مسألة البداء   -مسألة البداء بحثت في علم الكلام ، وهي مرتبطة بتفصيلات مسألة الإيمان بالقضاء والقدر ، وقد وقع الخلاف بين علماء الكلام في إمكان عروض التغيير والتبديل على ما تعلق به القضاء والقدر، فذهب قوم منهم إلى أنّ ذلك لا يقبل العدول عنه فما تعلق به القضاء فهو محتوم الوقوع لا تتغيّر فيه إرادة الله ولا يقضي بخلافه لأن ذلك من البداء الذي يستلزم نسبة الجهل وعدم العلم إلى الله تعالى عن ذلك علوّاً كبيرا.وقد أنشد بعضهم في هذا المعنى قائلاً:   جرى قلم القضاء بما يكونُ / فسيّان التّحرّكُ والسُّكونُ   جنون منك أن تسعى لرزقٍ / ويرزق في غشاوته الجنينُ   والذين ذهبوا إلى البداء من علماء الكلام عند الشيعة قالوا: بأن القضاء ينقسم إلى قسمين : قضاء محتوم، وقضاء غير محتوم ، وكلاهما واقع في علم الله وفي نطاق قدرته، والأول منهما لا يتبدّل ولا يتغيّر، وأما الثاني وهو القضاء غير المحتوم وهو من سنخ القضاء المشروط حصوله بشيء، وهو الواقع في دائرة المحو والإثبات والمندرج تحت قوله تعالى( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمُّ الكتاب).وهذا المعنى الثاني هو ما تتعلق به مطالب العباد ودعواتهم بسعة الرزق وطول العمر ودفع البلاء وغير ذلك من المقاصد والغايات الدنيوية والأخروية، فلو كان العمر والرزق وأشباههما من القضاء المحتوم ومن الأمور التي لا تتبدّل كان دعاؤنا بها لأنفسنا وغيرنا لقلقلة لسان لا ترجع إلى معنى معقول ! والله قد قال في محكم كتابه :   (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى )(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا).   ويؤيد هذا المعنى ما ورد في بعض النصوص من زيادة العمر بالصدقة ودفعها للبلاء وغير ذلك من الآثار التي تذكر للأعمال الصالحات.   ولعلّ النزاع بين الفريقين في هذه المسألة يعود نزاعاً لفظياً باعتبار تعدد معنى القضاء عند أحدهما ووحدته عند الآخر ، فلم يكن منهما النفي والإثبات على موضوع واحد عندهما والله أعلم.