنا على الدوام على تذليل العقبات وإزالة العراقيل أمام العهد الجديد حين طرَحنا ضرورةَ إنجاز تفاهمات جديدة ضمن سلّةِ حلّ متكاملة لتجنّبِ أزمات نحن بغِنى عنها، ولإزالة الغيوم السوداء عن سماء هذا الوطن.

«المستقبل»

وعلى جبهة التأليف، وفيما بلغَت الاتصالات ذروتها لتذليل العقبات التي نَبتت أمام مساعي الرئيس المكلّف الذي واصل لقاءاته مع القطاعات كافة، قالت مصادر «المستقبل» لـ«الجمهورية» إنّها تأمل في أن لا يَطول التوتّر المستجدّ على خط بعبدا ـ عين التينة، وأن ينحسر سريعاً لكي تستمرّ جهود الرئيس المكلف بالزخم الذي كانت تسير عليه في السابق لكي تتوصّل إلى نتائج إيجابية يأملها الجميع.

وقال زوّار بعبدا لـ«الجمهورية» إنّها تنتظر إشارةً من الرئيس المكلّف للاطّلاع على تفاصيل ما أنجزته الاتصالات والمشاورات الجارية.
وأوضَحت مصادر مشاركة في إعداد التشكيلة الوزارية أنّ الأجواء التي كانت سائدة ابتداءً من مساء أمس الأوّل أوحت بأنّ الحريري حملَ تشكيلته النهائية إلى رئيس الجمهورية، لكنّ اللافت أنّ عون لم يوافق عليها، بل إنّه استمهلَ الحريري لدرس بعض التفاصيل المتصلة ببعض الحقائب، على أن يحصل تواصل بينهما في اليوم التالي، أي أمس.

وسبقَ توجُّه الحريري إلى بعبدا تواصُل مع بري الذي كان يتوقع صدورَ شيء ما من بعبدا، بمعنى ولادة الحكومة مساء أمس الأوّل. لكنّ تواصلاً حصل بين بري والحريري صباح أمس، أطلعه الأخير على ما دار في لقاء بعبدا وأبلغ إليه أنّ المعطيات غير ناضجة حتى الآن لولادة الحكومة.
وقالت المصادر إنّ التوجّه العام لدى بري والحريري هو أن تولد الحكومة في وقت قريب جداً وقبل الاستقلال، وهي حتماً ستكون من 24 وزيراً.

وخلافاً للأجواء التي سادت في الساعات الأخيرة وتحدّثت عن إسناد وزارات لبعض الأطراف، ولا سيّما منها وزارة الأشغال، استغربَ بري هذا الحديث، مؤكّداً أنه لم يتنازل عنها لأحد.

وذكّرَت المصادر أنّه عندما التقى الحريري بري في الآونة الأخيرة أشار إلى أنّه سيؤلّف حكومة هي تركيبة حكومة الرئيس تمّام سلام مع بعض «الروتوش». كذلك عندما طرَح الحريري على بري موضوع الحقائب، أجابه: وزارة المال حتماً، ووزارة الأشغال، وأنه يقبل أن يكون الثالث (من حصة حركة «أمل») وزير دولة، أمّا حصّة «حزب الله» فوزارتا الشباب والرياضة، والصناعة. وطرح على بري وزارة الطاقة فرَفضها.

وأكّدت المصادر أنّ بري لا يرى أيّ مشكلة في موضوع تمثيل رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وأنّه أبلغَ من يعنيهم الأمر أنّه مستعدّ لإقناعه بالقبول بحقيبة التربية التي سبقَ لفرنجية أن رفضَها، وأنه مستعدّ للتدخّل معه إذا كانت هذه هي العقبة المتبقّية أمام التأليف. وفي هذا السياق سُئل بري: هل تدخّلتَ مع فرنجية؟ فأجاب: «طالما إنّ الأجواء لم تصل إلى هذا الحد فلماذا أتدخّل»؟

«التكتل»

في هذا الوقت، جدّد تكتّل «التغيير والإصلاح» المطالبة بالإسراع من دون تسرّع في تشكيل الحكومة، وأكّد أن لا مصلحة لأحد بأن يكون عائقاً أمام انطلاقة العهد.

وقال أمين سر «التكتل» النائب ابراهيم كنعان: «نحن نعتبر أنّنا لا نزال ضمن المهَل، وأنّ مسار التأليف جيّد وبحاجة إلى استكمال، ولا فيتوات من قبَلنا على أحد، والكلام الذي يصدر من هنا وهناك، على هذا الصعيد، لا أساس له من الصحّة». وجدّد المطالبة بضرورة وضعِ قانون انتخاب جديد.

«الوفاء للمقاومة»

مِن جهتها، استعجَلت كتلة «الوفاء للمقاومة» تأليفَ حكومة الوحدة الوطنية الجامعة، ودعَت إلى إشراك مختلف القوى السياسية فيها. وأملت «من القوى