بدء الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري مشاوراته لتأليفها، يعني أن العديد من العقبات التي كانت ستواجهه قد ذلّلت. وذلك إستناداً إلى ما كشفته مصادر مطّلعة على الاجتماع الثلاثي، الذي جمع الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه بري في 3 تشرين الثاني. وتعتبر المصادر أن اللقاء كان إيجابياً إلى حدّ كبير، خصوصاً على صعيد العلاقة بين الرئيسين بري وعون، التي يخفّ توترها وتتجه نحو التحسّن، بالإضافة إلى تأكيد الحريري لبرّي أنه مستعدّ لإرضائه في التشكيلة الحكومية العتيدة.

عملياً، أوكلت قوى الثامن من آذار بري مهمة التفاوض باسمها حول التشكيلة الحكومية. وتؤكد مصادر "المدن" أن حزب الله سيكون شريكاً في الحكومة، وسيكون مسهّلاً لإنطلاقتها، في طريقة تعاطيه مع الحقائب التي ستُسند إليه. وتقول المصادر إن "المسألة ترتبط ببري، وهو المفاوض الوحيد باسم التحالف"، معبّرة عن اعتقادها بسرعة تأليفها، فيما يرى بعض المتفائلين والمقرّبين من الحريري أن الحكومة ستشكّل خلال ثلاثة أسابيع، أي ستكون السلطة مكتملة عند بلوغ عيد الاستقلال.

حتى الآن، شكل الحكومة غير محسوم، لكنها بالتأكيد ستكون حكومة وحدة وطنية. وقد تكون موسعة لاستيعاب كل القوى السياسية. وهذا ما يدفع بشخصية سياسية بارزة إلى القول متهكماً على كثرة طالبي التمثيل "نحتاج إلى توسيع مجلس النواب ليضم 500 نائب، ومجلس الوزراء 100 وزير، وتشكيل هيئة للأعيان ومجلس شيوخ، ليرضى الجميع". 

وعن توقيت إنجاز التشكيلة، تشير الشخصية إلى أن الأجواء إيجابية، وتوحي الإنطلاقة بأنها ستكون سريعة، مؤكداً أنها مرتبطة ببري، وموافقته على التخريجة الحكومية. فـ"إذا تم الاتفاق سريعاً بين الحريري وبري، تشكل الحكومة في أسرع وقت. وإذا أردنا التكلّم عن فترة زمنية، فإن التفاوض مع بري يحتاج إلى النصف، وكل القوى الأخرى تحتاج إلى النصف الآخر".

والحال أن بري سيطلب من الحريري وزارتي المال والطاقة والنفط، إذا لم تفصلا، بالإضافة إلى وزارة خدماتية ثالثة. وسيطالب بتوزير من يمثّل النائب سليمان فرنجية، وهذا ما يوافق عليه الحريري، معتبراً أنه جائزة ترضية لرئيس المردة. فيما تكشف المصادر أن فرنجية هو من يرفض ذلك، ويرسل إشارات سلبية إن كان في آخر مقابلة تلفزيونية أجراها، أو من خلال مقاطعته الإستشارات النيابية. وسيطلب بري توزير الحزب القومي وممثل عن سنّة من 8 آذار. 

لكن هل سيعطي الحريري برّي ما يريد؟ تجيب المصادر أنه لا يمكنه سوى أن يفعل ذلك، لأن من مصلحته الإسراع في إنجاز التشكيلة ونيل الثقة، ومن مصلحته أن تتمثّل كل القوى ليضمن إنطلاقة جيدة لحكومته ويحصل على ضمانة الجميع من دون أي تشويش.

وماذا عن موقف عون من مطالب بري، وهل سيكون إيجابياً تجاهها؟ تجيب المصادر أنه سيكون متعاوناً إلى حدّ كبير، خصوصاً أنه حريص على إنطلاقة جيدة للعهد. وعلاقته ببري تتحسن، منذ أداء رئيس المجلس في جلسة الانتخاب، إذ كان بإمكانه تعطيل الجلسة بعدم تأمين النصاب، وهو تعرّض لضغوط لفعل ذلك لكنه لم يستجب. وبالتالي، فإن عون سيقابله بالإيجابية نفسها.

أما عن الثلث الضامن أو المعطل، فتعتبر المصادر أن الثلث الضامن بصيغته القديمة انتهى. لأن ما حصل هو تسوية سياسية واسعة. وبالتالي، لم يعد له معنى. وثانياً، لدى حزب الله ملء الثقة بعون، الذي يشكّل ضمانته في مجلس الوزراء. كما أن حزب الله يريد التسهيل من أجل فتح الباب أكثر على الحوار والتفاهم، خصوصاً أن ولاية هذه الحكومة ستكون لفترة قصيرة، وفيها ستتم مراقبة أداء رئيس الحكومة، وإذا ما سيكون متحرراً بقراراته من المحور الذي ينتمي إليه، وماهية السياسة الإقتصادية الاجتماعية التي سينتهجها. وهذا ما تصفه المصادر بأنه اختبار للحريري لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية.